هناك مشكلة يواجهها الواقع الإسلامي، وهي مشكلة الجفاف الروحي الّذي يعاني منه
المسلمون في كثير من بلدانهم، وذلك من خلال استغراقهم في الحياة المادية واهتمامهم
بالأجواء السياسية، بعيداً من الأجواء الروحية التي تمثّل الأساس الحيوي للقوّة
والثبات والإخلاص؛ فقد ابتعد الوعظ الإسلامي في كثير من مواقعه عن هذا الاتجاه، ما
جعل الالتزام الإسلامي يتحرّك بطريقةٍ تقليدية جامدة.
إنَّنا نتصوّر أنَّ العنصر الروحي في الشخصية الإسلامية، هو العمق الإنساني الإلهي
الذي يمنح الإنسان قوّة العلاقة بالله والانفتاح عليه، بحيث لا يرى شيئاً إلا ويرى
الله في داخله، ولا يعمل عملاً إلاّ ويجد الله أمامه؛ ما يجعل علاقته بالنّاس
منطلقة من علاقته بالله، وتتحرك علاقته بالأشياء من خلال صلتها ـ في حركته فيها ـ
بالله، فهذا هو الذي يحميه من الانحراف، ويصونه من الزلل، ويبقيه في خطّ الاستقامة،
ويجعله ينفتح على النّاس على أساس الإخلاص الذي يعيش معه الصدق الداخلي والخارجي،
فلا يخونهم ولا يخدعهم ولا يغشهم ولا يتبع معهم سياسة الحيلة والمكر واللف والدوران.
إنَّنا قد نجد الكثير من النماذج المليئة بالطاقة الروحية في المجاهدين في سبيل
الله، ولكنَّنا نخاف عليهم وعلى غيرهم من الإسلاميين من هذا الانحراف الروحي الذي
قد ينطلق من ارتباك المفاهيم التي تتوزع التصورات بين الخرافة والحقيقة، ومن
الاستغراق في الأجواء المادية الذاتية التي قد تجعل الحركة الإسلامية خاضعة للأجواء
التقليدية التنظيمية، الأمر الذي قد يؤدّي إلى الفصل بين الأخلاق الإسلامية
والروحانيات العبادية، فيعيش الإنسان الاضطراب بين الجوّ الروحاني العباديّ
والأخلاق الذاتية المعقدة.
إنَّنا ندعو إلى معالجة هذه السلبية الروحية بالتوفر على الوعظ الأخلاقي والروحاني،
الذي لا بُدَّ للواعظ من أن يتمثّله في نفسه، ولا بُدَّ له من أن يبقيه في ثقافته
وأن يتابعه في أساليبه، وأن يدقق في مفرداته للفصل بين الخرافة والحقيقة؛ فليس معنى
الإيمان بالغيب أن نتقبل أيّ شيء حتى لو لم يكن مصدره موثوقاً، بل معناه أن ننفتح
على الله في غيبه الذي أعطى بعضاً منه إلى أوليائه وأنزل بعضاً آخر منه في قرآنه.
ويبقى القرآن ـ في حركة المفاهيم الإسلامية الروحية والإعلامية والاجتماعية ـ
الكتاب الذي يمثّل الحقيقة المطلقة، فهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه، وهو الذي لا بُدَّ من أن نتمثّله كفرقان بين الحقّ والباطل، ونفهمه بالوسائل
العلمية الفنية التي تجعل الوعي للنص مرتكزاً على قاعدة ثابتة.
وتبقى للإسلام قضاياه المتنوّعة في الفكر والحركة والمنهج، وفي تحدّيات الواقع، وفي
آفاقه الواسعة، ومواقعه الممتدّة، وإنسانه المتحرّك أبداً في الطريق إلى تأكيد
الإسلام في شخصيته، وتأكيد الشخصية بالإسلام، ويبقى للعاملين في حقل الدعوة
والثقافة والحركة الكثير ممّا يبحثون ويفكرون ويستنتجون في نطاق الفكر الإسلامي
الأصيل.
*من كتاب "قضايانا على ضوء الإسلام".
هناك مشكلة يواجهها الواقع الإسلامي، وهي مشكلة الجفاف الروحي الّذي يعاني منه
المسلمون في كثير من بلدانهم، وذلك من خلال استغراقهم في الحياة المادية واهتمامهم
بالأجواء السياسية، بعيداً من الأجواء الروحية التي تمثّل الأساس الحيوي للقوّة
والثبات والإخلاص؛ فقد ابتعد الوعظ الإسلامي في كثير من مواقعه عن هذا الاتجاه، ما
جعل الالتزام الإسلامي يتحرّك بطريقةٍ تقليدية جامدة.
إنَّنا نتصوّر أنَّ العنصر الروحي في الشخصية الإسلامية، هو العمق الإنساني الإلهي
الذي يمنح الإنسان قوّة العلاقة بالله والانفتاح عليه، بحيث لا يرى شيئاً إلا ويرى
الله في داخله، ولا يعمل عملاً إلاّ ويجد الله أمامه؛ ما يجعل علاقته بالنّاس
منطلقة من علاقته بالله، وتتحرك علاقته بالأشياء من خلال صلتها ـ في حركته فيها ـ
بالله، فهذا هو الذي يحميه من الانحراف، ويصونه من الزلل، ويبقيه في خطّ الاستقامة،
ويجعله ينفتح على النّاس على أساس الإخلاص الذي يعيش معه الصدق الداخلي والخارجي،
فلا يخونهم ولا يخدعهم ولا يغشهم ولا يتبع معهم سياسة الحيلة والمكر واللف والدوران.
إنَّنا قد نجد الكثير من النماذج المليئة بالطاقة الروحية في المجاهدين في سبيل
الله، ولكنَّنا نخاف عليهم وعلى غيرهم من الإسلاميين من هذا الانحراف الروحي الذي
قد ينطلق من ارتباك المفاهيم التي تتوزع التصورات بين الخرافة والحقيقة، ومن
الاستغراق في الأجواء المادية الذاتية التي قد تجعل الحركة الإسلامية خاضعة للأجواء
التقليدية التنظيمية، الأمر الذي قد يؤدّي إلى الفصل بين الأخلاق الإسلامية
والروحانيات العبادية، فيعيش الإنسان الاضطراب بين الجوّ الروحاني العباديّ
والأخلاق الذاتية المعقدة.
إنَّنا ندعو إلى معالجة هذه السلبية الروحية بالتوفر على الوعظ الأخلاقي والروحاني،
الذي لا بُدَّ للواعظ من أن يتمثّله في نفسه، ولا بُدَّ له من أن يبقيه في ثقافته
وأن يتابعه في أساليبه، وأن يدقق في مفرداته للفصل بين الخرافة والحقيقة؛ فليس معنى
الإيمان بالغيب أن نتقبل أيّ شيء حتى لو لم يكن مصدره موثوقاً، بل معناه أن ننفتح
على الله في غيبه الذي أعطى بعضاً منه إلى أوليائه وأنزل بعضاً آخر منه في قرآنه.
ويبقى القرآن ـ في حركة المفاهيم الإسلامية الروحية والإعلامية والاجتماعية ـ
الكتاب الذي يمثّل الحقيقة المطلقة، فهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه، وهو الذي لا بُدَّ من أن نتمثّله كفرقان بين الحقّ والباطل، ونفهمه بالوسائل
العلمية الفنية التي تجعل الوعي للنص مرتكزاً على قاعدة ثابتة.
وتبقى للإسلام قضاياه المتنوّعة في الفكر والحركة والمنهج، وفي تحدّيات الواقع، وفي
آفاقه الواسعة، ومواقعه الممتدّة، وإنسانه المتحرّك أبداً في الطريق إلى تأكيد
الإسلام في شخصيته، وتأكيد الشخصية بالإسلام، ويبقى للعاملين في حقل الدعوة
والثقافة والحركة الكثير ممّا يبحثون ويفكرون ويستنتجون في نطاق الفكر الإسلامي
الأصيل.
*من كتاب "قضايانا على ضوء الإسلام".