هل قضيّة العزّة والكرامة من القضايا الشخصيّة؟
هل العزّة والذلّة أمر شخصيّ يملك الإنسان المسلم حريّة ممارسته على أساس المصالح والدّوافع الذاتيّة؟
الجواب عن ذلك في الوقوف مع الآية الكريمة: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ}[المطفّفين: 8]، والانطلاق معها، في ضوء التفسير الذي روي عن الإمام جعفر الصادق (ع" :(إنَّ الله فوَّض إلى المؤمن أموره كلّها، ولم يفوِّض إليه أن يذلّ نفسه... إنَّ المؤمن أعزّ من الجبل؛ إنَّ الجبل يستقلُّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلُّ من دينه شيء".
فقد نفهم من وحي الآية الكريمة، أنَّ العزَّة من خصائص المؤمنين، بالقوَّة نفسها التي يتَّصف بها الله ورسوله، ويالأصالة نفسها، فكما لا يمكن تصوّر الذلَّة في الذّات الإلهيَّة أو في الرّسول، فكذلك لا يمكن تصوّرها ـ عمليّاً ـ في المؤمنين، لأنَّ الإيمان يربط الإنسان بالله، ويجعل مواقفه العمليّة في الحياة منطلقة من هذا الارتباط ومطبوعة بطابعه.
وقد يتَّضح هذا المفهوم أكثر، عندما نلاحظ الحديث الشَّريف الذي حاول فيه الإمام الصّادق (ع) استيحاء الآية في أسلوب تفسيريّ رائع. فهو يقول لك: ربّما كنت حرّاً في مالك تصرفه كما تريد، ربّما كنت حرّاً في مطعمك ومشربك وملبسك، ولكن مهما تقلّبت الظروف وتغيَّرت الأحوال، فلستَ حرّاً في إذلال نفسك أو إخضاعها للآخرين لقاء مصلحة أو شهوة أو رغبة أو رهبة، لأنَّ عزَّتك ليست من القضايا الذاتية التي تملك فيها التصرُّف تبعاً لدوافعك الخاصّة.
لماذا كلّ هذا؟
قد يكون السّبب أنّك عندما تخضع لأيّ إنسان أو أيّ سلطة، أو ترضى بالذلّ والعبوديّة لغير الله، فلن تكون أنتَ الخاسر وحدك، ولن ينعكس ذلك على حياتك، بل سينعكس على ما تحمله من صفات الإيمان، أو تمثّله من الارتباط بالله، لأنَّ عزَّة الأفكار والمبادئ في المواقف الحياتيّة، لا تنطلق من مجالاتها الفكريّة فحسب، بل تتمثَّل في الواقع الحياتيّ للأشخاص الذين يحملونها ويمثّلونها في ممارستهم العمليّة.
وهناك جانب آخر: هو أنّك جزء من المجتمع الذي تعيش فيه، وبهذا يكون موقف الإذلال الذّاتي لنفسك سبباً في انطلاق الذلّ في حياة المجتمع، كأيّ جزء يرتبط بالكلّ ارتباطاً عضويّاً، كما يرتبط به الكلّ في حركاته وأعماله.
وعلى ضوء هذا، نفهم أنَّ الإسلام لا يعتبر الإنسان المؤمن حرّاً في إذلال نفسه واستعبادها إذا أراد أن يظلّ سائراً على خطِّ الإيمان.
إذاً، فهؤلاء الّذين يباركون عهود الاستعمار بشتَّى أشكاله وألوانه، أو يتعاطفون معه، أو يتصرَّفون أيّ تصرُّف يكرِّس الخضوع والعبوديّة والذلّة، لا يمكن أن يكونوا مؤمنين، كما هو الإيمان الأصيل، أو مسلمين كما هو الإسلام الصّحيح.
وإذا لم يكن للمسلم مثل هذه الحريّة، فمن الطبيعيّ أن يتحمَّل المجتمع بأكمله، أو بقادته الحقيقيّين، مسؤولية الضرب على أيدي أولئك الذين يسيئون إلى عزّة الأُمّة وكرامتها، بالإساءة إلى عزّة أنفسهم وكرامتها بأيّ نحو من الأنحاء، بأيّ شكلٍ من الأشكال، سواء في ذلك الواقع الفردي أو الاجتماعي، على المستوى السياسي أو العسكري أو الاقتصادي.
* من كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".

هل قضيّة العزّة والكرامة من القضايا الشخصيّة؟
هل العزّة والذلّة أمر شخصيّ يملك الإنسان المسلم حريّة ممارسته على أساس المصالح والدّوافع الذاتيّة؟
الجواب عن ذلك في الوقوف مع الآية الكريمة: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ}[المطفّفين: 8]، والانطلاق معها، في ضوء التفسير الذي روي عن الإمام جعفر الصادق (ع" :(إنَّ الله فوَّض إلى المؤمن أموره كلّها، ولم يفوِّض إليه أن يذلّ نفسه... إنَّ المؤمن أعزّ من الجبل؛ إنَّ الجبل يستقلُّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلُّ من دينه شيء".
فقد نفهم من وحي الآية الكريمة، أنَّ العزَّة من خصائص المؤمنين، بالقوَّة نفسها التي يتَّصف بها الله ورسوله، ويالأصالة نفسها، فكما لا يمكن تصوّر الذلَّة في الذّات الإلهيَّة أو في الرّسول، فكذلك لا يمكن تصوّرها ـ عمليّاً ـ في المؤمنين، لأنَّ الإيمان يربط الإنسان بالله، ويجعل مواقفه العمليّة في الحياة منطلقة من هذا الارتباط ومطبوعة بطابعه.
وقد يتَّضح هذا المفهوم أكثر، عندما نلاحظ الحديث الشَّريف الذي حاول فيه الإمام الصّادق (ع) استيحاء الآية في أسلوب تفسيريّ رائع. فهو يقول لك: ربّما كنت حرّاً في مالك تصرفه كما تريد، ربّما كنت حرّاً في مطعمك ومشربك وملبسك، ولكن مهما تقلّبت الظروف وتغيَّرت الأحوال، فلستَ حرّاً في إذلال نفسك أو إخضاعها للآخرين لقاء مصلحة أو شهوة أو رغبة أو رهبة، لأنَّ عزَّتك ليست من القضايا الذاتية التي تملك فيها التصرُّف تبعاً لدوافعك الخاصّة.
لماذا كلّ هذا؟
قد يكون السّبب أنّك عندما تخضع لأيّ إنسان أو أيّ سلطة، أو ترضى بالذلّ والعبوديّة لغير الله، فلن تكون أنتَ الخاسر وحدك، ولن ينعكس ذلك على حياتك، بل سينعكس على ما تحمله من صفات الإيمان، أو تمثّله من الارتباط بالله، لأنَّ عزَّة الأفكار والمبادئ في المواقف الحياتيّة، لا تنطلق من مجالاتها الفكريّة فحسب، بل تتمثَّل في الواقع الحياتيّ للأشخاص الذين يحملونها ويمثّلونها في ممارستهم العمليّة.
وهناك جانب آخر: هو أنّك جزء من المجتمع الذي تعيش فيه، وبهذا يكون موقف الإذلال الذّاتي لنفسك سبباً في انطلاق الذلّ في حياة المجتمع، كأيّ جزء يرتبط بالكلّ ارتباطاً عضويّاً، كما يرتبط به الكلّ في حركاته وأعماله.
وعلى ضوء هذا، نفهم أنَّ الإسلام لا يعتبر الإنسان المؤمن حرّاً في إذلال نفسه واستعبادها إذا أراد أن يظلّ سائراً على خطِّ الإيمان.
إذاً، فهؤلاء الّذين يباركون عهود الاستعمار بشتَّى أشكاله وألوانه، أو يتعاطفون معه، أو يتصرَّفون أيّ تصرُّف يكرِّس الخضوع والعبوديّة والذلّة، لا يمكن أن يكونوا مؤمنين، كما هو الإيمان الأصيل، أو مسلمين كما هو الإسلام الصّحيح.
وإذا لم يكن للمسلم مثل هذه الحريّة، فمن الطبيعيّ أن يتحمَّل المجتمع بأكمله، أو بقادته الحقيقيّين، مسؤولية الضرب على أيدي أولئك الذين يسيئون إلى عزّة الأُمّة وكرامتها، بالإساءة إلى عزّة أنفسهم وكرامتها بأيّ نحو من الأنحاء، بأيّ شكلٍ من الأشكال، سواء في ذلك الواقع الفردي أو الاجتماعي، على المستوى السياسي أو العسكري أو الاقتصادي.
* من كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".