قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن
يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ
الْغَالِبُونَ}[المائدة: 55 – 56].
جاء في أكثر من حديث، أنَّ الآية الأولى قد نزلت في عليّ بن أبي طالب (ع)، عندما
تصدَّق على الفقير الَّذي سأله الصّدقة وهو في حالة الركوع، فأعطاه خاتمه...
فقد جاء في الدرّ المنثور: أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عمّار ابن ياسر،
قال: "وقف بعليّ سائلٌ وهو راكعٌ في صلاة تطوُّعٍ، فنزعَ خاتمه فأعطاه السَّائل،
فأتى رسول الله (ص) فأعلمه ذلك، فنزلت على النبيّ (ص) هذه الآية: {إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ
الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}، فقرأها رسول الله (ص) على
أصحابه، ثمَّ قال: "مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهُمَّ والِ مَنْ والاه،
وعادِ مَن عاداه".
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن سلمة بن كهيل قال: تصدّقَ عليٌّ
بخاتمه وهو راكع، فنزلت {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ...} الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ...}
الآية. نزلت في عليّ بن أبي طالب، تصدَّق وهو راكع.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال: أتى عبد الله بن
سلام ورهط معه من أهل الكتاب نبيّ الله عند الظّهر، فقالوا: يا رسول الله، إنَّ
بيوتنا قاصية لا نجد مَن يجالِسنا ويخالِطنا دون هذا المسجد، وإنَّ قومنا لمّا
رأونا قد صدَّقنا الله ورسوله وتركنا دينهم، أظهروا العداوة، وأقسموا أن لا
يخالطونا ولا يؤاكلونا، فشقّ ذلك علينا، فبينما هم يشكون ذلك إلى رسول الله (ص)، إذ
نزلت هذه الآية على رسول الله (ص): {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ}، ونودي بالصّلاة، صلاة الظهر، وخرج رسول الله (ص) إلى المسجد
والنّاس بين قائمٍ وراكع، فنظر سائلاً، فقال: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم، قال:
من؟ قال: ذلك الرّجل القائم، قال: على أيّ حال أعطاكه؟ قال: وهو راكع، قال: وذلك
عليّ بن أبي طالب، فكبَّر رسول الله عند ذلك وهو يقول: {وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ
وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} .
ولا بُدَّ من أن تكون لهذه الحادثة الدّلالة التّعبيريّة الإيحائيّة بالمعنى الروحيّ
الَّذي تُمثِّله هذه الصّدقة، من حيث علاقة الصَّلاة بروح العطاء في نطاق الصّدقة،
مما لا يجعل من ممارستها في أثناء الصّلاة عملاً مختلفاً عن الصَّلاة، بل يعتبر
منسجماً معها تمام الانسجام، لأنَّ كلًّا منهما يُمثِّل رضا الله في ما يأمر به من
جهة، ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ التركيز على الَّذين آمنوا، الَّذين يمارسون هذا العمل،
يوحي بأنَّ المسألة ليست منطلقةً من خلال هذا العمل كحالة طارئة من حالات التصدُّق،
بل هي منطلقة من حيث كونها مدلولاً إيمانيّاً عمليّاً، يتحرك في كيان الشّخص،
ليتحوّل إلى صفةٍ لازمةٍ لا تنفكّ عنه، ما يجعله من ملامح الشخصيّة الأصيلة. وقد
نستوحي من نزولها في نطاق هذه الحادثة، في ممارسة عليّ (ع)، أنَّ الآية تريد أن
تشير إلى النموذج الأمثل، ليجد النَّاس فيه الفكرة بعمق، مما يراد لهم من خلاله أن
يتطلّعوا إلى النّموذج الأمثل، ليجدوا فيه عمق الدلالة على المعنى من حيث ملامحه
الحقيقيّة، ولا يتوقّفوا عند المدلول السّاذج للصّفة والحادثة.
فالله تعالى يريد للإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأةً، أن يعيش روحيّة العطاء، وذلك
بما تمثّله كلمة الصّدقة من مفهوم العطاء قربةً إلى الله تعالى...
وقد مدح الله تعالى أهل البيت (ع)؛ عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ــ سلام الله
عليهم ـــ حيث قال سبحانه: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً
وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ
جَزَاء وَلَا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً
قَمْطَرِير}[الإنسان: 8 ــ 10]. وماذا كانت النّتيجة لعطائهم وصدقتهم؟ {فَوَقَاهُمُ
اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُم بِمَا
صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِير}[الإنسان: 11 ــ 12].
ولو لم يكن للصّدقة دورٌ في قرب الإنسان إلى الله، لما تحدَّث سبحانه عن هذه
المكرمة لعليٍّ (ع) عندما أراد أن يكلّف الناسَ بولايته {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ
وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: 55]. والمراد بالزكاة، الصّدقة...
كان كلّ شيء في شخصيّة عليّ (ع) في خدمة الله، وهكذا كان سيفه وبطولته وشجاعته، لا
في خدمة الذّات، وإنَّما في خدمة الله . فإذا كنتم تحبُّون عليّاً (ع)، فأحبُّوا
خطّه، وأحبُّوا أخلاقه، وأحبّوا فكره وجهاده؛ فهذا هو عليّ (ع)، وليس هو مجرّد
إنسان تلتزمون بحبّه وتتنكَّرون لمواقفه ولخطّه...

قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن
يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ
الْغَالِبُونَ}[المائدة: 55 – 56].
جاء في أكثر من حديث، أنَّ الآية الأولى قد نزلت في عليّ بن أبي طالب (ع)، عندما
تصدَّق على الفقير الَّذي سأله الصّدقة وهو في حالة الركوع، فأعطاه خاتمه...
فقد جاء في الدرّ المنثور: أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عمّار ابن ياسر،
قال: "وقف بعليّ سائلٌ وهو راكعٌ في صلاة تطوُّعٍ، فنزعَ خاتمه فأعطاه السَّائل،
فأتى رسول الله (ص) فأعلمه ذلك، فنزلت على النبيّ (ص) هذه الآية: {إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ
الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}، فقرأها رسول الله (ص) على
أصحابه، ثمَّ قال: "مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهُمَّ والِ مَنْ والاه،
وعادِ مَن عاداه".
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن سلمة بن كهيل قال: تصدّقَ عليٌّ
بخاتمه وهو راكع، فنزلت {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ...} الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ...}
الآية. نزلت في عليّ بن أبي طالب، تصدَّق وهو راكع.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال: أتى عبد الله بن
سلام ورهط معه من أهل الكتاب نبيّ الله عند الظّهر، فقالوا: يا رسول الله، إنَّ
بيوتنا قاصية لا نجد مَن يجالِسنا ويخالِطنا دون هذا المسجد، وإنَّ قومنا لمّا
رأونا قد صدَّقنا الله ورسوله وتركنا دينهم، أظهروا العداوة، وأقسموا أن لا
يخالطونا ولا يؤاكلونا، فشقّ ذلك علينا، فبينما هم يشكون ذلك إلى رسول الله (ص)، إذ
نزلت هذه الآية على رسول الله (ص): {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ}، ونودي بالصّلاة، صلاة الظهر، وخرج رسول الله (ص) إلى المسجد
والنّاس بين قائمٍ وراكع، فنظر سائلاً، فقال: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم، قال:
من؟ قال: ذلك الرّجل القائم، قال: على أيّ حال أعطاكه؟ قال: وهو راكع، قال: وذلك
عليّ بن أبي طالب، فكبَّر رسول الله عند ذلك وهو يقول: {وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ
وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} .
ولا بُدَّ من أن تكون لهذه الحادثة الدّلالة التّعبيريّة الإيحائيّة بالمعنى الروحيّ
الَّذي تُمثِّله هذه الصّدقة، من حيث علاقة الصَّلاة بروح العطاء في نطاق الصّدقة،
مما لا يجعل من ممارستها في أثناء الصّلاة عملاً مختلفاً عن الصَّلاة، بل يعتبر
منسجماً معها تمام الانسجام، لأنَّ كلًّا منهما يُمثِّل رضا الله في ما يأمر به من
جهة، ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ التركيز على الَّذين آمنوا، الَّذين يمارسون هذا العمل،
يوحي بأنَّ المسألة ليست منطلقةً من خلال هذا العمل كحالة طارئة من حالات التصدُّق،
بل هي منطلقة من حيث كونها مدلولاً إيمانيّاً عمليّاً، يتحرك في كيان الشّخص،
ليتحوّل إلى صفةٍ لازمةٍ لا تنفكّ عنه، ما يجعله من ملامح الشخصيّة الأصيلة. وقد
نستوحي من نزولها في نطاق هذه الحادثة، في ممارسة عليّ (ع)، أنَّ الآية تريد أن
تشير إلى النموذج الأمثل، ليجد النَّاس فيه الفكرة بعمق، مما يراد لهم من خلاله أن
يتطلّعوا إلى النّموذج الأمثل، ليجدوا فيه عمق الدلالة على المعنى من حيث ملامحه
الحقيقيّة، ولا يتوقّفوا عند المدلول السّاذج للصّفة والحادثة.
فالله تعالى يريد للإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأةً، أن يعيش روحيّة العطاء، وذلك
بما تمثّله كلمة الصّدقة من مفهوم العطاء قربةً إلى الله تعالى...
وقد مدح الله تعالى أهل البيت (ع)؛ عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ــ سلام الله
عليهم ـــ حيث قال سبحانه: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً
وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ
جَزَاء وَلَا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً
قَمْطَرِير}[الإنسان: 8 ــ 10]. وماذا كانت النّتيجة لعطائهم وصدقتهم؟ {فَوَقَاهُمُ
اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُم بِمَا
صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِير}[الإنسان: 11 ــ 12].
ولو لم يكن للصّدقة دورٌ في قرب الإنسان إلى الله، لما تحدَّث سبحانه عن هذه
المكرمة لعليٍّ (ع) عندما أراد أن يكلّف الناسَ بولايته {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ
وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: 55]. والمراد بالزكاة، الصّدقة...
كان كلّ شيء في شخصيّة عليّ (ع) في خدمة الله، وهكذا كان سيفه وبطولته وشجاعته، لا
في خدمة الذّات، وإنَّما في خدمة الله . فإذا كنتم تحبُّون عليّاً (ع)، فأحبُّوا
خطّه، وأحبُّوا أخلاقه، وأحبّوا فكره وجهاده؛ فهذا هو عليّ (ع)، وليس هو مجرّد
إنسان تلتزمون بحبّه وتتنكَّرون لمواقفه ولخطّه...