صدرت مؤخّراً ترجمة لكتاب "ماريو أبستولوف" تحت عنوان (العلاقات الحضاريّة المسيحيّة الإسلاميّة بين احتمالات التّعاون والصّراع)، عن المركز القومي للتّرجمة في القاهرة، من ترجمة وتقديم د.مصطفى قاسم، ومراجعة السيّد ياسين.
في مقدِّمة الكتاب، يتعرَّض الكاتب لمسألة العلاقات الاجتماعيّة والسياسيّة المعقّدة بين المسيحيّة والإسلام، وتجلّياتها المعاصرة الجيوسياسيّة والنفسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة.
ويتألّف الكتاب من ثمانية فصول هي:
1 ـ مفهوم التّخوم المسيحيّة/ الإسلاميّة، بما هي منطقة احتكاك.
2 ـ تاريخ التّخوم المسيحيّة/ الإسلاميّة.
3 ـ الدّولة القوميّة الحديثة والتّخوم.
4 ـ الجماعات المتناثرة والتّخوم.
5 ـ السياسة الطبيعيّة للتّخوم.
6 ـ التّخوم المسيحيّة الإسلاميّة بما هي ظاهرة نفسيّة.
7 ـ البعد الأمني الدّولي للتّخوم.
8 ـ البعد الاقتصادي للتّخوم.
مصطلح (التّخوم) يدلّ على حدود الأرض وجغرافيّتها.
ويثبت المؤلّف أنّ النّشاط السياسيّ والاقتصاديّ للنّاس هو الّذي يحدّد ما إّا كانت هذه التّخوم تقود إلى الصّراع أو التّعاون.
ويُذكر أنّه من أجل ضمان سيادة التّعاون في العلاقات المسيحيّة الإسلاميّة، لا بدَّ للمجتمع العالمي من بذل مزيد من الجهود الجماعيّة لبناء مؤسّسات ونُظُم سياسيّة تشاركيّة تستوعب كلّ الجماعات ذات الهويّات المختلفة.
ومن المفيد إيراد جملة من نصوص الكتاب، حيث يقول: إنّ أسطورة المواجهة المسيحيّة/ الإسلاميّة يبرزها حزبان متناقضان بجلاء: القابعون في الغرب وفي منطقة الاحتكاك، الّذين يسعون إلى تحويل العالم الإسلاميّ إلى مجرّد عدد جديد بعد نهاية الحرب الباردة.
وعلى المقلب الآخر، أولئك القابعون في الدّولة الإسلاميّة الّذين يرفعون راية المواجهة مع الشعوب غير الإسلاميّة، وخصوصاً الشّعوب الغربيّة، وهم أفراد وجماعات لا تعنيهم إلا مصالحهم الماديّة المحدودة، سواء المتمثّلة بالحصول على عناصر القوّة أو الحفاظ عليها.
ويقول: إنّ أصحاب المشاريع الطائفيّة غالباً ما يبتزّون جمهورهم، مستخدمين في ذلك المخاوف الجماعيّة من الآخر.
ويتعرّض الكتاب أيضاً إلى الإسلام كدينٍ يتمتّع بقوة ذاتيّة في تشريعاته وأخلاقيّاته وقدرته على الانتشار العالميّ، والمراحل الّتي مرّ بها هذا الانتشار.
ويشير الكاتب إلى عاملين أساسيّين ميّزا الإسلام، وهما:
1 ـ مخاطبة الدّين للفطرة. 2 ـ دفعه الرّوحيّ ونظامه القانونيّ.
ويقول: إنّ الدّفع الرّوحيّ الإسلاميّ ونظامه القانونيّ حصّنا الجماعة الإسلاميّة من الذّوبان في الحضارة المسيحيّة.
ويعترف "أبستولوف" بأنّ التّوحيد الإسلاميّ يسهم في تأسيس التّسامح، وأنّ الطّريق بين المسيحيّين والإسلاميّين هي طريق شراكة لا صراع.
كتاب مهمّ، وخصوصاً أنّ الأبحاث في هذا المجال قليلة، وترجمة هذا الكتاب تعدّ حدثاً يجب التوقّف عنده وتأمّل مباحثه، إذا أخذنا بالاعتبار ما يعانيه عالمنا من مشاكل وتحدّيات...
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .