[ما هو موقفنا من الانحراف العمليّ؟ وماذا لو كان من الصّعب مقاومته؟].
هل تنسحب من الميدان انطلاقاً من طبيعة ارتباط واقع الدّعوة بواقع العمل، فإذا أصبح العمل مستحيلاً، أصبحت قضيّة الدّعوة بلا معنى، أو أننا نبقى في الطّريق نتابع النّداء تلو النداء، والدعوة تلو الدّعوة، وإن لم يجبنا غير الصّدى؟
ربما يرى بعض العاملين لزوم اختيار السؤال الأوّل في طريق الجواب، نظراً إلى أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعتبران من الواجبات التي تقع في طريق العمل، ومن الطّبيعيّ في هذا المجال، أن تفقد الدعوة مبرّراتها إذا فقدت هدفها، ولذلك قال بعض العلماء: إنَّ هذا الواجب يعيش في إطار احتمال التّأثير وإمكانيّة تصحيح الانحراف.
ولكنّنا لا نرى ذلك، بل نعمد إلى اختيار السّؤال الثّاني، من خلال حقيقة أساسيّة، وهي أنّ للحكم الشّرعي مجالين: أحدهما المجال الدّاخلي الّذي يعيش في التشريع في داخل النّفس، يوحي للنفس بالعمل، ويحاكمها في حالات الانحراف، وهو الّذي يمثل الضّمير الديني في حياة المسلم. ثانيهما؛ المجال الخارجي الّذي يمارس فيه الإنسان المسلم تطبيق الشّريعة في حياته الخارجيّة. ولا بدَّ للمسلم ـ من أجل أن يكون منسجماً مع إسلامه ـ من أن يعيش تعاليم الله في كلا الحالين، لتركيز البناء الخارجي للعقيدة على قاعدة ذاتية في نفس الإنسان.
ولهذا، فإنَّ علينا ـ في حالة استحالة تقويم الانحراف ـ في المجال الثّاني، أن لا نغفل المجال الأوّل، فيجب أن نتابع الدَّعوة للاحتفاظ بالاستقامة في خطِّ العقيدة، لتبقى المسؤوليّة حية داخل الذّات كعقيدة تتحكَّم في النفس، لئلا يمارس الإنسان جريمته أو انحرافه وهو مرتاح الضّمير.
وبكلمة أدقّ، إنَّ الانسحاب من الدّعوة عند اليأس من تصحيح الانحراف وتقويمه، سوف يؤدِّي إلى تأكيد الانحراف في حياة الإنسان العقيديّة، في تصوّراته للحياة في المفاهيم التي يؤمن بها، بعيداً من مفاهيم الإسلام الأصيلة، إضافةً إلى الانحراف الخارجي، وسينتهي، بالتالي، إلى انعدام الإحساس بالذّنب عند ممارسة العمل غير الشّرعي، ما يقتضي تحطيم الحواجز النفسيّة التي يريد إقامتها في النّفس، من أجل أن تكون ضمانةً على الانحراف في الفكرة والتصوّر.. وستكون النّهاية أن يصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، فتتغير الصورة وتتبدّل إلى العكس تماماً، كما وعد الرسول في حديثه عن نتيجة الإهمال وانعدام المسؤوليّة في حياة الأمَّة عند امتداد الانحراف.. ومن هنا، نجد أنّ القضيّة لا تدخل في نطاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتخضع لشروطها الفقهيّة، بل تدخل في نطاق التّبليغ، ومحاولة إبقاء العقيدة حيّةً في نفوس المسلمين. [من كتاب "خطوات على طريق الإسلام"، ص 301].
[ما هو موقفنا من الانحراف العمليّ؟ وماذا لو كان من الصّعب مقاومته؟].
هل تنسحب من الميدان انطلاقاً من طبيعة ارتباط واقع الدّعوة بواقع العمل، فإذا أصبح العمل مستحيلاً، أصبحت قضيّة الدّعوة بلا معنى، أو أننا نبقى في الطّريق نتابع النّداء تلو النداء، والدعوة تلو الدّعوة، وإن لم يجبنا غير الصّدى؟
ربما يرى بعض العاملين لزوم اختيار السؤال الأوّل في طريق الجواب، نظراً إلى أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعتبران من الواجبات التي تقع في طريق العمل، ومن الطّبيعيّ في هذا المجال، أن تفقد الدعوة مبرّراتها إذا فقدت هدفها، ولذلك قال بعض العلماء: إنَّ هذا الواجب يعيش في إطار احتمال التّأثير وإمكانيّة تصحيح الانحراف.
ولكنّنا لا نرى ذلك، بل نعمد إلى اختيار السّؤال الثّاني، من خلال حقيقة أساسيّة، وهي أنّ للحكم الشّرعي مجالين: أحدهما المجال الدّاخلي الّذي يعيش في التشريع في داخل النّفس، يوحي للنفس بالعمل، ويحاكمها في حالات الانحراف، وهو الّذي يمثل الضّمير الديني في حياة المسلم. ثانيهما؛ المجال الخارجي الّذي يمارس فيه الإنسان المسلم تطبيق الشّريعة في حياته الخارجيّة. ولا بدَّ للمسلم ـ من أجل أن يكون منسجماً مع إسلامه ـ من أن يعيش تعاليم الله في كلا الحالين، لتركيز البناء الخارجي للعقيدة على قاعدة ذاتية في نفس الإنسان.
ولهذا، فإنَّ علينا ـ في حالة استحالة تقويم الانحراف ـ في المجال الثّاني، أن لا نغفل المجال الأوّل، فيجب أن نتابع الدَّعوة للاحتفاظ بالاستقامة في خطِّ العقيدة، لتبقى المسؤوليّة حية داخل الذّات كعقيدة تتحكَّم في النفس، لئلا يمارس الإنسان جريمته أو انحرافه وهو مرتاح الضّمير.
وبكلمة أدقّ، إنَّ الانسحاب من الدّعوة عند اليأس من تصحيح الانحراف وتقويمه، سوف يؤدِّي إلى تأكيد الانحراف في حياة الإنسان العقيديّة، في تصوّراته للحياة في المفاهيم التي يؤمن بها، بعيداً من مفاهيم الإسلام الأصيلة، إضافةً إلى الانحراف الخارجي، وسينتهي، بالتالي، إلى انعدام الإحساس بالذّنب عند ممارسة العمل غير الشّرعي، ما يقتضي تحطيم الحواجز النفسيّة التي يريد إقامتها في النّفس، من أجل أن تكون ضمانةً على الانحراف في الفكرة والتصوّر.. وستكون النّهاية أن يصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، فتتغير الصورة وتتبدّل إلى العكس تماماً، كما وعد الرسول في حديثه عن نتيجة الإهمال وانعدام المسؤوليّة في حياة الأمَّة عند امتداد الانحراف.. ومن هنا، نجد أنّ القضيّة لا تدخل في نطاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتخضع لشروطها الفقهيّة، بل تدخل في نطاق التّبليغ، ومحاولة إبقاء العقيدة حيّةً في نفوس المسلمين. [من كتاب "خطوات على طريق الإسلام"، ص 301].