{يَـأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ}. التقوى هي الدّعوة التي يدعو الله
إليها عباده في أغلب الآيات، لممارستها كأسلوبٍ تربويّ في نطاق العمل الإنساني، من
خلال مراقبة الله والإحساس العميق بوجوده.
والفرق كبير بين أن تقول لإنسانٍ ما: اعمل كذا، وبين أن تدعوه إلى العمل تحت شعار
التقوى. فالأسلوب الثاني يربط العمل بالله في دوافعه وخطواته ونتائجه، في حين لا
يمثّل الأسلوب الأوّل إلا التّأكيد على طبيعة العمل؛ مما لا يحقّق للإنسان عمقاً
وحباً للعمل، بينما يتحقق ذلك من خلال الفاعلية الروحية للتقوى في الحياة.
وهذا ما يستهدفه الإسلام في تخطيطه لبناء الشخصية الإسلاميّة، في تشريعه الذي يريد
أن يجعل من التزام الإنسان بأحكام الله، حركةً يوميةً تجدّد في داخله الإحساس
الدائم بحضور الله ومسؤوليّته في إطاعة أوامره ونواهيه، لئلا يكون هناك خللٌ في
داخل الشخصيّة بين طبيعة الإيمان والعمل، بل على العكس من ذلك، تقوم كلّ منهما لدعم
الآخر.
هذا ما يجب أن نركّزه في أسلوب التربية للمؤمنين، ولا سيما العاملين منهم، من أجل
الابتعاد عن الجفاف الروحي الذي قد يعانيه المؤمن من جرّاء التأكيد على جانب العمل
بعيداً من روحية التقوى.
وقد يكون لذلك قيمةٌ أخرى تربويّة، وهي الحفاظ على حيوية الكلمات القرآنيّة
وتحريكها في حياة الناس، وتحويلها إلى طاقةٍ فاعلةٍ تمدّ الإنسان بالتجدد والحركة،
وإبعادها عن المفاهيم الضيّقة التي ربما تختزنها في الممارسات المتخلّفة، التي
يمارسها المؤمنون في بعض مواقع التخلّف ومراحله، كما حدث لكلمة «التقوى» التي أخذت
معنىً تقليدياً يجعلها من الكلمات المحبوسة في نطاق الأعمال العباديّة والأخلاق
الفرديّة، بعيداً من حياة الناس العامّة.
وفي هذا الإطار التربويّ، تبقى الكلمات علامةً على الشخصيّة الإسلاميّة، ورمزاً من
رموزها، في حركة تأثرّ وتأثير في الواقع الداخلي والخارجي للإنسان.
والتقوى ـ في ما نفهمه ـ هي الإسلام بمعناه الحيّ المتحرّك. فقد يمكن لقائل أن يقول:
إنها التلخيص العملي لكلمة الإسلام، لأنها تشمل الجانب الفكري الذي يمثّل العمق
الداخلي، والجانب العملي الذي يمثّل الحركة الخارجيّة له؛ وذلك بأن تنطلق في فكرك
وعملك وعاطفتك وعلاقتك وتعاملك مع الآخرين، من خلال رضا الله في أمره ونهيه في
عمليّة التزام وانضباط؛ «فلا يفقدك الله حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك»، وأن تملك
إرادتك في مواقع حركة المبادئ في الحياة، بين يدي ربِّك، فلا تسقط التزاماتك أمام
ضغط شهواتك ومطامعك.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن ، ج7".
{يَـأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ}. التقوى هي الدّعوة التي يدعو الله
إليها عباده في أغلب الآيات، لممارستها كأسلوبٍ تربويّ في نطاق العمل الإنساني، من
خلال مراقبة الله والإحساس العميق بوجوده.
والفرق كبير بين أن تقول لإنسانٍ ما: اعمل كذا، وبين أن تدعوه إلى العمل تحت شعار
التقوى. فالأسلوب الثاني يربط العمل بالله في دوافعه وخطواته ونتائجه، في حين لا
يمثّل الأسلوب الأوّل إلا التّأكيد على طبيعة العمل؛ مما لا يحقّق للإنسان عمقاً
وحباً للعمل، بينما يتحقق ذلك من خلال الفاعلية الروحية للتقوى في الحياة.
وهذا ما يستهدفه الإسلام في تخطيطه لبناء الشخصية الإسلاميّة، في تشريعه الذي يريد
أن يجعل من التزام الإنسان بأحكام الله، حركةً يوميةً تجدّد في داخله الإحساس
الدائم بحضور الله ومسؤوليّته في إطاعة أوامره ونواهيه، لئلا يكون هناك خللٌ في
داخل الشخصيّة بين طبيعة الإيمان والعمل، بل على العكس من ذلك، تقوم كلّ منهما لدعم
الآخر.
هذا ما يجب أن نركّزه في أسلوب التربية للمؤمنين، ولا سيما العاملين منهم، من أجل
الابتعاد عن الجفاف الروحي الذي قد يعانيه المؤمن من جرّاء التأكيد على جانب العمل
بعيداً من روحية التقوى.
وقد يكون لذلك قيمةٌ أخرى تربويّة، وهي الحفاظ على حيوية الكلمات القرآنيّة
وتحريكها في حياة الناس، وتحويلها إلى طاقةٍ فاعلةٍ تمدّ الإنسان بالتجدد والحركة،
وإبعادها عن المفاهيم الضيّقة التي ربما تختزنها في الممارسات المتخلّفة، التي
يمارسها المؤمنون في بعض مواقع التخلّف ومراحله، كما حدث لكلمة «التقوى» التي أخذت
معنىً تقليدياً يجعلها من الكلمات المحبوسة في نطاق الأعمال العباديّة والأخلاق
الفرديّة، بعيداً من حياة الناس العامّة.
وفي هذا الإطار التربويّ، تبقى الكلمات علامةً على الشخصيّة الإسلاميّة، ورمزاً من
رموزها، في حركة تأثرّ وتأثير في الواقع الداخلي والخارجي للإنسان.
والتقوى ـ في ما نفهمه ـ هي الإسلام بمعناه الحيّ المتحرّك. فقد يمكن لقائل أن يقول:
إنها التلخيص العملي لكلمة الإسلام، لأنها تشمل الجانب الفكري الذي يمثّل العمق
الداخلي، والجانب العملي الذي يمثّل الحركة الخارجيّة له؛ وذلك بأن تنطلق في فكرك
وعملك وعاطفتك وعلاقتك وتعاملك مع الآخرين، من خلال رضا الله في أمره ونهيه في
عمليّة التزام وانضباط؛ «فلا يفقدك الله حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك»، وأن تملك
إرادتك في مواقع حركة المبادئ في الحياة، بين يدي ربِّك، فلا تسقط التزاماتك أمام
ضغط شهواتك ومطامعك.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن ، ج7".