ما هي نظرة الإسلام إلى حياة الإنسان الخاصَّة؟ هل هي منطقة مفتوحة للنّاس، أو هي منطقة محرَّمة عليهم؟
والجواب عن ذلك، أنَّ لكلِّ إنسان حرمة مقدَّسة في نظر الإسلام، فليس لأيّ شخص أن يقتحم حياته الخاصّة دون رضاه، أو يعتدي على أسرارها دون إذنه، لأنَّ ذلك هو معنى احترام حريّته وكرامته التي قرَّرها القرآن الكريم، فله أن يمارسها ويحافظ عليها دون أن يملك الآخرون حقّ التدخُّل فيها بضغط، أو في نطاق الشعور العام بالمسؤوليَّة.
ولهذا، حرَّم الإسلام التجسُّس على حياة الآخرين في قوله تعالى في سورة الحجرات: {وَلَا تَجَسَّسُوا}، لأنَّ في التجسُّس اعتداءً على حريّة الإنسان في الاحتفاظ بأسراره الخاصّة، وحمايتها من الآخرين.
وجاء في الحديث الشَّريف النّهي عن محاولة التحقّق والتثبّت من الظّنون التي تتعلَّق بحياة إنسانٍ ما، في أيّ جانبٍ من جوانب حياته: "وَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَأَمْضِهِ، وَإِذَا حَسَدْتَ فَاسْتَغْفِرْ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلاَ تَحَقِّقْ..."، لأنَّ محاولة التأكّد من صحَّة ظنونك وفسادها، تعتبر عدواناً على حياة هذا الإنسان الخاصّة، من دون ضرورة تدعو إلى ذلك، سوى إشباع غريزة الفضول في داخل ذاتك.
وربّما تعتبر بعض أحاديث أئمّة أهل البيت (ع) إحصاء زلّات المؤمن، من أجل تعييره بها بعد ذلك، من أقرب الأمور إلى الكفر، ومن أبعد الأشياء عن الإيمان.
ففي حديث للإمام محمّد الباقر (ع): "إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ، أَنْ يُوَاخِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ، فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ عَثَرَاتِهِ وَزَلاتِهِ لِيُعَنِّفَهُ بِهَا يَوْماً مَا".
وفي حديث الإمام جعفر الصّادق (ع) قال: "أدنى ما يخرج به الرّجل من الإيمان، أن يؤاخي الرّجل الرّجل على دينه، فيحصي عليه عثراته وزلّاته ليعيّره بها يوماً ما".
بل قد نجد في بعض النصوص الدينيّة، ما يحرّم على الإنسان المؤمن التحدُّث عن أسراره الخاصّة التي تهدم كيانه وتهتك حرمته، لأنّه لا يجوز للإنسان أن يهتك حرمة نفسه. كما نجد في نصوص أخرى الإرشاد للمؤمن إلى الاستتار بالمعصية فيما إذا ابتلي بها، لأنَّ الله لا يريد للإنسان أن يفضح نفسه، فقد ورد في الحديث: "إذا ابْتُلِيتُم بالمعاصي فاستتروا".
وعلى ضوء هذا، نستطيع أن نقرِّر حماية الإسلام لحياة الإنسان الخاصّة، فلا يمكن أن نجعل الفضول الشخصيّ مبرّراً لاقتحام أسوار هذه الحياة.
وبهذا التّشريع، يغلق الإسلام باباً كبيراً من أبواب النقد التشهيري الذي يدور في نطاق العيب والتجريح، لأنّه يمنع الإنسان من تغذية المعرفة الشخصيّة بعيوب الناس وأسرارهم التي يتعمَّدون إخفاءَها، ويرفضون السّماح للآخرين بالاطّلاع عليها، ولا يبقى له إلّا ما يطّلع عليه من طريق الصّدفة، أو ما ينقله الآخرون إليه.
ولا فرق في ذلك بين الصّحفي وبين غيره، فكما لا يجوز للّذين لا يمارسون الصحافة أن يتلصَّصوا على حياة الناس الخاصّة لمجرّد إشباع الفضول الذاتي، كذلك لا يحلّ للصّحفيّين ممارسته لمجرّد إشباع الفضول الصحفي الذي يحاول التعرّف إلى أكبر قدر ممكن من حياة الأفراد الذين يعملون في الحقل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، من أجل تزويد الصحيفة بالمادّة الدسمة من أخبار المجتمع أو السياسة أو الاقتصاد، طمعاً في زيادة عدد القرَّاء التي تتبع كميّة الفضائح الخاصّة والعامّة التي تنقلها هذه الصّحيفة أو تلك.
* من كتاب "مفاهيم عامّة".
ما هي نظرة الإسلام إلى حياة الإنسان الخاصَّة؟ هل هي منطقة مفتوحة للنّاس، أو هي منطقة محرَّمة عليهم؟
والجواب عن ذلك، أنَّ لكلِّ إنسان حرمة مقدَّسة في نظر الإسلام، فليس لأيّ شخص أن يقتحم حياته الخاصّة دون رضاه، أو يعتدي على أسرارها دون إذنه، لأنَّ ذلك هو معنى احترام حريّته وكرامته التي قرَّرها القرآن الكريم، فله أن يمارسها ويحافظ عليها دون أن يملك الآخرون حقّ التدخُّل فيها بضغط، أو في نطاق الشعور العام بالمسؤوليَّة.
ولهذا، حرَّم الإسلام التجسُّس على حياة الآخرين في قوله تعالى في سورة الحجرات: {وَلَا تَجَسَّسُوا}، لأنَّ في التجسُّس اعتداءً على حريّة الإنسان في الاحتفاظ بأسراره الخاصّة، وحمايتها من الآخرين.
وجاء في الحديث الشَّريف النّهي عن محاولة التحقّق والتثبّت من الظّنون التي تتعلَّق بحياة إنسانٍ ما، في أيّ جانبٍ من جوانب حياته: "وَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَأَمْضِهِ، وَإِذَا حَسَدْتَ فَاسْتَغْفِرْ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلاَ تَحَقِّقْ..."، لأنَّ محاولة التأكّد من صحَّة ظنونك وفسادها، تعتبر عدواناً على حياة هذا الإنسان الخاصّة، من دون ضرورة تدعو إلى ذلك، سوى إشباع غريزة الفضول في داخل ذاتك.
وربّما تعتبر بعض أحاديث أئمّة أهل البيت (ع) إحصاء زلّات المؤمن، من أجل تعييره بها بعد ذلك، من أقرب الأمور إلى الكفر، ومن أبعد الأشياء عن الإيمان.
ففي حديث للإمام محمّد الباقر (ع): "إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ، أَنْ يُوَاخِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ، فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ عَثَرَاتِهِ وَزَلاتِهِ لِيُعَنِّفَهُ بِهَا يَوْماً مَا".
وفي حديث الإمام جعفر الصّادق (ع) قال: "أدنى ما يخرج به الرّجل من الإيمان، أن يؤاخي الرّجل الرّجل على دينه، فيحصي عليه عثراته وزلّاته ليعيّره بها يوماً ما".
بل قد نجد في بعض النصوص الدينيّة، ما يحرّم على الإنسان المؤمن التحدُّث عن أسراره الخاصّة التي تهدم كيانه وتهتك حرمته، لأنّه لا يجوز للإنسان أن يهتك حرمة نفسه. كما نجد في نصوص أخرى الإرشاد للمؤمن إلى الاستتار بالمعصية فيما إذا ابتلي بها، لأنَّ الله لا يريد للإنسان أن يفضح نفسه، فقد ورد في الحديث: "إذا ابْتُلِيتُم بالمعاصي فاستتروا".
وعلى ضوء هذا، نستطيع أن نقرِّر حماية الإسلام لحياة الإنسان الخاصّة، فلا يمكن أن نجعل الفضول الشخصيّ مبرّراً لاقتحام أسوار هذه الحياة.
وبهذا التّشريع، يغلق الإسلام باباً كبيراً من أبواب النقد التشهيري الذي يدور في نطاق العيب والتجريح، لأنّه يمنع الإنسان من تغذية المعرفة الشخصيّة بعيوب الناس وأسرارهم التي يتعمَّدون إخفاءَها، ويرفضون السّماح للآخرين بالاطّلاع عليها، ولا يبقى له إلّا ما يطّلع عليه من طريق الصّدفة، أو ما ينقله الآخرون إليه.
ولا فرق في ذلك بين الصّحفي وبين غيره، فكما لا يجوز للّذين لا يمارسون الصحافة أن يتلصَّصوا على حياة الناس الخاصّة لمجرّد إشباع الفضول الذاتي، كذلك لا يحلّ للصّحفيّين ممارسته لمجرّد إشباع الفضول الصحفي الذي يحاول التعرّف إلى أكبر قدر ممكن من حياة الأفراد الذين يعملون في الحقل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، من أجل تزويد الصحيفة بالمادّة الدسمة من أخبار المجتمع أو السياسة أو الاقتصاد، طمعاً في زيادة عدد القرَّاء التي تتبع كميّة الفضائح الخاصّة والعامّة التي تنقلها هذه الصّحيفة أو تلك.
* من كتاب "مفاهيم عامّة".