كتابات
30/10/2018

معنى الحريّة وحدودها

معنى الحريّة وحدودها

وللنَّظرة الإسلاميَّة إجاباتها حول ما يتعلّق بهذا الموضوع وما يتفرَّع عنه من كلام. فالحريّة حقّ طبيعيّ لا بدَّ من توجيهه وفق مقتضيات الحقّ ومستلزماته، فلا معنى لحريّةٍ تؤدّي إلى إبطال الحقّ وتأكيد الباطل، فالحريّة هي قوّة تعين الفرد والجماعة على إدارة شؤونهم بما يرتفع بنفوسهم ويجعلها تبدع وتنتج وتنفع في الميادين كافّة.

الحرية تأخذ حيّزها الطبيعي عندما تظهر حسن اختيار العبد لموقفه، وحسن اختيار طريقة معاشه وحياته، وحسن اختيار الفكر الذي يزكو به ويسمو ويفتح آفاقه الواسعة على الوجود كلّه.

يجيب العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) عن سؤالٍ حول حريّة الرأي، فيتعرَّض بدايةً لمعنى أن يكون الإنسان حراً، ثم ينتقل ليوضح حدود هذه الحريَّة، مشيراً إلى أهمية الحكمة والتسلّح بها في أيّة عمليّة حواريّة وتفاعليّة، داعياً إلى استلهام طريقة أهل البيت ومنهجهم في الحياة. قال:

"لقد ورد "لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً"، فالإنسان حرٌّ في فكره ورأيه وتعبيره عن ذلك أمام كلّ الناس، وحرٌّ في تصرفاته وحياته أمام كل الناس، ولكنه عبد لله تعالى، لا يملك شيئاً إلا العبودية أمام الله، ويملك الحريّة أمام الناس، وحتى إن ولاية الأنبياء والأولياء على الناس هي من خلال جعل الله تعالى لهم ذلك، لأنهم عباده الذين اصطفاهم لإنذار الخلق وتبشيرهم وقيادتهم في الحياة. وعلى هذا الأساس، الحرية هي أن تفكر وتعبّر عن رأيك، ولكن ليس من الحرية أن تأخذ بالفكر المنحرف الضالّ وأن تسلك مسلكه، وإن كان الإنسان مختاراً في ذلك، ولكنّ الله تعالى أراد له أن يختار الحقّ ويسلك سبيله.

وعلى صعيد المجتمع، تقف حرّيتك حيث تبدأ حقوق الآخرين، فليس لك أن تعتدي على آخر في نفسه ومتعلّقاته، وإلا كان ذلك ظلماً لا حريّة، والرأي الذي يريد الإنسان أن يطلقه، إن كان يعتقد بصوابيّته، ولكن يعتقد الآخرون ببطلانه، فمن الحكمة أن يدرس الإنسان ظروف إطلاقه، لكي يحقق الغاية من ذلك لا عكسها، فهناك الأسلوب الذي يحاور به الإنسان فكر الآخر ليصل إلى النتيجة بالحوار الهادف، وليس من الحريّة أن تعتدي على مقدَّسات الآخرين.

وقد عبّر القرآن الكريم: {ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم}، وقال أيضاً: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}، ولكن في الوقت نفسه، يلتزم المؤمن قناعاته ويدعو إليها. وقد يكون من اللازم مواجهة الضلال بحسم، وهكذا يكون التصرّف من خلال الحكمة في الأسلوب والوعي للظروف وأساليب مواجهة الآخر، وعلينا أن نتأسّى برسول الله(ص)، الذي جعله الله تعالى أسوةً حسنة، وبمنهج أئمّة أهل البيت(ع) الذين خلفوا الرّسول(ص) في مهمّته ورسالته، فنرى الإسلام في أصالته المتمثّلة بالنبيّ وأهل بيته(ع) والقرآن الكريم، نراه قد وضح مفهوم الحريّة وحدودها، وما نسأله من تفاصيل يتفرع على الأصول الإسلامية في هذا الأمر، فالمحرَّمات، كالكذب والنميمة، لا تمثل حرية بل ارتكاب محرَّم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمثّل فريضة واجبة بتوفّر شروطه، والظلم للآخر لا يمثّل حرية، والحريّة في واقع الإنسان في عدم عبوديته لأحد غير الله تعالى، والحريّة مقيدة بما جعل الله تعالى للإنسان من حقّ وجعل عليه من واجبات". [سؤال وجواب/ مفاهيم عامّة].

نحن نحتاج فعليّاً إلى مراجعة معنى الحريّة وحدودها في علاقاتنا مع أنفسنا ومع الآخرين ومع المحيط من حولنا، حتى نصحّح الكثير من المواقف والعلاقات والأوضاع التي تسيء إلى أنفسنا والحياة من حولنا، وتعمل على خنق الحياة وعرقلة مسيرتها، جراء أهواء البعض وتبعيّتهم وعبثيّتهم وإسرافهم وقلة وعيهم.

فلنكن بحقّ وجدارة، وليس مجرد شعارات وأقوال، بل قناعات وأعمال صادقة ومخلصة وواعية ومنفتحة على كلّ مسؤوليّة، فليست الحرية جنوحاً نحو الضياع والتشتت والتفلت والهروب إلى الأمام، بل هي عملية منضبطة تسعى لخدمة الإنسان في كلّ حركته.

وللنَّظرة الإسلاميَّة إجاباتها حول ما يتعلّق بهذا الموضوع وما يتفرَّع عنه من كلام. فالحريّة حقّ طبيعيّ لا بدَّ من توجيهه وفق مقتضيات الحقّ ومستلزماته، فلا معنى لحريّةٍ تؤدّي إلى إبطال الحقّ وتأكيد الباطل، فالحريّة هي قوّة تعين الفرد والجماعة على إدارة شؤونهم بما يرتفع بنفوسهم ويجعلها تبدع وتنتج وتنفع في الميادين كافّة.

الحرية تأخذ حيّزها الطبيعي عندما تظهر حسن اختيار العبد لموقفه، وحسن اختيار طريقة معاشه وحياته، وحسن اختيار الفكر الذي يزكو به ويسمو ويفتح آفاقه الواسعة على الوجود كلّه.

يجيب العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) عن سؤالٍ حول حريّة الرأي، فيتعرَّض بدايةً لمعنى أن يكون الإنسان حراً، ثم ينتقل ليوضح حدود هذه الحريَّة، مشيراً إلى أهمية الحكمة والتسلّح بها في أيّة عمليّة حواريّة وتفاعليّة، داعياً إلى استلهام طريقة أهل البيت ومنهجهم في الحياة. قال:

"لقد ورد "لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً"، فالإنسان حرٌّ في فكره ورأيه وتعبيره عن ذلك أمام كلّ الناس، وحرٌّ في تصرفاته وحياته أمام كل الناس، ولكنه عبد لله تعالى، لا يملك شيئاً إلا العبودية أمام الله، ويملك الحريّة أمام الناس، وحتى إن ولاية الأنبياء والأولياء على الناس هي من خلال جعل الله تعالى لهم ذلك، لأنهم عباده الذين اصطفاهم لإنذار الخلق وتبشيرهم وقيادتهم في الحياة. وعلى هذا الأساس، الحرية هي أن تفكر وتعبّر عن رأيك، ولكن ليس من الحرية أن تأخذ بالفكر المنحرف الضالّ وأن تسلك مسلكه، وإن كان الإنسان مختاراً في ذلك، ولكنّ الله تعالى أراد له أن يختار الحقّ ويسلك سبيله.

وعلى صعيد المجتمع، تقف حرّيتك حيث تبدأ حقوق الآخرين، فليس لك أن تعتدي على آخر في نفسه ومتعلّقاته، وإلا كان ذلك ظلماً لا حريّة، والرأي الذي يريد الإنسان أن يطلقه، إن كان يعتقد بصوابيّته، ولكن يعتقد الآخرون ببطلانه، فمن الحكمة أن يدرس الإنسان ظروف إطلاقه، لكي يحقق الغاية من ذلك لا عكسها، فهناك الأسلوب الذي يحاور به الإنسان فكر الآخر ليصل إلى النتيجة بالحوار الهادف، وليس من الحريّة أن تعتدي على مقدَّسات الآخرين.

وقد عبّر القرآن الكريم: {ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم}، وقال أيضاً: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}، ولكن في الوقت نفسه، يلتزم المؤمن قناعاته ويدعو إليها. وقد يكون من اللازم مواجهة الضلال بحسم، وهكذا يكون التصرّف من خلال الحكمة في الأسلوب والوعي للظروف وأساليب مواجهة الآخر، وعلينا أن نتأسّى برسول الله(ص)، الذي جعله الله تعالى أسوةً حسنة، وبمنهج أئمّة أهل البيت(ع) الذين خلفوا الرّسول(ص) في مهمّته ورسالته، فنرى الإسلام في أصالته المتمثّلة بالنبيّ وأهل بيته(ع) والقرآن الكريم، نراه قد وضح مفهوم الحريّة وحدودها، وما نسأله من تفاصيل يتفرع على الأصول الإسلامية في هذا الأمر، فالمحرَّمات، كالكذب والنميمة، لا تمثل حرية بل ارتكاب محرَّم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمثّل فريضة واجبة بتوفّر شروطه، والظلم للآخر لا يمثّل حرية، والحريّة في واقع الإنسان في عدم عبوديته لأحد غير الله تعالى، والحريّة مقيدة بما جعل الله تعالى للإنسان من حقّ وجعل عليه من واجبات". [سؤال وجواب/ مفاهيم عامّة].

نحن نحتاج فعليّاً إلى مراجعة معنى الحريّة وحدودها في علاقاتنا مع أنفسنا ومع الآخرين ومع المحيط من حولنا، حتى نصحّح الكثير من المواقف والعلاقات والأوضاع التي تسيء إلى أنفسنا والحياة من حولنا، وتعمل على خنق الحياة وعرقلة مسيرتها، جراء أهواء البعض وتبعيّتهم وعبثيّتهم وإسرافهم وقلة وعيهم.

فلنكن بحقّ وجدارة، وليس مجرد شعارات وأقوال، بل قناعات وأعمال صادقة ومخلصة وواعية ومنفتحة على كلّ مسؤوليّة، فليست الحرية جنوحاً نحو الضياع والتشتت والتفلت والهروب إلى الأمام، بل هي عملية منضبطة تسعى لخدمة الإنسان في كلّ حركته.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية