يا إلهي، إنّ المنحرفين عن خطّك، العاصين لأوامرك ونواهيك، المتمرّدين على
مسؤوليّاتهم التي حمّلتها لهم، لا يسقطون ـ دائماً ـ تحت وطأة عقابك وتأثير غضبك،
بل قد يأتيهم العفو، وتطوف بهم الرّحمة، فيمتدّون في الحياة، ويتقلّبون في نعمتك،
بالرّغم من امتدادهم في الغيّ، واستمرارهم في السّير في خطّ الانحراف، لأنّ مسألة
العقاب لديك ليست كما هي في الإنسان، مسألة ثأر الذات، ولأنّ قضيّة الغضب عندك،
ليست كما هي في الإنسان، قضيّة انفعال سلبيّ بالإساءة، ولكنّها ـ هنا وهناك ـ
مرتبطة بالحكمة التي تراقب الإنسان في كلّ مجالاته الظاهرة والباطنة، وفي كلّ نقاط
ضعفه، وفي كلّ إمكانات تحوّله من الشرّ إلى الخير، ومن الإساءة إلى الإحسان، ومن
المعصية إلى الطّاعة، فترحم مواضع ضعفه، وتلاحق كلّ مجالاته، وتمنحه الفرصة تلو
الفرصة للتّراجع والتصحيح، وللسّير في خطّ الاستقامة بدلاً من خط الانحراف في نهاية
المطاف.
وهذا الذي يتطلع إليه المنحرفون الخاطئون، ليجدوا أن عفوك أعلى من عقابك، وأن رحمتك
تتقدم غضبك، ولولا ذلك، لما استمرّ الإنسان في الوجود، لأن بقاءه يمثل لحظة عفو
ولمسة رحمة، وفي سموّ الألوهيّة، وعظمة الربوبيّة.
ونستمر في الملاحظة والقراءة في كتاب سنّتك في الكون، فنلاحظ أنّ كلّ ذرّة في
الوجود، تلهج بالسؤال في ابتهالاتها الوجوديّة في منطق حاجاتها التي تمثّل العناصر
الحيّة لوجودها، ونقرأ في سطور الخطّة الدّقيقة الشاملة التي فرضتها سننك، أنّ
عطاءك أكثر من منعك، فها هي نعمك متناثرة في كلّ مكان، تتّسع لكل الخلائق، بما
تملكه ـ يا ربّ ـ من خزائنك التي لا تنفد، الأمر الذي يجعل الوجود كلّه مشدوداً إلى
كرمك من موقع الثّقة الذاتية بأنّ العطاء لديك سرّ ذاتك، ولهذا فإنّك تمنح الخلق
كلّه ما تمنحه من دون أن تنتظر الجزاء من أحد، لأنّك الغني عن الوجود كله، ولأنّ
الكرم صفة من صفاتك، كما أنك ـ عندما تعاقب ـ فإن عقابك ينطلق من حسابات المصلحة في
حكمتك، فلا معنى للإفراط فيه، ففيه تجتمع الحكمة والرّحمة في نطاق الحالة الصغيرة
في الشّخص نفسه، والحالة الكبيرة في مصلحة الوجود كله.
*من كتاب "آفاق الرّوح" ، ج1.
يا إلهي، إنّ المنحرفين عن خطّك، العاصين لأوامرك ونواهيك، المتمرّدين على
مسؤوليّاتهم التي حمّلتها لهم، لا يسقطون ـ دائماً ـ تحت وطأة عقابك وتأثير غضبك،
بل قد يأتيهم العفو، وتطوف بهم الرّحمة، فيمتدّون في الحياة، ويتقلّبون في نعمتك،
بالرّغم من امتدادهم في الغيّ، واستمرارهم في السّير في خطّ الانحراف، لأنّ مسألة
العقاب لديك ليست كما هي في الإنسان، مسألة ثأر الذات، ولأنّ قضيّة الغضب عندك،
ليست كما هي في الإنسان، قضيّة انفعال سلبيّ بالإساءة، ولكنّها ـ هنا وهناك ـ
مرتبطة بالحكمة التي تراقب الإنسان في كلّ مجالاته الظاهرة والباطنة، وفي كلّ نقاط
ضعفه، وفي كلّ إمكانات تحوّله من الشرّ إلى الخير، ومن الإساءة إلى الإحسان، ومن
المعصية إلى الطّاعة، فترحم مواضع ضعفه، وتلاحق كلّ مجالاته، وتمنحه الفرصة تلو
الفرصة للتّراجع والتصحيح، وللسّير في خطّ الاستقامة بدلاً من خط الانحراف في نهاية
المطاف.
وهذا الذي يتطلع إليه المنحرفون الخاطئون، ليجدوا أن عفوك أعلى من عقابك، وأن رحمتك
تتقدم غضبك، ولولا ذلك، لما استمرّ الإنسان في الوجود، لأن بقاءه يمثل لحظة عفو
ولمسة رحمة، وفي سموّ الألوهيّة، وعظمة الربوبيّة.
ونستمر في الملاحظة والقراءة في كتاب سنّتك في الكون، فنلاحظ أنّ كلّ ذرّة في
الوجود، تلهج بالسؤال في ابتهالاتها الوجوديّة في منطق حاجاتها التي تمثّل العناصر
الحيّة لوجودها، ونقرأ في سطور الخطّة الدّقيقة الشاملة التي فرضتها سننك، أنّ
عطاءك أكثر من منعك، فها هي نعمك متناثرة في كلّ مكان، تتّسع لكل الخلائق، بما
تملكه ـ يا ربّ ـ من خزائنك التي لا تنفد، الأمر الذي يجعل الوجود كلّه مشدوداً إلى
كرمك من موقع الثّقة الذاتية بأنّ العطاء لديك سرّ ذاتك، ولهذا فإنّك تمنح الخلق
كلّه ما تمنحه من دون أن تنتظر الجزاء من أحد، لأنّك الغني عن الوجود كله، ولأنّ
الكرم صفة من صفاتك، كما أنك ـ عندما تعاقب ـ فإن عقابك ينطلق من حسابات المصلحة في
حكمتك، فلا معنى للإفراط فيه، ففيه تجتمع الحكمة والرّحمة في نطاق الحالة الصغيرة
في الشّخص نفسه، والحالة الكبيرة في مصلحة الوجود كله.
*من كتاب "آفاق الرّوح" ، ج1.