المبحث الأول: في موجبات الإرث وطبقات الوارث

حيث إنه لا يرث شخص مال غيره إلا إذا اتصل به بنسب أو سبب، وحيث إن لكلٍ من النسب والسبب طبقاته وأصنافه، فإن بيان أحكام هذا المبحث يقع في مطلبين:
المطلب الأول: في الوارث بالنسب
وفيه مسائل:
مسألة 995: يُقتَصَر في النسب ـ هنا في باب المـيـراث ـ على المتحقّق منه بتولد شخص من شخص بالمباشرة وغير المباشرة من جهة العمودين، وذلك بالتفصيل الذي تقدم منا في مباحث الزواج، إذا كان تولده منه بنكاح صحيح شرعاً أو ما بحكمه، وهو وطىء الشبهة، أما التولد من الزنى، ولو كان ثبوت الزنى باللعان، فلا يوجب التوارث رغم ثبوتِ النسب به وتَرَتُّبِ آثاره الأخرى، وسيأتي تفصيل حكم ولد الزنى والولد المنفي باللعان في (المسألة: 1019) وما بعدها، وانظر أيضاً حول النسب (المسألة: 784) وما بعدها.
مسألة 996: ينقسم الورثة النَّسبيون من حيث مراتبهم في الأولوية إلى ثلاث طبقات، ويراد بــ (الطبقة) في اصطلاح الفقهاء: (قسمٌ من الأقارب يتميز عن غيره بأَقْرَبِيَّته)؛ كما وأنه قد تنقسم بعض الطبقات إلى أكثر من صنف، ويريدون بــ (الصنف): (القسم من الطبقة، رغم أن أفراده لا يمنعون أفراد الصنف الآخر الذين يشاركونهم في الطبقة). وهذه هي الطبقات وأصنافها نذكرها كما يلي:
1 ـ الطبقة الأولى: وهي صنفان:
الصنف الأول: الأبوان المباشران وحدهما دون الأجداد والجدات؛ و(الأبوان) لفظ يراد به: الأب والأم على نحو التغليب، مثل القمران، تقال: للشمس والقمر.
الصنف الثاني: الأولاد، وأولادهم مهما نزلوا.
هذا، ويرث الموجود من كل صنف مع الآخر دون أن يمنع أحدهما الآخر من الميراث، حتى لو كان الموجود من الصنف الثاني مع الصنف الأول هم أولاد أولاد. أما أفراد الصنف الثاني فإن الأقرب منهم يمنع الأبعد، أي أن وجود الولد يمنع وراثة ولد الولد، ووجود ولد الولد يمنع وراثة ولد ولد الولد، وهكذا. وسيأتي تفصيل ذلك.
2 ـ الطبقة الثانية: وهي صنفان أيضاً:
الصنف الأول: الأجداد والجدات مهما علوا، من جهة الأب كانوا أو من جهة الأم.
الصنف الثاني: الإخوة والأخوات وأولادهم مهما نزلوا.
هذا، ويرث الأفراد الموجودون من كل صنف دون أن يمنع أحدهما الآخر سواء كانوا مباشرين أو غير مباشرين أو مختلفين. فيما يمنع الأقربُ من أفراد كل صنف الأبعد منهم إذا زاحمه، فلا يرث الجدُّ الأعلى مع الجد الأدنى، كما لا يرث ابنُ الأخ مع الأخ، وهكذا.
3 ـ الطبقة الثالثة: الأعمام والعمات والأخوال والخالات مهما علوا، فتشمل الأخوال والأعمام المباشرين وغير المباشرين من جهة العمودين كليهما، أي: أخوال وأعمام الأب والأم وأخوال وأعمام آبائهما وأمهاتهما، مهما علوا. وكذلك يدخل في هذه الطبقة الثالثة أولاد العم والخال مهما نزلوا، لكن نزولهم مشروط بأن لا يصل في البعد إلى حدٍ لا يَصدُقُ معه النَّسب عرفاً، رغم انتمائهم إلى عشيرة واحدة.
هذا، ويعتبر الأعمام والأخوال صنفاً واحداً فيرثون جميعاً مهما تعددوا، لكن الأقربَ منهم يمنع الأبعد، ومعنى ذلك أن أعمام الميت وأخواله وعماته وخالاته المباشرين يمنعون أعمام وعمات وأخوال وخالات أبيه وأمه، كما أن أعمام وأخوال وعمات وخالات أبيه وأمه يمنعون أمثالهم لجده، وهكذا. أما أولاد العم والعمة والخال والخالة فإنهم لا يرثون إلا مع خلو الطبقة من الأعمام والأخوال والعمات والخالات المباشرين جميعاً، فلو وُجد ابنُ عم، لم يرثْ مع وجود الخال أو الخالة، وهكذا.
المطلب الثاني: في الوارث بالسبب
مسألة 997: كما يتحقّق التوارث بين المتصلين بالنسب بالنحو الذي ذكرناه فإنه يتحقّق بين المتصلين بغير النسب، وهو واحد من أمرين قد اصطلح عليهما بــ (السبب) من باب تسمية الخاص باسم العام، وبيانهما كما يلي:
الأول: الزوجية، وشرطها الدوام، فلا توارث بين الزوجين المقترنين بعقد زواج مؤقت؛ فإذا مات أحد الزوجين حالة كون الآخر ما يزال زوجاً له أو بحكم الزوج، كما لو كانت الزوجة في عدة طلاق رجعي أو في عدة وفاةٍ مِنْ فَقْد الزوج إذا تبين موته أثناء العدة، أو كانت زوجته المعتدة منه قد ماتت في العدة قبل تبين حاله ثم تبينت حياته، فإنهما يتوارثان رغم كونهما في العدة الرجعية.
هذا، وتجتمع الزوجية مع جميع طبقات النسب، وكذا مع السبب، فلا يَحجُب وراثةَ أحد الزوجين للآخر حاجبٌ، واحدة كانت الزوجة أو متعددة، كما سيأتي تفصيله.
الثاني: الولاء، ويراد به أمور ثلاثة هي: (ولاء العتق)، وهو: وراثة السيد لعبده الذي أعتقه؛ وهو أمر لا ينفع التعرض له في زماننا. و(ولاء ضمان الجريرة)، و(ولاء الإمامة):
أما ولاء ضمان الجريرة فهو: (تعاقد بين شخصين أو أشخاص على أن يضمن أحدهما ـ أو كل منهما ـ جناية الآخر)، وذلك بتفصيل سوف يأتي.
وأما ولاء الإمامة فهو: (ولاية الإمام (ع) حال حضوره، ثم ولاية الحاكم الشرعي في زمن غيبته (ع).
وكلا هذين السببين لا يثبت به التوارث إلا عند فقد الوارث النَّسبي، وكذلك فإن هذين السببين مترتبان فيما بينهما، فإذا مات الإنسان الذي ليس له قرابة ترثه، ورثه ضامن الجريرة إن وجد، وإلا ورثه الإمام.
حيث إنه لا يرث شخص مال غيره إلا إذا اتصل به بنسب أو سبب، وحيث إن لكلٍ من النسب والسبب طبقاته وأصنافه، فإن بيان أحكام هذا المبحث يقع في مطلبين:
المطلب الأول: في الوارث بالنسب
وفيه مسائل:
مسألة 995: يُقتَصَر في النسب ـ هنا في باب المـيـراث ـ على المتحقّق منه بتولد شخص من شخص بالمباشرة وغير المباشرة من جهة العمودين، وذلك بالتفصيل الذي تقدم منا في مباحث الزواج، إذا كان تولده منه بنكاح صحيح شرعاً أو ما بحكمه، وهو وطىء الشبهة، أما التولد من الزنى، ولو كان ثبوت الزنى باللعان، فلا يوجب التوارث رغم ثبوتِ النسب به وتَرَتُّبِ آثاره الأخرى، وسيأتي تفصيل حكم ولد الزنى والولد المنفي باللعان في (المسألة: 1019) وما بعدها، وانظر أيضاً حول النسب (المسألة: 784) وما بعدها.
مسألة 996: ينقسم الورثة النَّسبيون من حيث مراتبهم في الأولوية إلى ثلاث طبقات، ويراد بــ (الطبقة) في اصطلاح الفقهاء: (قسمٌ من الأقارب يتميز عن غيره بأَقْرَبِيَّته)؛ كما وأنه قد تنقسم بعض الطبقات إلى أكثر من صنف، ويريدون بــ (الصنف): (القسم من الطبقة، رغم أن أفراده لا يمنعون أفراد الصنف الآخر الذين يشاركونهم في الطبقة). وهذه هي الطبقات وأصنافها نذكرها كما يلي:
1 ـ الطبقة الأولى: وهي صنفان:
الصنف الأول: الأبوان المباشران وحدهما دون الأجداد والجدات؛ و(الأبوان) لفظ يراد به: الأب والأم على نحو التغليب، مثل القمران، تقال: للشمس والقمر.
الصنف الثاني: الأولاد، وأولادهم مهما نزلوا.
هذا، ويرث الموجود من كل صنف مع الآخر دون أن يمنع أحدهما الآخر من الميراث، حتى لو كان الموجود من الصنف الثاني مع الصنف الأول هم أولاد أولاد. أما أفراد الصنف الثاني فإن الأقرب منهم يمنع الأبعد، أي أن وجود الولد يمنع وراثة ولد الولد، ووجود ولد الولد يمنع وراثة ولد ولد الولد، وهكذا. وسيأتي تفصيل ذلك.
2 ـ الطبقة الثانية: وهي صنفان أيضاً:
الصنف الأول: الأجداد والجدات مهما علوا، من جهة الأب كانوا أو من جهة الأم.
الصنف الثاني: الإخوة والأخوات وأولادهم مهما نزلوا.
هذا، ويرث الأفراد الموجودون من كل صنف دون أن يمنع أحدهما الآخر سواء كانوا مباشرين أو غير مباشرين أو مختلفين. فيما يمنع الأقربُ من أفراد كل صنف الأبعد منهم إذا زاحمه، فلا يرث الجدُّ الأعلى مع الجد الأدنى، كما لا يرث ابنُ الأخ مع الأخ، وهكذا.
3 ـ الطبقة الثالثة: الأعمام والعمات والأخوال والخالات مهما علوا، فتشمل الأخوال والأعمام المباشرين وغير المباشرين من جهة العمودين كليهما، أي: أخوال وأعمام الأب والأم وأخوال وأعمام آبائهما وأمهاتهما، مهما علوا. وكذلك يدخل في هذه الطبقة الثالثة أولاد العم والخال مهما نزلوا، لكن نزولهم مشروط بأن لا يصل في البعد إلى حدٍ لا يَصدُقُ معه النَّسب عرفاً، رغم انتمائهم إلى عشيرة واحدة.
هذا، ويعتبر الأعمام والأخوال صنفاً واحداً فيرثون جميعاً مهما تعددوا، لكن الأقربَ منهم يمنع الأبعد، ومعنى ذلك أن أعمام الميت وأخواله وعماته وخالاته المباشرين يمنعون أعمام وعمات وأخوال وخالات أبيه وأمه، كما أن أعمام وأخوال وعمات وخالات أبيه وأمه يمنعون أمثالهم لجده، وهكذا. أما أولاد العم والعمة والخال والخالة فإنهم لا يرثون إلا مع خلو الطبقة من الأعمام والأخوال والعمات والخالات المباشرين جميعاً، فلو وُجد ابنُ عم، لم يرثْ مع وجود الخال أو الخالة، وهكذا.
المطلب الثاني: في الوارث بالسبب
مسألة 997: كما يتحقّق التوارث بين المتصلين بالنسب بالنحو الذي ذكرناه فإنه يتحقّق بين المتصلين بغير النسب، وهو واحد من أمرين قد اصطلح عليهما بــ (السبب) من باب تسمية الخاص باسم العام، وبيانهما كما يلي:
الأول: الزوجية، وشرطها الدوام، فلا توارث بين الزوجين المقترنين بعقد زواج مؤقت؛ فإذا مات أحد الزوجين حالة كون الآخر ما يزال زوجاً له أو بحكم الزوج، كما لو كانت الزوجة في عدة طلاق رجعي أو في عدة وفاةٍ مِنْ فَقْد الزوج إذا تبين موته أثناء العدة، أو كانت زوجته المعتدة منه قد ماتت في العدة قبل تبين حاله ثم تبينت حياته، فإنهما يتوارثان رغم كونهما في العدة الرجعية.
هذا، وتجتمع الزوجية مع جميع طبقات النسب، وكذا مع السبب، فلا يَحجُب وراثةَ أحد الزوجين للآخر حاجبٌ، واحدة كانت الزوجة أو متعددة، كما سيأتي تفصيله.
الثاني: الولاء، ويراد به أمور ثلاثة هي: (ولاء العتق)، وهو: وراثة السيد لعبده الذي أعتقه؛ وهو أمر لا ينفع التعرض له في زماننا. و(ولاء ضمان الجريرة)، و(ولاء الإمامة):
أما ولاء ضمان الجريرة فهو: (تعاقد بين شخصين أو أشخاص على أن يضمن أحدهما ـ أو كل منهما ـ جناية الآخر)، وذلك بتفصيل سوف يأتي.
وأما ولاء الإمامة فهو: (ولاية الإمام (ع) حال حضوره، ثم ولاية الحاكم الشرعي في زمن غيبته (ع).
وكلا هذين السببين لا يثبت به التوارث إلا عند فقد الوارث النَّسبي، وكذلك فإن هذين السببين مترتبان فيما بينهما، فإذا مات الإنسان الذي ليس له قرابة ترثه، ورثه ضامن الجريرة إن وجد، وإلا ورثه الإمام.
ص
661
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية