قال سماحة العلامة السيّد محمد حسين فضل الله، في احتفالٍ خطابيّ أقيم بعد الصَّلاة على شهداء الزراريّة في حسينيَّة روضة الشّهيدين، "إنَّ الموقف أكبر من الكلام؛ يريدوننا أن نتحدَّث دائماً عن المأساة لتسحقنا المأساة، وتتولّى أجهزة الإعلام الرسميّة وغير الرسميّة عرض بطولتنا بالطَّريقة الّتي تتحوَّل فيها إلى مآسٍ، لأنَّ سياستهم تهدف إلى أن يبكي النّاس، ويخافوا من المعادلات، فيظلّوا في أسرها، ويخافوا من حساسيَّات الوضع اللّبنانيّ الخاصّ، ومن كلّ شيء، حتّى يهزم الخوف فيهم كلَّ شيء".
وأضاف: "كانت كربلاء مأساةً، لكنَّها حوَّلت المأساة إلى عنصرٍ من عناصر الشّعور العميق الّذي ينطلق ليمنع المأساة، وإسرائيل أرادت من خلال مجزرة معركة ومجزرة الزراريّة، أن تسقط الرّوح في القرى المقاومة، وأن تجعل في الجنوب دير ياسين جديدة، لكنّ شعبنا عاش على روح كربلاء، ورضع أطفاله وتغذّى شبابه ونساؤه وشيوخه من كربلاء.. وكلّ ما فيها من دمٍ ينطلق ليكون ثورة".
وأكَّد سماحته أن "لا خيار لنا إلا أن نقاوم، لأنَّ القضيَّة الآن مثل موقف الإمام الحسين في كربلاء؛ موقف بين السلّة والذلّة، وهيهات منا الذلّة! قالها الحسين في وجه يزيد، ويريدنا أن نقولها في وجه إسرائيل، لأنّ إسرائيل تخيّرنا بين الموت بين عجلات دبّاباتها، أو الموت أحياءً بين عجلات سياساتها واقتصادها ومنطقها، وأنتم قد جرَّبتم كيف استطاع المقاومون بإسلامهم وعمق إسلامهم وإيمانهم، أن يهزموا زهو إسرائيل وجبروتها، وأن يربكوا الواقع السّياسيّ فيها".
وتابع القول: "بعض النَّاس يلاحظ ظاهرة الشَّباب المؤمن في الجنوب، الَّذي لا هويَّة له سوى هويَّة الإيمان، وهويّة الجهاد، ولذلك نراهم هناك لا يختلفون على هويّة هذه البندقيَّة وهويّة تلك البندقيَّة، ما دامت البندقيَّة تقاتل إسرائيل.
لقد اتّحدوا من خلال الإسلام. وفي حديثنا عن الإسلام، لا نريد أن نستهلكه كما يستهلكه الطائفيّون، لتحويله إلى عشيرة، فالإسلام الَّذي نتحدَّث عنه هو إسلام القرآن والشّريعة والقيم، الَّذي لا يثير إلا الانفتاح والاحترام؛ احترام النّاس واحترام النّفس والمصير والمستقبل. والّذين يعيشون الحاضر للصّلاة والصّوم والحجّ والزكاة، والّذين تعوّدوا الذلّ والخضوع، لا يعيشون روح الإسلام، لأنّ الله يريد لنا العزّة والحريّة والكرامة، حاولوا أن تخرجوا الإسلام من علبة الطائفيّة الّتي لا تحمل إلا الحقد والدّمار للنّفس وللآخرين.
لقد فهم شهداؤنا روح الإسلام، وعاشوا مسؤوليَّتهم، وتحركوا في خطِّ الجهاد، وعلينا في هذه الظروف أن نعيش وحدة المصير والرسالة والجهاد؛ وحدة الوقوف أمام التَّحديات، إنّكم ترون أنَّ العالم المستكبر كلّه، بما فيه أميركا، وقفت لتمنع العالم، ممثَّلاً بمجلس الأمن، من إدانة قتل النِّساء والأطفال والشّيوخ، وتدمير البيوت، وسحق السيّارات، وكأنها تقول لإسرائيل: مزيداً من القتل، لأنَّ المهمَّ عندها أن تبقى إسرائيل، وأن تخرج من لبنان، إذا خرجت، بقوَّة، لتظلَّ تضغط على سياسة لبنان والمنطقة بقوّة، لنظلَّ مجرّد أدوات استهلاك لمنتوجات أميركا".
وختم بالقول: "إنَّ العالم المستكبر يقف ضدّنا، فهل تسكتون أم تتنازعون على جنس الملائكة والبطاقات الحزبيَّة؟ إذا كنتم تريدون الانتماء إلى الجهاد والمرحلة، فليكن انتماؤنا للشّهداء، إنَّ الوقت ليس وقت البحث عن الذّات أو المحور السياسي أو الطّائفة، وإنما وقت البحث عن الحريّة، وبعد أن نكسب حريّة إرادتنا وحريّة أرضنا، يمكن أن نختلف، أما والعدوّ يدقّ الباب ويدخل البيوت ويسحق، فلا يجوز أن نختلف، علينا بالوحدة؛ الوحدة بين المؤمنين، الوحدة بين المسلمين، والوحدة بين اللّبنانيّين، الّذين يختارون خطّ الجهاد والحريّة.
وفاؤنا للشّهداء أن نعمل على أن تكون دماؤهم إشراقة الحريّة، من خلال وحدتنا وجهادنا وعملنا، فهذا هو الوفاء، وهذا هو المصير".
*جريدة السّفير، 14/3/ 1985

قال سماحة العلامة السيّد محمد حسين فضل الله، في احتفالٍ خطابيّ أقيم بعد الصَّلاة على شهداء الزراريّة في حسينيَّة روضة الشّهيدين، "إنَّ الموقف أكبر من الكلام؛ يريدوننا أن نتحدَّث دائماً عن المأساة لتسحقنا المأساة، وتتولّى أجهزة الإعلام الرسميّة وغير الرسميّة عرض بطولتنا بالطَّريقة الّتي تتحوَّل فيها إلى مآسٍ، لأنَّ سياستهم تهدف إلى أن يبكي النّاس، ويخافوا من المعادلات، فيظلّوا في أسرها، ويخافوا من حساسيَّات الوضع اللّبنانيّ الخاصّ، ومن كلّ شيء، حتّى يهزم الخوف فيهم كلَّ شيء".
وأضاف: "كانت كربلاء مأساةً، لكنَّها حوَّلت المأساة إلى عنصرٍ من عناصر الشّعور العميق الّذي ينطلق ليمنع المأساة، وإسرائيل أرادت من خلال مجزرة معركة ومجزرة الزراريّة، أن تسقط الرّوح في القرى المقاومة، وأن تجعل في الجنوب دير ياسين جديدة، لكنّ شعبنا عاش على روح كربلاء، ورضع أطفاله وتغذّى شبابه ونساؤه وشيوخه من كربلاء.. وكلّ ما فيها من دمٍ ينطلق ليكون ثورة".
وأكَّد سماحته أن "لا خيار لنا إلا أن نقاوم، لأنَّ القضيَّة الآن مثل موقف الإمام الحسين في كربلاء؛ موقف بين السلّة والذلّة، وهيهات منا الذلّة! قالها الحسين في وجه يزيد، ويريدنا أن نقولها في وجه إسرائيل، لأنّ إسرائيل تخيّرنا بين الموت بين عجلات دبّاباتها، أو الموت أحياءً بين عجلات سياساتها واقتصادها ومنطقها، وأنتم قد جرَّبتم كيف استطاع المقاومون بإسلامهم وعمق إسلامهم وإيمانهم، أن يهزموا زهو إسرائيل وجبروتها، وأن يربكوا الواقع السّياسيّ فيها".
وتابع القول: "بعض النَّاس يلاحظ ظاهرة الشَّباب المؤمن في الجنوب، الَّذي لا هويَّة له سوى هويَّة الإيمان، وهويّة الجهاد، ولذلك نراهم هناك لا يختلفون على هويّة هذه البندقيَّة وهويّة تلك البندقيَّة، ما دامت البندقيَّة تقاتل إسرائيل.
لقد اتّحدوا من خلال الإسلام. وفي حديثنا عن الإسلام، لا نريد أن نستهلكه كما يستهلكه الطائفيّون، لتحويله إلى عشيرة، فالإسلام الَّذي نتحدَّث عنه هو إسلام القرآن والشّريعة والقيم، الَّذي لا يثير إلا الانفتاح والاحترام؛ احترام النّاس واحترام النّفس والمصير والمستقبل. والّذين يعيشون الحاضر للصّلاة والصّوم والحجّ والزكاة، والّذين تعوّدوا الذلّ والخضوع، لا يعيشون روح الإسلام، لأنّ الله يريد لنا العزّة والحريّة والكرامة، حاولوا أن تخرجوا الإسلام من علبة الطائفيّة الّتي لا تحمل إلا الحقد والدّمار للنّفس وللآخرين.
لقد فهم شهداؤنا روح الإسلام، وعاشوا مسؤوليَّتهم، وتحركوا في خطِّ الجهاد، وعلينا في هذه الظروف أن نعيش وحدة المصير والرسالة والجهاد؛ وحدة الوقوف أمام التَّحديات، إنّكم ترون أنَّ العالم المستكبر كلّه، بما فيه أميركا، وقفت لتمنع العالم، ممثَّلاً بمجلس الأمن، من إدانة قتل النِّساء والأطفال والشّيوخ، وتدمير البيوت، وسحق السيّارات، وكأنها تقول لإسرائيل: مزيداً من القتل، لأنَّ المهمَّ عندها أن تبقى إسرائيل، وأن تخرج من لبنان، إذا خرجت، بقوَّة، لتظلَّ تضغط على سياسة لبنان والمنطقة بقوّة، لنظلَّ مجرّد أدوات استهلاك لمنتوجات أميركا".
وختم بالقول: "إنَّ العالم المستكبر يقف ضدّنا، فهل تسكتون أم تتنازعون على جنس الملائكة والبطاقات الحزبيَّة؟ إذا كنتم تريدون الانتماء إلى الجهاد والمرحلة، فليكن انتماؤنا للشّهداء، إنَّ الوقت ليس وقت البحث عن الذّات أو المحور السياسي أو الطّائفة، وإنما وقت البحث عن الحريّة، وبعد أن نكسب حريّة إرادتنا وحريّة أرضنا، يمكن أن نختلف، أما والعدوّ يدقّ الباب ويدخل البيوت ويسحق، فلا يجوز أن نختلف، علينا بالوحدة؛ الوحدة بين المؤمنين، الوحدة بين المسلمين، والوحدة بين اللّبنانيّين، الّذين يختارون خطّ الجهاد والحريّة.
وفاؤنا للشّهداء أن نعمل على أن تكون دماؤهم إشراقة الحريّة، من خلال وحدتنا وجهادنا وعملنا، فهذا هو الوفاء، وهذا هو المصير".
*جريدة السّفير، 14/3/ 1985