الضّوضاء أو الضجيج المزعج للآخرين والمقلق لراحتهم، هو نوعٌ من أنواع التلوّث الأشدّ إيلاماً للإنسان في عصرنا.
مصادر الضَّجيج وآثاره
ومصادر الضَّجيج والضَّوضاء كثيرة: منها: الأصوات العالية التي تصل إلى حدّ الصراخ، أو رفع صوت المسجّل أو الراديو والتلفزيون بشكل حادّ، أو استعمال المكنسة الكهربائية أو الجلاية، أو أية آلة ذات صوت مرتفع، في وقت نوم الناس وراحتهم، وهكذا الأصوات المزعجة الصادرة عن المصانع والمعامل وأبواق السيارات، إلى غير ذلك مما لا يعدُّ ولا يحصى.
والآثار السلبية للضَّجيج تبدأ من الأثر المباشر الذي يتركه على الأذن، وهي الضحيّة الأولى له، حيث تضعف قدرتها على السمع كما يقول الأطباء، وأثرٌ آخر أشدّ وطأً على الإنسان، وهو القلق الذي يصاب به المرء نتيجة الضجيج، ما يسلبه لذة الراحة والنوم. ومن ضحاياه أيضاً، صحة الإنسان والجهاز العصبي والتنفسي بالتحديد، وله تأثير سلبي أيضاً في الحياة الاقتصادية، حيث تشير الدراسات إلى أنَّ الضجة التي تسببها الثرثرة في أمكنة العمل، تؤدي إلى تدني إنتاج الموظفين بما يعادل 15% من أيام العمل!
ويقول بعض الباحثين: «إنَّ الإنسان يدرك بالفطرة أنَّ الضجيج يثير أعصابه، ويربك أعماله، ويعكّر عليه صفاء ذهنه وانسجام سلوكه، ويبعث فيه القلق والضَّجر والغضب، كما أنَّ الأبحاث الطبية والنفسية كشفت أنَّ الأصوات العالية، وكل ما يدخل في تكوين الضجيج، يؤدّي إلى مجموعة من التأثيرات الضارّة بأجهزة الجسم ونفسية الإنسان، فتزيد سرعة النبض وإفراز بعض الغدد في الجسم، ما يؤدّي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، وكثيراً ما ينجم عن الضجيج إصابة بالقرحة المعويّة أو قرحة الإثني عشري، ويتأثر بالضجيج الكبد والجهاز الهضمي والكلى وغيرها... ولعلَّ الصرع الذي يسبِّبه الضجيج، هو أكثر الآثار انتشاراً، وأشدّها نتائج تؤلم الإنسان وتشلّ قدراته، وقد ذكر العلماء السويديون، أنَّ الصَّمم في العام (1670 م) كان منتشراً بين النحَّاسين والحدّادين.
والحيوانات كذلك تتأثَّر بالضَّجيج، فيقلُّ مقدار حليب البقر بجوار المطارات، ويقلّ إنتاج البيض مع ارتفاع درجة الضجيج، كما تؤثر الضوضاء في نموّ النباتات وتكاثرها، وقد استخدمت الأصوات العالية أحياناً في مضايقة السجناء والمعتقلين لسحب الاعتراف منهم، فعند توجيه صوتٍ صاخبٍ ناشزٍ إليهم، يتهيَّج جهازهم العصبي، فينقطع النوم أو يختفي تماماً، وتتضاءل فترات الراحة، وينحدر السجين إلى حالة الإعياء فالانهيار...»( ).
الموقف الشّرعي
إن القواعد الإسلامية تقتضي حرمة إيذاء الآخر وإزعاجه وفعل ما يوجب إقلاق راحته، ومنعه من النوم والراحة في بيته. وعليه، فالأصوات المزعجة الصادرة عن الإنسان أو من آلاته أو مصنعه، يمكن الحكم بحرمتها فقهياً إذا كانت مؤذيةً للآخر وتصدر في وقت راحته، كالليالي مثلاً، فلا يجوز للفرد أن يشغل مصنعه أو آلاته ومكائنه ذات الصوت المرتفع ليلاً داخل الأماكن السكنية، أو يطلق المفرقعات أو أبواق السيارات بما يؤدّي إلى إيقاظ الناس مذعورين، أو يحول دون تمكّنهم من النوم، فإنّ النوم هو راحة للجسد كما في الخبر( ). ونجد أنّ بعض الفقهاء أفتى بحرمة الأصوات المرتفعة المزعجة للناس والمؤذية لهم، وإن كان ذلك في قراءة القرآن أو الدعاء أو التعزية أو اللطميات أو ما إلى ذلك. يقول لدى سؤاله عن حكم إطلاق مزامير السيارات أو استخدام مكبّرات الصوت بشكل عالٍ جداً: لا يجوز القيام بالأعمال التي تسيء إلى الناس وتؤدي إلى إزعاجهم في راحتهم وأوضاعهم التي تتطلَّب الهدوء، ومن دون فرقٍ بين إطلاق مزامير السيّارات بنحو مزعج من غير ضرورة، أو استعمال مكبّرات الصوت حتى في الحفلات الدينية والاجتماعية، أو رفع صوت المذياع أو التلفزيون أو آلة التسجيل، بما يؤدي إلى إيذاء الجيران وإقلاق راحتهم، حتّى إنَّ من اللازم الاكتفاء في أذان الفجر ـ بواسطة المكبّر ـ بالمقدار الضروري الذي تقوم به المصلحة الإسلاميّة العليا، لأنّه لا يجوز الإضرار بالناس وبالوضع العام، فقد جاء عن النبي(ص): «لا ضرر ولا ضرار»( ).
وهكذا ذهب بعض العلماء إلى أن مجالس العزاء لا يجوز إقامتها بشكل «يؤذي أحداً بالميكروفونات وبالأصوات المنكرة التي لا تجوز حتّى في الأذان»( )، وقال في موضع آخر ما حاصله: إنّ صوت المكبّرات عندما يدخل على الناس في غرف نومهم، وعلى المستشفيات وساحات البيوت، ويقلق الناس في اللّيل أو النهار بالصراخ والزعيق، فهو عملٌ محرَّم، ولو كان رفع الصوت بقراءة القرآن أو بالأذان أو التعزية أو الدّعاء، فإنَّه يحرم من جهتين: من جهة كونه إيذاءً للنّاس، وهو من المحرَّمات الحقيقيَّة، ومن جهة أنَّه قد يجعل الناس تنفر من العزاء وقراءة القرآن والدعاء( ).
وفي هذا السياق، تندرج الفتوى التي أطلقها بعض الفقهاء بتحريم المفرقعات في الأعياد وغيرها، لأنها عادة سيّئة تزعج الناس وتثير الرّعب لدى الأطفال، وهي تعكس حالة تخلف في تربية الأطفال، لأنها تعلمهم إزعاج الناس وإرعابهم وملء الشوارع بالفوضى، وانطلاقاً من ذلك، أصدر فتوى بتحريم الاتّجار بها واستعمالها من قبل البالغين بالعنوان الثانوي( ).
هذا وبإمكان الحاكم الشرعي ـ بناءً على القول بولايته العامة ـ أن يصدر أحكاماً تدبيريةً سلطانيةً تحدّ من فوضى الضجيج والأصوات المزعجة، كأن يمنع من إنشاء المصانع ذات الأصوات المزعجة بين المباني السكنية، ويمنع من إطلاق أبواق السيارات في منتصف اللّيل أو ما إلى ذلك.
الضّوضاء أو الضجيج المزعج للآخرين والمقلق لراحتهم، هو نوعٌ من أنواع التلوّث الأشدّ إيلاماً للإنسان في عصرنا.
مصادر الضَّجيج وآثاره
ومصادر الضَّجيج والضَّوضاء كثيرة: منها: الأصوات العالية التي تصل إلى حدّ الصراخ، أو رفع صوت المسجّل أو الراديو والتلفزيون بشكل حادّ، أو استعمال المكنسة الكهربائية أو الجلاية، أو أية آلة ذات صوت مرتفع، في وقت نوم الناس وراحتهم، وهكذا الأصوات المزعجة الصادرة عن المصانع والمعامل وأبواق السيارات، إلى غير ذلك مما لا يعدُّ ولا يحصى.
والآثار السلبية للضَّجيج تبدأ من الأثر المباشر الذي يتركه على الأذن، وهي الضحيّة الأولى له، حيث تضعف قدرتها على السمع كما يقول الأطباء، وأثرٌ آخر أشدّ وطأً على الإنسان، وهو القلق الذي يصاب به المرء نتيجة الضجيج، ما يسلبه لذة الراحة والنوم. ومن ضحاياه أيضاً، صحة الإنسان والجهاز العصبي والتنفسي بالتحديد، وله تأثير سلبي أيضاً في الحياة الاقتصادية، حيث تشير الدراسات إلى أنَّ الضجة التي تسببها الثرثرة في أمكنة العمل، تؤدي إلى تدني إنتاج الموظفين بما يعادل 15% من أيام العمل!
ويقول بعض الباحثين: «إنَّ الإنسان يدرك بالفطرة أنَّ الضجيج يثير أعصابه، ويربك أعماله، ويعكّر عليه صفاء ذهنه وانسجام سلوكه، ويبعث فيه القلق والضَّجر والغضب، كما أنَّ الأبحاث الطبية والنفسية كشفت أنَّ الأصوات العالية، وكل ما يدخل في تكوين الضجيج، يؤدّي إلى مجموعة من التأثيرات الضارّة بأجهزة الجسم ونفسية الإنسان، فتزيد سرعة النبض وإفراز بعض الغدد في الجسم، ما يؤدّي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، وكثيراً ما ينجم عن الضجيج إصابة بالقرحة المعويّة أو قرحة الإثني عشري، ويتأثر بالضجيج الكبد والجهاز الهضمي والكلى وغيرها... ولعلَّ الصرع الذي يسبِّبه الضجيج، هو أكثر الآثار انتشاراً، وأشدّها نتائج تؤلم الإنسان وتشلّ قدراته، وقد ذكر العلماء السويديون، أنَّ الصَّمم في العام (1670 م) كان منتشراً بين النحَّاسين والحدّادين.
والحيوانات كذلك تتأثَّر بالضَّجيج، فيقلُّ مقدار حليب البقر بجوار المطارات، ويقلّ إنتاج البيض مع ارتفاع درجة الضجيج، كما تؤثر الضوضاء في نموّ النباتات وتكاثرها، وقد استخدمت الأصوات العالية أحياناً في مضايقة السجناء والمعتقلين لسحب الاعتراف منهم، فعند توجيه صوتٍ صاخبٍ ناشزٍ إليهم، يتهيَّج جهازهم العصبي، فينقطع النوم أو يختفي تماماً، وتتضاءل فترات الراحة، وينحدر السجين إلى حالة الإعياء فالانهيار...»( ).
الموقف الشّرعي
إن القواعد الإسلامية تقتضي حرمة إيذاء الآخر وإزعاجه وفعل ما يوجب إقلاق راحته، ومنعه من النوم والراحة في بيته. وعليه، فالأصوات المزعجة الصادرة عن الإنسان أو من آلاته أو مصنعه، يمكن الحكم بحرمتها فقهياً إذا كانت مؤذيةً للآخر وتصدر في وقت راحته، كالليالي مثلاً، فلا يجوز للفرد أن يشغل مصنعه أو آلاته ومكائنه ذات الصوت المرتفع ليلاً داخل الأماكن السكنية، أو يطلق المفرقعات أو أبواق السيارات بما يؤدّي إلى إيقاظ الناس مذعورين، أو يحول دون تمكّنهم من النوم، فإنّ النوم هو راحة للجسد كما في الخبر( ). ونجد أنّ بعض الفقهاء أفتى بحرمة الأصوات المرتفعة المزعجة للناس والمؤذية لهم، وإن كان ذلك في قراءة القرآن أو الدعاء أو التعزية أو اللطميات أو ما إلى ذلك. يقول لدى سؤاله عن حكم إطلاق مزامير السيارات أو استخدام مكبّرات الصوت بشكل عالٍ جداً: لا يجوز القيام بالأعمال التي تسيء إلى الناس وتؤدي إلى إزعاجهم في راحتهم وأوضاعهم التي تتطلَّب الهدوء، ومن دون فرقٍ بين إطلاق مزامير السيّارات بنحو مزعج من غير ضرورة، أو استعمال مكبّرات الصوت حتى في الحفلات الدينية والاجتماعية، أو رفع صوت المذياع أو التلفزيون أو آلة التسجيل، بما يؤدي إلى إيذاء الجيران وإقلاق راحتهم، حتّى إنَّ من اللازم الاكتفاء في أذان الفجر ـ بواسطة المكبّر ـ بالمقدار الضروري الذي تقوم به المصلحة الإسلاميّة العليا، لأنّه لا يجوز الإضرار بالناس وبالوضع العام، فقد جاء عن النبي(ص): «لا ضرر ولا ضرار»( ).
وهكذا ذهب بعض العلماء إلى أن مجالس العزاء لا يجوز إقامتها بشكل «يؤذي أحداً بالميكروفونات وبالأصوات المنكرة التي لا تجوز حتّى في الأذان»( )، وقال في موضع آخر ما حاصله: إنّ صوت المكبّرات عندما يدخل على الناس في غرف نومهم، وعلى المستشفيات وساحات البيوت، ويقلق الناس في اللّيل أو النهار بالصراخ والزعيق، فهو عملٌ محرَّم، ولو كان رفع الصوت بقراءة القرآن أو بالأذان أو التعزية أو الدّعاء، فإنَّه يحرم من جهتين: من جهة كونه إيذاءً للنّاس، وهو من المحرَّمات الحقيقيَّة، ومن جهة أنَّه قد يجعل الناس تنفر من العزاء وقراءة القرآن والدعاء( ).
وفي هذا السياق، تندرج الفتوى التي أطلقها بعض الفقهاء بتحريم المفرقعات في الأعياد وغيرها، لأنها عادة سيّئة تزعج الناس وتثير الرّعب لدى الأطفال، وهي تعكس حالة تخلف في تربية الأطفال، لأنها تعلمهم إزعاج الناس وإرعابهم وملء الشوارع بالفوضى، وانطلاقاً من ذلك، أصدر فتوى بتحريم الاتّجار بها واستعمالها من قبل البالغين بالعنوان الثانوي( ).
هذا وبإمكان الحاكم الشرعي ـ بناءً على القول بولايته العامة ـ أن يصدر أحكاماً تدبيريةً سلطانيةً تحدّ من فوضى الضجيج والأصوات المزعجة، كأن يمنع من إنشاء المصانع ذات الأصوات المزعجة بين المباني السكنية، ويمنع من إطلاق أبواق السيارات في منتصف اللّيل أو ما إلى ذلك.