يسرد العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض) تجربة النبيّ (ص) في الدعوة، ويرى أنّها تدرَّجت في مكّة بشكل طبيعي، فانقسم عمله فيها إلى مرحلتين:
1ـ سرّيّة: فكان الرسول (ص) "يتصل بالأفراد واحداً واحداً، ويطلب منهم أن يتصل كلّ واحد منهم بغيره في سريّة وخفاء، لأنّه كان يريد أن يوجد قاعدةً متماسكةً ولو صغيرة، ينطلق منها العمل بقوّة، حتّى لا يزول العمل لدى أيِّ ضغط مفاجئ.
وقد نستطيع أن نفهم من خطوات بعض هؤلاء الذين خاطبهم النبيّ بالدعوة، أنّ إسلامهم قد بقي في إطار السرّية إلى نهاية حياتهم، حتّى خيِّل إلى الكثيرين أنّهم لم يدخلوا الإسلام، وذلك مثل (أبي طالب) عمّ النبيّ، الذي كفله وربّاه وآواه ونصره. فَقَدْ كانت الرّسالة بحاجةٍ إلى شخصية قويّة تدعمها وتدعم النبيّ (ص)، فكان أبو (طالب) هو هذا الرّجل وتلك الشخصيّة الفذّة".
2ـ علنيّة: وقد تحدّث السيّد عنها في إحدى خطبه فقال: "انطلق رسول الله إلى عشيرته أولاً؛ لأنّ الله تعالى قال له: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}(الشعراء: 214)، وانطلق إلى "أمّ القرى" ومن حولها؛ لأنَّ الله أراد له أن يتدرّج في الدعوة، فأنذر عشيرته أوّلاً، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر".
وفي موضع آخر يقول: "كانت طريقة رسول الله (ص) في الدّعوة منذ إعلانه الرّسالة في تحرّكه العلني في مكّة، أنّه يوافي المواسم كلّ عام، يتبع الحاجّ في منازلهم في المواسم بـ (عكاظ) و(ذي المجاز)، يدعوهم إلى أن يمنعوه حتّى يبلّغ رسالات ربِّه ولهم الجنّة، فلا يجد أحداً ينصره ولا يجيبه. حتّى إنّه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلةً قبيلة، ويقول: يا أيّها النَّاس، قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب... وأبو لهب وراءه يقول: لا تطيعوه، فإنّه صابئ كاذب..
إننا نستوحي من هذه الطّريقة عدة جوانب:
الأوَّل: إيصال الدعوة إلى كلِّ مكان وجماعة بشكل شخصي..
الثاني: محاولة التعرف إلى قبائل العرب ورؤسائهم عن كثب، ليأخذ فكرةً واضحةً عنهم وعن عقلياتهم وأوضاعهم، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، محاولة تعريفهم بنفسه ليأخذوا عنه الصّورة الصّحيحة، من خلال دعوته وطريقة تفكيره، وطبيعة القضايا الّتي يثيرها ويدعو إلى الإيمان بها.
الثالث: أنّه (ص) كان يفتش _ من خلال ذلك _ عن قاعدة إقليميّة وبشريّة للإسلام، لأنّ مكّة لم تكن صالحة للانطلاق منها إلى العالم، نظراً إلى القوّة المضادَّة، فقد كانت قاعدةً للشّرك والطّغيان، وليس من المستطاع _ من وجهة عمليّة _ تفجيرها وتحطيمها من الداخل".
*من "موسوعة الفكر الإسلامي"، ج 4.

يسرد العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض) تجربة النبيّ (ص) في الدعوة، ويرى أنّها تدرَّجت في مكّة بشكل طبيعي، فانقسم عمله فيها إلى مرحلتين:
1ـ سرّيّة: فكان الرسول (ص) "يتصل بالأفراد واحداً واحداً، ويطلب منهم أن يتصل كلّ واحد منهم بغيره في سريّة وخفاء، لأنّه كان يريد أن يوجد قاعدةً متماسكةً ولو صغيرة، ينطلق منها العمل بقوّة، حتّى لا يزول العمل لدى أيِّ ضغط مفاجئ.
وقد نستطيع أن نفهم من خطوات بعض هؤلاء الذين خاطبهم النبيّ بالدعوة، أنّ إسلامهم قد بقي في إطار السرّية إلى نهاية حياتهم، حتّى خيِّل إلى الكثيرين أنّهم لم يدخلوا الإسلام، وذلك مثل (أبي طالب) عمّ النبيّ، الذي كفله وربّاه وآواه ونصره. فَقَدْ كانت الرّسالة بحاجةٍ إلى شخصية قويّة تدعمها وتدعم النبيّ (ص)، فكان أبو (طالب) هو هذا الرّجل وتلك الشخصيّة الفذّة".
2ـ علنيّة: وقد تحدّث السيّد عنها في إحدى خطبه فقال: "انطلق رسول الله إلى عشيرته أولاً؛ لأنّ الله تعالى قال له: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}(الشعراء: 214)، وانطلق إلى "أمّ القرى" ومن حولها؛ لأنَّ الله أراد له أن يتدرّج في الدعوة، فأنذر عشيرته أوّلاً، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر".
وفي موضع آخر يقول: "كانت طريقة رسول الله (ص) في الدّعوة منذ إعلانه الرّسالة في تحرّكه العلني في مكّة، أنّه يوافي المواسم كلّ عام، يتبع الحاجّ في منازلهم في المواسم بـ (عكاظ) و(ذي المجاز)، يدعوهم إلى أن يمنعوه حتّى يبلّغ رسالات ربِّه ولهم الجنّة، فلا يجد أحداً ينصره ولا يجيبه. حتّى إنّه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلةً قبيلة، ويقول: يا أيّها النَّاس، قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب... وأبو لهب وراءه يقول: لا تطيعوه، فإنّه صابئ كاذب..
إننا نستوحي من هذه الطّريقة عدة جوانب:
الأوَّل: إيصال الدعوة إلى كلِّ مكان وجماعة بشكل شخصي..
الثاني: محاولة التعرف إلى قبائل العرب ورؤسائهم عن كثب، ليأخذ فكرةً واضحةً عنهم وعن عقلياتهم وأوضاعهم، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، محاولة تعريفهم بنفسه ليأخذوا عنه الصّورة الصّحيحة، من خلال دعوته وطريقة تفكيره، وطبيعة القضايا الّتي يثيرها ويدعو إلى الإيمان بها.
الثالث: أنّه (ص) كان يفتش _ من خلال ذلك _ عن قاعدة إقليميّة وبشريّة للإسلام، لأنّ مكّة لم تكن صالحة للانطلاق منها إلى العالم، نظراً إلى القوّة المضادَّة، فقد كانت قاعدةً للشّرك والطّغيان، وليس من المستطاع _ من وجهة عمليّة _ تفجيرها وتحطيمها من الداخل".
*من "موسوعة الفكر الإسلامي"، ج 4.