أشار سماحة العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله (رض) إلى موضوع الزّواج المدنيّ، وما يتفرَّع عنه، عبر مقاربة واضحة، فأشار إلى ثلاث نقاط يمكن أن ترد عليه، هي:
الأولى: تتمثَّل في الجانب الشَّكلي للزَّواج، وهو الجانب العقديّ الَّذي يمكن أن يثير الإنسان إزاءه سؤالاً: هل يشترط في صحَّة الزّواج أن تكون هناك صيغة محدَّدة، بحيث لا بدَّ للزَّوجين من أن يتكلَّما بها ليكون الزَّواج شرعيّاً، أو أنَّ ذلك غير مشترط؟ فكثير من الفقهاء يشترطون في الزَّواج أن يكون بصيغة: زوَّجتك، وما رادفها من الكلمات.
ومن هنا، يجد بعض الفقهاء هذا الزَّواج زواجاً غير شرعيّ، لخلوّه من الصّيغة الخاصَّة المعتبرة، ولكنَّنا، بحسب رأينا الفقهي، نرى أنَّ الزّواج المدنيّ يمكن إنشاؤه بكلّ لفظٍ يدلّ على الالتزام العقديّ بالمضمون الّذي يتّفق عليه الطّرفان، بحيث يعتبر حالة إراديّة إلزاميّة لهما، تماماً كأيِّ عقدٍ من العقود الّتي يعقدانها في معاملاتٍ أخرى، فلا يشترط فيه أيّ لفظ معيّن، بل يكتفى فيه بكلّ ما يدلّ عليه، حتّى إنَّ الزَّواج يمكن أن ينشأ بالكتابة. وعلى هذا، فنحن لا نرى مشكلة في الزّواج المدنيّ من هذه النّاحية، لأنّنا نعرف أنّه يوثّق عقد الزّواج بين الطّرفين.
الثّانية: الزّواج المدنيّ لا يشترط في الزّوجين إلا أن يكونا بالغين، عاقلين، راشدين، ولا يشترط شيئاً آخر، بينما يؤكِّد الإسلام في هذا المجال شروطاً معيَّنة. ففي عقد المسلم، لا يجوز للمسلم أن يتزوَّج الملحدة الّتي لا تؤمن بدين، كما أنّه لا يجوز له أن يتزوّج باللّواتي يتدينّ بدينٍ غير الأديان السماويّة المعروفة، كالبوذيّة أو الهندوسيّة. لذلك، فإنَّ أيَّ عقدٍ بين مسلم وأيّ امرأة ملحدة، أو غير متديّنة بالأديان السماويّة الكتابيَّة، يعتبر عقداً باطلاً، سواء أنشئ بالصّيغة المعتبرة لدى جمهور الفقهاء في الفقه الإسلاميّ، أو بالصّيغة المتعارف عليها في الزّواج المدنيّ.
ويتابع سماحته (رض) قائلاً: ولعلَّ هذه هي المشكلة الّتي يدور الجدل فيها حول الزّواج المدنيّ بين الّذين يشجّعونه والرّافضين له، باعتبار أنّه يمثّل الحلّ لمشاكل كثيرة يعانيها النّاس في لبنان، عندما يراد للزّواج المختلط أن يتحرَّك في السّاحة، وأن يأخذ قانونيَّته في المحاكم اللّبنانيَّة، وفي دوائر الأحوال الشخصيَّة في لبنان.
إنَّ الإسلام من وجهة النَّظر الّتي نتبنَّاها في صيغة عقد الزّواج، يعتبر الزّواج بين المسلم والمسلمة، أو بين المسلم والكتابيّة، زواجاً شرعيّاً، حتّى لو وثّق بطريقة الزّواج المدنيّ، ويعتبر الزّواج بين المسلمة وغير المسلم، أو بين المسلم وغير الكتابيّة، زواجاً غير شرعيّ، ولو كان على الطّريقة الإسلاميّة الفقهيّة.
الثّالثة: عقد الزّواج في الإسلام لا يُلغى ولا يفسخ إلا بطريقتين، هما الطّلاق أو الفسخ إذا كانت هناك عيوب معيّنة لدى الزّوجين، أو لدى أحد الزّوجين. أمّا في الزّواج المدنيّ، وهذه نقطة سلبيَّة إسلاميّاً، فإنَّ فسخ عقد الزّواج يخضع للقوانين المدنيَّة المتّبعة.. فقد يجري الطلاق في المحكمة بعيداً من الشّروط الشرعيّة لدى السنَّة أو الشّيعة، الأمر الّذي يعني أنَّ العلاقة الزوجيَّة تبقى على حالها مع صدور الحكم بالانفصال من قِبَل السلطات المدنيَّة.
لذلك، فإنَّ الزَّواج المدنيّ يختلف شكلاً ومضموناً عن الزَّواج الشرعيّ الإسلاميّ، الأمر الَّذي يجعلنا لا نستطيع إقرار الزواج المدني كهيكليَّة عقديَّة تختزن الكثير من التشريعات التي تختلف مع التشريعات الإسلاميّة، بحيث إنَّ الإسلام قد يرى زواجاً قانونيّاً في الجانب المدني زواجاً غير شرعيّ في الفقه الإسلامي، كما أنّه قد يرى انفصالاً قانونياً في الجانب المدني، غير شرعي في الجانب الفقهي الإسلامي.
ويضيف سماحته (رض) أنّه عندما يتمّ عقد الزَّواج بين مسلم ومسلمة بطريقة الزّواج المدني، فإنّه يعتبر حسب المسألة التي تحدَّثنا عنها في رأينا الفقهي، في الشّكل العقدي للزّواج، زواجاً شرعيّاً من الناحية الشكليَّة.. ومن الطبيعيّ أن يخضع الزّوجان للقواعد الإسلاميَّة في مسألة حركة هذا الزَّواج، وفي مسألة إنهائه، وعندما يفسخ الزَّوجان العقد بغير الطّريقة الإسلاميَّة، فإنّهما لا يكونان منسجمين شرعاً مع الشّريعة الإسلاميّة في هذا المجال، ويكون حالهما حال الزّوجين بالصّيغة الشّرعيّة الّتي يتبنَّاها أكثر الفقهاء، عندما ينحرفان عن الأحكام الشَّرعيَّة في حركة زواجهما.
*من كتاب "تأمّلات إسلاميَّة حول المرأة"، ص 136 وما بعدها.
أشار سماحة العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله (رض) إلى موضوع الزّواج المدنيّ، وما يتفرَّع عنه، عبر مقاربة واضحة، فأشار إلى ثلاث نقاط يمكن أن ترد عليه، هي:
الأولى: تتمثَّل في الجانب الشَّكلي للزَّواج، وهو الجانب العقديّ الَّذي يمكن أن يثير الإنسان إزاءه سؤالاً: هل يشترط في صحَّة الزّواج أن تكون هناك صيغة محدَّدة، بحيث لا بدَّ للزَّوجين من أن يتكلَّما بها ليكون الزَّواج شرعيّاً، أو أنَّ ذلك غير مشترط؟ فكثير من الفقهاء يشترطون في الزَّواج أن يكون بصيغة: زوَّجتك، وما رادفها من الكلمات.
ومن هنا، يجد بعض الفقهاء هذا الزَّواج زواجاً غير شرعيّ، لخلوّه من الصّيغة الخاصَّة المعتبرة، ولكنَّنا، بحسب رأينا الفقهي، نرى أنَّ الزّواج المدنيّ يمكن إنشاؤه بكلّ لفظٍ يدلّ على الالتزام العقديّ بالمضمون الّذي يتّفق عليه الطّرفان، بحيث يعتبر حالة إراديّة إلزاميّة لهما، تماماً كأيِّ عقدٍ من العقود الّتي يعقدانها في معاملاتٍ أخرى، فلا يشترط فيه أيّ لفظ معيّن، بل يكتفى فيه بكلّ ما يدلّ عليه، حتّى إنَّ الزَّواج يمكن أن ينشأ بالكتابة. وعلى هذا، فنحن لا نرى مشكلة في الزّواج المدنيّ من هذه النّاحية، لأنّنا نعرف أنّه يوثّق عقد الزّواج بين الطّرفين.
الثّانية: الزّواج المدنيّ لا يشترط في الزّوجين إلا أن يكونا بالغين، عاقلين، راشدين، ولا يشترط شيئاً آخر، بينما يؤكِّد الإسلام في هذا المجال شروطاً معيَّنة. ففي عقد المسلم، لا يجوز للمسلم أن يتزوَّج الملحدة الّتي لا تؤمن بدين، كما أنّه لا يجوز له أن يتزوّج باللّواتي يتدينّ بدينٍ غير الأديان السماويّة المعروفة، كالبوذيّة أو الهندوسيّة. لذلك، فإنَّ أيَّ عقدٍ بين مسلم وأيّ امرأة ملحدة، أو غير متديّنة بالأديان السماويّة الكتابيَّة، يعتبر عقداً باطلاً، سواء أنشئ بالصّيغة المعتبرة لدى جمهور الفقهاء في الفقه الإسلاميّ، أو بالصّيغة المتعارف عليها في الزّواج المدنيّ.
ويتابع سماحته (رض) قائلاً: ولعلَّ هذه هي المشكلة الّتي يدور الجدل فيها حول الزّواج المدنيّ بين الّذين يشجّعونه والرّافضين له، باعتبار أنّه يمثّل الحلّ لمشاكل كثيرة يعانيها النّاس في لبنان، عندما يراد للزّواج المختلط أن يتحرَّك في السّاحة، وأن يأخذ قانونيَّته في المحاكم اللّبنانيَّة، وفي دوائر الأحوال الشخصيَّة في لبنان.
إنَّ الإسلام من وجهة النَّظر الّتي نتبنَّاها في صيغة عقد الزّواج، يعتبر الزّواج بين المسلم والمسلمة، أو بين المسلم والكتابيّة، زواجاً شرعيّاً، حتّى لو وثّق بطريقة الزّواج المدنيّ، ويعتبر الزّواج بين المسلمة وغير المسلم، أو بين المسلم وغير الكتابيّة، زواجاً غير شرعيّ، ولو كان على الطّريقة الإسلاميّة الفقهيّة.
الثّالثة: عقد الزّواج في الإسلام لا يُلغى ولا يفسخ إلا بطريقتين، هما الطّلاق أو الفسخ إذا كانت هناك عيوب معيّنة لدى الزّوجين، أو لدى أحد الزّوجين. أمّا في الزّواج المدنيّ، وهذه نقطة سلبيَّة إسلاميّاً، فإنَّ فسخ عقد الزّواج يخضع للقوانين المدنيَّة المتّبعة.. فقد يجري الطلاق في المحكمة بعيداً من الشّروط الشرعيّة لدى السنَّة أو الشّيعة، الأمر الّذي يعني أنَّ العلاقة الزوجيَّة تبقى على حالها مع صدور الحكم بالانفصال من قِبَل السلطات المدنيَّة.
لذلك، فإنَّ الزَّواج المدنيّ يختلف شكلاً ومضموناً عن الزَّواج الشرعيّ الإسلاميّ، الأمر الَّذي يجعلنا لا نستطيع إقرار الزواج المدني كهيكليَّة عقديَّة تختزن الكثير من التشريعات التي تختلف مع التشريعات الإسلاميّة، بحيث إنَّ الإسلام قد يرى زواجاً قانونيّاً في الجانب المدني زواجاً غير شرعيّ في الفقه الإسلامي، كما أنّه قد يرى انفصالاً قانونياً في الجانب المدني، غير شرعي في الجانب الفقهي الإسلامي.
ويضيف سماحته (رض) أنّه عندما يتمّ عقد الزَّواج بين مسلم ومسلمة بطريقة الزّواج المدني، فإنّه يعتبر حسب المسألة التي تحدَّثنا عنها في رأينا الفقهي، في الشّكل العقدي للزّواج، زواجاً شرعيّاً من الناحية الشكليَّة.. ومن الطبيعيّ أن يخضع الزّوجان للقواعد الإسلاميَّة في مسألة حركة هذا الزَّواج، وفي مسألة إنهائه، وعندما يفسخ الزَّوجان العقد بغير الطّريقة الإسلاميَّة، فإنّهما لا يكونان منسجمين شرعاً مع الشّريعة الإسلاميّة في هذا المجال، ويكون حالهما حال الزّوجين بالصّيغة الشّرعيّة الّتي يتبنَّاها أكثر الفقهاء، عندما ينحرفان عن الأحكام الشَّرعيَّة في حركة زواجهما.
*من كتاب "تأمّلات إسلاميَّة حول المرأة"، ص 136 وما بعدها.