القول بأنّ الإسلام يريد من المرأة أن تكون ربّة بيت أوّلاً قول يثار دائماً،
وهو لأجل ذلك جدير بالمناقشة، وهنا نحبّ الإشارة، قبل الدخول في صلب الموضوع، إلى
وجود نوعين من الأحكام في الإسلام؛ أحكام إلزاميّة تفرض على الإنسان الفعل أو
التّرك، وتسمّى بالوجوب والتّحريم، وأحكام ترخيصيّة تتمنّى على الإنسان الفعل ولا
تمنعه من الترك، أو تتمنى عليه أن يترك ولا تمنعه من الفعل، وتسمَّى بالاستحباب
والكراهية، أو تخيّره بين الفعل والتّرك، وتسمَّى بالإباحة.
هل يفرض الإسلام على المرأة أن تكون ربّة منزل قبل الزّواج وبعده إسلامياً؟ لا يحق
لأي إنسان، أباً أو أماً أو أخاً أو أيّ قريب، أن يلزم إلزاماً شرعياً المرأة قبل
الزواج بالعمل في منزل والديها، فليس العمل المنزلي مفروضاً على المرأة، تماماً كما
لا يملك الأب أو الأمّ أن يلزما إلزاماً شرعياً الولد الذكر على العمل في المنزل.
نعم، لها ذلك، إذا اختارته تطوّعاً، من موقع الإحساس بالمسؤولية تجاه البيت الذي
يرعاها.
وعندما تصبح الفتاة زوجة، فإنّ قيامها بالعمل المنزلي أو عدم قيامها به، يبقى أمراً
طوعياً، تختار القيام به أو عدم القيام، فعقد الزواج لا يلزمها من ناحية شرعيّة
بالعمل المنزلي، ولا حتى بتربية الأولاد ورعايتهم، إلا إذا أدخل الزوجان أداء تلك
الأعمال في العقد الزوجي كشروط خاصّة.
إنّ الإسلام لا يعتبر عمل المرأة في المنزل من نتائج العقد الزوجي، ولا يوجب على
المرأة ممارسة أيّ عمل آخر خارج المنزل لإعالة الأسرة أوالمساهمة في إعالتها. وليس
للرّجل على المرأة بموجب عقد الزواج إلا العلاقة الزوجية الخاصّة، وكلّ ما يرتبط
بها، أمّا ما عدا ذلك، من تنظيم شؤون المنزل ورعاية الأولاد، فأمور غير مفروضة
عليها.
يمكن أن ندرس قضيّة عمل المرأة في المنزل في هذا الاتجاه، من حيث كونه عطاء المرأة
الأفضل الذي يتكامل مع عطاء الرّجل الأفضل...
[أمّا] القول بأنّ المرأة غير ملزمة بالعمل داخل المنزل أو حتى خارجه، لا يعني أنّ
عليها عدم القيام بأيّ عمل في الحياة، بل غاية ما هناك، أنّ الإسلام أراد للمرأة
ممارسة عملها المنزلي من موقع العطاء لا من موقع الإلزام، بصفته شكلاً من أشكال
الخدمة الاجتماعيّة في إطار خاصّ ودور خاصّ، وفتح لها من خلال عدم إلزامها بالعمل
داخل المنزل فرصة المشاركة في بناء المجتمع الذي تعيش فيه، فهي مكلَّفة، من وجهة
نظر إسلاميّة، بالدعوة إلى الله، وهداية المجتمع بمقدار طاقاتها، كما هو الرّجل
مكلَّف بذلك. وهي مكلَّفة ـ كما أشرنا سابقا ًـ بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر،
الذي يمثّل الرقابة العملية الاجتماعية ضدّ الانحراف في أيّ مجال من مجالات الحياة،
وهو دور قد يصل إلى مستوى الثّورة على الظلم والانحراف.
والقول بعدم إلزاميَّة عمل المرأة المعيشي خارج المنزل، في ظلّ القول بضرورة
مشاركتها الرّجل مسؤوليّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يعني بأيّ حال من
الأحوال إلغاء دورها في الحياة، بل إفساح المجال أمامها فعليّاً للقيام بذاك الدّور،
بحيث لا تستهلك وظيفتها كأمّ وكربّة منزل ومشاركتها في إعالة الأسرة، وحتى
مسؤوليّتها عن إعالة نفسها، طاقتها على العطاء في الميدان العام.
إن الإسلام، بتخفيفه أعباء الحياة المنزليّة والعائليّة، وحتى الزوجيّة عن المرأة،
يقدّم اعترافاً فعلياً بدور المرأة في بناء الحياة، ويقدّم لها فرصة المشاركة
عمليّاً في عملية البناء تلك.
*من كتاب "دنيا المرأة".
القول بأنّ الإسلام يريد من المرأة أن تكون ربّة بيت أوّلاً قول يثار دائماً،
وهو لأجل ذلك جدير بالمناقشة، وهنا نحبّ الإشارة، قبل الدخول في صلب الموضوع، إلى
وجود نوعين من الأحكام في الإسلام؛ أحكام إلزاميّة تفرض على الإنسان الفعل أو
التّرك، وتسمّى بالوجوب والتّحريم، وأحكام ترخيصيّة تتمنّى على الإنسان الفعل ولا
تمنعه من الترك، أو تتمنى عليه أن يترك ولا تمنعه من الفعل، وتسمَّى بالاستحباب
والكراهية، أو تخيّره بين الفعل والتّرك، وتسمَّى بالإباحة.
هل يفرض الإسلام على المرأة أن تكون ربّة منزل قبل الزّواج وبعده إسلامياً؟ لا يحق
لأي إنسان، أباً أو أماً أو أخاً أو أيّ قريب، أن يلزم إلزاماً شرعياً المرأة قبل
الزواج بالعمل في منزل والديها، فليس العمل المنزلي مفروضاً على المرأة، تماماً كما
لا يملك الأب أو الأمّ أن يلزما إلزاماً شرعياً الولد الذكر على العمل في المنزل.
نعم، لها ذلك، إذا اختارته تطوّعاً، من موقع الإحساس بالمسؤولية تجاه البيت الذي
يرعاها.
وعندما تصبح الفتاة زوجة، فإنّ قيامها بالعمل المنزلي أو عدم قيامها به، يبقى أمراً
طوعياً، تختار القيام به أو عدم القيام، فعقد الزواج لا يلزمها من ناحية شرعيّة
بالعمل المنزلي، ولا حتى بتربية الأولاد ورعايتهم، إلا إذا أدخل الزوجان أداء تلك
الأعمال في العقد الزوجي كشروط خاصّة.
إنّ الإسلام لا يعتبر عمل المرأة في المنزل من نتائج العقد الزوجي، ولا يوجب على
المرأة ممارسة أيّ عمل آخر خارج المنزل لإعالة الأسرة أوالمساهمة في إعالتها. وليس
للرّجل على المرأة بموجب عقد الزواج إلا العلاقة الزوجية الخاصّة، وكلّ ما يرتبط
بها، أمّا ما عدا ذلك، من تنظيم شؤون المنزل ورعاية الأولاد، فأمور غير مفروضة
عليها.
يمكن أن ندرس قضيّة عمل المرأة في المنزل في هذا الاتجاه، من حيث كونه عطاء المرأة
الأفضل الذي يتكامل مع عطاء الرّجل الأفضل...
[أمّا] القول بأنّ المرأة غير ملزمة بالعمل داخل المنزل أو حتى خارجه، لا يعني أنّ
عليها عدم القيام بأيّ عمل في الحياة، بل غاية ما هناك، أنّ الإسلام أراد للمرأة
ممارسة عملها المنزلي من موقع العطاء لا من موقع الإلزام، بصفته شكلاً من أشكال
الخدمة الاجتماعيّة في إطار خاصّ ودور خاصّ، وفتح لها من خلال عدم إلزامها بالعمل
داخل المنزل فرصة المشاركة في بناء المجتمع الذي تعيش فيه، فهي مكلَّفة، من وجهة
نظر إسلاميّة، بالدعوة إلى الله، وهداية المجتمع بمقدار طاقاتها، كما هو الرّجل
مكلَّف بذلك. وهي مكلَّفة ـ كما أشرنا سابقا ًـ بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر،
الذي يمثّل الرقابة العملية الاجتماعية ضدّ الانحراف في أيّ مجال من مجالات الحياة،
وهو دور قد يصل إلى مستوى الثّورة على الظلم والانحراف.
والقول بعدم إلزاميَّة عمل المرأة المعيشي خارج المنزل، في ظلّ القول بضرورة
مشاركتها الرّجل مسؤوليّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يعني بأيّ حال من
الأحوال إلغاء دورها في الحياة، بل إفساح المجال أمامها فعليّاً للقيام بذاك الدّور،
بحيث لا تستهلك وظيفتها كأمّ وكربّة منزل ومشاركتها في إعالة الأسرة، وحتى
مسؤوليّتها عن إعالة نفسها، طاقتها على العطاء في الميدان العام.
إن الإسلام، بتخفيفه أعباء الحياة المنزليّة والعائليّة، وحتى الزوجيّة عن المرأة،
يقدّم اعترافاً فعلياً بدور المرأة في بناء الحياة، ويقدّم لها فرصة المشاركة
عمليّاً في عملية البناء تلك.
*من كتاب "دنيا المرأة".