أبعاد طلب الحواريّين من عيسى(ع) إنزال المائدة عليهم

أبعاد طلب الحواريّين من عيسى(ع) إنزال المائدة عليهم

ونواصل الحديث عن التَّجربة الطَّويلة للنّبيّ عيسى(ع)، حيث طلب الحواريّون منه أن يسأل ربّه أن ينـزل عليهم من السَّماء مائدةً، وردَّ عليهم عيسى بأن يتَّقوا الله إن كانوا لا يزالون على خطِّ الإيمان، لأنّهم ليسوا بحاجةٍ إلى ذلك الطلب الَّذي اقترحوه، مما لم يعهد حدوثه في حركة الأنبياء السّابقين وأتباعهم، ولم تكن هناك حاجة إلى آيةٍ جديدةٍ من عالم الغيب لتثبيت التزامهم بالنبيّ والنبوَّة، بعد أن شاهدوا الآيات المعجزة الّتي أجراها الله على يدي نبيِّهم عيسى بن مريم.

وكأنّهم شعروا بأنَّ في هذا الطّلب غرابةً تشبه العبث الَّذي لا معنى له، فعبّروا عن الدَّوافع النفسيَّة الّتي دفعتهم إلى ذلك: {قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا}، لنتذوَّق طعام السَّماء الّذي يختزن النورانيَّة الّتي تنفذ إلى الرّوح كما تنفذ إلى الجسد، وتغذِّي الإحساس الشّعوريّ كما تغذّي الأعضاء، لأنّ للغذاء ونوعيّته تأثيراً في جسد الإنسان وروحه، بما يحسّ به في لذّاته الرّوحيّة والمادّية، {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا}، لأنّنا سوف نجد في هذه المائدة الإلهيَّة الّتي يخصّنا الله بها، معنى يفيض على قلوبنا بالطّمأنينة الروحيَّة في محبّة الله لنا ورضوانه علينا، وبذلك يزول كلّ اهتزاز في مشاعرنا، وكلّ الهواجس القلقة الّتي تثيرها المتغيّرات الشّعوريّة في نفوسنا.

{وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا}، في الوحي الّذي بلَّغتنا إيّاه مما أنزله الله عليك، وفي الرّسالة الّتي أمرتنا بالإيمان بها، وفي الصِّدق الّذي تمثّل في حديثك معنا، لأنَّنا سوف نرى في استجابة الله لنا فيما طلبناه، أنّك قريب إليه، وأنَّ روح القدس الّذي أيّدك الله به يرتفع بك إليه لتطلب منه ما تشاء ممّا تريده أو ممّا يطلبه المؤمنون منك، فتزيد ثقتنا بك ويقيننا بالله، إضافةً إلى ما جئت به من المعجزات، باعتبار أنَّ المعرفة الحسيّة الخاصَّة تؤكِّد المعرفة العقليَّة العامَّة... وهذا ما يجعلنا نشهد للنَّاس شهادةً خالصةً قويّةً مليئةً بالثّقة ومنفتحةً على الصِّدق، لأنّنا سوف نحدّثهم عن أمرٍ عشناه، وعن طعامٍ سماويّ ذقناه، وعن كرامة إلهيَّة نلناها بعيداً عن أيِّ شكّ أو ريب، {وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ}[1]، فتكون حجّتنا أقوى، وموقفنا أشدّ صلابةً في مواجهة المنكرين والمرتابين.

الحجّة البالغة

وهكذا عرف النبيّ عيسى بن مريم(ع) أنهم جادّون في طلبهم هذا، ومخلصون في حاجتهم إلى الثّبات على الخطّ الرّساليّ، والحصول على الطّمأنينة الرّوحيّة البعيدة عن أيّ عنصرٍ من عناصر الاهتزاز، فاستجاب لهم، ودعا الله أن يحقِّق لهم ذلك، وأضاف نفسه إليهم بالإلحاح على الطّلب، واعتبر المسألة حدثاً مميَّزاً يحتفل به الأوّلون والآخرون، كما يحتفلون بالعيد الّذي ينطلق من مناسبة تفيض بالفرح، لأنَّ هذه المائدة العجيبة الّتي تنـزل من السماء، تمثِّل أعلى حالات الفرح، وأرفع مشاعر السّرور، وأعمق السّعادة الروحيّة.

{قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ}، تزيد في معرفتنا بجودك وكرمك ورحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين، وعظمتك في مواقع القدرة الّتي تنـزل الطّعام من السّماء حارّاً ناضجاً من دون أيّ خللٍ أو تأثيرٍ سيّئ، {وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[2]، فالرّزق كلّه منك، والنِّعمة تنطلق من فيض آلائك، سواء كانت من الأرض فيما ينبت منها وما يتحرَّك فيها، أو من السّماء فيما ينـزل منها، سواء كان مطراً أو مائدةً.

واستجاب الله دعاء عيسى بن مريم، {قَالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ}، كما طلبتم، وكما أحببتم. ولكنَّ الله حذَّرهم تحذيراً شديداً، بأنَّ إنزال المائدة عليهم يمثِّل الحجَّة عليهم، من حيث إنّها تصل بالإيمان إلى مرحلة الشّهود وعين اليقين، باعتبار أنَّنا عندما نرى الحقيقة رأي عين، فلا يبقى هناك مجال لأيِّ شكّ أو تردّد، ولا يبقى في العقل أيّ حالٍ من الاهتزاز، ثم إنَّ المسؤوليَّة عند الإنسان تزداد وتثقل، لأنَّ الكرامة العجائبيّة التي يكرّم الله بها الإنسان تترك تأثيرها فيه، فيملك بها الثَّبات في الإيمان، والامتداد في معرفة الله، والقوَّة في الالتزام بتوحيده، والوعي في المسؤوليَّة، فلا يبقى هناك أيّ عذرٍ له في اختياره الانحراف أو ابتعاده عن الخطّ المستقيم أو الكفر بالله، لأنَّ الحجّة البالغة قد أحاطت به من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، فإذا انحرف أو كفر أو ابتعد عن ربِّه، فإنّما يكون ذلك عن تمرّدٍ منه يستحقّ عليه عذاب الله الّذي أكرمه بكرامته فلم يلتزم بمسؤوليَّة الكرامة، والتي أنعم بها عليه فلم يشكر النّعمة، فيسقط بذلك من درجة الرّضا إلى منحدرات الغضب، ومن رحاب الثّواب إلى درك العقاب، وهذا قوله تعالى: {فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ}[3]، لأنَّ المسألة في هذه القضيّة تختلف عن أيّة مسألة أخرى من مسائل الانحراف، لأنَّ ما يحدث من الكافرين هو جحودهم وإنكارهم الحقيقة التّوحيديّة الإيمانيّة، من خلال تنكّرهم للأدلّة والبراهين العامة، وجهلهم بحقائق العقيدة، وابتعادهم عن الأخذ بأسباب المعرفة الّتي هيّأها الله لهم وهداهم إليها، من خلال العقل الذي أودعه فيهم، والفطرة الّتي عمَّقها في تكوينهم، والحجج الّتي قدَّمها الرسل إليهم، فيكون عذابهم على الكفر خاضعاً للبرنامج الّذي وضعه الله لكلِّ الكافرين.

أمَّا في هذه المسألة، فإنَّ الله اختصّ هؤلاء ومن يأتي بعدهم بكرامة لم يمنحها لغيرهم، إضافةً إلى ما اختزنوه من الفطرة وانفتحوا عليه من العقل وشاهدوه من الرّسول، بحيث يصبح تمرّدهم على الإيمان بالله وبتوحيده والخضوع لربوبيّته حالةً بعيدةً عن التّوازن، قريبةً من الانحطاط، كافرةً بالنّعمة الخاصّة الّتي كانت ـ كما جاء في دعاء عيسى ـ آيةً من الله تخترق في إيحاءاتها ومعانيها كلَّ وجدانهم، بحيث تدخل إلى الإحساس والشّعور، حتّى لكأنَّ الله حاضرٌ أمامهم، الأمر الّذي يجعل العذاب أشدَّ والعقاب أقوى، باعتبار أنَّ الحالة المتمرّدة التي لا مثيل لها في حالات التمرّد، تضاعف الغضب الإلهيَّ عليهم، بحيث لا يبقى هناك أيّ موقع للرّحمة، وأيّ مجالٍ للعفو والمغفرة.

هل نزلت المائدة؟!

وهكذا وقفت الآيات عند هذا الحدّ، فلم تتحدَّث عن طبيعة ما حدث بعد ذلك؛ هل تراجعوا عن طلبهم بعد هذا التَّهديد العنيف فلم ينـزلها الله عليهم، أو أنَّ النبيَّ عيسى(ع) طلب منهم التّراجع عنه، فاستجابوا له وتراجعوا. وقد ذكر بعض المفسِّرين أنّها لم تنـزل، كما روي في الدرّ المنثور ومجمع البيان وغيرهما، عن الحسن ومجاهد قالا: إنّها لم تنـزل، وإنَّ القوم لمّا سمعوا الشَّرط، استعفوا عن نزولها وقالوا: لا نريدها، ولا حاجة لنا فيها، فلم تنـزل.

ولكنَّنا نلاحظ في هذا الرّأي الّذي صدر عنهما، أنَّ الحواريّين كانوا يؤكِّدون الحاجة إلى هذا الأمر لتثبيت إيمانهم، وتحصيل الطّمأنينة فيه، والانفتاح على صدقيَّة الرّسول فيما بلّغه من وحي الله في رسالته، وليعلنوا الشَّهادة على هذه الرّسالة وتعريفها للنّاس في أسلوب الدّعوة إلى الله، فلم يكن وارداً عندهم أن يكفروا بعد إنزالها عليهم ليخافوا من العذاب الشَّديد، كما أنّ طلب عيسى(ع) إنزال المائدة من السّماء عليهم، يدلّ على ثقته بجديّتهم في طلبهم، على أساس علاقة ذلك بالجانب الإيماني لديهم.

أمّا الحديث عن أنّ التّهديد يمسّ الأجيال الأخرى التي قد تكفر بعد أن تتعرّف هذه الكرامة، فهو حديث غير دقيق، لأنّ الحواريّين ـ ومعهم النبيّ عيسى ـ لم يفكّروا في احتمال حدوث ذلك في المستقبل، بل أرادوها آيةً تدلّ على الله للأجيال كلّها بعدهم، تماماً كما هي المناسبات السعيدة الّتي يحتفل الناس بها كأعيادٍ عامّة.

ثمّ إنّ الآية ظاهرة في الدلالة على النـّزول، فهي "تتضمَّن الوعد الصّريح بالنّزول، وحاشاه تعالى أن يجود لهم بالوعد الصّريح، وهو يعلم أنّهم سيستعفون عنها فلا تنـزل، والوعد الذي في الآية صريح، والشَّرط الّذي فيها يتضمَّن تفرّع العذاب وترتّبه على الكفر بعد النـّزول... لا أنّها تشتمل على الوعد بالإنزال على تقدير قبولهم العذاب على الكفر، حتى يرتفع موضوع الوعد عند عدم قبولهم الشَّرط"[4].

وهذا الأسلوب الّذي تمثَّل في الآية قد جاء نظيره في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[5]، وقوله تعالى في حكايته عن النّبيّ موسى(ع): {أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ * وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[6].

وهذا هو البرنامج القرآني الّذي يتوعَّد الكافرين بالعذاب بعد أن يتعهَّد للمؤمنين بالرّحمة، وليس لنا أن نستفيض في هذه المسألة بتفاصيلها، لنتساءل كيف نزلت المائدة من السَّماء، وما الطَّعام الّذي اشتملت عليه؟ وكيف واجهوا هذه الكرامة بالإحساس بالفرح والسّعادة؟ وكيف انفتحت أوضاعهم فيما بعد ليكونوا أنصاراً لله في حركتهم مع عيسى(ع) بعد إنزال هذه المائدة؟ فلنسكت عمَّا سكت الله عنه، لأنّه لا يتعلّق بشأنٍ من شؤون العقيدة أو بأمرٍ من أمور العمل.

وقد يبدو للبعض أن يعترض على هذه القصَّة، فيقول: إنَّ النصارى لا يعرفونها بما جاء به الإنجيل، أو بما تناقلته كتب التّاريخ، أو بما تداولته أجيالهم وبشّر به علماؤهم، ولو كانت المائدة نازلةً، لتوافرت الدَّواعي على ذكرها في كتبهم، وحفظها بينهم بسيرةٍ مستمرّة، كما كان ذلك بالنّسبة إلى العشاء الربّاني! لكنَّ الخبير في تاريخ شيوع النصرانيّة وظهور الأناجيل، لا يعبأ بأمثال هذه الأقاويل، فلا كتبهم محفوظة على التّواتر إلى زمن عيسى(ع)، ولا هذه النصرانيّة الحاضرة تتّصل بزمنه حتى يُنتفَع بها فيما يتناقلونه يداً بيد، أو فيما لا يعرفونه مما ينسب إلى الدّعوة العيسويّة أو يتعلّق بها، وربّما كان من الممكن أن يكون ذلك قد سقط فيما سقط من بعض آيات الإنجيل، أو يكون ممّا أغفله المؤرّخون أو ممّا لم يطّلعوا عليه، كما في الكثير من القضايا الّتي عاشت في التّاريخ القديم.

ماذا تعني كلمة (حواريّون)؟

وفي الختام، ما المقصود بكلمة (حواريّون)؟ لقد ذكروا أنَّ أصل كلمة (حواريّ) هو الحَوَر، وهو شدَّة البياض، ومنه الحواريّ من الطّعام لشدَّة بياضه، ومنه قيل للحضريّات الحواريّات، لخلوص ألوانهنّ ونظافتهنّ، وحواريّ الرّجل صفوته وخالصته.

وقد جاء في إنجيل متّى ولوقا، الباب السَّادس، ذكر تعدادهم: 1- بطرس، 2 - أندرياس، 3- يعقوب، 4- يوحنّا، 5- فيلوبس، 6- برتولولما، 7- توما، 8- متّى، 9- يعقوب بن حلفا، 10- شمعون الغيور، 11- يهوذا أخو يعقوب، 12- يهوذا الإسخريوطي الّذي خان السيِّد المسيح.

وقد جاء في مجمع البيان: "روي أنّهم اتَّبعوا عيسى، وكانوا إذا جاعوا قالوا: يا روح الله جعنا، فيضرب بيده على الأرض، سهلاً كان أو جبلاً، فيُخرِج لكلِّ إنسانٍ منهم رغيفين يأكلهما، وإذا عطشوا قالوا: يا روح الله عطشنا، فيضرب بيده على الأرض، سهلاً كان أو جبلاً، فيُخرِج ماءً فيشربون، فقالوا: يا روح الله: من أفضل منَّا؛ إذا شئنا أطعمتنا، وإذا شئنا سقيتنا، وقد آمنَّا بك واتّبعناك؟ قال: أفضل منكم من يعمل بيده، ويأكل من كيسه، فصاروا يغسلون الثِّياب بالكراء"[7].

وهكذا أعطاهم درساً اجتماعيّاً دينيّاً، بأنَّ القيمة هي للإنسان الّذي يعطي الحياة من جهده من جهة، في مقابل ما يأخذه منها من جهةٍ أخرى، وحذَّرهم من الاتِّكال على الآخرين، حتى لو كانوا في منـزلة عيسى(ع) الَّذي منحه الله الكرامة من فضله، وأذن له بالإتيان بحاجاتهم بشكلٍ مباشر.

ونحن نستوحي من حديث القرآن عنهم في استجابتهم نداء النّبيّ عيسى بن مريم، {مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله}[8]، أنهم لم يكونوا بهذا الضَّعف الّذي تتحدَّث عنه الرواية، بل كانوا الأقوياء في إرادتهم، المنفتحين على حركتهم في حاجاتهم الحياتيّة، فقد كانوا أناساً طبيعيّين في الواقع الاجتماعيّ قبل أن يؤمنوا بالله ورسوله ويقرِّروا النّصرة لله في دينه وللرسول في دعوته.

ولذلك، فإنَّ هذه الرّواية قد لا ترقى إلى أن تكون صورةً دقيقةً عن شخصيَّاتهم الإنسانيَّة وأوضاعهم الحركيَّة. والله العالم.

والحمد لله ربِّ العالمين.

*ندوة الشّام الأسبوعيّة، فكر وثقافة


[1]  [المائدة: 113].

[2]  [المائدة: 114].

[3]  [المائدة: 115].

[4]  تفسير الميزان، الطباطبائي، ج 6، ص 237.

[5]  [البقرة: 124].

[6]   [الأعراف: 155، 156].

[7]  تفسير مجتمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج 2، ص 304.

[8]  [آل عمران: 52]. 

ونواصل الحديث عن التَّجربة الطَّويلة للنّبيّ عيسى(ع)، حيث طلب الحواريّون منه أن يسأل ربّه أن ينـزل عليهم من السَّماء مائدةً، وردَّ عليهم عيسى بأن يتَّقوا الله إن كانوا لا يزالون على خطِّ الإيمان، لأنّهم ليسوا بحاجةٍ إلى ذلك الطلب الَّذي اقترحوه، مما لم يعهد حدوثه في حركة الأنبياء السّابقين وأتباعهم، ولم تكن هناك حاجة إلى آيةٍ جديدةٍ من عالم الغيب لتثبيت التزامهم بالنبيّ والنبوَّة، بعد أن شاهدوا الآيات المعجزة الّتي أجراها الله على يدي نبيِّهم عيسى بن مريم.

وكأنّهم شعروا بأنَّ في هذا الطّلب غرابةً تشبه العبث الَّذي لا معنى له، فعبّروا عن الدَّوافع النفسيَّة الّتي دفعتهم إلى ذلك: {قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا}، لنتذوَّق طعام السَّماء الّذي يختزن النورانيَّة الّتي تنفذ إلى الرّوح كما تنفذ إلى الجسد، وتغذِّي الإحساس الشّعوريّ كما تغذّي الأعضاء، لأنّ للغذاء ونوعيّته تأثيراً في جسد الإنسان وروحه، بما يحسّ به في لذّاته الرّوحيّة والمادّية، {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا}، لأنّنا سوف نجد في هذه المائدة الإلهيَّة الّتي يخصّنا الله بها، معنى يفيض على قلوبنا بالطّمأنينة الروحيَّة في محبّة الله لنا ورضوانه علينا، وبذلك يزول كلّ اهتزاز في مشاعرنا، وكلّ الهواجس القلقة الّتي تثيرها المتغيّرات الشّعوريّة في نفوسنا.

{وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا}، في الوحي الّذي بلَّغتنا إيّاه مما أنزله الله عليك، وفي الرّسالة الّتي أمرتنا بالإيمان بها، وفي الصِّدق الّذي تمثّل في حديثك معنا، لأنَّنا سوف نرى في استجابة الله لنا فيما طلبناه، أنّك قريب إليه، وأنَّ روح القدس الّذي أيّدك الله به يرتفع بك إليه لتطلب منه ما تشاء ممّا تريده أو ممّا يطلبه المؤمنون منك، فتزيد ثقتنا بك ويقيننا بالله، إضافةً إلى ما جئت به من المعجزات، باعتبار أنَّ المعرفة الحسيّة الخاصَّة تؤكِّد المعرفة العقليَّة العامَّة... وهذا ما يجعلنا نشهد للنَّاس شهادةً خالصةً قويّةً مليئةً بالثّقة ومنفتحةً على الصِّدق، لأنّنا سوف نحدّثهم عن أمرٍ عشناه، وعن طعامٍ سماويّ ذقناه، وعن كرامة إلهيَّة نلناها بعيداً عن أيِّ شكّ أو ريب، {وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ}[1]، فتكون حجّتنا أقوى، وموقفنا أشدّ صلابةً في مواجهة المنكرين والمرتابين.

الحجّة البالغة

وهكذا عرف النبيّ عيسى بن مريم(ع) أنهم جادّون في طلبهم هذا، ومخلصون في حاجتهم إلى الثّبات على الخطّ الرّساليّ، والحصول على الطّمأنينة الرّوحيّة البعيدة عن أيّ عنصرٍ من عناصر الاهتزاز، فاستجاب لهم، ودعا الله أن يحقِّق لهم ذلك، وأضاف نفسه إليهم بالإلحاح على الطّلب، واعتبر المسألة حدثاً مميَّزاً يحتفل به الأوّلون والآخرون، كما يحتفلون بالعيد الّذي ينطلق من مناسبة تفيض بالفرح، لأنَّ هذه المائدة العجيبة الّتي تنـزل من السماء، تمثِّل أعلى حالات الفرح، وأرفع مشاعر السّرور، وأعمق السّعادة الروحيّة.

{قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ}، تزيد في معرفتنا بجودك وكرمك ورحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين، وعظمتك في مواقع القدرة الّتي تنـزل الطّعام من السّماء حارّاً ناضجاً من دون أيّ خللٍ أو تأثيرٍ سيّئ، {وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[2]، فالرّزق كلّه منك، والنِّعمة تنطلق من فيض آلائك، سواء كانت من الأرض فيما ينبت منها وما يتحرَّك فيها، أو من السّماء فيما ينـزل منها، سواء كان مطراً أو مائدةً.

واستجاب الله دعاء عيسى بن مريم، {قَالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ}، كما طلبتم، وكما أحببتم. ولكنَّ الله حذَّرهم تحذيراً شديداً، بأنَّ إنزال المائدة عليهم يمثِّل الحجَّة عليهم، من حيث إنّها تصل بالإيمان إلى مرحلة الشّهود وعين اليقين، باعتبار أنَّنا عندما نرى الحقيقة رأي عين، فلا يبقى هناك مجال لأيِّ شكّ أو تردّد، ولا يبقى في العقل أيّ حالٍ من الاهتزاز، ثم إنَّ المسؤوليَّة عند الإنسان تزداد وتثقل، لأنَّ الكرامة العجائبيّة التي يكرّم الله بها الإنسان تترك تأثيرها فيه، فيملك بها الثَّبات في الإيمان، والامتداد في معرفة الله، والقوَّة في الالتزام بتوحيده، والوعي في المسؤوليَّة، فلا يبقى هناك أيّ عذرٍ له في اختياره الانحراف أو ابتعاده عن الخطّ المستقيم أو الكفر بالله، لأنَّ الحجّة البالغة قد أحاطت به من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، فإذا انحرف أو كفر أو ابتعد عن ربِّه، فإنّما يكون ذلك عن تمرّدٍ منه يستحقّ عليه عذاب الله الّذي أكرمه بكرامته فلم يلتزم بمسؤوليَّة الكرامة، والتي أنعم بها عليه فلم يشكر النّعمة، فيسقط بذلك من درجة الرّضا إلى منحدرات الغضب، ومن رحاب الثّواب إلى درك العقاب، وهذا قوله تعالى: {فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ}[3]، لأنَّ المسألة في هذه القضيّة تختلف عن أيّة مسألة أخرى من مسائل الانحراف، لأنَّ ما يحدث من الكافرين هو جحودهم وإنكارهم الحقيقة التّوحيديّة الإيمانيّة، من خلال تنكّرهم للأدلّة والبراهين العامة، وجهلهم بحقائق العقيدة، وابتعادهم عن الأخذ بأسباب المعرفة الّتي هيّأها الله لهم وهداهم إليها، من خلال العقل الذي أودعه فيهم، والفطرة الّتي عمَّقها في تكوينهم، والحجج الّتي قدَّمها الرسل إليهم، فيكون عذابهم على الكفر خاضعاً للبرنامج الّذي وضعه الله لكلِّ الكافرين.

أمَّا في هذه المسألة، فإنَّ الله اختصّ هؤلاء ومن يأتي بعدهم بكرامة لم يمنحها لغيرهم، إضافةً إلى ما اختزنوه من الفطرة وانفتحوا عليه من العقل وشاهدوه من الرّسول، بحيث يصبح تمرّدهم على الإيمان بالله وبتوحيده والخضوع لربوبيّته حالةً بعيدةً عن التّوازن، قريبةً من الانحطاط، كافرةً بالنّعمة الخاصّة الّتي كانت ـ كما جاء في دعاء عيسى ـ آيةً من الله تخترق في إيحاءاتها ومعانيها كلَّ وجدانهم، بحيث تدخل إلى الإحساس والشّعور، حتّى لكأنَّ الله حاضرٌ أمامهم، الأمر الّذي يجعل العذاب أشدَّ والعقاب أقوى، باعتبار أنَّ الحالة المتمرّدة التي لا مثيل لها في حالات التمرّد، تضاعف الغضب الإلهيَّ عليهم، بحيث لا يبقى هناك أيّ موقع للرّحمة، وأيّ مجالٍ للعفو والمغفرة.

هل نزلت المائدة؟!

وهكذا وقفت الآيات عند هذا الحدّ، فلم تتحدَّث عن طبيعة ما حدث بعد ذلك؛ هل تراجعوا عن طلبهم بعد هذا التَّهديد العنيف فلم ينـزلها الله عليهم، أو أنَّ النبيَّ عيسى(ع) طلب منهم التّراجع عنه، فاستجابوا له وتراجعوا. وقد ذكر بعض المفسِّرين أنّها لم تنـزل، كما روي في الدرّ المنثور ومجمع البيان وغيرهما، عن الحسن ومجاهد قالا: إنّها لم تنـزل، وإنَّ القوم لمّا سمعوا الشَّرط، استعفوا عن نزولها وقالوا: لا نريدها، ولا حاجة لنا فيها، فلم تنـزل.

ولكنَّنا نلاحظ في هذا الرّأي الّذي صدر عنهما، أنَّ الحواريّين كانوا يؤكِّدون الحاجة إلى هذا الأمر لتثبيت إيمانهم، وتحصيل الطّمأنينة فيه، والانفتاح على صدقيَّة الرّسول فيما بلّغه من وحي الله في رسالته، وليعلنوا الشَّهادة على هذه الرّسالة وتعريفها للنّاس في أسلوب الدّعوة إلى الله، فلم يكن وارداً عندهم أن يكفروا بعد إنزالها عليهم ليخافوا من العذاب الشَّديد، كما أنّ طلب عيسى(ع) إنزال المائدة من السّماء عليهم، يدلّ على ثقته بجديّتهم في طلبهم، على أساس علاقة ذلك بالجانب الإيماني لديهم.

أمّا الحديث عن أنّ التّهديد يمسّ الأجيال الأخرى التي قد تكفر بعد أن تتعرّف هذه الكرامة، فهو حديث غير دقيق، لأنّ الحواريّين ـ ومعهم النبيّ عيسى ـ لم يفكّروا في احتمال حدوث ذلك في المستقبل، بل أرادوها آيةً تدلّ على الله للأجيال كلّها بعدهم، تماماً كما هي المناسبات السعيدة الّتي يحتفل الناس بها كأعيادٍ عامّة.

ثمّ إنّ الآية ظاهرة في الدلالة على النـّزول، فهي "تتضمَّن الوعد الصّريح بالنّزول، وحاشاه تعالى أن يجود لهم بالوعد الصّريح، وهو يعلم أنّهم سيستعفون عنها فلا تنـزل، والوعد الذي في الآية صريح، والشَّرط الّذي فيها يتضمَّن تفرّع العذاب وترتّبه على الكفر بعد النـّزول... لا أنّها تشتمل على الوعد بالإنزال على تقدير قبولهم العذاب على الكفر، حتى يرتفع موضوع الوعد عند عدم قبولهم الشَّرط"[4].

وهذا الأسلوب الّذي تمثَّل في الآية قد جاء نظيره في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[5]، وقوله تعالى في حكايته عن النّبيّ موسى(ع): {أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ * وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[6].

وهذا هو البرنامج القرآني الّذي يتوعَّد الكافرين بالعذاب بعد أن يتعهَّد للمؤمنين بالرّحمة، وليس لنا أن نستفيض في هذه المسألة بتفاصيلها، لنتساءل كيف نزلت المائدة من السَّماء، وما الطَّعام الّذي اشتملت عليه؟ وكيف واجهوا هذه الكرامة بالإحساس بالفرح والسّعادة؟ وكيف انفتحت أوضاعهم فيما بعد ليكونوا أنصاراً لله في حركتهم مع عيسى(ع) بعد إنزال هذه المائدة؟ فلنسكت عمَّا سكت الله عنه، لأنّه لا يتعلّق بشأنٍ من شؤون العقيدة أو بأمرٍ من أمور العمل.

وقد يبدو للبعض أن يعترض على هذه القصَّة، فيقول: إنَّ النصارى لا يعرفونها بما جاء به الإنجيل، أو بما تناقلته كتب التّاريخ، أو بما تداولته أجيالهم وبشّر به علماؤهم، ولو كانت المائدة نازلةً، لتوافرت الدَّواعي على ذكرها في كتبهم، وحفظها بينهم بسيرةٍ مستمرّة، كما كان ذلك بالنّسبة إلى العشاء الربّاني! لكنَّ الخبير في تاريخ شيوع النصرانيّة وظهور الأناجيل، لا يعبأ بأمثال هذه الأقاويل، فلا كتبهم محفوظة على التّواتر إلى زمن عيسى(ع)، ولا هذه النصرانيّة الحاضرة تتّصل بزمنه حتى يُنتفَع بها فيما يتناقلونه يداً بيد، أو فيما لا يعرفونه مما ينسب إلى الدّعوة العيسويّة أو يتعلّق بها، وربّما كان من الممكن أن يكون ذلك قد سقط فيما سقط من بعض آيات الإنجيل، أو يكون ممّا أغفله المؤرّخون أو ممّا لم يطّلعوا عليه، كما في الكثير من القضايا الّتي عاشت في التّاريخ القديم.

ماذا تعني كلمة (حواريّون)؟

وفي الختام، ما المقصود بكلمة (حواريّون)؟ لقد ذكروا أنَّ أصل كلمة (حواريّ) هو الحَوَر، وهو شدَّة البياض، ومنه الحواريّ من الطّعام لشدَّة بياضه، ومنه قيل للحضريّات الحواريّات، لخلوص ألوانهنّ ونظافتهنّ، وحواريّ الرّجل صفوته وخالصته.

وقد جاء في إنجيل متّى ولوقا، الباب السَّادس، ذكر تعدادهم: 1- بطرس، 2 - أندرياس، 3- يعقوب، 4- يوحنّا، 5- فيلوبس، 6- برتولولما، 7- توما، 8- متّى، 9- يعقوب بن حلفا، 10- شمعون الغيور، 11- يهوذا أخو يعقوب، 12- يهوذا الإسخريوطي الّذي خان السيِّد المسيح.

وقد جاء في مجمع البيان: "روي أنّهم اتَّبعوا عيسى، وكانوا إذا جاعوا قالوا: يا روح الله جعنا، فيضرب بيده على الأرض، سهلاً كان أو جبلاً، فيُخرِج لكلِّ إنسانٍ منهم رغيفين يأكلهما، وإذا عطشوا قالوا: يا روح الله عطشنا، فيضرب بيده على الأرض، سهلاً كان أو جبلاً، فيُخرِج ماءً فيشربون، فقالوا: يا روح الله: من أفضل منَّا؛ إذا شئنا أطعمتنا، وإذا شئنا سقيتنا، وقد آمنَّا بك واتّبعناك؟ قال: أفضل منكم من يعمل بيده، ويأكل من كيسه، فصاروا يغسلون الثِّياب بالكراء"[7].

وهكذا أعطاهم درساً اجتماعيّاً دينيّاً، بأنَّ القيمة هي للإنسان الّذي يعطي الحياة من جهده من جهة، في مقابل ما يأخذه منها من جهةٍ أخرى، وحذَّرهم من الاتِّكال على الآخرين، حتى لو كانوا في منـزلة عيسى(ع) الَّذي منحه الله الكرامة من فضله، وأذن له بالإتيان بحاجاتهم بشكلٍ مباشر.

ونحن نستوحي من حديث القرآن عنهم في استجابتهم نداء النّبيّ عيسى بن مريم، {مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله}[8]، أنهم لم يكونوا بهذا الضَّعف الّذي تتحدَّث عنه الرواية، بل كانوا الأقوياء في إرادتهم، المنفتحين على حركتهم في حاجاتهم الحياتيّة، فقد كانوا أناساً طبيعيّين في الواقع الاجتماعيّ قبل أن يؤمنوا بالله ورسوله ويقرِّروا النّصرة لله في دينه وللرسول في دعوته.

ولذلك، فإنَّ هذه الرّواية قد لا ترقى إلى أن تكون صورةً دقيقةً عن شخصيَّاتهم الإنسانيَّة وأوضاعهم الحركيَّة. والله العالم.

والحمد لله ربِّ العالمين.

*ندوة الشّام الأسبوعيّة، فكر وثقافة


[1]  [المائدة: 113].

[2]  [المائدة: 114].

[3]  [المائدة: 115].

[4]  تفسير الميزان، الطباطبائي، ج 6، ص 237.

[5]  [البقرة: 124].

[6]   [الأعراف: 155، 156].

[7]  تفسير مجتمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج 2، ص 304.

[8]  [آل عمران: 52]. 

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية