كتابات
01/03/2018

المعاد جسماني أو روحانيّ؟!

المعاد جسماني أو روحانيّ؟!

هناك معاد ونشأة آخرة تبعث فيها النّفوس، وقد اختلف العلماء في كيفية هذا المعاد؛ هل هو جسماني أم روحاني محض؟!

نستعرض جملةً من الآراء حول هذه المسألة العقائدية التي أخذت حيّزاً من التداول والنقاش:

هناك من العلماء من يرى المعاد الجسماني بنصّ القرآن الكريم. المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) يقول: "الثابت بالأدلة الصحيحة كون المعاد جسمانياً، أي أنه يوم القيامة يبعث الله الإنسان بجسده وروحه، ليحاسب إمّا إلى نعيم أو إلى جحيم.

فالمعاد جسماني، ويعود الجسد بإذن الله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}، {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}، فإنّ الله تعالى يكوّن من جديد الجسد كما أنشأه أوّل مرة".(استفتاءات عقيديّة).

 وهذا الشيخ محمد رضا المظفّر يقول أيضاً بأنّ المعاد الجسماني ضرورة من ضرورات الدين:

"نعتقد أن الله تعالى يبعث الناس بعد الموت في خلق جديد في اليوم الموعود به عباده، فيثيب المطيعين، ويعذب العاصين، وهذا أمر على جملته وما عليه من البساطة في العقيدة، اتّفقت عليه الشرائع السماوية والفلاسفة، ولا محيص للمسلم من الاعتراف به عقيدة قرآنية جاء بها نبيّنا الأكرم(ص)، فإن من يعتقد بالله اعتقادا قاطعاً، ويعتقد كذلك بمحمد رسولاً منه أرسله بالهدى ودين الحقّ، لا بدّ من أن يؤمن بما أخبر به القرآن الكريم من البعث والثّواب والعقاب والجنة والنعيم والنار والجحيم، وقد صرّح القرآن بذلك، ولمح إليه بما يقرب من ألف آية كريمة. وإذا تطرّق الشكّ في ذلك إلى شخص، فليس إلّا لشكّ يخالجه في صاحب الرّسالة، أو وجود خالق الكائنات أو قدرته، بل ليس إلا لشكّ يعتريه في أصل الأديان كلّها، وفي صحة الشرائع جميعها .

  وبعد هذا، فالمعاد الجسماني بالخصوص ضرورة من ضروريات الدين الإسلامي، دل صريح القرآن الكريم عليها {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ* بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ}[القيامة: 3- 4].

{وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}[الرّعد: 5].

{أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}[ق: 15]).

وما المعاد الجسمانيّ على إجماله، إلّا إعادة الإنسان في يوم البعث والنشور ببدنه بعد الخراب، وإرجاعه إلى هيئته الأولى بعد أن يصبح رميماً.

ولا يجب الاعتقاد في تفصيلات المعاد الجسمانيّ أكثر من هذه العقيدة على بساطتها الّتي نادى بها القرآن، وأكثر مما يتبعها من الحساب والصّراط والميزان والجنّة والنّار والثّواب والعقاب بمقدار ما جاءت به التفصيلات القرآنيّة...[عقائد الإماميّة، الشيخ محمد رضا المظفّر، ص 126-127].

وقال العلامة الحلّي: "اتفق المسلمون على إعادة الأجسام خلافاً للفلاسفة"[الحلّي، شرحالياقوت، ص 191].

أما المحقق الدواني فقال: "المعاد الجسماني هو المتبادر من إطلاق أهل الشّرع؛ إذ هو الّذي يجب الاعتقاد به، ويكفر مَن أنكره، وهو حقّ، لشهادة نصوص القرآن في مواضع متعدّدة، بحيث لا تقبل التّأويل، كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَالإِنسَانُ... } إلى قوله: {بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}. قال المفسّرون: "نزلت هذه الآية في أبيّ بن كعب، فإنّه خاصم رسول الله، وأتاه بعظم قد رمّ وبلي، ففتّه بيده وقال: يا محمّد، أترى الله يحيي هذه بعدما رمّت؟ قال: نعم، ويبعثك ويدخلك النار". وهذا ممّا يقلع عرق التأويل بالكلية، ولذلك قال الإمام (الرازي): إنّه لا يمكن الجمع بين الإيمان بما جاء به النبيّ وإنكار الحشر الجسماني". [شرح العقائد العضدية، ج 2، ص 247].

وفي الرواية عن الأئمّة ما يشير إلى البعث الجسماني، فقد سأل زنديقٌ الإمامَ الصّادق(ع) مستنكراً البعث، فقال(ع): "إنَّ الروح مقيمة في مكانها، روح المحسن في ضياء وفُسحة، وروح المسيء في ضيق وظلمة، والبدن يصير تراباً كما منه خلق، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزّقته، كلّ ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض، ويعلم عدد الأشياء ووزنها... فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النّشور، فتربو الأرض، ثمّ تُمخَضوا مخض السقاء، فيصير تراب البشر كمصير الذّهب من التراب إذا غُسِل بالماء، والزبد من اللّبن إذا مُخِض، فيجتمع تراب كلّ قالب إلى قالبه، فينتقل بإذن الله القادر إلى حيث الروح، فتعود الصّور بإذن المصوّر كهيئتها، وتلج الرّوح فيها، فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئاً".[الفردوس الأعلى، الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، ص 760].

بغض النظر عن كيفيّة المعاد، ما على الإنسان المؤمن سوى الإعداد للنّشأة الآخرة، بالعمل الصّالح، والإيمان المتجذّر في النفس، وبالأخلاق والمشاعر الطيّبة التي تسمو به في الأولى والآخرة.

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها. 

هناك معاد ونشأة آخرة تبعث فيها النّفوس، وقد اختلف العلماء في كيفية هذا المعاد؛ هل هو جسماني أم روحاني محض؟!

نستعرض جملةً من الآراء حول هذه المسألة العقائدية التي أخذت حيّزاً من التداول والنقاش:

هناك من العلماء من يرى المعاد الجسماني بنصّ القرآن الكريم. المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) يقول: "الثابت بالأدلة الصحيحة كون المعاد جسمانياً، أي أنه يوم القيامة يبعث الله الإنسان بجسده وروحه، ليحاسب إمّا إلى نعيم أو إلى جحيم.

فالمعاد جسماني، ويعود الجسد بإذن الله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}، {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}، فإنّ الله تعالى يكوّن من جديد الجسد كما أنشأه أوّل مرة".(استفتاءات عقيديّة).

 وهذا الشيخ محمد رضا المظفّر يقول أيضاً بأنّ المعاد الجسماني ضرورة من ضرورات الدين:

"نعتقد أن الله تعالى يبعث الناس بعد الموت في خلق جديد في اليوم الموعود به عباده، فيثيب المطيعين، ويعذب العاصين، وهذا أمر على جملته وما عليه من البساطة في العقيدة، اتّفقت عليه الشرائع السماوية والفلاسفة، ولا محيص للمسلم من الاعتراف به عقيدة قرآنية جاء بها نبيّنا الأكرم(ص)، فإن من يعتقد بالله اعتقادا قاطعاً، ويعتقد كذلك بمحمد رسولاً منه أرسله بالهدى ودين الحقّ، لا بدّ من أن يؤمن بما أخبر به القرآن الكريم من البعث والثّواب والعقاب والجنة والنعيم والنار والجحيم، وقد صرّح القرآن بذلك، ولمح إليه بما يقرب من ألف آية كريمة. وإذا تطرّق الشكّ في ذلك إلى شخص، فليس إلّا لشكّ يخالجه في صاحب الرّسالة، أو وجود خالق الكائنات أو قدرته، بل ليس إلا لشكّ يعتريه في أصل الأديان كلّها، وفي صحة الشرائع جميعها .

  وبعد هذا، فالمعاد الجسماني بالخصوص ضرورة من ضروريات الدين الإسلامي، دل صريح القرآن الكريم عليها {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ* بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ}[القيامة: 3- 4].

{وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}[الرّعد: 5].

{أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}[ق: 15]).

وما المعاد الجسمانيّ على إجماله، إلّا إعادة الإنسان في يوم البعث والنشور ببدنه بعد الخراب، وإرجاعه إلى هيئته الأولى بعد أن يصبح رميماً.

ولا يجب الاعتقاد في تفصيلات المعاد الجسمانيّ أكثر من هذه العقيدة على بساطتها الّتي نادى بها القرآن، وأكثر مما يتبعها من الحساب والصّراط والميزان والجنّة والنّار والثّواب والعقاب بمقدار ما جاءت به التفصيلات القرآنيّة...[عقائد الإماميّة، الشيخ محمد رضا المظفّر، ص 126-127].

وقال العلامة الحلّي: "اتفق المسلمون على إعادة الأجسام خلافاً للفلاسفة"[الحلّي، شرحالياقوت، ص 191].

أما المحقق الدواني فقال: "المعاد الجسماني هو المتبادر من إطلاق أهل الشّرع؛ إذ هو الّذي يجب الاعتقاد به، ويكفر مَن أنكره، وهو حقّ، لشهادة نصوص القرآن في مواضع متعدّدة، بحيث لا تقبل التّأويل، كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَالإِنسَانُ... } إلى قوله: {بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}. قال المفسّرون: "نزلت هذه الآية في أبيّ بن كعب، فإنّه خاصم رسول الله، وأتاه بعظم قد رمّ وبلي، ففتّه بيده وقال: يا محمّد، أترى الله يحيي هذه بعدما رمّت؟ قال: نعم، ويبعثك ويدخلك النار". وهذا ممّا يقلع عرق التأويل بالكلية، ولذلك قال الإمام (الرازي): إنّه لا يمكن الجمع بين الإيمان بما جاء به النبيّ وإنكار الحشر الجسماني". [شرح العقائد العضدية، ج 2، ص 247].

وفي الرواية عن الأئمّة ما يشير إلى البعث الجسماني، فقد سأل زنديقٌ الإمامَ الصّادق(ع) مستنكراً البعث، فقال(ع): "إنَّ الروح مقيمة في مكانها، روح المحسن في ضياء وفُسحة، وروح المسيء في ضيق وظلمة، والبدن يصير تراباً كما منه خلق، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزّقته، كلّ ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض، ويعلم عدد الأشياء ووزنها... فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النّشور، فتربو الأرض، ثمّ تُمخَضوا مخض السقاء، فيصير تراب البشر كمصير الذّهب من التراب إذا غُسِل بالماء، والزبد من اللّبن إذا مُخِض، فيجتمع تراب كلّ قالب إلى قالبه، فينتقل بإذن الله القادر إلى حيث الروح، فتعود الصّور بإذن المصوّر كهيئتها، وتلج الرّوح فيها، فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئاً".[الفردوس الأعلى، الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، ص 760].

بغض النظر عن كيفيّة المعاد، ما على الإنسان المؤمن سوى الإعداد للنّشأة الآخرة، بالعمل الصّالح، والإيمان المتجذّر في النفس، وبالأخلاق والمشاعر الطيّبة التي تسمو به في الأولى والآخرة.

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها. 

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية