ولعلّنا نحتاج أن نأخذ من سورة يوسف هذا الجوّ التربوي بالنسبة إلى ما يماثل هذه
القضية من تأثير الحسد في إثارة الجوّ العدواني في نفس الحاسد تجاه المحسود. فنحن
نلاحظ أن إخوة يوسف عندما عاشوا هذه العقدة تجاه يوسف وأخيه، وخططوا لقتله أو
تضييعه بشكل وبآخر، فإنّ النتائج الأخيرة التي انفتحت عليها هذه القضيّة، من رعاية
يوسف لهم، وتقريبهم واحتضانه لهم، بكلّ السموّ الروحيّ الذي كان يعيشه يوسف(ع)،
عندما جمع الله له أبويه وأخوته بعد غياب طويل، وتعقيد شديد، فإنّ إخوة يوسف
اكتشفوا أنّ هذا الإنسان يحمل الأفق الواسع في نظرته إلى الأشياء، ولا يتعقّد بعد
أن وصل إلى هذا الموقع الكبير، فلم يحاول أن يسيء إليهم وأن يردّ عدوانهم لنفسه وما
إلى ذلك، بل قرَّبهم إليه، انطلاقاً من الروح الرسالية التي كان يحملها، ودعا الله
سبحانه وتعالى أن يجمعه وأخوته على أفضل حال.
إنَّ على الناس الذين يحاولون أن يحسدوا الأشخاص الطيّبين والفاعلين والعاملين،
سواء كانوا من أقربائهم، أو من غير أقربائهم، أن يفكّروا في أنهم يستطيعون أن
يحقّقوا ما يريدونه من نتائج إيجابية لحساب ذاتياتهم من خلال روحيّة هذا الإنسان في
البداية، من دون حاجة إلى أن يلجأوا إلى الأساليب العدوانيّة بشكل وبآخر، فنحن
نلاحظ أن إخوة يوسف لو انفتحوا على يوسف وأخيه، ودخلوا الحوار فيما بينهم، لاكتشفوا
هذا العنصر الروحي الذي يملك غنى كبيراً في شخصيّة يوسف، بحيث كان ذلك كفيلاً بأن
يطرد الكثير من السلبيات الذاتيّة التي كانوا يعيشونها من خلال إيثار يعقوب يوسف
وأخاه عليهم. وهذا ما يجب أن يفهمه كل المؤمنين، بأن الحسد لن يحقّق لهم نتائج
عملية بالنسبة إلى ما يتمنونه من تعقيد حياة المحسود، ولا سيّما إذا استيقظ فيهم
إيمانهم، وعرفوا أنّ الله سبحانه وتعالى هو من وراء الأمر كلّه، فالله هو الذي
يغيّر ما في الناس، وهو الذي يقلّب القلوب، وهو الذي يقلّب الأمور، ولذلك فإنّ
حسدهم لا يمكن أن يؤثّر في المحسود بشكل سلبي، كما أنّ عدوانهم الذي يتحركون به ضدّ
المحسود، لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة ما لم يرد الله ذلك، لأنّ كلّ شيء لا يتم إلاّ
بإذن الله وبإرادته، ولو بشكل غير مباشر.
عندما يفكّرون في ذلك، ويفكّرون في أن الله سبحانه وتعالى يمكن أن يعطيهم مثلما
يعطي المحسود، من دون أن يزيل نعمة المحسود عنه، باعتبار أنّ ملك الله يتسع لهم وله،
وأن خزائنه لا تنفد، وهذا ما يسمى بـ«الغبطة»، بأن يتمنى الإنسان على ربّه أن يعطيه
مثلما أعطى هذا الشخص أو أكثر منه.
ولذلك، فإنّني أتصوّر أن هذه القصة تصلح لأن تكون نموذجاً حياً، عندما ندرس الفارق
بين البداية والنهاية، وعندما ندرس ردّ الفعل في حياة يوسف تجاه أخوته، وعندما ندرس
كيف هيَّأ الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان الضّعيف، وهو يوسف، الذي ارتهن وتعرَّض
للموت.. كيف هيَّأ له الأمور حتى أصبح الحاكم في مصر. وهذا ما عبَّر عنه يوسف بقوله:
{رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ
الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا
وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]،
في إحساس بفضل الله عليه في ذلك كلّه. وبذلك، يمكن أن يفكّر الحاسد عندما يخطط
للإيقاع بالمحسود، أن الله سبحانه وتعالى سوف يرفع درجة المحسود بالمستوى الذي قد
يتمنى الحاسد لو كان المحسود باقياً على حالته، حتى لا يعيش الحاسد الانفعالات
المتصاعدة من خلال هذا الشأن الكبير الذي وصل إليه المحسود.
إن على العاملين في سبيل الله، سواء كانوا من العلماء، أو من المؤمنين الّذين قد
يعيشون هذه الأخلاقية السلبية، أن ينفتحوا على حركة الإيمان بالله في حياتهم،
ليعرفوا أنّ "الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب".
*من كتاب "دنيا الشباب".
ولعلّنا نحتاج أن نأخذ من سورة يوسف هذا الجوّ التربوي بالنسبة إلى ما يماثل هذه
القضية من تأثير الحسد في إثارة الجوّ العدواني في نفس الحاسد تجاه المحسود. فنحن
نلاحظ أن إخوة يوسف عندما عاشوا هذه العقدة تجاه يوسف وأخيه، وخططوا لقتله أو
تضييعه بشكل وبآخر، فإنّ النتائج الأخيرة التي انفتحت عليها هذه القضيّة، من رعاية
يوسف لهم، وتقريبهم واحتضانه لهم، بكلّ السموّ الروحيّ الذي كان يعيشه يوسف(ع)،
عندما جمع الله له أبويه وأخوته بعد غياب طويل، وتعقيد شديد، فإنّ إخوة يوسف
اكتشفوا أنّ هذا الإنسان يحمل الأفق الواسع في نظرته إلى الأشياء، ولا يتعقّد بعد
أن وصل إلى هذا الموقع الكبير، فلم يحاول أن يسيء إليهم وأن يردّ عدوانهم لنفسه وما
إلى ذلك، بل قرَّبهم إليه، انطلاقاً من الروح الرسالية التي كان يحملها، ودعا الله
سبحانه وتعالى أن يجمعه وأخوته على أفضل حال.
إنَّ على الناس الذين يحاولون أن يحسدوا الأشخاص الطيّبين والفاعلين والعاملين،
سواء كانوا من أقربائهم، أو من غير أقربائهم، أن يفكّروا في أنهم يستطيعون أن
يحقّقوا ما يريدونه من نتائج إيجابية لحساب ذاتياتهم من خلال روحيّة هذا الإنسان في
البداية، من دون حاجة إلى أن يلجأوا إلى الأساليب العدوانيّة بشكل وبآخر، فنحن
نلاحظ أن إخوة يوسف لو انفتحوا على يوسف وأخيه، ودخلوا الحوار فيما بينهم، لاكتشفوا
هذا العنصر الروحي الذي يملك غنى كبيراً في شخصيّة يوسف، بحيث كان ذلك كفيلاً بأن
يطرد الكثير من السلبيات الذاتيّة التي كانوا يعيشونها من خلال إيثار يعقوب يوسف
وأخاه عليهم. وهذا ما يجب أن يفهمه كل المؤمنين، بأن الحسد لن يحقّق لهم نتائج
عملية بالنسبة إلى ما يتمنونه من تعقيد حياة المحسود، ولا سيّما إذا استيقظ فيهم
إيمانهم، وعرفوا أنّ الله سبحانه وتعالى هو من وراء الأمر كلّه، فالله هو الذي
يغيّر ما في الناس، وهو الذي يقلّب القلوب، وهو الذي يقلّب الأمور، ولذلك فإنّ
حسدهم لا يمكن أن يؤثّر في المحسود بشكل سلبي، كما أنّ عدوانهم الذي يتحركون به ضدّ
المحسود، لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة ما لم يرد الله ذلك، لأنّ كلّ شيء لا يتم إلاّ
بإذن الله وبإرادته، ولو بشكل غير مباشر.
عندما يفكّرون في ذلك، ويفكّرون في أن الله سبحانه وتعالى يمكن أن يعطيهم مثلما
يعطي المحسود، من دون أن يزيل نعمة المحسود عنه، باعتبار أنّ ملك الله يتسع لهم وله،
وأن خزائنه لا تنفد، وهذا ما يسمى بـ«الغبطة»، بأن يتمنى الإنسان على ربّه أن يعطيه
مثلما أعطى هذا الشخص أو أكثر منه.
ولذلك، فإنّني أتصوّر أن هذه القصة تصلح لأن تكون نموذجاً حياً، عندما ندرس الفارق
بين البداية والنهاية، وعندما ندرس ردّ الفعل في حياة يوسف تجاه أخوته، وعندما ندرس
كيف هيَّأ الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان الضّعيف، وهو يوسف، الذي ارتهن وتعرَّض
للموت.. كيف هيَّأ له الأمور حتى أصبح الحاكم في مصر. وهذا ما عبَّر عنه يوسف بقوله:
{رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ
الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا
وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]،
في إحساس بفضل الله عليه في ذلك كلّه. وبذلك، يمكن أن يفكّر الحاسد عندما يخطط
للإيقاع بالمحسود، أن الله سبحانه وتعالى سوف يرفع درجة المحسود بالمستوى الذي قد
يتمنى الحاسد لو كان المحسود باقياً على حالته، حتى لا يعيش الحاسد الانفعالات
المتصاعدة من خلال هذا الشأن الكبير الذي وصل إليه المحسود.
إن على العاملين في سبيل الله، سواء كانوا من العلماء، أو من المؤمنين الّذين قد
يعيشون هذه الأخلاقية السلبية، أن ينفتحوا على حركة الإيمان بالله في حياتهم،
ليعرفوا أنّ "الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب".
*من كتاب "دنيا الشباب".