جرائم بالجملة.. إلى متى؟!

جرائم بالجملة.. إلى متى؟!

جريمة تلو الجريمة حصلت مؤخَّراً، ولا يكاد يوم يمرّ إلا وتسمع بخبر مزعج عن قتل أحدٍ لأحد، وليس أيّ أحد، حيث يبادر زوجٌ إلى قتل زوجته، ويبادر أبٌ إلى قتل ولده نتيجة خلاف على شيءٍ مادّي، ونجد زوجةً تسمِّم زوجها، وولداً يقتل أمَّه الّتي أنجبته وربّته، وكأنَّ الأمر بات مألوفاً وعاديّاً في مجتمعاتٍ تصخب بالأزمات والمشاكل المعيشيَّة والاجتماعيَّة، وغياب الوازع الأخلاقيّ والإنسانيّ، مع التسيُّب والتفلُّت اللّذين يعزِّزان عمليّات الإجرام والقتل. وقد أصبحنا اليوم أمام تصاعدٍ في وتيرة الجرائم العائليَّة، وهو مشهدٌ يُنذر بالأسى والخطر والسّوء، فمجتمعٌ يصل إلى هذا المستوى، يعيش فعلاً في خطرٍ محدق.

فالقصَّة هي أنَّه لم يعد هناك من حرمةٍ وتقديرٍ للوضع العائليّ والعلاقات بين أهل البيت الواحد؛ بين الزّوجة والزّوج، وبين الآباء والأبناء، وهذا يدلّ على أزمة نفسيَّة وأخلاقيَّة كبيرة، إذ من المفترض على الجميع أن يحترم خصوصيَّة العلاقات الأسريَّة، ويحفظ الودَّ بين الأهل. هكذا تربّينا، وهكذا لا بدَّ من أن نستمرَّ، وإلا نحن في ورطة كبيرة، فلأبسط الأمور والخلافات، يتطوَّر الأمر إلى قتلٍ بدمٍ باردٍ، وكأنَّ القتل أضحى أمراً مستسهلاً!

ويؤكِّد معالجون نفسيّون أنَّ الوضع الاقتصاديّ المتدهور يؤثّر سلباً في كلّ مواطن، إذ ليس من السَّهل أن يرى الأب نفسه غير قادر على تأمين لقمة العيش لأولاده، أو يضطرّ لإخراجهم من المدرسة كي يساعدوه وهم قُصَّر، ولكنّ المشكلة لا تقتصر في رأي هؤلاء على الجرائم العائليَّة، بل هي قصّة الاضطرابات النفسيّة الّتي يعيشها النَّاس نتيجة هذه الظّروف المعقَّدة والصَّعبة، فالاضطرابات النَّفسيَّة قد لا يتنبَّه لها أحد، ويتمّ التَّعامل معها باستهتار، وهو ما يؤدِّي إلى تضاعفها وتفاقمها، وعند أيِّ موقفٍ ضاغطٍ تنفجر الأمور وتتحوَّل إلى سلوكيَّات عدوانيَّة.

ويتابع الباحثون النّفسيّون بأنَّ عدم تعويد الأبناء والأشخاص منذ الصِّغر على الحوار، وعدم مساعدة الأطفال على تبادل الآراء، يمكن أن يحفِّز المشكلات العائليَّة ويؤجِّج النزاعات داخل العائلة. من هنا، ينصح هؤلاء بأهميَّة تأسيس العائلات وتربيتها على أسس الحوار والتّفاهم وتقبُّل الآخر ومساعدته لتجاوز المشكلات والأخطاء، بدل المحاسبة السَّريعة الّتي غالباً ما يكون النّدم عليها أخيراً وبعد فوات الأوان.

 ويرى متابعون للشَّأن العام، أنَّ منظومة العلاقات الاجتماعيَّة والقيميَّة قد تخلخلت، وسيطرت مكانها المنفعة والمصالح الماديّة. ويعزو علماء الاجتماع أسباب ارتفاع الجريمة إلى درجة الإحباط الكبيرة الّتي يعانيها المجتمع جرَّاء البطالة والفراغ الرّوحيّ وعدم الارتباط الجدّيّ والعميق بالمنظومة القيميَّة والدينيَّة والأخلاقيَّة.

من هنا، ينبغي التنبّه إلى حجم الكارثة الَّتي يتخبَّط فيها المجتمع، فالجميع من أفرادٍ وهيئاتٍ مدنيَّة وحقوقيَّة وإعلاميَّة ودعويَّة واجتماعيَّة، مدعوّون إلى نشر التّوعية الكافية حول ضرورة التقيّد بالقيم العائليَّة والأخلاقيَّة بالأسلوب المفيد والسَّليم، فالتركيز لا بدَّ من أن ينصبَّ على تأصيل القيم الروحيَّة والأخلاقيّة والإنسانيّة في وجدان الأجيال اليوم، وإعطائها المناعة الكافية في وجه التحدّيات والمشكلات، في زمنٍ يكثر التفلّت من كلّ شيء.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

جريمة تلو الجريمة حصلت مؤخَّراً، ولا يكاد يوم يمرّ إلا وتسمع بخبر مزعج عن قتل أحدٍ لأحد، وليس أيّ أحد، حيث يبادر زوجٌ إلى قتل زوجته، ويبادر أبٌ إلى قتل ولده نتيجة خلاف على شيءٍ مادّي، ونجد زوجةً تسمِّم زوجها، وولداً يقتل أمَّه الّتي أنجبته وربّته، وكأنَّ الأمر بات مألوفاً وعاديّاً في مجتمعاتٍ تصخب بالأزمات والمشاكل المعيشيَّة والاجتماعيَّة، وغياب الوازع الأخلاقيّ والإنسانيّ، مع التسيُّب والتفلُّت اللّذين يعزِّزان عمليّات الإجرام والقتل. وقد أصبحنا اليوم أمام تصاعدٍ في وتيرة الجرائم العائليَّة، وهو مشهدٌ يُنذر بالأسى والخطر والسّوء، فمجتمعٌ يصل إلى هذا المستوى، يعيش فعلاً في خطرٍ محدق.

فالقصَّة هي أنَّه لم يعد هناك من حرمةٍ وتقديرٍ للوضع العائليّ والعلاقات بين أهل البيت الواحد؛ بين الزّوجة والزّوج، وبين الآباء والأبناء، وهذا يدلّ على أزمة نفسيَّة وأخلاقيَّة كبيرة، إذ من المفترض على الجميع أن يحترم خصوصيَّة العلاقات الأسريَّة، ويحفظ الودَّ بين الأهل. هكذا تربّينا، وهكذا لا بدَّ من أن نستمرَّ، وإلا نحن في ورطة كبيرة، فلأبسط الأمور والخلافات، يتطوَّر الأمر إلى قتلٍ بدمٍ باردٍ، وكأنَّ القتل أضحى أمراً مستسهلاً!

ويؤكِّد معالجون نفسيّون أنَّ الوضع الاقتصاديّ المتدهور يؤثّر سلباً في كلّ مواطن، إذ ليس من السَّهل أن يرى الأب نفسه غير قادر على تأمين لقمة العيش لأولاده، أو يضطرّ لإخراجهم من المدرسة كي يساعدوه وهم قُصَّر، ولكنّ المشكلة لا تقتصر في رأي هؤلاء على الجرائم العائليَّة، بل هي قصّة الاضطرابات النفسيّة الّتي يعيشها النَّاس نتيجة هذه الظّروف المعقَّدة والصَّعبة، فالاضطرابات النَّفسيَّة قد لا يتنبَّه لها أحد، ويتمّ التَّعامل معها باستهتار، وهو ما يؤدِّي إلى تضاعفها وتفاقمها، وعند أيِّ موقفٍ ضاغطٍ تنفجر الأمور وتتحوَّل إلى سلوكيَّات عدوانيَّة.

ويتابع الباحثون النّفسيّون بأنَّ عدم تعويد الأبناء والأشخاص منذ الصِّغر على الحوار، وعدم مساعدة الأطفال على تبادل الآراء، يمكن أن يحفِّز المشكلات العائليَّة ويؤجِّج النزاعات داخل العائلة. من هنا، ينصح هؤلاء بأهميَّة تأسيس العائلات وتربيتها على أسس الحوار والتّفاهم وتقبُّل الآخر ومساعدته لتجاوز المشكلات والأخطاء، بدل المحاسبة السَّريعة الّتي غالباً ما يكون النّدم عليها أخيراً وبعد فوات الأوان.

 ويرى متابعون للشَّأن العام، أنَّ منظومة العلاقات الاجتماعيَّة والقيميَّة قد تخلخلت، وسيطرت مكانها المنفعة والمصالح الماديّة. ويعزو علماء الاجتماع أسباب ارتفاع الجريمة إلى درجة الإحباط الكبيرة الّتي يعانيها المجتمع جرَّاء البطالة والفراغ الرّوحيّ وعدم الارتباط الجدّيّ والعميق بالمنظومة القيميَّة والدينيَّة والأخلاقيَّة.

من هنا، ينبغي التنبّه إلى حجم الكارثة الَّتي يتخبَّط فيها المجتمع، فالجميع من أفرادٍ وهيئاتٍ مدنيَّة وحقوقيَّة وإعلاميَّة ودعويَّة واجتماعيَّة، مدعوّون إلى نشر التّوعية الكافية حول ضرورة التقيّد بالقيم العائليَّة والأخلاقيَّة بالأسلوب المفيد والسَّليم، فالتركيز لا بدَّ من أن ينصبَّ على تأصيل القيم الروحيَّة والأخلاقيّة والإنسانيّة في وجدان الأجيال اليوم، وإعطائها المناعة الكافية في وجه التحدّيات والمشكلات، في زمنٍ يكثر التفلّت من كلّ شيء.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية