صدر حديثاً عن الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، كتاب "إبراهيم بن سيّار النظام وآراؤه الكلاميّة الفلسفيّة"، تأليف الدّكتور محمد عبد الهادي أبو ريدة، وتقديم الدّكتور فيصل عون، فقليلة هي الدّراسات حول هذه الشخصيّة الفلسفيّة والكلاميّة، والّتي تعتبر من أعمدة مدرسة المعتزلة في الفكر الإسلامي، فجاء هذا الكتاب ليلقي الضّوء أكثر حولها. فبحسب المؤلّف، فإنّ هذه الشخصيّة شكّلت علامة فارقة في التاريخ الفكري الإسلامي، وأحدثت نقلة نوعية في علم الكلام بالنّظر إلى خوضه فيه، وسعة اطّلاعه على الكتب الفلسفيّة والكلاميّة، والثقافات الأجنبيّة، وينقل عنه كبار العلماء ذهابه إلى أن "الإجماع" ليس بحجّة، وإنما الحجّة في مستنده، إن ظهر لنا، وإن لم يظهر نقدّر للإجماع دليلاً تقوم به الحجّة. والإجماع بحسب بعض التّعاريف: هو ما يتيقّن أنّه لا خلاف فيه بين أحد من علماء الإسلام.
يُذكر أنّ الغزالي، وهو من أئمة الفكر الإسلامي والفلسفي، كان يعتبر بروز النظام في رأيه بالنّسبة إلى الإجماع مهمّاً وذا تأثير كبير في الاجتهاد عموماً، وقد تبنّت بعض المدارس رأيه، وقالت باستحالة تحقّق الإجماع عادةً. وكان النّظام ألّف كتاباً اسمه [النُكت]، أثبت فيه أنّ الإجماع ليس بحجّة، وهذا الرّأي له تبعاته بالنّظر إلى حساسيّته، إذ إنّ الإجماع يعتبر مصدراً من مصادر التّشريع الإسلامي.
وهناك من يرى أنّ النظام لم ينكر حجيّة "الإجماع"، ولكنّه ناقش في حجيّته لجهة ثبوت مستنده، ويؤخذ هذا من كلام "ابن شكر وبعض مؤرّخي علم الأصول".
ويذهب الباحث إلى أنّ الّذي حدا بابن النظام إلى معارضة الإجماع، هو ثقافته الواسعة ونزعته الواقعيّة، وذهابه إلى أنّ الأحكام تُبنى على اليقين الّذي لا يتطرّق إليه الشّكّ. ويشير الجاحظ إلى "اشتغال "ابن النظام" بالقياس في مباحثه وردّه على خصومه، ولكنّه يتبنّى القياس إذا كان له مستند شرعيّ يبرّره، فهو ينكر أشدّ الإنكار القياس الّذي غايته وضع إصدار حكم شرعيّ عملاً بالرّأي من غير مستند وحجّة".
والباحث يعتبر بالتّالي أنّ "ما نقل عن النظام بشأن الإجماع والقياس هو غير صحيح، ويظهر أنّ النّظام كان له كلام في من أفتي بالرّأي من الصّحابة من غير مستند، ويتابع الباحث بأنّ هذا الكلام للنّظام هو من نزعاته النقديّة، فهو مشهور بصراحته وبتعبيره عن حريّة رأيه، وعدم قبوله للأفكار إلا بعد إخضاعها للنّقاش والتّمحيص العلميّ".
وكان معروفاً عنه دقّته في عرض الأفكار وضبطها، وذلك لكثرة مجادلاته ومناظراته، وكان من الّذين مهّدوا الطّريق لازدهار الفلسفة الإسلاميّة في القرنين الثّالث والرّابع الهجريّ.
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .
صدر حديثاً عن الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، كتاب "إبراهيم بن سيّار النظام وآراؤه الكلاميّة الفلسفيّة"، تأليف الدّكتور محمد عبد الهادي أبو ريدة، وتقديم الدّكتور فيصل عون، فقليلة هي الدّراسات حول هذه الشخصيّة الفلسفيّة والكلاميّة، والّتي تعتبر من أعمدة مدرسة المعتزلة في الفكر الإسلامي، فجاء هذا الكتاب ليلقي الضّوء أكثر حولها. فبحسب المؤلّف، فإنّ هذه الشخصيّة شكّلت علامة فارقة في التاريخ الفكري الإسلامي، وأحدثت نقلة نوعية في علم الكلام بالنّظر إلى خوضه فيه، وسعة اطّلاعه على الكتب الفلسفيّة والكلاميّة، والثقافات الأجنبيّة، وينقل عنه كبار العلماء ذهابه إلى أن "الإجماع" ليس بحجّة، وإنما الحجّة في مستنده، إن ظهر لنا، وإن لم يظهر نقدّر للإجماع دليلاً تقوم به الحجّة. والإجماع بحسب بعض التّعاريف: هو ما يتيقّن أنّه لا خلاف فيه بين أحد من علماء الإسلام.
يُذكر أنّ الغزالي، وهو من أئمة الفكر الإسلامي والفلسفي، كان يعتبر بروز النظام في رأيه بالنّسبة إلى الإجماع مهمّاً وذا تأثير كبير في الاجتهاد عموماً، وقد تبنّت بعض المدارس رأيه، وقالت باستحالة تحقّق الإجماع عادةً. وكان النّظام ألّف كتاباً اسمه [النُكت]، أثبت فيه أنّ الإجماع ليس بحجّة، وهذا الرّأي له تبعاته بالنّظر إلى حساسيّته، إذ إنّ الإجماع يعتبر مصدراً من مصادر التّشريع الإسلامي.
وهناك من يرى أنّ النظام لم ينكر حجيّة "الإجماع"، ولكنّه ناقش في حجيّته لجهة ثبوت مستنده، ويؤخذ هذا من كلام "ابن شكر وبعض مؤرّخي علم الأصول".
ويذهب الباحث إلى أنّ الّذي حدا بابن النظام إلى معارضة الإجماع، هو ثقافته الواسعة ونزعته الواقعيّة، وذهابه إلى أنّ الأحكام تُبنى على اليقين الّذي لا يتطرّق إليه الشّكّ. ويشير الجاحظ إلى "اشتغال "ابن النظام" بالقياس في مباحثه وردّه على خصومه، ولكنّه يتبنّى القياس إذا كان له مستند شرعيّ يبرّره، فهو ينكر أشدّ الإنكار القياس الّذي غايته وضع إصدار حكم شرعيّ عملاً بالرّأي من غير مستند وحجّة".
والباحث يعتبر بالتّالي أنّ "ما نقل عن النظام بشأن الإجماع والقياس هو غير صحيح، ويظهر أنّ النّظام كان له كلام في من أفتي بالرّأي من الصّحابة من غير مستند، ويتابع الباحث بأنّ هذا الكلام للنّظام هو من نزعاته النقديّة، فهو مشهور بصراحته وبتعبيره عن حريّة رأيه، وعدم قبوله للأفكار إلا بعد إخضاعها للنّقاش والتّمحيص العلميّ".
وكان معروفاً عنه دقّته في عرض الأفكار وضبطها، وذلك لكثرة مجادلاته ومناظراته، وكان من الّذين مهّدوا الطّريق لازدهار الفلسفة الإسلاميّة في القرنين الثّالث والرّابع الهجريّ.
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .