"اللّهمَّ يَا مَنْ لاَ يَرْغَبُ في الجَزَاءِ، وَيَا مَنْ لاَ يَنْدَمُ عَلَى
العَطَاءِ، وَيَا مَنْ لاَ يُكَافئُ عَبْدَهُ عَلَى السَّوَاءِ، مِنَّتَكَ ابْتِداءٌ،
وَعَفْوُكَ تَفَضُّلٌ، وَعُقُوبَتُكَ عَدْلٌ وَقَضَاؤُكَ خِيَرَةٌ، إنْ أَعْطَيْتَ
لَمْ تَشُبْ عَطَاءَكَ بِمنٍّ، وَإنْ مَنَعْتَ لَمْ يَكُنْ مَنْعُكَ تَعَدِّياً،
تَشْكُرُ مَنْ شَكَرَكَ وَأَنْتَ أَلْهَمْتَهُ شُكْرَكَ، وَيُكَافئُ مَنْ حَمَدَكَ
وَأَنْتَ عَلَّمْتُهُ حَمْدَكَ.
تَسْتُرُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ فَضَحْتَه، وَتجُودُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ
مَنَعْتَه، وَكِلاهُما أهْلٌ مِنْكَ لِلْفَضِيحَةِ والمَنْع، غَيْرَ أَنَّكَ
بَنَيْتَ أَفْعَالَكَ عَلَى التَّفَضُّل، وَأَجْرَيْتَ قُدْرَتَكَ عَلَى
التَّجَاوُز، وَتَلَقَّيْتَ مَنْ عَصَاكَ بِالحِلْمِ، وَأَمْهَلْتَ مَنْ قَصَدَ
لِنَفْسِهِ بِالظُّلْمِ، تَسْتَنْظِرُهُمْ بِأَنَاتِكَ إلَى الإِنَابَةِ، وَتَتْرُكُ
مُعَالَجَتَهُمْ إلَى التَوْبَةِ لِكَيْلا يَهْلِكَ هَالِكُهُمْ، وَلاَ يَشْقَى
بِنِعْمَتِكَ شَقِيُّهُم، إلاَّ عَنْ طولِ الإعْذَارِ إلَيْهِ وبَعْدَ تَرَادُفِ
الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، كَرَماً مِنْ عَفْوِكَ يَا كَرِيمُ، وَعَائِدَةً مِنْ عَطْفِكَ
يَا حَلِيمُ.
أَنْتَ الَّذي فَتَحْتَ لِعِبَادِكَ بَاباً إلى عَفْوِكَ سَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ،
وَجَعَلْتَ عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ دَلِيلاً عَنْ وَحْيِكَ لِئَلاَّ يَضلّوا عَنْه،
فَقُلْتَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ: {تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى
رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي الله النَّبِيَّ وَالَّذِينَ
آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ
رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ}. فَمَا عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ ذَلِكَ المَنْزِلِ بَعْدَ فَتْحِ
الْبَابِ وَإقَامَةِ الدَّلِيل؟!.
وَأَنْتَ الَّذِي زِدْتَ في السَّوْمِ عَلَى نَفْسِكَ لِعِبَادِكَ، تُريدُ
رِبْحَهُمْ في مُتَاجَرَتِهِمْ لَكَ، وَفَوْزَهُمْ بِالوَفَادَةِ عَلَيْكَ
وَالزِّيَادَةِ مِنْكَ، فَقُلْتَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَيْتَ: {مَن جَاء
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى
إِلاَّ مِثْلَهَا}، وَقُلْتَ: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي
سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ
مِّئَةُ حَبَّةٍ وَالله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ}، وَقُلْتَ: {مَّن ذَا الَّذِي
يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً}، وَمَا
أَنْزَلْتَ مِنْ نَظَائرهنَّ في الْقُرآنِ مِنْ تَضَاعيفِ الحسنات.
وَأَنْتَ الَّذي دلَلْتَهُمْ بِقَوْلِكَ مِنْ غَيْبِكَ وَتَرْغِيبِكَ الَّذِي فِيهِ
حَظّهُمْ عَلَى مَا لَوْ سَتَرْتَهُ عَنْهُمْ لَمْ تُدْرِكهُ أَبْصَارُهُمْ، وَلَمْ
تَعهِ أَسْمَاعُهُمْ، وَلَمْ تَلْحَقْهُ أَوْهَامُهُم، فَقُلْتَ: {فَاذْكُرُونِي
أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}، وَقُلْتَ: {لَئِن شَكَرْتُمْ
لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، وَقُلْتَ: {ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ
جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، فَسَمَّيْتَ دُعَاءَكَ عِبَادَةً، وَتَرْكَهُ اسْتِكْبَاراً،
وَتَوَعَّدْتَ عَلَى تَرْكِهِ دُخُولَ جَهَنَّمْ دَاخِرين، فَذَكَرُوكَ بِمَنِّكَ،
وَشَكَرُوكَ بِفَضْلِكَ وَدَعوكَ بِأَمْرِكَ، وَتَصَدَّقُوا لَكَ طَلَباً
لِمَزِيدِكَ، وَفِيهَا كَانَتْ نَجَاتُهُمْ مِنْ غَضَبِكَ، وَفَوْزُهُمْ بِرِضَاكَ،
وَلَوْ دَلَّ مَخْلُوقٌ مَخْلُوقاً مِنْ نَفْسِهِ عَلَى مِثْلِ الَّذِي دَلَلْتَ
عَلَيْهِ عِبَادَكَ مِنْكَ، كَانَ مَوْصوفاً بِالإِحْسَانِ، وَمَنعُوتاً
بِالامْتِنَانِ، وَمَحْمُوداً بكُلِّ لِسان.
فَلَكَ الْحَمْدُ مَا وُجِدَ في حَمْدِكَ مَذْهَبٌ وَمَا بَقِيَ لِلْحَمْدِ لَفْظٌ
تُحْمَدُ بِهِ وَمَعْنىً يَنْصَرِفُ إليْهِ، يَا مَنْ تحمَّدَ إلَى عِبَادِهِ
بِالإحْسَانِ والْفَضْلِ وَغمَرَهُمْ بِالْمَنِّ والْطَّوْل، مَا أَفْشَى فِينَا
نِعْمَتَكَ وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا مِنَّتَكَ وَأَخَصَّنَا بِبِرّكَ، هَدَيْتَنا
لِدِينك الَّذي اصْطَفَيْتَ ومِلَّتِكَ الَّتي ارْتَضَيْتَ وَسَبِيلكَ الَّذي
سَهَّلْتَ، وَبَصَّرْتَنَا الزُّلْفَةَ لَدَيْكَ وَالْوُصُولَ إلى كَرَامَتِكَ.
اللهمَّ وَأَنْتَ جَعَلْتَ مِنْ صَفَايَا تِلْكَ الْوَظَائِفِ وَخَصَائِصِ تِلْكَ
الْفُرُوضِ شَهْرَ رَمَضَان الَّذي اخْتَصَصْتَهُ مِنْ سَائِرِ الشُّهُور،
وَتَخَيَّرْتَهُ مِنْ جَميعِ الأَزْمِنَةِ والدُّهُور، وَآثَرْتَهُ عَلَى كُلِّ
أوْقَاتِ السَّنَةِ بِمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْنُّور، وَضَاعَفْتَ
فِيهِ مِنَ الإيمانِ وَفَرَضْتَ فِيهِ مِنَ الصِّيَامِ وَرَغِّبْتَ فِيْهَ مِنَ
الْقِيَام، وَأحْلَلْتَ فِيِهِ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ
ألْفِ شَهْر.
ثُمَّ آثَرْتَنَا بِهِ عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ وَاصْطَفَيْتَنَا بِفَضْلِكَ دُونَ
أهْلِ الْمِلَل، فَصُمْنَا بِأَمْرِكَ نَهَارَهُ وَقُمْنا بِعَوْنِكَ لَيْلَهُ،
مُتَعَرِّضِينَ بِصِيَامِهِ وَقِيَامِهِ لِمَا عَرَّضْتَنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِكَ
وَتَسَبَّبْنَا إلَيْهَ مِنْ مَثُوبَتِك، أنْتَ الْمَليءُ بِمَا رُغِبَ فِيهَ
إلَيْكَ الْجَوَادُ بِمَا سُئِلْتَ مِنْ فَضْلِكَ، الْقَرِيبُ إلى مَنْ حَاوَلَ
قُرْبَك.
وَقَدْ أَقَامَ فينا هَذَا الشَهْر مَقَامَ حَمْدٍ وَصَحبنا صُحْبَةَ مَبْرُورٍ
وَأَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمين، ثُمَّ قُدْ فَارَقَنَا عِنْدَ
تَمَامَ وَقْتِهِ وَانْقِطَاعِ مُدَّتِهِ وَوَفاءِ عَدَدِه، فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ
وَدَاعَ مَنْ عَزَّ فِرَاقُهُ عَلَيْنا وَغَمَّنَا وَأَوْحَشَنا انْصِرَافُهُ
عَنَّا وَلَزِمَنَا لَهُ الذِّمَامُ الْمَحْفُوظُ وَالْحُرْمَةُ الْمَرْعِيَةُ
وَالحَقُّ الْمَقْضِيّ.
فَنَحْنُ قَائلُونَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا شَهْرَ اللهِ الأَكْبَرْ، وَيَا عِيدَ
أَوْلِيَائِهِ الأَعْظَمْ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَكْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ
الأَوْقَات، وَيَا خَيْرَ شَهْرٍ فِي الأَيَّامِ والْسَّاعَات، السَّلامُ عَلَيْكَ
مِنْ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِيهِ الآمَال، وَنُشِرَتْ فِيهِ الأَعْمَال، السَّلامُ
عَلَيْكَ مِنْ قَرِينٍ جَلَّ قَدْرُهُ مَوْجُوداً وَأَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً
وَمَرْجُوّاً أَلَمَ فِرَاقُه، السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ أَلِيفٍ آنَسَ مُقْبِلاً
فَسَرَّ وَأَوْحَشَ مُنْقَبِضاً فَمَضَّ، السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ مُجَاوِرٍ رَقَّتْ
فِيهِ الْقُلُوبُ وَقَلَّتْ فيهِ الذُّنَوب.
السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ نَاصِرٍ أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَان، وَصَاحِبٍ سَهَّلَ
سُبُلَ الإِحْسَان، السَّلامُ عَلَيْكَ مَا أَكْثَرَ عُتَقَاء الله فِيكَ وَمَا
أَسْعَدَ مَنْ رَعَى حُرْمَتَكَ بِكَ، السَّلامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَطْوَلَكَ
عَلَى الْمُجْرِمينَ وَأَهْيَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤمِنين، السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ
شَهْرٍ لاَ تُنَافِسُهُ الأَيَّام، السَّلام عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ هُوَ مِنْ كُلِّ
أَمْرٍ سلام، السَّلامُ عَلَيْكَ غَيْرَ كَرِيهِ الْمُصَاحَبَةِ وَلاَ ذَمِيمِ
الْمُلابَسَة.
السَّلامُ عَلَيْكَ كَمَا وَفَدْتَ عَلَيْنَا بِالْبَرَكَات وَغَسَلْتَ عَنّا دَنَسَ
الْخَطِيئات، السَّلامُ عَلَيْكَ غَيْرَ مُوَدَّعٍ بَرَماً وَلاَ مَتْرُوك صِيَامُهُ
سَأماً، السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ مَطْلُوبٍ قَبْلَ وَقْتِهِ وَمَحْزُونٍ عَلَيْهِ
قَبْلَ فَوْتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ كَمْ مِنْ سُوءٍ صُرِفَ بِكَ عَنَا وَكَمْ مِنْ
خَيْرٍ أُفِيضَ بِكَ عَلَيْنَا، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى لَيْلَةِ القَدْرِ
الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر، السَّلامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَحْرَصَنَا
بِالأَمْسِ عَلَيْكَ وَأَشَدّ شَوْقَنَا غَداً إِلَيْك، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى
فَضْلِكَ الّذِي حُرِمْنَاهُ وَعَلَى مَاضٍ مِنٍ بَرَكَاتِكَ سُلِبْنَاهُ.
اللهمَّ إِنَّا أهْلُ هذا الشَهْر الَّذِي شَرَّفْتَنَا بِهِ وَوَفَّقْتَنَا
بِمَنِّكَ لَهُ حِينَ جَهِلَ الأَشْقِياءُ وَقْتَهُ وَحُرِمُوا لِشَقَائِهِمْ
فَضْلَه، أَنْتَ وَليُّ مَا آثَرْتَنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَهَدَيْتَنَا لَهُ
مِنْ سُنَّتِه، وَقَدْ تَوَلَّينا بِتَوْفِيقِكَ صِيَامَهُ وَقِيَامَهُ عَلَى
تَقْصِير وَأَدَّيْنا فِيهِ قَلِيلاً مِنْ كَثير، الَّلهمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ
إقْرَاراً بِالإِسَاءَةِ وَاعْتِرَافاً بِالإِضَاعَةِ وَلَكَ مِنْ قُلُوبِنَا عَقْد
النَّدَم وَمِنْ أَلْسِنَتِنَا صِدْق الاعْتِذَار، فَأَجِرْنَا عَلَى مَا
أَصَابَنَا فِيهِ مِنَ التَّفْرِيطِ أَجْراً نَسْتَدْرِكُ بِهِ الْفَضْلَ
الَمَرْغُوبَ فِيهَ وَنَعْتَاضُ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الذُّخْرِ الْمَحْرُوصِ
عَلَيْهِ، وَأَوْجِبْ لَنَا عُذْرَكَ عَلَى مَا قَصَّرْنَا فِيهِ مِنْ حَقِّكَ
وَأَبْلِغ بِأَعْمَارِنَا مَا بَيْنَ أَيْدِينَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَان الْمُقْبِلِ
فَإذَا بَلَّغْتَنَاهُ فَأَعِنَّا عَلَى تَنَاوُلِ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَ
الْعِبَادَةِ وَأَدِّنَا إلَى الْقِيَامِ بِمَا يَسْتَحِقَّهُ مِنَ الطَّاعَةِ
وَأَجْرِ لَنَا مِنْ صَالِحَ الْعَمَلِ مَا يَكُونُ دَرْكاً لِحَقِّكَ فِي
الشَّهْرَيْنِ مِنْ شُهُورِ الدُّهُور.
اللهمَّ وَمَا أَلْمَمْنَا بِهِ مِنْ شَهْرِنا هَذَا مِنْ لَمَمٍ أوْ إثْمٍ
وَاقَعْنا فِيهِ مِنْ ذَنْبٍ وَاكْتَسَبْنَا فيهِ مِنْ خَطِيئَةٍ عَلَى تَعَمُّدٍ
مِنَّا أَوْ عَلَى نِسْيَانٍ ظَلَمْنَا فِيهِ أَنْفُسَنَا أَوْ انْتَهَكْنَا فِيهِ
حُرْمَةً مِنْ غَيْرِنا، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاسْتُرْنَا بِسِتْرِكَ
وَاعْفُ عَنَّا بِعَفْوِكَ وَلاَ تَنْصِبْنَا فيهِ لأَعْيُنِ الشّامِتينَ وَلاَ
تَبْسُطْ عَلَيْنَا فِيهِ أَلْسُنَ الطَّاعِنينَ واسْتَعْمِلْنَا بِمَا يَكُونُ
حِطَّةً أَوْ كَفَّارَةً لِمَا أَنْكَرْتَ مِنَّا فِيهِ بِرَأْفَتِكَ الَّتِي لاَ
تَنْفَدُ وَفَضْلِكَ الَّذِي لاَ يَنْقُص.
اللهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ واجْبُرْ مُصِيبَتَنَا بِشَهْرِنَا،
وَبَارِكْ لَنَا في يَوْمِ عِيدِنَا وَفِطْرِنَا وَاجْعَلْهُ مِنْ خَيرِ يَوْم مَرَّ
عَلَيْنَا وأَجْلَبَهُ لِعَفْوٍ وَأَمْحَاهُ لِذَنْبٍ وَاغْفِرْ لَنَا مَا خَفِيَ
مِنْ ذُنُوبِنَا وَمَا عَلَن.
اللهمَّ اسْلَخْنَا بِانْسِلاَخِ هَذَا الشَهْرِ مِنْ خَطَايَانَا، وَأَخْرِجْنَا
بِخُرُوجِهِ مِنْ سَيِّئَاتِنَا، واجْعَلْنَا مِنْ أَسْعَدِ أَهْلِهِ بِهِ
وَأَجْزَلِهِمْ قِسْماً فِيهِ وَأَوْفَرِهِمْ حَظّاً منه.
اللهمَّ وَمَنْ رَعَى هذَا الشَّهْرَ حَقَّ رِعَايَتِه وَحَفَظَ حُرْمَتَهُ وَقَامَ
بِحُدُودِهِ حَقَّ قِيَامِهَا وَاتَّقَى ذُنُوبَهُ حَقَّ تُقَاتِهَا أَوْ تَقَرَّبَ
إلَيْكَ بِقُرْبَةٍ أَوْجَبَتْ رِضَاكَ لَهُ، وَعَطَفَتْ رَحْمَتَكَ عَلَيْه، فَهَبْ
لَنَا مِثْلَهُ مِنْ جُودِكَ وَأَعْطِنَا أَضْعَافَهُ مِنْ فَضْلِك، فإنَّ فَضْلَكَ
لاَ يَغِيضُ وَإنَّ خَزَائِنَكَ لاَ تَنْقُصُ بَلْ تَفِيضُ وإنَّ مَعَادِنَ
إحْسَانِكَ لاَ تَفْنَى وإنَّ عَطَاءَكَ للْعَطَاءُ الْمُهَنَّا.
اللهمَّ صَلِّ عَلىَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاكتُبْ لَنَا مِثْلَ أُجُورِ مَنْ صَامَهُ
أَوْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.
اللهمَّ إنَّا نَتُوبُ إلَيْكَ في يَوْمِ فِطْرِنَا الَّذي جَعَلْتَهُ لِلْمُؤمِنينَ
عِيداً وَسُرُوراً وَلأهْلِ مِلَّتِكَ مَجْمَعاً وَمُحْتَشَداً، مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ
أَذْنَبْنَاهُ أَوْ سُوءٍ أَسْلَفْنَاهُ أَوْ خَاطِرِ شَرّ أَضْمَرْنَاه، تَوْبَةَ
مَنْ لاَ يَنْطَوِي عَلَى رُجُوعٍ إلى ذَنْبٍ وَلاَ يَعُودُ بَعْدَها في خطيئَةٍ،
تَوْبَةً نَصُوحاً خَلُصَتْ مِنَ الشَّكِ وَالارْتِيَاب، فَتَقَبَّلْهَا مِنَّا
وارْضَ عَنَّا وَثَبِّتْنا عَلَيْهَا.
اللهمَّ ارْزُقْنا خَوْفَ عِقَابِ الْوَعِيدِ وَشَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ حَتَّى
نَجِدَ لَذَّة مَا نَدْعُوكَ بِهِ وَكآبَةَ مَا نَسْتَجير بِكَ مِنْهُ،
وَاجْعَلْنَا عِنْدَكَ مِنَ التَّوَابينَ الَّذِينَ أَوْجَبْتَ لَهُمْ مَحَبَّتَكَ
وَقَبِلْتَ مِنْهُمْ مُرَاجَعَةَ طَاعَتِك، يَا أَعْدَلَ الْعَادِلِين.
اللهمَّ تَجَاوَزْ عَنْ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَهْلِ دِيننا جَمِيعاً مَنْ
سَلَفَ مِنْهُمْ وَمَنْ غَبَرَ إلى يَوْمِ الْقِيامَة.
الَّلهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى مَلائِكَتِكَ
الْمُقَرَّبين، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَآلِه كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى أَنْبِيَائِكَ
الْمُرْسَلِين، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَآلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى عِبَادِكَ
الصَّالِحِين، وَأَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَبَّ الْعَالمين، تُبَلِّغُنا
بَرَكَتَهَا وَيَنَالُنَا نَفْعُها وَيُسْتَجَابُ بِهَا دُعَاؤنَا، إنَّكَ أَكْرَمُ
مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ وَأَكْفَى مَنْ تُوُكِّلَ عَلَيْهِ وَأَعْطَى مَنْ سُئِلَ مِنْ
فَضْلِهِ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير".