مختارات
06/05/2016

معرفة النفس انفتاح على الله وانشداد إليه

معرفة النفس انفتاح على الله وانشداد إليه

ربما لا يعرف كثيرون عن أنفسهم في قدراتها وحاجاتها الفكريّة والروحيّة والنفسيّة أكثر مما يعرفون عن محيطهم من أصدقاء وأقارب وزملاء وإخوان، فيعيشون في بعض الأحيان انعدام الوزن، وتشوّش الذّهن، وارتباك الموقف، وضبابيّة الرّؤية للأمور والأحداث.


لقد وهبنا الله تعالى نعمة العقل لنغذِّيه بالفكر السَّليم، ونعرف قدرته وحدوده، كي ننمِّيه في دائرة الخير والعطاء، ووهبنا الله تعالى قلباً لنعمره بالحبّ والرّحمة، ولينبض بمشاعر الرأفة والحنان والعطف، كي يتكامل دوره مع العقل في حفظ العلاقات والأوضاع العامّة والخاصّة، ووهبنا الله تعالى نعمة الحواسّ لنحركها فيما يرتضيه من قولٍ أو فعلٍ أو حركة، وعندما يدرس الإنسان نفسه من خلال كلّ ذلك، يتعرّف مكامن قوَّته ونقاط ضعفه، من خلال قوَّته في عقله وقلبه ومشاعره، ليقف أمام حقيقة واضحة، وهي نعمة الله عليه، لينفتح على خالقه، فيعرف كلّ الفضل عليه فيما أنعم عليه، ويستدلّ على عظمة الخالق، فيعرف ما لله من حقّ في السَّعي الدَّائم للإقبال عليه والانفتاح عليه والقرب منه، وتوحيده حقّ التَّوحيد، والإخلاص له حقَّ الإخلاص، بما يعمِّق الارتباط بين الخالق والمخلوق بالشَّكل الصَّحيح والسويّ، وبما يبرِّر أصالة الفطرة وحركة العقل والمشاعر.


وكلّما تعرّف الإنسان إلى أسرار الله في خلقه وفي نفسه، فهم عظمة الله أكثر، وتحركت فطرته نحوه أكثر، وتوحيده أكثر، وقد جاء في الحديث المرويّ: "من عرف نفسه فقد عرف ربّه".


وقد جاء في الكتاب المجيد: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[فصِّلت: 53].

هذا وقد أوضح سماحة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض) مسألة معرفة النَّفس وانعكاساتها على معرفة الله وما يعنيه ذلك، حيث يقول: "معرفة النَّفس هي أن تعرف طبيعة أسرار الله في وجودك.. ثم أن تفهم نفسك جيِّداً في تفكيرك وفي نفسك، بحيث تكون لك ثقافة وجودك، في فقرك إلى ربِّك، وحاجتك إليه في جميع الحالات، لتصل إلى اكتشاف عمق الفطرة التوحيديَّة الّتي تشدّك إلى الله بطريقة عزيزيَّة نفسيَّة، لتجد نفسك منفتحاً على كلِّ مواقع القدرة والعلم والوجود كلّه. فنحن ـ للأسف ـ نملك ثقافة وجود الآخرين، ولا نملك ثقافة وجودنا، فلو أنَّ أيَّ شخصٍ فاجأنا وقال لنا: ما هي أفكاركم؟ وما هي مفاهيمكم الإسلاميَّة؟ ما هي مفاهيمكم السياسيَّة؟ ما هي علاقاتكم؟ ما هي أوضاعكم؟ ما هي نظرتكم؟ لم نكن قادرين على الإجابة الواضحة والفوريَّة.


أمَّا لو سأل شخص عن صديقك، فحينئذٍ تجلس عشر ساعات تتحدَّث عنه، نحن نحدِّق بالآخرين قبل أن نحدِّق بأنفسنا، لذلك عندما نفهم أنفسنا في أجهزتنا الّتي أودعها الله فينا، فإنّنا نفهم سرَّ الله في وجودنا، وعندما نفهم أنفسنا في تطلّعات الرّوح والإنتاج العقلي والإحساس الشعوري، فإنّنا نعرف عظمة الله في ذلك كلّه، وعندما نفهم أنفسنا فيما نحرّك فيه أنفسنا في الحياة من خطوط مستقيمة غير منحرفة، فإنّنا نعرف الله عند ذلك".]كتاب النّدوة: ج1، ص 642- 643[.


   حبّذا لو نرجع إلى أنفسنا، ونتعرّف إليها حقّ المعرفة، لننطلق إلى معرفة الله بكلّ وعي ومسؤوليّة، ونعيد تصويب مسيرتنا، وتصحيح أوضاعنا، وترتيب علاقاتنا، بما ينسجم مع دورنا في الحياة في استخلاص الأرض كما ينبغي، عبر المساهمة الفعّالة والإيجابيّة في بناء الذّات والمجتمع، بما يحقّق التّوازن الإنساني والفعل الحضاري، من خلال تحريك فطرة التّوحيد وحركة العقل والرّوح في سبيل الله والانفتاح عليه.

 
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

ربما لا يعرف كثيرون عن أنفسهم في قدراتها وحاجاتها الفكريّة والروحيّة والنفسيّة أكثر مما يعرفون عن محيطهم من أصدقاء وأقارب وزملاء وإخوان، فيعيشون في بعض الأحيان انعدام الوزن، وتشوّش الذّهن، وارتباك الموقف، وضبابيّة الرّؤية للأمور والأحداث.


لقد وهبنا الله تعالى نعمة العقل لنغذِّيه بالفكر السَّليم، ونعرف قدرته وحدوده، كي ننمِّيه في دائرة الخير والعطاء، ووهبنا الله تعالى قلباً لنعمره بالحبّ والرّحمة، ولينبض بمشاعر الرأفة والحنان والعطف، كي يتكامل دوره مع العقل في حفظ العلاقات والأوضاع العامّة والخاصّة، ووهبنا الله تعالى نعمة الحواسّ لنحركها فيما يرتضيه من قولٍ أو فعلٍ أو حركة، وعندما يدرس الإنسان نفسه من خلال كلّ ذلك، يتعرّف مكامن قوَّته ونقاط ضعفه، من خلال قوَّته في عقله وقلبه ومشاعره، ليقف أمام حقيقة واضحة، وهي نعمة الله عليه، لينفتح على خالقه، فيعرف كلّ الفضل عليه فيما أنعم عليه، ويستدلّ على عظمة الخالق، فيعرف ما لله من حقّ في السَّعي الدَّائم للإقبال عليه والانفتاح عليه والقرب منه، وتوحيده حقّ التَّوحيد، والإخلاص له حقَّ الإخلاص، بما يعمِّق الارتباط بين الخالق والمخلوق بالشَّكل الصَّحيح والسويّ، وبما يبرِّر أصالة الفطرة وحركة العقل والمشاعر.


وكلّما تعرّف الإنسان إلى أسرار الله في خلقه وفي نفسه، فهم عظمة الله أكثر، وتحركت فطرته نحوه أكثر، وتوحيده أكثر، وقد جاء في الحديث المرويّ: "من عرف نفسه فقد عرف ربّه".


وقد جاء في الكتاب المجيد: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[فصِّلت: 53].

هذا وقد أوضح سماحة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض) مسألة معرفة النَّفس وانعكاساتها على معرفة الله وما يعنيه ذلك، حيث يقول: "معرفة النَّفس هي أن تعرف طبيعة أسرار الله في وجودك.. ثم أن تفهم نفسك جيِّداً في تفكيرك وفي نفسك، بحيث تكون لك ثقافة وجودك، في فقرك إلى ربِّك، وحاجتك إليه في جميع الحالات، لتصل إلى اكتشاف عمق الفطرة التوحيديَّة الّتي تشدّك إلى الله بطريقة عزيزيَّة نفسيَّة، لتجد نفسك منفتحاً على كلِّ مواقع القدرة والعلم والوجود كلّه. فنحن ـ للأسف ـ نملك ثقافة وجود الآخرين، ولا نملك ثقافة وجودنا، فلو أنَّ أيَّ شخصٍ فاجأنا وقال لنا: ما هي أفكاركم؟ وما هي مفاهيمكم الإسلاميَّة؟ ما هي مفاهيمكم السياسيَّة؟ ما هي علاقاتكم؟ ما هي أوضاعكم؟ ما هي نظرتكم؟ لم نكن قادرين على الإجابة الواضحة والفوريَّة.


أمَّا لو سأل شخص عن صديقك، فحينئذٍ تجلس عشر ساعات تتحدَّث عنه، نحن نحدِّق بالآخرين قبل أن نحدِّق بأنفسنا، لذلك عندما نفهم أنفسنا في أجهزتنا الّتي أودعها الله فينا، فإنّنا نفهم سرَّ الله في وجودنا، وعندما نفهم أنفسنا في تطلّعات الرّوح والإنتاج العقلي والإحساس الشعوري، فإنّنا نعرف عظمة الله في ذلك كلّه، وعندما نفهم أنفسنا فيما نحرّك فيه أنفسنا في الحياة من خطوط مستقيمة غير منحرفة، فإنّنا نعرف الله عند ذلك".]كتاب النّدوة: ج1، ص 642- 643[.


   حبّذا لو نرجع إلى أنفسنا، ونتعرّف إليها حقّ المعرفة، لننطلق إلى معرفة الله بكلّ وعي ومسؤوليّة، ونعيد تصويب مسيرتنا، وتصحيح أوضاعنا، وترتيب علاقاتنا، بما ينسجم مع دورنا في الحياة في استخلاص الأرض كما ينبغي، عبر المساهمة الفعّالة والإيجابيّة في بناء الذّات والمجتمع، بما يحقّق التّوازن الإنساني والفعل الحضاري، من خلال تحريك فطرة التّوحيد وحركة العقل والرّوح في سبيل الله والانفتاح عليه.

 
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية