كتابات
12/08/2018

الصفا والمروة من شعائر الله

الصفا والمروة من شعائر الله

بسم الله الرحمن الرحيم: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ}[البقرة: 158].

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ}، وهما الجبلان الصغيران الواقعان في الضلع الشرقي للمسجد الحرام في الجهة التي يقع فيها الحجر الأسود ومقام إبراهيم {مِن شَعَآئِرِ الله} التي أراد الله للمؤمنين أن يتعبدوا فيها، فجعلها من مواضع نسكه وطاعته، ومن أعلام متعبداته التي يعيش فيها المؤمنون الأجواء التي تنفتح بهم على الله في مواسم عبادته.

{فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ} قاصداً أداء الفريضة الشرعية ذات المناسك المخصوصة، {أَوِ اعْتَمَرَ}، أي أتى بالعمرة بالطريقة المعروفة في الشرع، {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَ} بأن يأتي إلى الصفا تارةً، وإلى المروة أخرى، في عملية دوران بينهما، فلا إثم عليه في ذلك من خلال وجود الصّنمين عليهما، في عهد نزول الآية ـ كما يقال ـ مما تركه المشركون هناك ولم يرفعوه عن المكان، أو في أيّ زمان آخر من خلال التاريخ الوثني في عبادة الأصنام المنصوبة عليهما، لأنَّ المسألة هي إطاعة الله في الطواف بهما تقرّباً إليه في مناسك الحجّ والعمرة التي جعلت السعي شرطاً فيهما، تماماً كما كان المسلمون يطوفون بالبيت الحرام مع وجود الأصنام عليه، من دون أن يترك ذلك تأثيراً على طبيعة العبادة وروحيّتها، لتقوّمها بالقصد إلى امتثال الأمر الإلهي في الطواف، أو السعي بعيداً من كلّ الأشياء الوثنيّة الطارئة عليه، ومن الانحرافات العبادية من الوثنيّين، فليس لما أحدثه النّاس في أماكن العبادة أيّ أثر سلبي في طبيعة المكان وفي العبادة.

{وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرً}، أي جاء بالعمل من خلال اختياره الامتثال للأمر الإلهيّ ـ واجباً أو مستحباً ـ كتعبيرٍ عن روحيّة الانقياد إلى الله في فعل الخيرات التي يحبّها الله، والقيام بالطاعات التي أمر بها. وربما حمل البعض كلمة التطوّع على العمل الذي يؤدّيه الإنسان تبرعاً من دون إلزام إلهي، وذلك في فعل النّافلة ـ بعد أداء الواجب أو في غياب وجوبه ـ ولكنَّه غير ظاهر، لأنَّ الآية، كما بيّنّا قبلاً، ليست في مجال الحديث عن الواجب والمستحب، بل في مجال الحديث عن الطبيعة العبادية للسعي الذي لا إثم على فعله، من خلال ما أحدثه المشركون من وضع الأصنام على موقعه وعبادتهم لها فيه، وأنَّ الآتي به مستحقّ للثّواب، لما يعبّر عنه ذلك من معنى العبودية لله التي هي محلّ الشّكر الإلهي لعباده، {فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، فهو الذي يشكر لعباده انقيادهم له من دون حاجة إليه، ويجزيهم على ذلك أحسن الجزاء، وذلك هو التّعبير الحيّ عن الشّكر الذي هو مقابلة من أحسن إليه بإظهاره قولاً وعملاً، وهو الّذي يعلم ما في نفوسهم من الإخلاص له.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 3.

بسم الله الرحمن الرحيم: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ}[البقرة: 158].

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ}، وهما الجبلان الصغيران الواقعان في الضلع الشرقي للمسجد الحرام في الجهة التي يقع فيها الحجر الأسود ومقام إبراهيم {مِن شَعَآئِرِ الله} التي أراد الله للمؤمنين أن يتعبدوا فيها، فجعلها من مواضع نسكه وطاعته، ومن أعلام متعبداته التي يعيش فيها المؤمنون الأجواء التي تنفتح بهم على الله في مواسم عبادته.

{فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ} قاصداً أداء الفريضة الشرعية ذات المناسك المخصوصة، {أَوِ اعْتَمَرَ}، أي أتى بالعمرة بالطريقة المعروفة في الشرع، {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَ} بأن يأتي إلى الصفا تارةً، وإلى المروة أخرى، في عملية دوران بينهما، فلا إثم عليه في ذلك من خلال وجود الصّنمين عليهما، في عهد نزول الآية ـ كما يقال ـ مما تركه المشركون هناك ولم يرفعوه عن المكان، أو في أيّ زمان آخر من خلال التاريخ الوثني في عبادة الأصنام المنصوبة عليهما، لأنَّ المسألة هي إطاعة الله في الطواف بهما تقرّباً إليه في مناسك الحجّ والعمرة التي جعلت السعي شرطاً فيهما، تماماً كما كان المسلمون يطوفون بالبيت الحرام مع وجود الأصنام عليه، من دون أن يترك ذلك تأثيراً على طبيعة العبادة وروحيّتها، لتقوّمها بالقصد إلى امتثال الأمر الإلهي في الطواف، أو السعي بعيداً من كلّ الأشياء الوثنيّة الطارئة عليه، ومن الانحرافات العبادية من الوثنيّين، فليس لما أحدثه النّاس في أماكن العبادة أيّ أثر سلبي في طبيعة المكان وفي العبادة.

{وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرً}، أي جاء بالعمل من خلال اختياره الامتثال للأمر الإلهيّ ـ واجباً أو مستحباً ـ كتعبيرٍ عن روحيّة الانقياد إلى الله في فعل الخيرات التي يحبّها الله، والقيام بالطاعات التي أمر بها. وربما حمل البعض كلمة التطوّع على العمل الذي يؤدّيه الإنسان تبرعاً من دون إلزام إلهي، وذلك في فعل النّافلة ـ بعد أداء الواجب أو في غياب وجوبه ـ ولكنَّه غير ظاهر، لأنَّ الآية، كما بيّنّا قبلاً، ليست في مجال الحديث عن الواجب والمستحب، بل في مجال الحديث عن الطبيعة العبادية للسعي الذي لا إثم على فعله، من خلال ما أحدثه المشركون من وضع الأصنام على موقعه وعبادتهم لها فيه، وأنَّ الآتي به مستحقّ للثّواب، لما يعبّر عنه ذلك من معنى العبودية لله التي هي محلّ الشّكر الإلهي لعباده، {فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، فهو الذي يشكر لعباده انقيادهم له من دون حاجة إليه، ويجزيهم على ذلك أحسن الجزاء، وذلك هو التّعبير الحيّ عن الشّكر الذي هو مقابلة من أحسن إليه بإظهاره قولاً وعملاً، وهو الّذي يعلم ما في نفوسهم من الإخلاص له.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 3.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية