مصير المؤمنين ومصير الغافلين عن آيات الله

مصير المؤمنين ومصير الغافلين عن آيات الله

{إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا}، هؤلاء الذين عاشوا في دنياهم، يظنُّون أنَّ الحياة الدنيا هي كلّ شيء، ولا لقاء لهم بالله ولا بحسابه بعد الموت.

{وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا}، اعتبروا هذه الحياة كلّ شيء، ولم يفكِّروا خارج نطاقها.

{وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا}، شعروا بالاستقرار فيها، كما لو كانت خالدة، ولم يحرِّكوا عقولهم ليناقشوا ما جاءت به الرّسالات من أنَّ هناك حياةً أخرى يُحشَر الناس فيها يوم القيامة بين يدي الله.

{وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ}[يونس: 7]، اطمأنوا للدّنيا واستغرقوا فيها، فشغلهم ذلك عن التّفكير في الله وآياته، وجعلهم يعيشون في غفلةٍ خانقة، وبذلك فقدوا وعيهم لعظمة الله ووعيهم للقائه في الآخرة، فانحرفوا عن الخطِّ المستقيم..

وماذا وراء ذلك؟ {أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}[يونس: 8]، من خلال ما يكسبونه من أعمالٍ تنحرف بهم عن خطِّ الله.

وبهذا، يريد الله تعالى أن يوحيَ إلينا أنَّ مصير الإنسان يخضع لطريقة فهمه للحياة، فكما يكون فهمه لها، يكون مصيره، فإذا فهم الحياة على أنّها نهاية المطاف، وأنّها الفرصة الأولى والأخيرة، وأنَّها كلّ شيء، عندها لن يعرف الانضباط والحلال والحرام، وبذلك فالنَّار هي مثواه.

وفي مقابل هؤلاء {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} الّذين انفتحوا على الحياة كونها مرحلة، واعتبروا أنَّ الآخرة هي نهاية المطاف، وأنَّ الدّنيا مزرعة الآخرة وموسم القطاف، والحياة مسؤوليَّة، والآخرة نتاج المسؤوليَّة، فآمنوا وعملوا صالحاً في خطِّ الإيمان، هؤلاء يفتح الله قلوبهم على كلِّ خير.

و{يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ}. فالإيمان عندما يعيش في عقل الإنسان، ثمّ يزحف إلى قلبه، ويتحرَّك ليشمل كيانه كلّه، فإنَّه يكون النّور الذي يُضيء له الطّريق، ويدلّه على الخير الذي يجب أن يعمله، وعلى الشرّ الّذي يجب أن يجتنبه. ولذا، فإنَّ بعض الذين يتحدّثون عن أنّ الإيمان بالقلب، كحُجّةٍ لعدم العمل، هؤلاء لا يدركون الحقائق، ولو كانوا مؤمنين، لَتَحَرَّكوا من موقع إيمانهم إلى كلّ ما يُضيء لهم طريق الهداية إلى الله سبحانه، هؤلاء عندهم شبح إيمان. وقد قال الإمام جعفر الصّادق (ع): "كذبوا ليسوا براجين، إنَّ مَنْ رجا شيئاً طلبه، ومَنْ خَافَ من شيء هَرَبَ منه".

فإذاً، إنَّ الذين يعملون الصّالحات ويؤمنون بالله ويستقيمون على الخطّ، يحصلون على الجنّة {تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[يونس: 9].

وما حالهم في الجنّة؟ {دَعْوَاهُمْ فِيهَا} عندما تنطلق دعواتهم وشعاراتهم في الجنّة، ماذا يقولون؟ {سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} يعيشون حقيقة عظمة الله في الجنّة، فما رأوه من عظمة في الدنيا وأحسُّوه منها، فإنّه قليلٌ أمام ما يُحسّونه في الجنّة {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: 17]. ولذا، فإنَّهم عندما يدركون حقيقة "ما لا عين رأت، ولا أُذُن سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بشر"، ويتطلَّعون في آفاقها وجنباتها ونعيمها، تنطلق من كلِّ أعماقهم {سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ}. وكلمة (سبحان الله) هي التي تنطلق من عمق إحساس الإنسان بعظمة الله، فينحني أمام شعوره بعظمته تعالى، فيعفّر جبهته بالتّراب، إحساساً منه بهذه العظمة التي تُشعره بالتّضاؤل والانسحاق أمامه.

وأهل الجنّة هؤلاء كيف يُحَيُّون بعضهم؟ {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ}، لأنَّهم يعيشون سلام القلب والرّوح والعقل والحياة، سلام النّفس مع نفسها، سلام الإنسان مع الله، سلام الإنسان مع الّذين من حوله كلّهم، والله تعالى حدَّثنا عن أهل الجنّة {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}[الأعراف: 43] يدخلون الجنّة، ولا مكان للحقد في قلوبهم.

ويريد الله سبحانه أن يعطينا إيحاء روحيَّة أهل الجنّة، فجعل السّلام تحيّة الإسلام، فعندما نقول لأحدنا (السّلام عليك)، يعني أنَّ علاقتنا بك علاقة سلام وليست علاقة حرب، {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرّعد: 24]. وأوصانا رسولُ الله (ص) بأن نفشيَ السّلام فيما بيننا لنحافظ على صورتنا كمسلمين. فعندما يعيش المسلم روحيّة السلام، فإنَّه يُوحي إلى نفسه بأنّه من أهل الجنّة، وبأنَّه يتدرَّب على لغتهم.

{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[يونس: 10]، فيحسُّون بكلِّ عقولهم وقلوبهم ومشاعرهم وأحاسيسهم بالحمد لله، من خلال معرفتهم بكلِّ ما يتّصف به سبحانه من صفات لا حدَّ ولا منتهى لها.

*من كتاب "حركة النبوّة في مواجهة الانحراف".

{إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا}، هؤلاء الذين عاشوا في دنياهم، يظنُّون أنَّ الحياة الدنيا هي كلّ شيء، ولا لقاء لهم بالله ولا بحسابه بعد الموت.

{وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا}، اعتبروا هذه الحياة كلّ شيء، ولم يفكِّروا خارج نطاقها.

{وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا}، شعروا بالاستقرار فيها، كما لو كانت خالدة، ولم يحرِّكوا عقولهم ليناقشوا ما جاءت به الرّسالات من أنَّ هناك حياةً أخرى يُحشَر الناس فيها يوم القيامة بين يدي الله.

{وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ}[يونس: 7]، اطمأنوا للدّنيا واستغرقوا فيها، فشغلهم ذلك عن التّفكير في الله وآياته، وجعلهم يعيشون في غفلةٍ خانقة، وبذلك فقدوا وعيهم لعظمة الله ووعيهم للقائه في الآخرة، فانحرفوا عن الخطِّ المستقيم..

وماذا وراء ذلك؟ {أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}[يونس: 8]، من خلال ما يكسبونه من أعمالٍ تنحرف بهم عن خطِّ الله.

وبهذا، يريد الله تعالى أن يوحيَ إلينا أنَّ مصير الإنسان يخضع لطريقة فهمه للحياة، فكما يكون فهمه لها، يكون مصيره، فإذا فهم الحياة على أنّها نهاية المطاف، وأنّها الفرصة الأولى والأخيرة، وأنَّها كلّ شيء، عندها لن يعرف الانضباط والحلال والحرام، وبذلك فالنَّار هي مثواه.

وفي مقابل هؤلاء {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} الّذين انفتحوا على الحياة كونها مرحلة، واعتبروا أنَّ الآخرة هي نهاية المطاف، وأنَّ الدّنيا مزرعة الآخرة وموسم القطاف، والحياة مسؤوليَّة، والآخرة نتاج المسؤوليَّة، فآمنوا وعملوا صالحاً في خطِّ الإيمان، هؤلاء يفتح الله قلوبهم على كلِّ خير.

و{يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ}. فالإيمان عندما يعيش في عقل الإنسان، ثمّ يزحف إلى قلبه، ويتحرَّك ليشمل كيانه كلّه، فإنَّه يكون النّور الذي يُضيء له الطّريق، ويدلّه على الخير الذي يجب أن يعمله، وعلى الشرّ الّذي يجب أن يجتنبه. ولذا، فإنَّ بعض الذين يتحدّثون عن أنّ الإيمان بالقلب، كحُجّةٍ لعدم العمل، هؤلاء لا يدركون الحقائق، ولو كانوا مؤمنين، لَتَحَرَّكوا من موقع إيمانهم إلى كلّ ما يُضيء لهم طريق الهداية إلى الله سبحانه، هؤلاء عندهم شبح إيمان. وقد قال الإمام جعفر الصّادق (ع): "كذبوا ليسوا براجين، إنَّ مَنْ رجا شيئاً طلبه، ومَنْ خَافَ من شيء هَرَبَ منه".

فإذاً، إنَّ الذين يعملون الصّالحات ويؤمنون بالله ويستقيمون على الخطّ، يحصلون على الجنّة {تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[يونس: 9].

وما حالهم في الجنّة؟ {دَعْوَاهُمْ فِيهَا} عندما تنطلق دعواتهم وشعاراتهم في الجنّة، ماذا يقولون؟ {سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} يعيشون حقيقة عظمة الله في الجنّة، فما رأوه من عظمة في الدنيا وأحسُّوه منها، فإنّه قليلٌ أمام ما يُحسّونه في الجنّة {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: 17]. ولذا، فإنَّهم عندما يدركون حقيقة "ما لا عين رأت، ولا أُذُن سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بشر"، ويتطلَّعون في آفاقها وجنباتها ونعيمها، تنطلق من كلِّ أعماقهم {سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ}. وكلمة (سبحان الله) هي التي تنطلق من عمق إحساس الإنسان بعظمة الله، فينحني أمام شعوره بعظمته تعالى، فيعفّر جبهته بالتّراب، إحساساً منه بهذه العظمة التي تُشعره بالتّضاؤل والانسحاق أمامه.

وأهل الجنّة هؤلاء كيف يُحَيُّون بعضهم؟ {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ}، لأنَّهم يعيشون سلام القلب والرّوح والعقل والحياة، سلام النّفس مع نفسها، سلام الإنسان مع الله، سلام الإنسان مع الّذين من حوله كلّهم، والله تعالى حدَّثنا عن أهل الجنّة {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}[الأعراف: 43] يدخلون الجنّة، ولا مكان للحقد في قلوبهم.

ويريد الله سبحانه أن يعطينا إيحاء روحيَّة أهل الجنّة، فجعل السّلام تحيّة الإسلام، فعندما نقول لأحدنا (السّلام عليك)، يعني أنَّ علاقتنا بك علاقة سلام وليست علاقة حرب، {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرّعد: 24]. وأوصانا رسولُ الله (ص) بأن نفشيَ السّلام فيما بيننا لنحافظ على صورتنا كمسلمين. فعندما يعيش المسلم روحيّة السلام، فإنَّه يُوحي إلى نفسه بأنّه من أهل الجنّة، وبأنَّه يتدرَّب على لغتهم.

{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[يونس: 10]، فيحسُّون بكلِّ عقولهم وقلوبهم ومشاعرهم وأحاسيسهم بالحمد لله، من خلال معرفتهم بكلِّ ما يتّصف به سبحانه من صفات لا حدَّ ولا منتهى لها.

*من كتاب "حركة النبوّة في مواجهة الانحراف".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية