كتابات
30/06/2021

المسلمون بينَ الجمودِ والعصرنةِ

المسلمون بينَ الجمودِ والعصرنةِ

[لماذا تتشابه مشاكلنا منذ ما يقارب الـ1400 سنة؟ ولماذا تتشابه الحلول تجاهها بما يبقيها بعيدةً من أجواء العصرنة؟]

عندما ندرس التّاريخ، نشعر بأنَّ هناك فترة من التاريخ تجمّدت فيها الحياة، وأصبح الإنسان لا يتحرّك، فلا عقل يتحرّك، فالعقل الذي عاشه المسلمون قبل 500 سنة لا يزال هو هو، لأنّه ما اقتحمته حضارات، وعندما انفتح المسلمون على الحضارات ـ حتى قبل الأندلس ـ لاحظنا أنَّ الإسلام من زمن النبيّ (ص) استطاع إنتاج حضارة، وكانت بغداد والشّام حواضر حضاريّة متطوّرة، وكان هناك علماء في شتّى الميادين، وكان هناك شخصيات أخلاقيّة في الجانب المثالي، وكان الإسلام متحرّكاً.

ولكنّ الأمر تغيّر حين دخلت القرون الوسطى، وبدأت التراكمات التراجعيّة، عندما تراجعت الخلافة العباسيّة وجاء التتر، واقتحم المسلمون شعوباً أخرى. ولكن بانطلاق المسلمين إلى الأندلس، صنعوا حضارة، ويقول جواهر لال نهرو: إنّ الحضارة الإسلاميّة هي أمّ الحضارات الحديثة، وهي أعطت العلماء والكتب؛ كتب ابن سينا وابن الطّفيل والرّازي وغيرها، حتى تثقّفت أوروبّا بها. وقد قالت المستشرقة الألمانيّة زيغريد هونكه في كتابها "شمس العرب تسطع على الغرب": "في الوقت الّذي كان شارلمان ملك فرنسا يتعلّم القراءة والكتابة، كان هارون الرّشيد يراقب حركة النّجوم"، وقد أعطى العرب منهج التجربة والتأمّل. فالنظرة ليست سلبيّة بالنّسبة إلى الإسلام، فالقرون الوسطى أوقفت التّاريخ والحياة والزّمن، فأصبحت الـ 500 سنة كأنها سنة واحدة.

ثم نشأ تطوّر حضاريّ فكريّ نتيجة تداخلات المجتمع الإسلاميّ، ووجود تيارات إسلاميّة مقابل تيّارات أخرى، ما أوجد مشاكل على المستوى الفكريّ أو الشعوريّ أو غير ذلك. فحركة السلفيّة مثلاً، كاتجاهات تراجعيّة، يقابلها اتجاهات تقدّميّة، فالتراجعيّة تمثّل جهات محدودة ولا تمثّل كلّ الإسلام...

هناك نماذج موجودة، ولكن نتيجة المنهج التربويّ والوعظيّ، بقيت في الدائرة الضيّقة، ولم تحصل هزّات حضارية فوق العادة تعيد المسلمين لفهم تراثهم بشكل أصيل. ونحن نعتبر أنّ هذه المسألة غير شاملة، والمشكلة عندنا هي أننا نعمِّم الظّواهر التي تنطلق في واقعنا الإسلامي، لأنّ الناس الآخرين لا ينقلون الظّواهر التي لا يهتمّ الناس بها. الناس عادةً تهتمّ بالظواهر السياسيّة أو الاقتصادية، أمّا ظواهر الفئات المستضعفة، حيث الجانب الحواريّ وغيره، فإنه في مجتمعاتنا في لبنان، نرى أنّ المسلم يقبل المسيحيّ العاديّ، والمسيحيّ يقبل المسلم العاديّ، ونرى أن المسلمين الذي ذهبوا إلى الغرب تفاعلوا مع الغربيّين، أو الذين ذهبوا إلى أفريقيا، وغاية الأمر، أنّ هذا التفاعل ليس بالمستوى الذي تمثّله الخطوط الإسلاميّة، ولكن باعتبار أنها تجربة محدودة وليست واسعة في هذا المقام.

قلت: إنّنا في الجوّ العام، الزمن توقّف، ثم عندما بدأ المسلمون ينفتحون، لاحظنا أنّه في عصر النّهضة، كان هناك ذهنيّة حواريّة، وخصوصاً عندما ندرس محمد عبده وجمال الدّين الأفغاني والكواكبي، وكذلك عندما ندرس تيارات فرضت نفسها على الواقع، وعندما انفتح العرب على الإسلام، بدأ علماء مسلمون ومفكّرون مسلمون، سواء في الاتجاه السلبي في مواجهة الإسلام، أو الإيجابي، بدأت هناك عمليّة ردود على ما أُثير من أفكار، منها مثلاً عندما طُرِحت نظرية داروين، بدأ المسلمون يناقشونها، وما أثاره قاسم أمين في موضوع المرأة مثلاً، حتى في مسألة الإخوان المسلمين، نلاحظ كلمة حسن البنّا مؤسّس (الإخوان المسلمون) عندما قال: "نلتقي على ما اتّفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً في ما اختلفنا فيه".

* من كتاب "عن سنوات ومواقف وشخصيّات".

[لماذا تتشابه مشاكلنا منذ ما يقارب الـ1400 سنة؟ ولماذا تتشابه الحلول تجاهها بما يبقيها بعيدةً من أجواء العصرنة؟]

عندما ندرس التّاريخ، نشعر بأنَّ هناك فترة من التاريخ تجمّدت فيها الحياة، وأصبح الإنسان لا يتحرّك، فلا عقل يتحرّك، فالعقل الذي عاشه المسلمون قبل 500 سنة لا يزال هو هو، لأنّه ما اقتحمته حضارات، وعندما انفتح المسلمون على الحضارات ـ حتى قبل الأندلس ـ لاحظنا أنَّ الإسلام من زمن النبيّ (ص) استطاع إنتاج حضارة، وكانت بغداد والشّام حواضر حضاريّة متطوّرة، وكان هناك علماء في شتّى الميادين، وكان هناك شخصيات أخلاقيّة في الجانب المثالي، وكان الإسلام متحرّكاً.

ولكنّ الأمر تغيّر حين دخلت القرون الوسطى، وبدأت التراكمات التراجعيّة، عندما تراجعت الخلافة العباسيّة وجاء التتر، واقتحم المسلمون شعوباً أخرى. ولكن بانطلاق المسلمين إلى الأندلس، صنعوا حضارة، ويقول جواهر لال نهرو: إنّ الحضارة الإسلاميّة هي أمّ الحضارات الحديثة، وهي أعطت العلماء والكتب؛ كتب ابن سينا وابن الطّفيل والرّازي وغيرها، حتى تثقّفت أوروبّا بها. وقد قالت المستشرقة الألمانيّة زيغريد هونكه في كتابها "شمس العرب تسطع على الغرب": "في الوقت الّذي كان شارلمان ملك فرنسا يتعلّم القراءة والكتابة، كان هارون الرّشيد يراقب حركة النّجوم"، وقد أعطى العرب منهج التجربة والتأمّل. فالنظرة ليست سلبيّة بالنّسبة إلى الإسلام، فالقرون الوسطى أوقفت التّاريخ والحياة والزّمن، فأصبحت الـ 500 سنة كأنها سنة واحدة.

ثم نشأ تطوّر حضاريّ فكريّ نتيجة تداخلات المجتمع الإسلاميّ، ووجود تيارات إسلاميّة مقابل تيّارات أخرى، ما أوجد مشاكل على المستوى الفكريّ أو الشعوريّ أو غير ذلك. فحركة السلفيّة مثلاً، كاتجاهات تراجعيّة، يقابلها اتجاهات تقدّميّة، فالتراجعيّة تمثّل جهات محدودة ولا تمثّل كلّ الإسلام...

هناك نماذج موجودة، ولكن نتيجة المنهج التربويّ والوعظيّ، بقيت في الدائرة الضيّقة، ولم تحصل هزّات حضارية فوق العادة تعيد المسلمين لفهم تراثهم بشكل أصيل. ونحن نعتبر أنّ هذه المسألة غير شاملة، والمشكلة عندنا هي أننا نعمِّم الظّواهر التي تنطلق في واقعنا الإسلامي، لأنّ الناس الآخرين لا ينقلون الظّواهر التي لا يهتمّ الناس بها. الناس عادةً تهتمّ بالظواهر السياسيّة أو الاقتصادية، أمّا ظواهر الفئات المستضعفة، حيث الجانب الحواريّ وغيره، فإنه في مجتمعاتنا في لبنان، نرى أنّ المسلم يقبل المسيحيّ العاديّ، والمسيحيّ يقبل المسلم العاديّ، ونرى أن المسلمين الذي ذهبوا إلى الغرب تفاعلوا مع الغربيّين، أو الذين ذهبوا إلى أفريقيا، وغاية الأمر، أنّ هذا التفاعل ليس بالمستوى الذي تمثّله الخطوط الإسلاميّة، ولكن باعتبار أنها تجربة محدودة وليست واسعة في هذا المقام.

قلت: إنّنا في الجوّ العام، الزمن توقّف، ثم عندما بدأ المسلمون ينفتحون، لاحظنا أنّه في عصر النّهضة، كان هناك ذهنيّة حواريّة، وخصوصاً عندما ندرس محمد عبده وجمال الدّين الأفغاني والكواكبي، وكذلك عندما ندرس تيارات فرضت نفسها على الواقع، وعندما انفتح العرب على الإسلام، بدأ علماء مسلمون ومفكّرون مسلمون، سواء في الاتجاه السلبي في مواجهة الإسلام، أو الإيجابي، بدأت هناك عمليّة ردود على ما أُثير من أفكار، منها مثلاً عندما طُرِحت نظرية داروين، بدأ المسلمون يناقشونها، وما أثاره قاسم أمين في موضوع المرأة مثلاً، حتى في مسألة الإخوان المسلمين، نلاحظ كلمة حسن البنّا مؤسّس (الإخوان المسلمون) عندما قال: "نلتقي على ما اتّفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً في ما اختلفنا فيه".

* من كتاب "عن سنوات ومواقف وشخصيّات".

نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية