المبحث الأول: في شروط الطلاق والأقسام

ونريد به بيان ما يقع به الطلاق من حيث صيغته وما يلحق بها، وبيان ما يعتبر في المطلِّقِ والمطلَّقة، وبيان أقسام الطلاق وما يتميز به كل قسم عن الآخر، وذلك في ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: في ما يعتبر في الطلاق
يعتبر في إيقاع الطلاق توفر ركنين نذكرهما على النحو التالي:
الركن الأول: في الصيغة
مسألة 889: الطلاق من الإيقاعات، ويقع بكل لفظ يدل عليه، باللغة العربية، بل وغيرها ما دامت هي لغة التخاطب في البلد الذي وقع فيه الطلاق ولو مع القدرة على العربية، وبالفصحى كانت الصيغة أو بالعامية، وبالصحيح منها أو بالملحون، نعم لا يقع الطلاق بألفاظ ورد النص بالنهي عن إيقاعه بها مما يعد من الكنايات، وهي قوله: (أنت خلية، أو: أنت بَرِيَّة، أو: حبلك على غاربك، أو: إلحقي بأهلك)؛ وأكمل صيغة أن يقول المطلق باللغة العربية الصحيحة الفصحى: «زوجتي فلانة طالق». وإذا أراد الزوج طلاق أكثر من زوجة له، كفته صيغة واحدة للجميع، كأن يقول: «زوجتاي فلانة وفلانة طالقتان»، أو: «زوجاتي (...) طوالق»، أو نحو ذلك. وكما يتحقّق الطلاق بإنشائه باللفظ المنطوق فإنه يتحقّق ـ أيضاً ـ بإنشائه بالكتابة المقترنة بقصد إيقاع الطلاق به لا الإخبار عنه، ولو من القادر على اللفظ، نعم لا تكفي الإشارة المبرزة له إلا من العاجز عن النطق، كالأخرس، وإن كان الأولى تقديم الكتابة عليها مع قدرته على الكتابة.
مسألة 890: لا يعتبر مباشرة الزوج للطلاق بنفسه، فيصح التوكيل فيه ويقع من الوكيل بنحو وقوعه من الأصيل، بل يصح جعل المرأة وكيلة من قبل زوجها في طلاق نفسها بالكيفية التي يجعلها عليها، وهو المتعارف عليه بــ (جعل العصمة بيد الزوجة)، كما أن له أن يوكلها في توكيل من يطلقها، وفي الحالتين فإنه حيث تشترط عليه أن يجعلها وكيلة عنه بأحد النحوين المتقدمين، ويكون الإشتراط في ضمن عقد لازم، فليس له أن يعزلها ويلغي وكالتها، بل تبقى نافذة ومحققة لآثارها.
مسألة 891: الأحوط وجوباً ترك تعليق الطلاق على أمر مستقبلي معلوم الحصول أو متوقع الحصول، كأن يقول: «إذا طلعت الشمس فأنت طالق»، أو: «إذا جاء المسافر فأنت طالق»، وكذا ترك تعليقه على أمر حالي محتمل الحصول مع عدم كونه مقوماً لصحة الطلاق، كأن يقول: «إن كنت غير متدينة فأنت طالق»؛ أما إذا علقه على أمر حالي معلوم الحصول، كأن قال حال إشراق الشمس: «إن كانت الشمس مشرقة فأنت طالق» أو علقه على أمر محتمل الحصول مما يتقوم به صحة الطلاق، كأن قال: «إن كنت زوجتي فأنت طالق»، فالطلاق صحيح في الموردين.
الركن الثاني: في الإشهاد
مسألة 892:لا يكفي في تحقّق الطلاق إيقاعه بصيغته الصحيحة كيف كان، بل يجب وقوعه أمام شاهدين عدلين رجلين، فلا تكفي شهادة رجل واحد وأكثر من إمرأة، فضلاً عن عدم كفاية النساء وحدهن؛ فإن أوقعه بدون ذلك كان لغواً ولا أثر له البتة، إلا أن يصدر ممن لا يعتقد وجوب الإشهاد عليه ممن هو على غير مذهبنا، فإن له آثاراً معينة ترجع إلى الأصول التي تحكم العلاقة في مثل هذه الأمور بيننا وبين أتباع سائر المذاهب الإسلامية والقائمة على ما يعرف في الفقه بــ (قاعدة الإلزام) التي سنذكر بعض فروعها في محلها إن شاء الله تعالى. (أنظر المسألتين: 930، 964).
مسألة 893: يكفي في صحة شهادة الشاهدين أن يسمعا إنشاء الطلاق، سواءً طُلبَ منهما الاستماع إليه أو لم يطلب فسمعاه من نفسيهما، ويعتبر كونهما حاضرين معاً حين إيقاع الطلاق، فلو أوقع الطلاقَ أمام شخص في مكانٍ ما، ثم انتقل إلى مكان آخر فأوقع الطلاق مرة ثانية أمام الشاهد الثاني، لم يكف ذلك في الشهادة.
مسألة 894: لا يعتبر في الشاهدين معرفة المرأة بعينها كي تصح الشهادة عليها، فلو قال: «زوجتي هند طالق» بمسمع الشاهدين، صح وإن لم يكونا يعرفان هنداً بعينها، بل وإن اعتقدا غيرها.
مسألة 895: إذا طلّق الوكيل عن الزوج لم يُكتف به مع عدل آخر في الشاهدين، كما أنّه لا يكتفى بالمُوكِّل مع عدلٍ آخر، ويُكتفى بالوكيل عن الزوج في توكيل الغير مع عَدلٍ آخر.
مسألة 896: المقصود بالعدل هنا ما هو المقصود به في سائر الموارد التي اعتبرت فيها العدالة، وهو من كان مستقيماً في جادة الشريعة المقدّسة لا ينحرف عنها بترك واجب أو فعل حرام من دون مؤَمِّن، ولو كان على غير مذهبنا؛ وهذه الاستقامة تنشأ غالباً من خوف راسخ في النفس، ويكفي في الكشف عنها حسن الظاهر، أي: حسن المعاشرة والسلوك الديني.
مسألة 897: إذا كان الشاهدان فاسقين في الواقع بطل الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معاً عدالتهما، ولو انعكس الحال بأن كانا عدلين في الواقع صح الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معاً فسقهما، فمن اطّلع على واقع الحال عمل بمقتضاه، وأما الشاك فيكفيه احتمال إحراز عدالتهما عند المطلِّق، فيبني على صحة الطلاق ما لم يثبت عنده الخلاف، ولا يجب عليه الفحص عن حالهما.
المطلب الثاني: في ما يعتبر في المُطَلِّق والمُطَلَّقة
وتفصيل ذلك يقع في فرعين:
الفرع الأول: في المطلِّق
مسألة 898: يعتبر في المطلق توفر أمور:
الأول: البلوغ، فلا يصح طلاق الصبي لزوجته، لا مباشرة ولا بتوكيله غيره، حتى ولو كان قد بلغ عشراً وكان مميزاً؛ نعم يصح للصبي المميز أن يكون وكيلاً عن غيره في إيقاع طلاق زوجته. وكما لا يصح طلاق الصبي زوجته مباشرة ولا توكيلاً فإنه لا يصح لوليه ـ وهو أبوه أو جده لأبيه ـ طلاق زوجته عنه، فضلاً عن الوصي والحاكم الشرعي، بل لا بد من انتظار بلوغه ورشده حتى يصح طلاقُه لزوجته.
الثاني: العقل، فلا يقع الطلاق من المجنون ولو كان أدوارياً إذا كان الطلاق في دور جنونه، وحيث لا بد من طلاق زوجة المجنون المطبق مع وجود مصلحة له في ذلك فإنه يجوز أن يتولاه عنه وليه، وهو الأب أو الجد للأب أو الوصي لأحدهما بعد فقدهما إذا كان الموصي قد نص له على ذلك، فإن فُقدوا جميعاً تولاَّه الحاكم الشرعي.
أما المجنون الأدواري فينتظر فيه إفاقته، وكذا السكران والمغمى عليه.
الثالث: القصد، وذلك بأن يقترن إنشاء الطلاق بالقصد الجِدِّي لمفارقة الزوجة وفصم عرى زوجيته منها، فلا يقع الطلاق من الساهي والمخطىء والنائم، بل ولا من السكران ولا ممن هو في حالة الغضب الشديد إذا سلبهما السكرُ والغضبُ القصدَ الجدي، فضلاً عن عدم تحقّقه ممن يأتي بصيغة الطلاق للتعليم أو مداراة لمن يريد منه ذلك دون أن يقصد به الفراق، أو لغير ذلك من الأسباب.
وحيث يصدر الطلاق من الزوج فإنه يحمل على إرادته الجدية له وقصده إياه، فإذا ادعى عدم القصد لم يقبل منه ذلك ظاهراً حتى لو صدقته الزوجة، وعليه ـ بمقتضى اعتقاده بقاء زوجيتها ـ إما أن يعاملها معاملة الزوجة فيؤدي لها حقوقها، أو أن يُحدِثَ طلاقاً جديداً يزيل الالتباس.
الرابع: الاختيار، فلا يصح الطلاق من المكره، وإنما يضر الإكراه بالطلاق حيث يكون بغير حق، فلا يضر ما يكون منه بحق، وذلك كما في تخيير الحاكم الشرعي للممتنع عن الإنفاق بين الإنفاق والطلاق، فإنه حيث يختار الطلاق مكرهاً، أو يجبره الحاكم عليه عند امتناعه عنه، يصح منه وتترتب عليه آثاره رغم ذلك. هذا وقد سبق أن ذكرنا المراد بالإكراه في الصفحة (446) من الجزء الثاني من هذا الكتاب.
ولو فرض أَنْ أُكرِه الزوج على طلاق إحدى زوجتيه من غير تعيين، فطلق واحدة منهما خضوعاً للإكراه بطل الطلاق للإكراه رغم عدم تحديد المكْرِهِ لها بعينها، وإذا طلقهما معاً صح طلاقهما.
وإذا رضي بعدما صدر منه الطلاق كرهاً لم يفد ذلك في صحته، وعليه تجديد الطلاق إن أراده، وذلك بخلاف العقد المكره عليه، فإنه إذا تعقبه الرضا صح.
الفرع الثاني: في المُطَلَّقة
يعتبر في المطلقة توفر أمور نفصلها على النحو التالي:
الأول: دوام الزوجية
مسألة 899: يجب في الطلاق أن تكون الزوجة دائمة، فلا يصح طلاق المتمتع بها، بل إن أراد مفارقتها قبل مضي المدة وهبها إياها، أو تنفك عرى الزوجية من نفسها بإنتهاء الوقت، وهو أمر قد سبق ذكره في مباحث (الزواج المؤقت) (أنظر المسألة: 878).
الثاني: الطهارة من الحيض والنفاس
مسألة 900: يعتبر في صحة الطلاق أن تكون الزوجة طاهرة من الحيض والنفاس، ولو لم تكن قد اغتسلت بعد، وذلك إذا كانت حائلاً غير مستبينة الحمل، وكانت مدخولاً بها، وكان زوجها حاضراً عندها؛ فإن كانت غير مدخول بها، أو كانت مدخولاً بها ولكنها كانت مستبينة الحمل، أو كانت مدخولاً بها وحائلاً، لكنَّ زوجها كان غائباً عنها، صح طلاقها حال حيضها أو نفاسها. وإذا تعمد الزوج طلاق زوجته الحائل أثناء حيضها ثم تبين له أنها كانت حاملاً حين الطلاق صح طلاقها.
مسألة 901: لا بد في صحة طلاق الغائب لو وقع حال الحيض أو النفاس من أن يكون جاهلاً بحالها، وغير قادر على الاستعلام عنها، وأن يكون قد مضت مدة على غيبته عنها يعلم فيها ـ بحسب العادة الجارية ـ انتقالها من طهر إلى طهر آخر، والأحوط استحباباً أن لا تقل المدة عن شهر إذا حصل الاطمئنان قبلها؛ فإن كان قادراً على الاستعلام عنها، أو كان غير قادر عليه لكنه لم يتريث حتى يطمئن بانتقالها إلى طهرٍ جديد، فطلقها فصادف وقت دمها بطل الطلاق، وإن صادف وقت طهرها صح.
هذا، إذا كانت ممن يأتيها الحيض، أما إذا كانت ممن لا تحيض رغم كونها في سن من تحيض، وهي التي يصطلح على تسميتها بــ (المُسْتَرابة)، فإن على الغائب أن لا يطلقها إلا بعد مضي ثلاثة أشهر من حين الدخول بها، فيصح طلاقها ـ حينئذ ـ ولو صادف وقت دمها.
مسألة 902: لا فرق في جريان حكم الغائب الآنف الذكر بين الغائب عن منزله وبلده فعلاً، وبين الحاضر في بلده مع عجزه عن استعلام حال زوجته لمرض أو خوف أو سجن أو غير ذلك، إذ المعيار في ذلك هو: انفصاله عنها بحيث لا يَعلم حالها من حيث الطهر والحيض، بل يجري حكم الغائب المذكور على الرجل الذي لا تصارحه زوجته بحالها من هذه الجهة وتكتم أمرها عنه انزعاجاً منه وتأخيراً لطلاقها أو لغير ذلك من أسباب خفاء أمرها، فإنه ـ في جميع هذه الحالات ـ يجوز طلاقها مع توفر الجهل بحالها ومضي المدة.
مسألة 903: لا فرق في صحة طلاق الغائب ـ مع توفر شروطه ـ بين ما لو أجرى الطلاق بنفسه وبين ما لو وكل غيره في إجرائه، فيصح طلاق ذلك الوكيل ولو كان حاضراً في بلد الزوجة وقادراً على استعلام حالها.
مسألة 904: إذا أخبرت الزوجة أنها طاهر فطلقها الزوج أو وكيله، ثم أخبرت أنها كانت حائضاً حين الطلاق، لم يقبل خبرها الثاني إلا بالبينة، ويكون العمل على خبرها الأول ما لم يثبت خلافه، لكن يجب عليها أن تتعامل مع نفسها بمقتضى علمها، فلو كانت تعلم صدقاً أنها كانت حائضاً حين الطلاق فإنه لا يصح لها التزوج من غيره ما لم يُنشِأ طلاقاً جديداً.
هذا، إذا سبق منها الإخبار بالطهر، أما إذا طلقها زوجها اعتماداً منه على علمه بكونها طاهرة، فادعت بعد الطلاق أنها كانت حين الطلاق حائضاً، فأنكره الزوج، كان القول قوله بيمينه ما لم يكن قوله مخالفاً للظاهر.
الثالث: أن تكون في غير طهر المواقعة
مسألة 905: يعتبر في صحة طلاق الحاضر أن تكون المرأة ـ المدخول بهـا ـ في طهر لم يقاربها زوجها فيه بالجماع قبلاً أو دبراً، ولو لم يتحقّق منه القذف، والمراد بــ (الطهر): الفترة التي تعقب انتهاء الحيض عند من يأتيها الحيض، حتى ولو كانت مستحاضة. وإنما يعتبر هذا الشرط في الزوجة المدخول بها إذا كانت حائلاً، وغير صغيرة، ولا يائسة، فإذا كان قد واقع زوجته هذه في طهرها لم يسغ له طلاقُها إلا بعد مضي طهر المواقعة ومجيء حيضها وطهرها منه، وأما إذا كانت الزوجة المدخول بها صغيرة أو يائسة أو حاملاً مستبينة الحمل لم يعتبر فيها ذلك، بل يصح طلاقها في فترة الطهر التي واقعها زوجها فيها.
مسألة 906: إذا كانت المرأة لا تحيض رغم كونها في سن من تحيض، لم يصح طلاقها إلا بعد أن يعتزلها زوجها ثلاثة أشهر منذ دخل بها، ويدع مواقعتها طوال هذه المدة، فإذا طلقها بعد مضي هذه المدة صح طلاقها رغم كونها ما تزال في طهر المواقعة، من دون فرق بين ما لو كان انقطاع حيضها دائماً أو لعارض مؤقت، كالمرض والرضاع وغيرهما. ويكفي في صحة طلاقها بعد هذه الفترة ما لو كان تَرْكُ مقاربتها خلالها قد حدث منه مصادفة ومن غير قصدٍ منه لطلاقها بعدها.
مسألة 907: لا يضر في احتساب الطهر الذي لم يواقعها فيه ما لو كان قد واقعها حال حيضها عصياناً أو لجهل أو نسيان، فإذا جاء الطهر بعد ذلك الحيض احتسب له وصح طلاقها فيه، وإن كان الأحوط استحباباً أن يدع طلاقها فيه وينتظر حتى يأتيها طهر آخر.
مسألة 908: إذا غاب الزوج عن زوجته في طهر واقعها فيه لم يجز له طلاقها ما دام عالماً بعدم انتقالها إلى طهرٍ غيره، وأما مع الشك في الانتقال فيجوز طلاقها إذا كان غير قادر على استعلام حالها، وكانت قد مضت مدة يَعلم فيها ـ بحسب العادة ـ بانتقالها إلى طهر جديد، والأحوط استحباباً أن لا تقل المدة عن الشهر إذا حصل الاطمئنان قبلها، فإن طلقها عندئذ صح طلاقها حتى لو صادف كونها في طهر المواقعة. كما وأنها إذا كانت مسترابة يلزمه انتظار مضي ثلاثة أشهر منذ دخوله بها. وحكم الغائب في هذا الشرط هو نظير حكمه في الشرط الثاني الآنف الذكر.
مسألة 909: لا يضر عروض الشك في دخوله بزوجته في طهرها هذا وعدمه في الحكم بصحة طلاقها ظاهراً اعتماداً على استصحاب بقاء الطهر أو استصحاب عدم الدخول، غير أنه إذا تبين بعد ذلك كونها في طهر المواقعة يحكم ببطلان الطلاق.
الرابع: تعيين المطلقة
مسألة 910: يشترط في صحة الطلاق تعيين المطلقة، فإن كانت له زوجة واحدة كفاه أن يقول: «زوجتي طالق» دون حاجة إلى ذكرها بالاسم أو بالوصف المميِّز لها، لتعينها بنفسها، وإن كان عنده أكثر من زوجة لزمه تعيين المطلقة منهن بالاسم أو بالوصف المميز، فلا يصح بقوله: «زوجتي طالق»، حتى لو قصد في نفسه واحدة معينة منهن، لتضرر الشهادة عليه بعدم تَميُّزِها، فيما يبطل الطلاق حتماً لو لم يقصد بقوله ذاك واحدة بعينها.
مسألة 911: لا يعتبر في صحة الطلاق إعلام الزوجة به ولا حضورها مجلسه، فضلاً عن رضاها به، فإن كان لأحدهما حق عند الآخر فمنعه منه أو نازعه فيه ترافعا عند الحاكم الشرعي بمعزل عن رضاها بالطلاق أو عدم رضاها؛ وإن كان الأفضل عدم إيقاع الطلاق إلا بعلمها، ولعل ذلك هو ما توحي به كلمة التسريح (بإحْسَان) الواردة في قوله تعالى: ﮋﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮﮊ [البقرة: 229].
المطلب الثالث: في أقسام الطلاق
ينقسم الطلاق إلى قسمين: الطلاق الرجعي والطلاق البائن، وفيما يلي نستعرض خصائص كلِّ قسم ومسائلَه تحت عنوانه الخاص به على النحو التالي:
الأول: الطلاق الرجعي
مسألة 912: الطلاق الرجعي هو: (قيام الزوج ـ اختياراً ـ أو وكيله أو وليه بطلاق الزوجة غير الصغيرة ولا اليائسة إذا كانت مدخولاً بها فعلاً، أو من في حكمها، وهي: الزوجة الحامل بإراقة المني على فرجها)، فلا يعتبر من الطلاق الرجعي ما لو طلق الحاكم الزوجة المدخول بها قهراً عن زوجها الذي لا ينفق عليها عند امتناعه عن طلاقها، بل يقع بائناً كما سيأتي؛ وإنما سمي (رجعياً) لجواز رجوع الزوج عنه بكيفية خاصة خلال فترة العدة دون حاجة إلى عقد جديد؛ وهو مشتق من فعل (رجع) بمعنى: عاد.
مسألة 913: المطلقة الرجعية بحكم الزوجة من معظم النواحي ما دامت في العدة، ما عدا استمتاعه بها كما سيأتي، فلا يجوز لزوجها إخراجها من بيته وتركها دون مسكن يُعِدُّه لها، إلا أن تأتي بفاحشة مُبَيِّنَة في دار سكناها، كمثل الزنى؛ كما وأنه لا يجوز لها الخروج المنافي لحقه في الاستمتاع إلا باذنه؛ ويجب عليها أن تمكنه من الاستمتاع بها بما يشاء، وإن تحقّق به الرجوع الذي قد لا ترغب فيه، إذا كان من قصده الرجوع به، فإن علمت أنه لا يريد به الرجوع لم يجز لها تمكينه لحرمته عليه حينئذ؛ ولها عليه النفقة؛ ويرث كل واحد منهما الآخر إذا مات في العدة، وغير ذلك من لوازم الزوجية وأحكامها، نعم ليس عليه إمتاعها حيث تطلبه إذا لم يُرد الرجوع إليها لحرمة ذلك عليه بدون قصد الرجوع كما ذكرنا؛ فإذا انقضت عدتها استحكم الفراق بينهما ولم يكن له الرجوع إليها إلا بعقد جديد.
مسألة 914: يحـق للـزوج مراجعـة زوجتـه المطلقة رجعيـاً ـ ما دامت في العدة ـ ولو من دون رضاها، إلا إذا كانت قـد اشترطت عليـه ـ في عقـد لازم ـ عدمَ مراجعتها، فيلزمه الوفاء لها، فإذا رجع إليها أثم بمخالفة الشرط، ولزمهما مراعاة الاحتياط ـ وجوباً ـ في آثار هذا الرجوع المخالف للشرط، فيرتب كل منهما على نفسه وعلى علاقته بالآخر آثار الزوجية وعدمها، حتى يتراضيا على حل. هذا، ويتحقّق الرجوع بأمرين:
الأول: بكل لفظ دال على الرجوع، مثل: (أرجعتُكِ إلى نكاحي) و(أَعدْتُكِ إلى عِصْمتي) و(راجعتُك) و(استرجعتُك) ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على إرجاعها إليه والعدول عن طلاقها. ومنه ما لو نفى طلاقها وأكد بقاءها زوجة له، فيُعَدُّ ذلك رجوعاً منه رغم العلم بكذبه بنفي الطلاق. ويصح الرجوع باللغة العربية وغيرها، وبالفصحى من العربية أو العامية، وبالصحيح من الفصحى أو الملحون.
الثاني: أن يأتي بفعل يقصد به الرجوع، كأن تكون خارج بيته فيحضرها إلى منزله بقصد العدول عن الطلاق وإرجاعها إليه، أو بأن يستمتع بها بالجماع أو بما دونه استمتاعاً مقترناً بقصد إرجاعها إليه والتعامل معها من موقع كونها زوجة له، فإن لم يقصد بالاستمتاع بها ـ ولو بالجماع ـ إرجاعها إليه لم يتحقّق به الرجوع، وكان ذلك الجماع منه حراماً وزناً إذا كان ملتفتاً، وشبهةً مع عدم الالتفات، وكذا حكم ما دون الجماع من الاستمتاعات؛ غير أن الأحوط استحباباً لمن جامع زوجته بدون قصد الرجوع أن يجدد طلاقه لها، فتستأنف عدة جديدة منه بعد الطلاق.
مسألة 915: لا يعتبر في الرجعة مباشرة الزوج للإنشاء، فيتحقّق الرجوع من الوكيل إذا أنشأه بالنحو المذكور في المسألة السابقة، كما يتحقّـق ـ أيضاً ـ من الولي في بعض موارده، وذلك كما لو عرض الجنون على الزوج بعد طلاق زوجته، وكان ثمة مصلحة في إرجاعها فأرجعها الولي؛ أو كان وليُّ المجنون قد طلق زوجته ثم بدا للولي إرجاعها إليه، أو نحو ذلك.
مسألة 916: لا يعتبر في صحة الرجوع بالإنشاء إيقاعه أمام الشهود، وإن كان الإشهاد أفضل، حذراً من الوقوع في التنازع؛ وكذا لا يعتبر حضور الزوجة ولا علمها به، ولا كون المطلقة طاهرة من الحيض أو النفاس، ولا غير ذلك من الأمور.
مسألة 917: يثبت الرجوع بمجرد ادّعاء الزوج له أثناء العدة، وكذا لو ادّعاه بعد انقضاء العدة وصدقته الزوجة، فإن لم تصدقه لم تقبل دعواه إلا بالبينة، فإن لم يكن له بينة، وكان عدم تصديقها له من حيث علمها بعدم رجوعه، كان له أن يستحلفها على نفي الرجوع، وإن كان عدم تصديقها من حيث عدم علمها بالرجوع، كان له ـ أيضـاً ـ أن يستحلفها على عدم العلم. وكما تثبت دعوى الرجوع بعد انقضاء العدة بشهادة الرجلين العادلين، فإنها تثبت ـ أيضاً ـ بشهادة رجل عادل وامرأتين عادلتين، فيما لا تثبت بشهادة رجل عادل مع يمين الزوج.
مسألة 918: إذا رجع الزوج فادعت الزوجة كونه بعد انقضاء العدة، فأنكر الزوج ذلك، فالقول قول الزوجة مع يمينها ما لم تكن متهمة في صدقها، وذلك كما لو ادعت حدوث الحيض عندها ثلاث مرات خلال شهر ونيف، فإن كانت متهمة لم يقبل منها غير البينة.
ولو اتفقا على حدوث الرجوع وانقضاء العدة، لكنهما اختلفا على تاريخ حدوث كل منهما، فادعى الزوج تقدم الرجوع على انقضاء العدة، وادعت الزوجة العكس، كان القول قول الزوج مع يمينه، سواء علم تاريخ أحدهما دون الآخر أو جهل تاريخهما معاً.
وإذا طلقها وراجعها فادعت أن لا سبيل له عليها لعدم دخوله بها ليكون لها عدة، فأنكر الزوج ذلك مدعياً دخوله بها، كان القول قول الزوجة بيمينها.
مسألة 919: لا يسقط حق الزوج بمراجعة زوجته المطلقة رجعياً بإسقاطه عن نفسه بعوض أو بدون عوض، فلو أسقطه لم يكن لإسقاطه أثر، وجاز له مراجعتها، نعم يسوغ له أن يلتزم بعدم الرجوع إذا اشترط عليه ذلك، كما أسلفنا القول.
الثاني: الطلاق البائن
مسألة 920: الطلاق البائن هو: (الطلاق الذي لا يحق معه للزوج مراجعة زوجته بعد طلاقها إلا بعقد جديد ولو أثناء عدتها إن كان لها عدة، فضلاً عمن لا عدة لها)، وإنما يكون الطلاق كذلك في الموارد التالية:
1 ـ طلاق الصغيرة التي لم تبلغ سن التكليف، ولو كان قد دخل بها عمداً أو اشتباهاً.
2 ـ طلاق المرأة اليائسة التي أتمَّتْ سن الخمسين قمرية.
3 ـ الطلاق قبل الدخول.
وهذه الثلاث ليس لها عدة كما سيأتي.
4 ـ الطلاق الثالث المسبوق بطلاقين بينهما رجعتان أو ما بحكمهما.
5 ـ طلاق الحاكم الشرعي زوجة الممتنع عن الطلاق بعد لزومه عليه بعجزه عن الإنفاق.
6 ـ طلاق الخلع والمباراة، فان الطلاق الواقع بهما بائن ما لم ترجع الزوجة فيما بذلت، فينقلب رجعياً حينئذ.
مسألة 921: المطلقة بائناً بمنزلة المرأة الأجنبية عن مُطلِّقها من حيث زوال آثار العُلْقة الزوجية وانقطاع العصمة بينهما بمجرد الطلاق، فلا مساكنة ولا نفقة لها إلا إذا كانت حاملاً منه، فإن لها عليه النفقـة ـ ومعهـا السكـن ـ حتى تضع حملها؛ كما وأنه لا يجب عليها طاعته ولا يحرم عليها الخروج من بيتها بدون إذنه، ولا توارث بينهما.
ونريد به بيان ما يقع به الطلاق من حيث صيغته وما يلحق بها، وبيان ما يعتبر في المطلِّقِ والمطلَّقة، وبيان أقسام الطلاق وما يتميز به كل قسم عن الآخر، وذلك في ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: في ما يعتبر في الطلاق
يعتبر في إيقاع الطلاق توفر ركنين نذكرهما على النحو التالي:
الركن الأول: في الصيغة
مسألة 889: الطلاق من الإيقاعات، ويقع بكل لفظ يدل عليه، باللغة العربية، بل وغيرها ما دامت هي لغة التخاطب في البلد الذي وقع فيه الطلاق ولو مع القدرة على العربية، وبالفصحى كانت الصيغة أو بالعامية، وبالصحيح منها أو بالملحون، نعم لا يقع الطلاق بألفاظ ورد النص بالنهي عن إيقاعه بها مما يعد من الكنايات، وهي قوله: (أنت خلية، أو: أنت بَرِيَّة، أو: حبلك على غاربك، أو: إلحقي بأهلك)؛ وأكمل صيغة أن يقول المطلق باللغة العربية الصحيحة الفصحى: «زوجتي فلانة طالق». وإذا أراد الزوج طلاق أكثر من زوجة له، كفته صيغة واحدة للجميع، كأن يقول: «زوجتاي فلانة وفلانة طالقتان»، أو: «زوجاتي (...) طوالق»، أو نحو ذلك. وكما يتحقّق الطلاق بإنشائه باللفظ المنطوق فإنه يتحقّق ـ أيضاً ـ بإنشائه بالكتابة المقترنة بقصد إيقاع الطلاق به لا الإخبار عنه، ولو من القادر على اللفظ، نعم لا تكفي الإشارة المبرزة له إلا من العاجز عن النطق، كالأخرس، وإن كان الأولى تقديم الكتابة عليها مع قدرته على الكتابة.
مسألة 890: لا يعتبر مباشرة الزوج للطلاق بنفسه، فيصح التوكيل فيه ويقع من الوكيل بنحو وقوعه من الأصيل، بل يصح جعل المرأة وكيلة من قبل زوجها في طلاق نفسها بالكيفية التي يجعلها عليها، وهو المتعارف عليه بــ (جعل العصمة بيد الزوجة)، كما أن له أن يوكلها في توكيل من يطلقها، وفي الحالتين فإنه حيث تشترط عليه أن يجعلها وكيلة عنه بأحد النحوين المتقدمين، ويكون الإشتراط في ضمن عقد لازم، فليس له أن يعزلها ويلغي وكالتها، بل تبقى نافذة ومحققة لآثارها.
مسألة 891: الأحوط وجوباً ترك تعليق الطلاق على أمر مستقبلي معلوم الحصول أو متوقع الحصول، كأن يقول: «إذا طلعت الشمس فأنت طالق»، أو: «إذا جاء المسافر فأنت طالق»، وكذا ترك تعليقه على أمر حالي محتمل الحصول مع عدم كونه مقوماً لصحة الطلاق، كأن يقول: «إن كنت غير متدينة فأنت طالق»؛ أما إذا علقه على أمر حالي معلوم الحصول، كأن قال حال إشراق الشمس: «إن كانت الشمس مشرقة فأنت طالق» أو علقه على أمر محتمل الحصول مما يتقوم به صحة الطلاق، كأن قال: «إن كنت زوجتي فأنت طالق»، فالطلاق صحيح في الموردين.
الركن الثاني: في الإشهاد
مسألة 892:لا يكفي في تحقّق الطلاق إيقاعه بصيغته الصحيحة كيف كان، بل يجب وقوعه أمام شاهدين عدلين رجلين، فلا تكفي شهادة رجل واحد وأكثر من إمرأة، فضلاً عن عدم كفاية النساء وحدهن؛ فإن أوقعه بدون ذلك كان لغواً ولا أثر له البتة، إلا أن يصدر ممن لا يعتقد وجوب الإشهاد عليه ممن هو على غير مذهبنا، فإن له آثاراً معينة ترجع إلى الأصول التي تحكم العلاقة في مثل هذه الأمور بيننا وبين أتباع سائر المذاهب الإسلامية والقائمة على ما يعرف في الفقه بــ (قاعدة الإلزام) التي سنذكر بعض فروعها في محلها إن شاء الله تعالى. (أنظر المسألتين: 930، 964).
مسألة 893: يكفي في صحة شهادة الشاهدين أن يسمعا إنشاء الطلاق، سواءً طُلبَ منهما الاستماع إليه أو لم يطلب فسمعاه من نفسيهما، ويعتبر كونهما حاضرين معاً حين إيقاع الطلاق، فلو أوقع الطلاقَ أمام شخص في مكانٍ ما، ثم انتقل إلى مكان آخر فأوقع الطلاق مرة ثانية أمام الشاهد الثاني، لم يكف ذلك في الشهادة.
مسألة 894: لا يعتبر في الشاهدين معرفة المرأة بعينها كي تصح الشهادة عليها، فلو قال: «زوجتي هند طالق» بمسمع الشاهدين، صح وإن لم يكونا يعرفان هنداً بعينها، بل وإن اعتقدا غيرها.
مسألة 895: إذا طلّق الوكيل عن الزوج لم يُكتف به مع عدل آخر في الشاهدين، كما أنّه لا يكتفى بالمُوكِّل مع عدلٍ آخر، ويُكتفى بالوكيل عن الزوج في توكيل الغير مع عَدلٍ آخر.
مسألة 896: المقصود بالعدل هنا ما هو المقصود به في سائر الموارد التي اعتبرت فيها العدالة، وهو من كان مستقيماً في جادة الشريعة المقدّسة لا ينحرف عنها بترك واجب أو فعل حرام من دون مؤَمِّن، ولو كان على غير مذهبنا؛ وهذه الاستقامة تنشأ غالباً من خوف راسخ في النفس، ويكفي في الكشف عنها حسن الظاهر، أي: حسن المعاشرة والسلوك الديني.
مسألة 897: إذا كان الشاهدان فاسقين في الواقع بطل الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معاً عدالتهما، ولو انعكس الحال بأن كانا عدلين في الواقع صح الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معاً فسقهما، فمن اطّلع على واقع الحال عمل بمقتضاه، وأما الشاك فيكفيه احتمال إحراز عدالتهما عند المطلِّق، فيبني على صحة الطلاق ما لم يثبت عنده الخلاف، ولا يجب عليه الفحص عن حالهما.
المطلب الثاني: في ما يعتبر في المُطَلِّق والمُطَلَّقة
وتفصيل ذلك يقع في فرعين:
الفرع الأول: في المطلِّق
مسألة 898: يعتبر في المطلق توفر أمور:
الأول: البلوغ، فلا يصح طلاق الصبي لزوجته، لا مباشرة ولا بتوكيله غيره، حتى ولو كان قد بلغ عشراً وكان مميزاً؛ نعم يصح للصبي المميز أن يكون وكيلاً عن غيره في إيقاع طلاق زوجته. وكما لا يصح طلاق الصبي زوجته مباشرة ولا توكيلاً فإنه لا يصح لوليه ـ وهو أبوه أو جده لأبيه ـ طلاق زوجته عنه، فضلاً عن الوصي والحاكم الشرعي، بل لا بد من انتظار بلوغه ورشده حتى يصح طلاقُه لزوجته.
الثاني: العقل، فلا يقع الطلاق من المجنون ولو كان أدوارياً إذا كان الطلاق في دور جنونه، وحيث لا بد من طلاق زوجة المجنون المطبق مع وجود مصلحة له في ذلك فإنه يجوز أن يتولاه عنه وليه، وهو الأب أو الجد للأب أو الوصي لأحدهما بعد فقدهما إذا كان الموصي قد نص له على ذلك، فإن فُقدوا جميعاً تولاَّه الحاكم الشرعي.
أما المجنون الأدواري فينتظر فيه إفاقته، وكذا السكران والمغمى عليه.
الثالث: القصد، وذلك بأن يقترن إنشاء الطلاق بالقصد الجِدِّي لمفارقة الزوجة وفصم عرى زوجيته منها، فلا يقع الطلاق من الساهي والمخطىء والنائم، بل ولا من السكران ولا ممن هو في حالة الغضب الشديد إذا سلبهما السكرُ والغضبُ القصدَ الجدي، فضلاً عن عدم تحقّقه ممن يأتي بصيغة الطلاق للتعليم أو مداراة لمن يريد منه ذلك دون أن يقصد به الفراق، أو لغير ذلك من الأسباب.
وحيث يصدر الطلاق من الزوج فإنه يحمل على إرادته الجدية له وقصده إياه، فإذا ادعى عدم القصد لم يقبل منه ذلك ظاهراً حتى لو صدقته الزوجة، وعليه ـ بمقتضى اعتقاده بقاء زوجيتها ـ إما أن يعاملها معاملة الزوجة فيؤدي لها حقوقها، أو أن يُحدِثَ طلاقاً جديداً يزيل الالتباس.
الرابع: الاختيار، فلا يصح الطلاق من المكره، وإنما يضر الإكراه بالطلاق حيث يكون بغير حق، فلا يضر ما يكون منه بحق، وذلك كما في تخيير الحاكم الشرعي للممتنع عن الإنفاق بين الإنفاق والطلاق، فإنه حيث يختار الطلاق مكرهاً، أو يجبره الحاكم عليه عند امتناعه عنه، يصح منه وتترتب عليه آثاره رغم ذلك. هذا وقد سبق أن ذكرنا المراد بالإكراه في الصفحة (446) من الجزء الثاني من هذا الكتاب.
ولو فرض أَنْ أُكرِه الزوج على طلاق إحدى زوجتيه من غير تعيين، فطلق واحدة منهما خضوعاً للإكراه بطل الطلاق للإكراه رغم عدم تحديد المكْرِهِ لها بعينها، وإذا طلقهما معاً صح طلاقهما.
وإذا رضي بعدما صدر منه الطلاق كرهاً لم يفد ذلك في صحته، وعليه تجديد الطلاق إن أراده، وذلك بخلاف العقد المكره عليه، فإنه إذا تعقبه الرضا صح.
الفرع الثاني: في المُطَلَّقة
يعتبر في المطلقة توفر أمور نفصلها على النحو التالي:
الأول: دوام الزوجية
مسألة 899: يجب في الطلاق أن تكون الزوجة دائمة، فلا يصح طلاق المتمتع بها، بل إن أراد مفارقتها قبل مضي المدة وهبها إياها، أو تنفك عرى الزوجية من نفسها بإنتهاء الوقت، وهو أمر قد سبق ذكره في مباحث (الزواج المؤقت) (أنظر المسألة: 878).
الثاني: الطهارة من الحيض والنفاس
مسألة 900: يعتبر في صحة الطلاق أن تكون الزوجة طاهرة من الحيض والنفاس، ولو لم تكن قد اغتسلت بعد، وذلك إذا كانت حائلاً غير مستبينة الحمل، وكانت مدخولاً بها، وكان زوجها حاضراً عندها؛ فإن كانت غير مدخول بها، أو كانت مدخولاً بها ولكنها كانت مستبينة الحمل، أو كانت مدخولاً بها وحائلاً، لكنَّ زوجها كان غائباً عنها، صح طلاقها حال حيضها أو نفاسها. وإذا تعمد الزوج طلاق زوجته الحائل أثناء حيضها ثم تبين له أنها كانت حاملاً حين الطلاق صح طلاقها.
مسألة 901: لا بد في صحة طلاق الغائب لو وقع حال الحيض أو النفاس من أن يكون جاهلاً بحالها، وغير قادر على الاستعلام عنها، وأن يكون قد مضت مدة على غيبته عنها يعلم فيها ـ بحسب العادة الجارية ـ انتقالها من طهر إلى طهر آخر، والأحوط استحباباً أن لا تقل المدة عن شهر إذا حصل الاطمئنان قبلها؛ فإن كان قادراً على الاستعلام عنها، أو كان غير قادر عليه لكنه لم يتريث حتى يطمئن بانتقالها إلى طهرٍ جديد، فطلقها فصادف وقت دمها بطل الطلاق، وإن صادف وقت طهرها صح.
هذا، إذا كانت ممن يأتيها الحيض، أما إذا كانت ممن لا تحيض رغم كونها في سن من تحيض، وهي التي يصطلح على تسميتها بــ (المُسْتَرابة)، فإن على الغائب أن لا يطلقها إلا بعد مضي ثلاثة أشهر من حين الدخول بها، فيصح طلاقها ـ حينئذ ـ ولو صادف وقت دمها.
مسألة 902: لا فرق في جريان حكم الغائب الآنف الذكر بين الغائب عن منزله وبلده فعلاً، وبين الحاضر في بلده مع عجزه عن استعلام حال زوجته لمرض أو خوف أو سجن أو غير ذلك، إذ المعيار في ذلك هو: انفصاله عنها بحيث لا يَعلم حالها من حيث الطهر والحيض، بل يجري حكم الغائب المذكور على الرجل الذي لا تصارحه زوجته بحالها من هذه الجهة وتكتم أمرها عنه انزعاجاً منه وتأخيراً لطلاقها أو لغير ذلك من أسباب خفاء أمرها، فإنه ـ في جميع هذه الحالات ـ يجوز طلاقها مع توفر الجهل بحالها ومضي المدة.
مسألة 903: لا فرق في صحة طلاق الغائب ـ مع توفر شروطه ـ بين ما لو أجرى الطلاق بنفسه وبين ما لو وكل غيره في إجرائه، فيصح طلاق ذلك الوكيل ولو كان حاضراً في بلد الزوجة وقادراً على استعلام حالها.
مسألة 904: إذا أخبرت الزوجة أنها طاهر فطلقها الزوج أو وكيله، ثم أخبرت أنها كانت حائضاً حين الطلاق، لم يقبل خبرها الثاني إلا بالبينة، ويكون العمل على خبرها الأول ما لم يثبت خلافه، لكن يجب عليها أن تتعامل مع نفسها بمقتضى علمها، فلو كانت تعلم صدقاً أنها كانت حائضاً حين الطلاق فإنه لا يصح لها التزوج من غيره ما لم يُنشِأ طلاقاً جديداً.
هذا، إذا سبق منها الإخبار بالطهر، أما إذا طلقها زوجها اعتماداً منه على علمه بكونها طاهرة، فادعت بعد الطلاق أنها كانت حين الطلاق حائضاً، فأنكره الزوج، كان القول قوله بيمينه ما لم يكن قوله مخالفاً للظاهر.
الثالث: أن تكون في غير طهر المواقعة
مسألة 905: يعتبر في صحة طلاق الحاضر أن تكون المرأة ـ المدخول بهـا ـ في طهر لم يقاربها زوجها فيه بالجماع قبلاً أو دبراً، ولو لم يتحقّق منه القذف، والمراد بــ (الطهر): الفترة التي تعقب انتهاء الحيض عند من يأتيها الحيض، حتى ولو كانت مستحاضة. وإنما يعتبر هذا الشرط في الزوجة المدخول بها إذا كانت حائلاً، وغير صغيرة، ولا يائسة، فإذا كان قد واقع زوجته هذه في طهرها لم يسغ له طلاقُها إلا بعد مضي طهر المواقعة ومجيء حيضها وطهرها منه، وأما إذا كانت الزوجة المدخول بها صغيرة أو يائسة أو حاملاً مستبينة الحمل لم يعتبر فيها ذلك، بل يصح طلاقها في فترة الطهر التي واقعها زوجها فيها.
مسألة 906: إذا كانت المرأة لا تحيض رغم كونها في سن من تحيض، لم يصح طلاقها إلا بعد أن يعتزلها زوجها ثلاثة أشهر منذ دخل بها، ويدع مواقعتها طوال هذه المدة، فإذا طلقها بعد مضي هذه المدة صح طلاقها رغم كونها ما تزال في طهر المواقعة، من دون فرق بين ما لو كان انقطاع حيضها دائماً أو لعارض مؤقت، كالمرض والرضاع وغيرهما. ويكفي في صحة طلاقها بعد هذه الفترة ما لو كان تَرْكُ مقاربتها خلالها قد حدث منه مصادفة ومن غير قصدٍ منه لطلاقها بعدها.
مسألة 907: لا يضر في احتساب الطهر الذي لم يواقعها فيه ما لو كان قد واقعها حال حيضها عصياناً أو لجهل أو نسيان، فإذا جاء الطهر بعد ذلك الحيض احتسب له وصح طلاقها فيه، وإن كان الأحوط استحباباً أن يدع طلاقها فيه وينتظر حتى يأتيها طهر آخر.
مسألة 908: إذا غاب الزوج عن زوجته في طهر واقعها فيه لم يجز له طلاقها ما دام عالماً بعدم انتقالها إلى طهرٍ غيره، وأما مع الشك في الانتقال فيجوز طلاقها إذا كان غير قادر على استعلام حالها، وكانت قد مضت مدة يَعلم فيها ـ بحسب العادة ـ بانتقالها إلى طهر جديد، والأحوط استحباباً أن لا تقل المدة عن الشهر إذا حصل الاطمئنان قبلها، فإن طلقها عندئذ صح طلاقها حتى لو صادف كونها في طهر المواقعة. كما وأنها إذا كانت مسترابة يلزمه انتظار مضي ثلاثة أشهر منذ دخوله بها. وحكم الغائب في هذا الشرط هو نظير حكمه في الشرط الثاني الآنف الذكر.
مسألة 909: لا يضر عروض الشك في دخوله بزوجته في طهرها هذا وعدمه في الحكم بصحة طلاقها ظاهراً اعتماداً على استصحاب بقاء الطهر أو استصحاب عدم الدخول، غير أنه إذا تبين بعد ذلك كونها في طهر المواقعة يحكم ببطلان الطلاق.
الرابع: تعيين المطلقة
مسألة 910: يشترط في صحة الطلاق تعيين المطلقة، فإن كانت له زوجة واحدة كفاه أن يقول: «زوجتي طالق» دون حاجة إلى ذكرها بالاسم أو بالوصف المميِّز لها، لتعينها بنفسها، وإن كان عنده أكثر من زوجة لزمه تعيين المطلقة منهن بالاسم أو بالوصف المميز، فلا يصح بقوله: «زوجتي طالق»، حتى لو قصد في نفسه واحدة معينة منهن، لتضرر الشهادة عليه بعدم تَميُّزِها، فيما يبطل الطلاق حتماً لو لم يقصد بقوله ذاك واحدة بعينها.
مسألة 911: لا يعتبر في صحة الطلاق إعلام الزوجة به ولا حضورها مجلسه، فضلاً عن رضاها به، فإن كان لأحدهما حق عند الآخر فمنعه منه أو نازعه فيه ترافعا عند الحاكم الشرعي بمعزل عن رضاها بالطلاق أو عدم رضاها؛ وإن كان الأفضل عدم إيقاع الطلاق إلا بعلمها، ولعل ذلك هو ما توحي به كلمة التسريح (بإحْسَان) الواردة في قوله تعالى: ﮋﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮﮊ [البقرة: 229].
المطلب الثالث: في أقسام الطلاق
ينقسم الطلاق إلى قسمين: الطلاق الرجعي والطلاق البائن، وفيما يلي نستعرض خصائص كلِّ قسم ومسائلَه تحت عنوانه الخاص به على النحو التالي:
الأول: الطلاق الرجعي
مسألة 912: الطلاق الرجعي هو: (قيام الزوج ـ اختياراً ـ أو وكيله أو وليه بطلاق الزوجة غير الصغيرة ولا اليائسة إذا كانت مدخولاً بها فعلاً، أو من في حكمها، وهي: الزوجة الحامل بإراقة المني على فرجها)، فلا يعتبر من الطلاق الرجعي ما لو طلق الحاكم الزوجة المدخول بها قهراً عن زوجها الذي لا ينفق عليها عند امتناعه عن طلاقها، بل يقع بائناً كما سيأتي؛ وإنما سمي (رجعياً) لجواز رجوع الزوج عنه بكيفية خاصة خلال فترة العدة دون حاجة إلى عقد جديد؛ وهو مشتق من فعل (رجع) بمعنى: عاد.
مسألة 913: المطلقة الرجعية بحكم الزوجة من معظم النواحي ما دامت في العدة، ما عدا استمتاعه بها كما سيأتي، فلا يجوز لزوجها إخراجها من بيته وتركها دون مسكن يُعِدُّه لها، إلا أن تأتي بفاحشة مُبَيِّنَة في دار سكناها، كمثل الزنى؛ كما وأنه لا يجوز لها الخروج المنافي لحقه في الاستمتاع إلا باذنه؛ ويجب عليها أن تمكنه من الاستمتاع بها بما يشاء، وإن تحقّق به الرجوع الذي قد لا ترغب فيه، إذا كان من قصده الرجوع به، فإن علمت أنه لا يريد به الرجوع لم يجز لها تمكينه لحرمته عليه حينئذ؛ ولها عليه النفقة؛ ويرث كل واحد منهما الآخر إذا مات في العدة، وغير ذلك من لوازم الزوجية وأحكامها، نعم ليس عليه إمتاعها حيث تطلبه إذا لم يُرد الرجوع إليها لحرمة ذلك عليه بدون قصد الرجوع كما ذكرنا؛ فإذا انقضت عدتها استحكم الفراق بينهما ولم يكن له الرجوع إليها إلا بعقد جديد.
مسألة 914: يحـق للـزوج مراجعـة زوجتـه المطلقة رجعيـاً ـ ما دامت في العدة ـ ولو من دون رضاها، إلا إذا كانت قـد اشترطت عليـه ـ في عقـد لازم ـ عدمَ مراجعتها، فيلزمه الوفاء لها، فإذا رجع إليها أثم بمخالفة الشرط، ولزمهما مراعاة الاحتياط ـ وجوباً ـ في آثار هذا الرجوع المخالف للشرط، فيرتب كل منهما على نفسه وعلى علاقته بالآخر آثار الزوجية وعدمها، حتى يتراضيا على حل. هذا، ويتحقّق الرجوع بأمرين:
الأول: بكل لفظ دال على الرجوع، مثل: (أرجعتُكِ إلى نكاحي) و(أَعدْتُكِ إلى عِصْمتي) و(راجعتُك) و(استرجعتُك) ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على إرجاعها إليه والعدول عن طلاقها. ومنه ما لو نفى طلاقها وأكد بقاءها زوجة له، فيُعَدُّ ذلك رجوعاً منه رغم العلم بكذبه بنفي الطلاق. ويصح الرجوع باللغة العربية وغيرها، وبالفصحى من العربية أو العامية، وبالصحيح من الفصحى أو الملحون.
الثاني: أن يأتي بفعل يقصد به الرجوع، كأن تكون خارج بيته فيحضرها إلى منزله بقصد العدول عن الطلاق وإرجاعها إليه، أو بأن يستمتع بها بالجماع أو بما دونه استمتاعاً مقترناً بقصد إرجاعها إليه والتعامل معها من موقع كونها زوجة له، فإن لم يقصد بالاستمتاع بها ـ ولو بالجماع ـ إرجاعها إليه لم يتحقّق به الرجوع، وكان ذلك الجماع منه حراماً وزناً إذا كان ملتفتاً، وشبهةً مع عدم الالتفات، وكذا حكم ما دون الجماع من الاستمتاعات؛ غير أن الأحوط استحباباً لمن جامع زوجته بدون قصد الرجوع أن يجدد طلاقه لها، فتستأنف عدة جديدة منه بعد الطلاق.
مسألة 915: لا يعتبر في الرجعة مباشرة الزوج للإنشاء، فيتحقّق الرجوع من الوكيل إذا أنشأه بالنحو المذكور في المسألة السابقة، كما يتحقّـق ـ أيضاً ـ من الولي في بعض موارده، وذلك كما لو عرض الجنون على الزوج بعد طلاق زوجته، وكان ثمة مصلحة في إرجاعها فأرجعها الولي؛ أو كان وليُّ المجنون قد طلق زوجته ثم بدا للولي إرجاعها إليه، أو نحو ذلك.
مسألة 916: لا يعتبر في صحة الرجوع بالإنشاء إيقاعه أمام الشهود، وإن كان الإشهاد أفضل، حذراً من الوقوع في التنازع؛ وكذا لا يعتبر حضور الزوجة ولا علمها به، ولا كون المطلقة طاهرة من الحيض أو النفاس، ولا غير ذلك من الأمور.
مسألة 917: يثبت الرجوع بمجرد ادّعاء الزوج له أثناء العدة، وكذا لو ادّعاه بعد انقضاء العدة وصدقته الزوجة، فإن لم تصدقه لم تقبل دعواه إلا بالبينة، فإن لم يكن له بينة، وكان عدم تصديقها له من حيث علمها بعدم رجوعه، كان له أن يستحلفها على نفي الرجوع، وإن كان عدم تصديقها من حيث عدم علمها بالرجوع، كان له ـ أيضـاً ـ أن يستحلفها على عدم العلم. وكما تثبت دعوى الرجوع بعد انقضاء العدة بشهادة الرجلين العادلين، فإنها تثبت ـ أيضاً ـ بشهادة رجل عادل وامرأتين عادلتين، فيما لا تثبت بشهادة رجل عادل مع يمين الزوج.
مسألة 918: إذا رجع الزوج فادعت الزوجة كونه بعد انقضاء العدة، فأنكر الزوج ذلك، فالقول قول الزوجة مع يمينها ما لم تكن متهمة في صدقها، وذلك كما لو ادعت حدوث الحيض عندها ثلاث مرات خلال شهر ونيف، فإن كانت متهمة لم يقبل منها غير البينة.
ولو اتفقا على حدوث الرجوع وانقضاء العدة، لكنهما اختلفا على تاريخ حدوث كل منهما، فادعى الزوج تقدم الرجوع على انقضاء العدة، وادعت الزوجة العكس، كان القول قول الزوج مع يمينه، سواء علم تاريخ أحدهما دون الآخر أو جهل تاريخهما معاً.
وإذا طلقها وراجعها فادعت أن لا سبيل له عليها لعدم دخوله بها ليكون لها عدة، فأنكر الزوج ذلك مدعياً دخوله بها، كان القول قول الزوجة بيمينها.
مسألة 919: لا يسقط حق الزوج بمراجعة زوجته المطلقة رجعياً بإسقاطه عن نفسه بعوض أو بدون عوض، فلو أسقطه لم يكن لإسقاطه أثر، وجاز له مراجعتها، نعم يسوغ له أن يلتزم بعدم الرجوع إذا اشترط عليه ذلك، كما أسلفنا القول.
الثاني: الطلاق البائن
مسألة 920: الطلاق البائن هو: (الطلاق الذي لا يحق معه للزوج مراجعة زوجته بعد طلاقها إلا بعقد جديد ولو أثناء عدتها إن كان لها عدة، فضلاً عمن لا عدة لها)، وإنما يكون الطلاق كذلك في الموارد التالية:
1 ـ طلاق الصغيرة التي لم تبلغ سن التكليف، ولو كان قد دخل بها عمداً أو اشتباهاً.
2 ـ طلاق المرأة اليائسة التي أتمَّتْ سن الخمسين قمرية.
3 ـ الطلاق قبل الدخول.
وهذه الثلاث ليس لها عدة كما سيأتي.
4 ـ الطلاق الثالث المسبوق بطلاقين بينهما رجعتان أو ما بحكمهما.
5 ـ طلاق الحاكم الشرعي زوجة الممتنع عن الطلاق بعد لزومه عليه بعجزه عن الإنفاق.
6 ـ طلاق الخلع والمباراة، فان الطلاق الواقع بهما بائن ما لم ترجع الزوجة فيما بذلت، فينقلب رجعياً حينئذ.
مسألة 921: المطلقة بائناً بمنزلة المرأة الأجنبية عن مُطلِّقها من حيث زوال آثار العُلْقة الزوجية وانقطاع العصمة بينهما بمجرد الطلاق، فلا مساكنة ولا نفقة لها إلا إذا كانت حاملاً منه، فإن لها عليه النفقـة ـ ومعهـا السكـن ـ حتى تضع حملها؛ كما وأنه لا يجب عليها طاعته ولا يحرم عليها الخروج من بيتها بدون إذنه، ولا توارث بينهما.
ص
597
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية