العمل المصرفي

تقوم المصارف في حركة الإنسان الاقتصادية في زماننا بدور مهم، فهي مستودع الأموال، وهي محور عمليات القرض، وهي العمدة في الكفالات والحوالات، وهي شريك كبير في الاستثمارات والمضاربات، وهي وكيل أو وسيط في كثير من المعاملات والصفقات، فهي ـ بحكم هذا الموقـع ـ مما يندر أن يستغني عنه تاجر أو صاحب مال من الأفراد والدول والجهات والمؤسسات، لذا فإن بيان أحكام ما تقوم به من أعمال ضروري للمكلف الذي لا غنى له عن التعامل معها أو العمل فيها أو بها، وذلك ضمن المطالب التالية:
المطلب الأول: في شرعية العمل المصرفي
وفيه مسائل:
مسألة 290: يجوز التكسب بالخدمات المصرفية في مجالاتها المتنوعة المتعارفة في زماننا، إذا كانت موافقة للأحكام الإسلامية، وبخاصة لجهة قيام مؤسسات مالية غير ربوية، فإن جميع أعمالها ومكاسبها جائزة ومحللة، مثلها في ذلك مثل سائر الأعمال الموافقة للشرع؛ دون فرق فيها بين ما يملكه الأفراد أو الجهات أو الدول، وأما ما لا يوافق الشرع منها فهو إما حرام أو فاسد، وهو شأن الكثير من معاملات المصارف والمؤسسات المالية القائمة على الربا، فلا يحل مكسبه من الربا إلا برضا المأخوذ منه، فإن أباحه وأذن له به ـ رغم علمه بعدم استحقاق الآخذ له ـ جاز له تملكه والتصرف فيه، وإلا لم يجز.
مسألة 291: يجوز ويصح التعامل مع كل مؤسسة مصرفية، لمسلم كانت أو كافر، وأهلية كانت أو حكومية، وربوية كانت أو غير ربوية، بجميع المعاملات الموافقة للشرع، والأموال المأخوذة منهم حلال، بما في ذلك هباتهم وجوائزهم، رغم العلم باشتمال أموالهم على بعض الأموال المحرمة، إلا أن يعلم أن هذا المال المعطى له هو بعينه من المال الحرام، فلا يجوز أخذه حينئذ.
مسألة 292: يجوز العمل في جميع المؤسسات المالية الربوية إذا كان العمل حلالاً، فيجوز العمل في مثل: إدارة شؤون الموظفين فيها، والعلاقات العامة، والدعاية لها، وتِعْداد أموالها، وتَسلُّم أمانة ومفاتيح خزائنها ومستودعاتها؛ إضافة إلى جميع أعمال الخدمات العادّية فيها، كالحراسة والنظافة والإنارة والنقل والصيانة؛ وإضافة إلى تأجيرها المباني ووسائط النقل ونحوها مما تحتاجه.
أما الحرام منها فهو الدخول في عقودها الربوية، بحيث يكون الموظف فيها ـ مديراً أو دونه ـ طرفاً في العقد الربوي المنشأ مع العميل، أو كاتباً للعقد أو شاهداً عليه أو محاسباً لما يُعطى أو يُؤخذ من الربا، نعم، حيث إن المصرف لا بد أن يعطي عميله فائدة بطيب خاطره، حتى لو لم يرض العميل بأخذها، أو لم يكن طالباً لها، فإنه يجوز للمحاسب دفع الفائدة المعطاة للعملاء، فيما لا يجوز له تسلُّم الفائدة التي يعطيها العميل للمصرف، لأنه لا يعطيها له على كل حال.
كذلك يحرم العمل في المصارف في غير الربا من المحرمات، كالاستثمارات في مجالات صناعة الخمر والمتاجرة بها، أو تمويل حفلات الغناء والرقص المحرَّمين، ونحو ذلك مما يكون العامل مشاركاً فيه.
المطلب الثاني: في الإيداع
مسألة 293: الأموال التي (يودعها) أصحابها في المصارف يلحقها حكم القروض لا الودائع، ذلك أن المودع ـ هنا ـ يجعل ماله في عهدة المصرف ليحفظه، ولكي يسهل عليه تداوله في معاملاته، ولكي يستثمره وينميه ويستربح به، وحيث إن عيـن المـال لا تبقـى ـ كما هو شـأن الوديعة ـ، وحيث إن المال مضمون على المصرف، فإن العلاقة بين المودع والمصرف ـ في الواقـع ـ هي نفس علاقة المقرض بالمقترض، وإن ما يتم بينهما هو قرض ولو لم يسمياه (قرضاً)؛ علماً أن المصطلحات الاقتصادية تسمي هذه الودائع (ديوناً). بل إن أحكام القرض تجري على هذه العلاقة حتى لو صرح العميل بأن هذا المال وديعة وأمانة، وأنه يجيز للمصرف أن يتصرف بها كما يشاء، بحيث تصبح مضمونة عليه.
وبناءً عليه فإنه لا يجوز ابتناء التعامـل بينهمـا ـ صراحـة أو ضمنـاً ـ على أساس ربوي، فلا يجوز للمصرف إعطاء زيادة على المال بعنوان الربا، ولا يجوز للمودع جعل هذه الزيادة على ماله المودَع عند إدإعه، وذلك بالنحو الذي مرَّ تفصيله في باب القرض والدين، وهو المصطلح عليه في زماننا بـ (الفائدة)، فإنها ربا محرم. فإن لم يبتن الإيـداع فيـه ـ ولـو من طـرف المـودع وحـده ـ على أخذ الفائدة، بحيث كان همُّه إيداع المال فيه لا الاسترباح منه، جاز له إيداعه وجاز ـ أيضاً ـ أخذ الفائدة عليه رغم علمه بأن هذا المصرف سوف يعطيها له، ويحل له صرفها في شؤونه إذا أحرز رضا دافعها بذلك على كل حال، أي: حتى مع علمه بعدم استحقاق الآخذ لها.
مسألة 294: لا فرق في حرمة أخذ (الفائدة) وإعطائها على الودائع بين المصارف الحكومية والأهلية والمشتركة؛ ولا بين المصارف العائدة إلى المسلمين ـ دولة أو أفراداً ـ أو تلك التي تعود إلى غير المسلمين، إذ إن الأحوط وجوباً ترك المراباة مع غير المسلم من الكفار أيضاً؛ كما أنه لا فرق بين الإيداع الثابت الذي لا يُلزم المصرف بتسليمه إلا بعد مضي المدة المتفق عليها، وهو المصطلح عليه بـ (الإدخار أو التوفير)، وبين الإيداع المتحرك الذي يُسَلَّم حين طلبه، والمصطلح عليه بـ (الحساب الجاري).
المطلب الثالث: في الإقراض
مسألة 295: لا يجوز للمصرف إقراض الأموال المودعة عنده، ولا أمواله الخاصة به، لعملائه بالفائدة، ولا يجوز للمكلَّف الاقتراض منـه ـ أو من غيـره ـ بالفائدة، إذا كان التعاقد بينهما مبتنياً على دفع الفائدة صراحة أو ضمناً؛ هذا، ولكنْ يكفي في تجويز الاقتراض قصد المقترض ـ حين التعاقد ـ عدم دفع الفائدة عند الاستحقاق إلا مُكْرَهاً، رغم أن صيغة التعاقد المتعارفة في البنوك مبتنية على دفع الفائدة صراحة، ورغم أن الطرفيـن ـ حيـن يتعاقـدان ـ يعيشان ذلك أمراً واقعاً لا مفر منه، لكنَّ المقتـرض حيث لم يلتـزم ـ في نفسـه ـ بالشرط المتضمن لدفع الفائدة، بحيث فَصَل بين الالتزام بالقرض، فقصده، وبين الالتزام بدفع الفائدة، فلم يقصده، فإنه يجوز له الاقتراض رغم علمه بعدم قدرته على التهرب عن الدفع حين الاستحقاق؛ وإن كان الأحوط استحباباً قصر الاقتراض الربوي مع قصد عدم الالتزام بالفائدة على صورة ما لو كان المقترض مضطراً لذلك بحد يتوقف عليه معاشه، أو محرجاً في تركه بما يشق عليه تحمله.
وحيث يحرم القرض الربوي فإنه لا فرق في الحرمة بين من له رصيد في المصرف ويحتاج إلى الاقتراض زيادة عليه وبين من ليس له رصيد فيه، كما لا فرق بين من يريده لشان تجاري، كالكفالة وفتح الاعتماد التجاري ونحوهما وبين من يريده لشأن شخصي كتزويج ولد أو شراء منزل أو نحوهما.
المطلب الرابع: في فتح الاعتماد
مسألة 296: فتح الاعتماد هو: طلب العميل من المصرف مساعدته في إنجاز صفقة تجارية قد عقدها مع غيره ومساهمته في تسديد ثمنها؛ ومن موارده: أن يتقدم من يريد استيراد بضاعة من مصدرهـا ـ وبخاصـة من الخـارج ـ بطلب (فتح اعتماد) يتعهد البنك بموجبه بتسلُّم مستندات البضاعة المستوردة وتسليمها إلى فاتح الإعتماد وتسديد ثمنها إلى المصدِّر، وذلك بعد تمام المعاملة بين المستورد والمصدِّر، مراسلةً أو بمراجعة الوكيل، وبعد إرسال القوائم المحددة لنوعية البضاعة المتفق عليها، وبعد قيام المستورد بدفع قسم من الثمن إلى المصرف؛ فإنه بعد هذه المراحل يقوم البنك بتسلُّم مستندات البضاعة من الجهة المصدِّرة وأداء ثمنها إليها. هذا، وإنه لا تقتصر صيغة (فتح الاعتماد) وتفاصيله على هذا المورد ـ أو هـذه الصـورة ـ بل إن ثمة صوراً وتفاصيل أخرى قد يتضمنها فتح الإعتماد مما لا يُخرج به عن جوهره الذي يقوم على كون العميل معتمداً على المصرف في تسهيل صفقاته التجارية بما يقرب مما ذكرناه.
مسألة 297: يجوز للمصرف فتح الإعتماد لعملائه بهذا النحو، وكذا يجوز له ـ بموجبه ـ أخذ مال إزاء قيامه بجميع الخدمات المتعلقة بمعاملاته التجارية؛ لكنه لا يجوز للعميل أن يقترض بالفائدة من المصرف ما يزيد عن رصيده ليتمم به ثمن البضاعة، كما لا يجوز للمصرف إقراضه إياه بالفائدة، إلا أن يتم التعاقد بينهما على أساس (ضمان الدين)، فتكون تغطية البنك لما يبقى من الثمن من باب ضمان دينه للمصدِّر لا من باب إقراضه، على أن يرجع المستوردُ للمصرف ما دفعه عنه، مشترطاً على نفسه له (جَعْلاً) بمقدار الفائدة على قيامه بـ (أداء) دينه وضمانه عنه. (أنظر المسألة: 265).
وكذا يمكن تصحيح أخذ الفائدة على فتح الاعتماد بالطريقة التالية:
يقوم البنك ببيع فاتح الإعتماد المقدار الذي يزيد عن رصيده من الثمن بالعملة الأجنبية في ذمته مع ربح عليه بمقدار الفائدة، حيث يجوز بيع المعدود (وهو العملة) نسيئة بأزيد منه مما يخالفه في الجنس؛ فتكون تغطية البنك لباقي ثمن البضاعة المستوردة من باب بيع العملة لا من باب القرض.
المطلب الخامس: في الوساطة في الأعمال التجارية
وهي أمور مرهونة في قلتها وكثرتها لمدى نشاط البنك ورغبته، ونذكر منها هنا ما هو معروف ومتداول، وذلك على النحو التالي:
1 ـ الاستثمار:
مسألة 298: يجوز للبنك أن يقوم باستثمار الأموال المودعة عنده وتوظيفها في شتى مجالات التجارة المحلَّلة، إما على قاعدة كونه وكيلاً عن المودع، بحيث تكون جميع الأرباح للمودع والخسائر عليه ويكون للبنك أجرة على وكالته، أو على قاعدة كونه عاملاً مضارباً للمودع، بحيث تشمله أحكام المضاربة؛ وفي كلتا الحالتين فإن المال الذي يأخذه البنك بإزاء ذلك حلال.
2 ـ بيع السلع والسهام:
مسألة 299: يجوز أن يقوم البنك بعرض البضائع المحلَّلة والتعريف عليها بمختلف وسائل العرض والتعريف المحلَّلة، كما يجوز أن يقوم ببيعها أو شرائها وخزنها وتوضيبها وشحنها لعملائه؛ ويجوز له أخذ أجرة على ذلك في إطار عقد الإجارة، أو أن يأخذ جَعْلاً على عمله في إطار الجعالة.
مسألة 300: كما يجوز أن يكون المصرف وسيطاً في بيع الأعيان فإنه يجوز أن يكون وسيطاً في بيع السهام التي تطرحها الشركات المساهمة للبيع، فحيث يجوز ويصح بيع تلك السهام وشراؤها فإنه يصح للمصرف أن يكون وسيطاً في معاملاتها بالنحو المذكور في المسألة السابقة. بل إن للبنك أن يكون وسيطاً في كل معاملة مستكملة لشروطها، وفي بيع كل ما يصح بيعه من الأعيان والمنافع والحقوق، دون فرق في ذلك بينه وبين غيره من الأفراد والجهات.
3 ـ بيع السندات:
مسألة 301: السندات: (صكوك تصدرها جهات مخولة قانوناً بقيمة إسمية معينة مؤجلة إلى مدة معلومة، فتعمد إلى بيعها بأقل من قيمتها الموضوعة لها نقداً على أن ترجع قيمتها الموضوعة بعد مدة)، وذلك بهدف الاستلاف من الناس وإغناء الخزينة لتغطية النفقات المترتبة عليها ثم إعادة الأموال إلى أصحابها تدريجاً مع الفائدة، بحيث إنها تعد ـ في الحقيقة ـ قرضاً بالفائدة بصورة بيع، وهي المعروفة في لبنان بإسم (سندات الخزينة). ومثال ذلك: أن تكون قيمة السند مئة ألف ليرة، فتبيعه الدولة بتسعين ألفاً مقبوضة حالاً، على أن ترجعها مئة ألف إلى حامله بعد ستة أشهر مثلاً؛ وهنا لا بد من ملاحظة ما يلي:
أ ـ إن استرجاع قيمة السند الإسمية، وهي المئة ألف، تتم على قاعدة أن حامل السند يبيعه للدولة فتشتريه هي منه.
ب ـ إن مشتري السند يمكنه خلال المهلة الموضوعة لاسترجاع قيمته من الدولة أن يبيعه لغيرها بقيمته الإسمية أو بأقل منها.
ج ـ إن حامل السند ـ سواء كان هـو المشتـري الأول أو غيـره ـ لا يمكنه استرجاع قيمته الإسمية من الدولة إلا بعد انتهاء المدة المحددة للاسترجاع.
وبناءً عليه، ورغم كون هذه المعاملة في ظاهرها بيعاً موافقاً لقواعد البيع الصحيح، فإن واقعها ليس كذلك، لأن السند هنا ـ في واقعه ـ ليس مبيعاً يبذل بإزائه ثمن، بل هو وثيقة على استحقاق حامله المبلغ المذكور فيه، وحينئذ إما أن نعتبر أن الجهة التي أصدرت السند قد اقترضت من حامله تسعين ألفاً يأخذها مئة ألف بعد ستة أشهر، وهو ربا محرم؛ أو نعتبر أن الجهة التي أصدرت السند قد باعت مئة ألف ليرة لحامله مؤجلة إلى ستة أشهر بتسعين ألفاً حالَّة، وهو بيع لا تخلو صحته من إشكال. وحيث لا مجال لتصحيح هذه المعاملة فإنه لا يجوز للبنك التوسط في بيع هذه السندات وشرائها، كما لا يجوز له أخذ العمولة عليها.
4 ـ خزن البضائع:
مسألة 302: إذا كان البنك وسيطاً في بعض المعاملات التجارية فقد يطلب منه ـ أو يضطر إلى ـ تخزين البضائع ريثما يتسلمها المستورد، وذلك على حساب المستورد أو المصدِّر بناءً لاتفاق واضح بين الأطراف؛ وفي هذه الحالة يجوز للبنك تولي مثل هذا العمل وأخذ الأجرة أو الجعل إزاء قيامه بعملية التخزين، فإن لم يطلب منه ذلك فخزنها، لم يكن له أخذ أجرة على نفس القيام به.
مسألة 303: إذا تخلف صاحب البضاعة عن تسلُّمها حين الاستحقاق، وتخلف ـ أيضاً ـ عن دفع المبالغ المستحقة عليه للمصرف، فإنه يجوز للمصرف بيع البضاعة المذكورة ـ كما يجوز للآخريـن شراؤهـا ـ إذا كان قد أعلمه بهذا الإجراء وأنذره به قبل الإقدام عليه؛ وذلك لأنه ـ بمقتضى الشرط الصريح أو الإرتكازي الموجود في أمثال هذه الموارد ـ وكيل عن أصحاب البضاعة في بيعها حينئذ.
المطلب السادس: في تحصيل الكمبيالات وأداء الديون
مسألة 304: يجوز للمصرف أن يقوم بخدمة دين عملائه، بدفعه عنهم أو تحصيله لهم، وذلك على وجوه:
1 ـ أن يقدم الدائـن صك الدين المثبت لحقه، وهو المصطلح عليه بـ (الكمبيالة)، إلى المصرف طالباً منه تحصيل دينه من المدين دون أن تكون محوَّلة عليه، على أن يكون له عمولة معينة على ذلك. وهنا يجوز للمصرف القيام بذلك وأخذ الأجرة أو الجعل على التوسط بين الدائن والمدين لاستيفاء حقه منه؛ نعم، لا يجـوز له تحصيل الفائـدة الربويـة ـ إن وجـدت ـ ولا أخذ الأجرة عليه إلا حيث يَعلم المصرفُ برضا المدين بدفعها على كل حال.
2 ـ أن تكون الكمبيالة محوَّلة على المصرف ليدفعها عن المدين الموقِّع عليها دون أن يكون له رصيد فيه، فهي من نوع الحوالة على البريء، فيجوز للبنك أن يأخذ عمولة على قبوله الحوالـة عليه؛ كما يجوز له أن يأخـذ ـ أيضاً ـ عمولة على وفائها بغير العملة المدين له بها، وذلك بالنحو الذي ذكر في أحكام الحوالة (أنظر المسألة: 289).
3 ـ أن تكون الكمبيالة محوَّلة على المصرف، ويكون لموقعها رصيد فيه، حيث تكون من نوع الحوالة على المدين (وهو المصـرف)؛ وهنـا ـ أيضـاً ـ يجوز للمصرف أخذ عمولة إزاء هذه الخدمة بالنحو الذي تقدم في باب الحوالة. (أنظر المسألة: 289).
المطلب السابع: في الكفالة
مسألة 305: تقوم المصارف عادة بكفالة المتعهد الذي يلتزم بإنجاز مشاريع مختلفة ذات كلفة كبيرة، كإنشاء المستشفيات والجسور، ومد شبكات الكهرباء أو الهاتف، وغير ذلك؛ ويقوم العقد بين الأطراف على أساس كفالة المصرف للمتعهد بأداء مبلغ من المال عنه للمتعهَّد له إذا لم يُنجز المشروع في المدة المحددة، وهي من نوع الكفالة المالية التي تقدم الكلام فيها في باب الكفالة في (المسألة: 235)، فتلحقها جميع أحكامها الواردة فيه، والتي من جملتها جواز أخذ الكفيل (وهو المصرف هنا) عمولة لقاء كفالته له هي من نوع الجعل (أنظر المسألة: 234).
تقوم المصارف في حركة الإنسان الاقتصادية في زماننا بدور مهم، فهي مستودع الأموال، وهي محور عمليات القرض، وهي العمدة في الكفالات والحوالات، وهي شريك كبير في الاستثمارات والمضاربات، وهي وكيل أو وسيط في كثير من المعاملات والصفقات، فهي ـ بحكم هذا الموقـع ـ مما يندر أن يستغني عنه تاجر أو صاحب مال من الأفراد والدول والجهات والمؤسسات، لذا فإن بيان أحكام ما تقوم به من أعمال ضروري للمكلف الذي لا غنى له عن التعامل معها أو العمل فيها أو بها، وذلك ضمن المطالب التالية:
المطلب الأول: في شرعية العمل المصرفي
وفيه مسائل:
مسألة 290: يجوز التكسب بالخدمات المصرفية في مجالاتها المتنوعة المتعارفة في زماننا، إذا كانت موافقة للأحكام الإسلامية، وبخاصة لجهة قيام مؤسسات مالية غير ربوية، فإن جميع أعمالها ومكاسبها جائزة ومحللة، مثلها في ذلك مثل سائر الأعمال الموافقة للشرع؛ دون فرق فيها بين ما يملكه الأفراد أو الجهات أو الدول، وأما ما لا يوافق الشرع منها فهو إما حرام أو فاسد، وهو شأن الكثير من معاملات المصارف والمؤسسات المالية القائمة على الربا، فلا يحل مكسبه من الربا إلا برضا المأخوذ منه، فإن أباحه وأذن له به ـ رغم علمه بعدم استحقاق الآخذ له ـ جاز له تملكه والتصرف فيه، وإلا لم يجز.
مسألة 291: يجوز ويصح التعامل مع كل مؤسسة مصرفية، لمسلم كانت أو كافر، وأهلية كانت أو حكومية، وربوية كانت أو غير ربوية، بجميع المعاملات الموافقة للشرع، والأموال المأخوذة منهم حلال، بما في ذلك هباتهم وجوائزهم، رغم العلم باشتمال أموالهم على بعض الأموال المحرمة، إلا أن يعلم أن هذا المال المعطى له هو بعينه من المال الحرام، فلا يجوز أخذه حينئذ.
مسألة 292: يجوز العمل في جميع المؤسسات المالية الربوية إذا كان العمل حلالاً، فيجوز العمل في مثل: إدارة شؤون الموظفين فيها، والعلاقات العامة، والدعاية لها، وتِعْداد أموالها، وتَسلُّم أمانة ومفاتيح خزائنها ومستودعاتها؛ إضافة إلى جميع أعمال الخدمات العادّية فيها، كالحراسة والنظافة والإنارة والنقل والصيانة؛ وإضافة إلى تأجيرها المباني ووسائط النقل ونحوها مما تحتاجه.
أما الحرام منها فهو الدخول في عقودها الربوية، بحيث يكون الموظف فيها ـ مديراً أو دونه ـ طرفاً في العقد الربوي المنشأ مع العميل، أو كاتباً للعقد أو شاهداً عليه أو محاسباً لما يُعطى أو يُؤخذ من الربا، نعم، حيث إن المصرف لا بد أن يعطي عميله فائدة بطيب خاطره، حتى لو لم يرض العميل بأخذها، أو لم يكن طالباً لها، فإنه يجوز للمحاسب دفع الفائدة المعطاة للعملاء، فيما لا يجوز له تسلُّم الفائدة التي يعطيها العميل للمصرف، لأنه لا يعطيها له على كل حال.
كذلك يحرم العمل في المصارف في غير الربا من المحرمات، كالاستثمارات في مجالات صناعة الخمر والمتاجرة بها، أو تمويل حفلات الغناء والرقص المحرَّمين، ونحو ذلك مما يكون العامل مشاركاً فيه.
المطلب الثاني: في الإيداع
مسألة 293: الأموال التي (يودعها) أصحابها في المصارف يلحقها حكم القروض لا الودائع، ذلك أن المودع ـ هنا ـ يجعل ماله في عهدة المصرف ليحفظه، ولكي يسهل عليه تداوله في معاملاته، ولكي يستثمره وينميه ويستربح به، وحيث إن عيـن المـال لا تبقـى ـ كما هو شـأن الوديعة ـ، وحيث إن المال مضمون على المصرف، فإن العلاقة بين المودع والمصرف ـ في الواقـع ـ هي نفس علاقة المقرض بالمقترض، وإن ما يتم بينهما هو قرض ولو لم يسمياه (قرضاً)؛ علماً أن المصطلحات الاقتصادية تسمي هذه الودائع (ديوناً). بل إن أحكام القرض تجري على هذه العلاقة حتى لو صرح العميل بأن هذا المال وديعة وأمانة، وأنه يجيز للمصرف أن يتصرف بها كما يشاء، بحيث تصبح مضمونة عليه.
وبناءً عليه فإنه لا يجوز ابتناء التعامـل بينهمـا ـ صراحـة أو ضمنـاً ـ على أساس ربوي، فلا يجوز للمصرف إعطاء زيادة على المال بعنوان الربا، ولا يجوز للمودع جعل هذه الزيادة على ماله المودَع عند إدإعه، وذلك بالنحو الذي مرَّ تفصيله في باب القرض والدين، وهو المصطلح عليه في زماننا بـ (الفائدة)، فإنها ربا محرم. فإن لم يبتن الإيـداع فيـه ـ ولـو من طـرف المـودع وحـده ـ على أخذ الفائدة، بحيث كان همُّه إيداع المال فيه لا الاسترباح منه، جاز له إيداعه وجاز ـ أيضاً ـ أخذ الفائدة عليه رغم علمه بأن هذا المصرف سوف يعطيها له، ويحل له صرفها في شؤونه إذا أحرز رضا دافعها بذلك على كل حال، أي: حتى مع علمه بعدم استحقاق الآخذ لها.
مسألة 294: لا فرق في حرمة أخذ (الفائدة) وإعطائها على الودائع بين المصارف الحكومية والأهلية والمشتركة؛ ولا بين المصارف العائدة إلى المسلمين ـ دولة أو أفراداً ـ أو تلك التي تعود إلى غير المسلمين، إذ إن الأحوط وجوباً ترك المراباة مع غير المسلم من الكفار أيضاً؛ كما أنه لا فرق بين الإيداع الثابت الذي لا يُلزم المصرف بتسليمه إلا بعد مضي المدة المتفق عليها، وهو المصطلح عليه بـ (الإدخار أو التوفير)، وبين الإيداع المتحرك الذي يُسَلَّم حين طلبه، والمصطلح عليه بـ (الحساب الجاري).
المطلب الثالث: في الإقراض
مسألة 295: لا يجوز للمصرف إقراض الأموال المودعة عنده، ولا أمواله الخاصة به، لعملائه بالفائدة، ولا يجوز للمكلَّف الاقتراض منـه ـ أو من غيـره ـ بالفائدة، إذا كان التعاقد بينهما مبتنياً على دفع الفائدة صراحة أو ضمناً؛ هذا، ولكنْ يكفي في تجويز الاقتراض قصد المقترض ـ حين التعاقد ـ عدم دفع الفائدة عند الاستحقاق إلا مُكْرَهاً، رغم أن صيغة التعاقد المتعارفة في البنوك مبتنية على دفع الفائدة صراحة، ورغم أن الطرفيـن ـ حيـن يتعاقـدان ـ يعيشان ذلك أمراً واقعاً لا مفر منه، لكنَّ المقتـرض حيث لم يلتـزم ـ في نفسـه ـ بالشرط المتضمن لدفع الفائدة، بحيث فَصَل بين الالتزام بالقرض، فقصده، وبين الالتزام بدفع الفائدة، فلم يقصده، فإنه يجوز له الاقتراض رغم علمه بعدم قدرته على التهرب عن الدفع حين الاستحقاق؛ وإن كان الأحوط استحباباً قصر الاقتراض الربوي مع قصد عدم الالتزام بالفائدة على صورة ما لو كان المقترض مضطراً لذلك بحد يتوقف عليه معاشه، أو محرجاً في تركه بما يشق عليه تحمله.
وحيث يحرم القرض الربوي فإنه لا فرق في الحرمة بين من له رصيد في المصرف ويحتاج إلى الاقتراض زيادة عليه وبين من ليس له رصيد فيه، كما لا فرق بين من يريده لشان تجاري، كالكفالة وفتح الاعتماد التجاري ونحوهما وبين من يريده لشأن شخصي كتزويج ولد أو شراء منزل أو نحوهما.
المطلب الرابع: في فتح الاعتماد
مسألة 296: فتح الاعتماد هو: طلب العميل من المصرف مساعدته في إنجاز صفقة تجارية قد عقدها مع غيره ومساهمته في تسديد ثمنها؛ ومن موارده: أن يتقدم من يريد استيراد بضاعة من مصدرهـا ـ وبخاصـة من الخـارج ـ بطلب (فتح اعتماد) يتعهد البنك بموجبه بتسلُّم مستندات البضاعة المستوردة وتسليمها إلى فاتح الإعتماد وتسديد ثمنها إلى المصدِّر، وذلك بعد تمام المعاملة بين المستورد والمصدِّر، مراسلةً أو بمراجعة الوكيل، وبعد إرسال القوائم المحددة لنوعية البضاعة المتفق عليها، وبعد قيام المستورد بدفع قسم من الثمن إلى المصرف؛ فإنه بعد هذه المراحل يقوم البنك بتسلُّم مستندات البضاعة من الجهة المصدِّرة وأداء ثمنها إليها. هذا، وإنه لا تقتصر صيغة (فتح الاعتماد) وتفاصيله على هذا المورد ـ أو هـذه الصـورة ـ بل إن ثمة صوراً وتفاصيل أخرى قد يتضمنها فتح الإعتماد مما لا يُخرج به عن جوهره الذي يقوم على كون العميل معتمداً على المصرف في تسهيل صفقاته التجارية بما يقرب مما ذكرناه.
مسألة 297: يجوز للمصرف فتح الإعتماد لعملائه بهذا النحو، وكذا يجوز له ـ بموجبه ـ أخذ مال إزاء قيامه بجميع الخدمات المتعلقة بمعاملاته التجارية؛ لكنه لا يجوز للعميل أن يقترض بالفائدة من المصرف ما يزيد عن رصيده ليتمم به ثمن البضاعة، كما لا يجوز للمصرف إقراضه إياه بالفائدة، إلا أن يتم التعاقد بينهما على أساس (ضمان الدين)، فتكون تغطية البنك لما يبقى من الثمن من باب ضمان دينه للمصدِّر لا من باب إقراضه، على أن يرجع المستوردُ للمصرف ما دفعه عنه، مشترطاً على نفسه له (جَعْلاً) بمقدار الفائدة على قيامه بـ (أداء) دينه وضمانه عنه. (أنظر المسألة: 265).
وكذا يمكن تصحيح أخذ الفائدة على فتح الاعتماد بالطريقة التالية:
يقوم البنك ببيع فاتح الإعتماد المقدار الذي يزيد عن رصيده من الثمن بالعملة الأجنبية في ذمته مع ربح عليه بمقدار الفائدة، حيث يجوز بيع المعدود (وهو العملة) نسيئة بأزيد منه مما يخالفه في الجنس؛ فتكون تغطية البنك لباقي ثمن البضاعة المستوردة من باب بيع العملة لا من باب القرض.
المطلب الخامس: في الوساطة في الأعمال التجارية
وهي أمور مرهونة في قلتها وكثرتها لمدى نشاط البنك ورغبته، ونذكر منها هنا ما هو معروف ومتداول، وذلك على النحو التالي:
1 ـ الاستثمار:
مسألة 298: يجوز للبنك أن يقوم باستثمار الأموال المودعة عنده وتوظيفها في شتى مجالات التجارة المحلَّلة، إما على قاعدة كونه وكيلاً عن المودع، بحيث تكون جميع الأرباح للمودع والخسائر عليه ويكون للبنك أجرة على وكالته، أو على قاعدة كونه عاملاً مضارباً للمودع، بحيث تشمله أحكام المضاربة؛ وفي كلتا الحالتين فإن المال الذي يأخذه البنك بإزاء ذلك حلال.
2 ـ بيع السلع والسهام:
مسألة 299: يجوز أن يقوم البنك بعرض البضائع المحلَّلة والتعريف عليها بمختلف وسائل العرض والتعريف المحلَّلة، كما يجوز أن يقوم ببيعها أو شرائها وخزنها وتوضيبها وشحنها لعملائه؛ ويجوز له أخذ أجرة على ذلك في إطار عقد الإجارة، أو أن يأخذ جَعْلاً على عمله في إطار الجعالة.
مسألة 300: كما يجوز أن يكون المصرف وسيطاً في بيع الأعيان فإنه يجوز أن يكون وسيطاً في بيع السهام التي تطرحها الشركات المساهمة للبيع، فحيث يجوز ويصح بيع تلك السهام وشراؤها فإنه يصح للمصرف أن يكون وسيطاً في معاملاتها بالنحو المذكور في المسألة السابقة. بل إن للبنك أن يكون وسيطاً في كل معاملة مستكملة لشروطها، وفي بيع كل ما يصح بيعه من الأعيان والمنافع والحقوق، دون فرق في ذلك بينه وبين غيره من الأفراد والجهات.
3 ـ بيع السندات:
مسألة 301: السندات: (صكوك تصدرها جهات مخولة قانوناً بقيمة إسمية معينة مؤجلة إلى مدة معلومة، فتعمد إلى بيعها بأقل من قيمتها الموضوعة لها نقداً على أن ترجع قيمتها الموضوعة بعد مدة)، وذلك بهدف الاستلاف من الناس وإغناء الخزينة لتغطية النفقات المترتبة عليها ثم إعادة الأموال إلى أصحابها تدريجاً مع الفائدة، بحيث إنها تعد ـ في الحقيقة ـ قرضاً بالفائدة بصورة بيع، وهي المعروفة في لبنان بإسم (سندات الخزينة). ومثال ذلك: أن تكون قيمة السند مئة ألف ليرة، فتبيعه الدولة بتسعين ألفاً مقبوضة حالاً، على أن ترجعها مئة ألف إلى حامله بعد ستة أشهر مثلاً؛ وهنا لا بد من ملاحظة ما يلي:
أ ـ إن استرجاع قيمة السند الإسمية، وهي المئة ألف، تتم على قاعدة أن حامل السند يبيعه للدولة فتشتريه هي منه.
ب ـ إن مشتري السند يمكنه خلال المهلة الموضوعة لاسترجاع قيمته من الدولة أن يبيعه لغيرها بقيمته الإسمية أو بأقل منها.
ج ـ إن حامل السند ـ سواء كان هـو المشتـري الأول أو غيـره ـ لا يمكنه استرجاع قيمته الإسمية من الدولة إلا بعد انتهاء المدة المحددة للاسترجاع.
وبناءً عليه، ورغم كون هذه المعاملة في ظاهرها بيعاً موافقاً لقواعد البيع الصحيح، فإن واقعها ليس كذلك، لأن السند هنا ـ في واقعه ـ ليس مبيعاً يبذل بإزائه ثمن، بل هو وثيقة على استحقاق حامله المبلغ المذكور فيه، وحينئذ إما أن نعتبر أن الجهة التي أصدرت السند قد اقترضت من حامله تسعين ألفاً يأخذها مئة ألف بعد ستة أشهر، وهو ربا محرم؛ أو نعتبر أن الجهة التي أصدرت السند قد باعت مئة ألف ليرة لحامله مؤجلة إلى ستة أشهر بتسعين ألفاً حالَّة، وهو بيع لا تخلو صحته من إشكال. وحيث لا مجال لتصحيح هذه المعاملة فإنه لا يجوز للبنك التوسط في بيع هذه السندات وشرائها، كما لا يجوز له أخذ العمولة عليها.
4 ـ خزن البضائع:
مسألة 302: إذا كان البنك وسيطاً في بعض المعاملات التجارية فقد يطلب منه ـ أو يضطر إلى ـ تخزين البضائع ريثما يتسلمها المستورد، وذلك على حساب المستورد أو المصدِّر بناءً لاتفاق واضح بين الأطراف؛ وفي هذه الحالة يجوز للبنك تولي مثل هذا العمل وأخذ الأجرة أو الجعل إزاء قيامه بعملية التخزين، فإن لم يطلب منه ذلك فخزنها، لم يكن له أخذ أجرة على نفس القيام به.
مسألة 303: إذا تخلف صاحب البضاعة عن تسلُّمها حين الاستحقاق، وتخلف ـ أيضاً ـ عن دفع المبالغ المستحقة عليه للمصرف، فإنه يجوز للمصرف بيع البضاعة المذكورة ـ كما يجوز للآخريـن شراؤهـا ـ إذا كان قد أعلمه بهذا الإجراء وأنذره به قبل الإقدام عليه؛ وذلك لأنه ـ بمقتضى الشرط الصريح أو الإرتكازي الموجود في أمثال هذه الموارد ـ وكيل عن أصحاب البضاعة في بيعها حينئذ.
المطلب السادس: في تحصيل الكمبيالات وأداء الديون
مسألة 304: يجوز للمصرف أن يقوم بخدمة دين عملائه، بدفعه عنهم أو تحصيله لهم، وذلك على وجوه:
1 ـ أن يقدم الدائـن صك الدين المثبت لحقه، وهو المصطلح عليه بـ (الكمبيالة)، إلى المصرف طالباً منه تحصيل دينه من المدين دون أن تكون محوَّلة عليه، على أن يكون له عمولة معينة على ذلك. وهنا يجوز للمصرف القيام بذلك وأخذ الأجرة أو الجعل على التوسط بين الدائن والمدين لاستيفاء حقه منه؛ نعم، لا يجـوز له تحصيل الفائـدة الربويـة ـ إن وجـدت ـ ولا أخذ الأجرة عليه إلا حيث يَعلم المصرفُ برضا المدين بدفعها على كل حال.
2 ـ أن تكون الكمبيالة محوَّلة على المصرف ليدفعها عن المدين الموقِّع عليها دون أن يكون له رصيد فيه، فهي من نوع الحوالة على البريء، فيجوز للبنك أن يأخذ عمولة على قبوله الحوالـة عليه؛ كما يجوز له أن يأخـذ ـ أيضاً ـ عمولة على وفائها بغير العملة المدين له بها، وذلك بالنحو الذي ذكر في أحكام الحوالة (أنظر المسألة: 289).
3 ـ أن تكون الكمبيالة محوَّلة على المصرف، ويكون لموقعها رصيد فيه، حيث تكون من نوع الحوالة على المدين (وهو المصـرف)؛ وهنـا ـ أيضـاً ـ يجوز للمصرف أخذ عمولة إزاء هذه الخدمة بالنحو الذي تقدم في باب الحوالة. (أنظر المسألة: 289).
المطلب السابع: في الكفالة
مسألة 305: تقوم المصارف عادة بكفالة المتعهد الذي يلتزم بإنجاز مشاريع مختلفة ذات كلفة كبيرة، كإنشاء المستشفيات والجسور، ومد شبكات الكهرباء أو الهاتف، وغير ذلك؛ ويقوم العقد بين الأطراف على أساس كفالة المصرف للمتعهد بأداء مبلغ من المال عنه للمتعهَّد له إذا لم يُنجز المشروع في المدة المحددة، وهي من نوع الكفالة المالية التي تقدم الكلام فيها في باب الكفالة في (المسألة: 235)، فتلحقها جميع أحكامها الواردة فيه، والتي من جملتها جواز أخذ الكفيل (وهو المصرف هنا) عمولة لقاء كفالته له هي من نوع الجعل (أنظر المسألة: 234).
ص
215
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية