محاضرات
07/11/2023

محاسبةُ النَّفسِ للوقوفِ على نقاطِ ضعفِها وقوّتِها

24 ربيع االثاني 1445هـ
محاسبة النفس

أراد الله تعالى للإنسان أن يتكامل في نفسه، بحيث يكون كلّ يوم أفضل من اليوم الَّذي قبله، وفي هذا جاء في الحديث عن الإمام عليّ (ع): "من استوى يوماه فهو مغبون"(1)، فكما يفكّر كلّ واحد منا أن تكون صحته ورصيده المالي ومنزلته الاجتماعيَّة في اليوم الثاني أفضل من اليوم الأوَّل، كذلك أن تكون شخصيَّته الإسلاميَّة في اليوم والشَّهر الثاني أفضل من اليوم والشهر الأول، بحيث يدرس الإنسان نموّ شخصيته في عقله وقلبه وأخلاقه وعلاقاته؛ أن يدرسها دراسة دقيقة في كلِّ يوم، ليشعر بأنه في طريقه إلى الله تعالى يصعد في كلِّ يوم درجة، حتى يكون قد وصل إلى أعلى درجاته في اليوم الَّذي يقف فيه بين يدي الله سبحانه.
وقد ورد في الدّعاء: "اللَّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ بِاسْمِكَ يا اَللهُ، أنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ تَجْعَلَ خَيْرَ عُمْري آخِرَهُ، وَخَيْرَ أعْمالي خَوَاتِيمَها"(2).
لا يكفي أن يعتبر الإنسان نفسه مسلماً ليشعر بأنَّه قد وفّى قسطه للعلى، وأنَّه انتهى من الجهد والتَّعب، أو أن يشعر الإنسان عندما ينتمي إلى حزب أو منظمة أو جمعية إسلامية، بأنه أصبح يوزّع مواعظ على النَّاس ولا يستطيع أحد أن يعظه، مع أنَّ هذا الجمود عن التفكّر في أمره ومحاسبة نفسه قد يجعله يتراجع، لأنَّه أغلق على نفسه باب التغيّر والتطوّر، وقد يسيء إلى الإسلام من خلال تأكيد صفته في داخل ذاته أكثر مما يحسن إلى الإسلام.
وهذا ما ركَّز الإسلام عليه لكي يبقى الإنسان في حالة حساب لنفسه، بأن يعتبر أنَّه قد وقف بين يدي الله تعالى للحساب، فيفترض أسئلةً لكي يحاسب نفسه، وبذلك يفهم نفسه، فيفهم سلبيَّاتها وإيجابيَّاتها، ويفهم نقاط ضعفها وقوَّتها، لأنني أزعم أنَّنا نفهم الناس من حولنا أكثر مما نفهم أنفسنا، والسَّبب أننا لا نجلس مع أنفسنا ولا نحدّق بها بل نحدّق بالآخرين، ولذلك من السَّهل أن يغشّنا الناس في أنفسنا. ولدى الإمام عليّ (ع) كلمة رائعة جداً في هذا المقام - وأوصيكم أن تقرأوا بتمعّن الكلمات القصار في آخر "نهج البلاغة"، فهي خلاصة تجاربه (ع) - يقول: "لا يغرنّك سواد الناس عن نفسك - بحيث يصوّرون لك نفسك على غير صورتها - فإنَّ الأمر يصل إليك دونهم"(3).
وهذا ما أؤكِّده لنفسي ولكم، وهو أنَّنا مجتمع يخرّب قياداته ويضلّلها، لأنَّنا لا نملك إلا المدائح لشخصيات قياداتنا، وبذلك تتحوَّل هذه القيادات - بفعل المدّاحين - إلى شخصيات لا تقبل النقد، ولا تسمح لأحد بأن يدلّها على أخطائها. وكم من القيادات التي غششناها بأنفسها، فتقبّلت الغشّ وأصبحت تغش أنفسها بفعل ذلك.
لذلك، على الإنسان أن يكون ديّاناً لنفسه، بحيث يحاسبها ويوزنها لكي يعرف حجم نفسه.. وقيمة الإنسان بمقدار ما يحسن، وبما يملك من خبرة وعلم ووعي، أمَّا المال والعقارات فهي ليست أنت، إنها تكبّر فرص حياتك، ولكنها لا تكبّر شخصيتك، لذلك عليك أن تعمل لكي يحترمك النَّاس لشخصيَّتك لا لمالك.
 
(1) ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 2، ص 1110.
(2) بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 88، ص 356.
(3) ميزان الحكمة، ج 3، ص ٢٢٣٧.
 
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 12 رمضان 1421 هـ / الموافق: ٨ كانون الأول 2000م.



أراد الله تعالى للإنسان أن يتكامل في نفسه، بحيث يكون كلّ يوم أفضل من اليوم الَّذي قبله، وفي هذا جاء في الحديث عن الإمام عليّ (ع): "من استوى يوماه فهو مغبون"(1)، فكما يفكّر كلّ واحد منا أن تكون صحته ورصيده المالي ومنزلته الاجتماعيَّة في اليوم الثاني أفضل من اليوم الأوَّل، كذلك أن تكون شخصيَّته الإسلاميَّة في اليوم والشَّهر الثاني أفضل من اليوم والشهر الأول، بحيث يدرس الإنسان نموّ شخصيته في عقله وقلبه وأخلاقه وعلاقاته؛ أن يدرسها دراسة دقيقة في كلِّ يوم، ليشعر بأنه في طريقه إلى الله تعالى يصعد في كلِّ يوم درجة، حتى يكون قد وصل إلى أعلى درجاته في اليوم الَّذي يقف فيه بين يدي الله سبحانه.
وقد ورد في الدّعاء: "اللَّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ بِاسْمِكَ يا اَللهُ، أنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ تَجْعَلَ خَيْرَ عُمْري آخِرَهُ، وَخَيْرَ أعْمالي خَوَاتِيمَها"(2).
لا يكفي أن يعتبر الإنسان نفسه مسلماً ليشعر بأنَّه قد وفّى قسطه للعلى، وأنَّه انتهى من الجهد والتَّعب، أو أن يشعر الإنسان عندما ينتمي إلى حزب أو منظمة أو جمعية إسلامية، بأنه أصبح يوزّع مواعظ على النَّاس ولا يستطيع أحد أن يعظه، مع أنَّ هذا الجمود عن التفكّر في أمره ومحاسبة نفسه قد يجعله يتراجع، لأنَّه أغلق على نفسه باب التغيّر والتطوّر، وقد يسيء إلى الإسلام من خلال تأكيد صفته في داخل ذاته أكثر مما يحسن إلى الإسلام.
وهذا ما ركَّز الإسلام عليه لكي يبقى الإنسان في حالة حساب لنفسه، بأن يعتبر أنَّه قد وقف بين يدي الله تعالى للحساب، فيفترض أسئلةً لكي يحاسب نفسه، وبذلك يفهم نفسه، فيفهم سلبيَّاتها وإيجابيَّاتها، ويفهم نقاط ضعفها وقوَّتها، لأنني أزعم أنَّنا نفهم الناس من حولنا أكثر مما نفهم أنفسنا، والسَّبب أننا لا نجلس مع أنفسنا ولا نحدّق بها بل نحدّق بالآخرين، ولذلك من السَّهل أن يغشّنا الناس في أنفسنا. ولدى الإمام عليّ (ع) كلمة رائعة جداً في هذا المقام - وأوصيكم أن تقرأوا بتمعّن الكلمات القصار في آخر "نهج البلاغة"، فهي خلاصة تجاربه (ع) - يقول: "لا يغرنّك سواد الناس عن نفسك - بحيث يصوّرون لك نفسك على غير صورتها - فإنَّ الأمر يصل إليك دونهم"(3).
وهذا ما أؤكِّده لنفسي ولكم، وهو أنَّنا مجتمع يخرّب قياداته ويضلّلها، لأنَّنا لا نملك إلا المدائح لشخصيات قياداتنا، وبذلك تتحوَّل هذه القيادات - بفعل المدّاحين - إلى شخصيات لا تقبل النقد، ولا تسمح لأحد بأن يدلّها على أخطائها. وكم من القيادات التي غششناها بأنفسها، فتقبّلت الغشّ وأصبحت تغش أنفسها بفعل ذلك.
لذلك، على الإنسان أن يكون ديّاناً لنفسه، بحيث يحاسبها ويوزنها لكي يعرف حجم نفسه.. وقيمة الإنسان بمقدار ما يحسن، وبما يملك من خبرة وعلم ووعي، أمَّا المال والعقارات فهي ليست أنت، إنها تكبّر فرص حياتك، ولكنها لا تكبّر شخصيتك، لذلك عليك أن تعمل لكي يحترمك النَّاس لشخصيَّتك لا لمالك.
 
(1) ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 2، ص 1110.
(2) بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 88، ص 356.
(3) ميزان الحكمة، ج 3، ص ٢٢٣٧.
 
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 12 رمضان 1421 هـ / الموافق: ٨ كانون الأول 2000م.



اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية