المبحث الأول: في إرث المتقربين بالنسب

وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: في ميراث الطبقة الأولى
وهم الأبوان والأبناء وأبناء الأبناء، وتفصيل إرثهم يقع في خمسة فروع:
الفرع الأول: في إرث الأبوين مع عدم الولد
مسألة 1025: للأب المنفرد تمام تركة الميت بالقرابة.
وإذا كان معه زوج، فللزوج نصف التركة بالفرض وللوالد الباقي بالقرابة.
وإذا كان معه زوجة، فللزوجة الربع بالفرض وللوالد الباقي بالقرابة.
وللأم المنفردة تمام التركة أيضاً، ثلث بالفرض والباقي بالقرابة، دون أن يحجبها عن نصيبها هذا وجود إخوة للميت، وذلك لأن حجبهم لها مشروط بوجود الأب، وهو ـ حسب المفروض ـ غير موجود. وإذا كان معها زوج كان للزوج النصف، وكان للأم الباقي، ثلث بالفرض والباقي بالقرابة. وإذا كان معها زوجة كان لها الربع، وللأم الباقي، ثلث بالفرض والزائد عنه بالقرابة.
مسألة 1026: إذا اجتمع الأبوان معاً كان إرثهما كما يلي:
1 ـ إذا لم يكن معهما زوج ولا زوجة: فللأم ثلث التركة بالفرض إذا لم يكن للميت إخوة لهم أهلية الحجب، وإلا فنصيبها السدس بالفرض. ثم يكون الباقي عن نصيب الأم ـ ثلثاً كان أو سدساً ـ للأب بالقرابة.
2 ـ إذا كان معهما أحد الزوجين، فإن كان زوجاً فله النصف، وإن كان زوجة فلها الربع، وللأم الثلث مع عدم الحاجب والسدس مع الحاجب، فرضاً، وللأب الباقي بالقرابة.
مسألة 1027: رغم أن إخوة الميت لا يرثون إذا اجتمعوا مع الأبوين، فإنهم يحجبون الأم عن الثلث ويَحُطُّون نصيبها إلى السدس، إذا توفرت فيهم شروط سبعة:
الأول: وجود الأب حياً حين موت الولد؛ وإذا كان مفقوداً غير معلوم الحياة أو الموت، فهو بحكم الحي مدة التربص المذكورة في باب الطلاق، أو قبل مضي عشر سنين على فقده بدونها.
الثاني: أن لا يقلوا في عددهم عن أخوين، أو أخ وأختين، أو أربع أخوات.
الثالث: أن يكونوا إخوة الميت لأبويه أو لأبيه فقط، فلا يحجب إخوة الميت لأمه.
الرابع: أن يكونوا مولودين، فلا يكفي من كان حملاً منهم.
الخامس والسادس: أن يكونوا مسلمين، وأحراراً غير أرقاء.
السابع: أن يكون من يتحقّق به الحجب غير قاتل للموِّرث، فإذا كان قاتلاً لزم مراعاة الاحتياط في هذا المورد.
الفرع الثاني: في إرث الأولاد مع عدم الأبوين
مسألة 1028: للإبن المنفرد تمام تركة الميت بالقرابة.
وللبنت المنفردة تمام التركة أيضاً، نصفها بالفرض والزائد عنه بالقرابة، فلا ينازعها في ذلك الزائد أحد من الورثة من الطبقات الأخرى.
وللإبنيـن المنفرديـن ـ فمـا زاد ـ تمام التركة بالقرابة، يتقاسمونها بينهم بالسوية.
وللبنتين المنفردتين ـ فما زاد ـ الثلثان بالفرض والزائد عنهن يرد عليهن بالقرابة، ويتقاسمن التركة بينهن بالتساوي.
وإذا اجتمع الإبن والبنت بدون واحد من الأبوين، واحداً كان كل منهما أو أكثر، فإن لهم تمام التركة يتقاسمونها بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1029: إذا كان مع الإبن الواحد أو الأكثر زوج، فللزوج الربع بالفرض والباقي عنه للإبن الواحد بتمامه، أو للأبناء بالسوية، بالقرابة؛ وإذا كان معه زوجة فللزوجة الثمن بالفرض والباقي للإبن الواحد أو للأبناء بالنحو الآنف الذكر.
وإذا كان مع البنت الواحـدة أو الأكثـر زوج، فللـزوج الربـع ـ كذلـك ـ بالفرض، وللبنت الواحدة النصف فرضاً والباقي رداً بالقرابة؛ وكذا حكمه مع البنتين، فإن له الربع فرضاً، وللبنتين فما زاد الثلثين فرضاً والباقي رداً، يتقاسمنه بالسوية. وإذا اجتمع مع البنت الواحدة أو الأكثر زوجة: فللزوجة الثمن، وللبنت أو البنتين فما زاد بنفس النحو المذكور آنفاً.
وإذا اجتمع الزوج مع البنين والبنات فله الربع، وإذا اجتمعوا مع الزوجة فلها الثمن، والباقي عن الربع أو الثمن ـ في الموردين ـ يتقاسمه الأبناء والبنات بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
الفرع الثالث: في إرث الأبوين والأولاد معاً
مسألة 1030: إذا اجتمع الإبن الواحد مع الأبوين كليهما أو أحدهما، ومع أحد الزوجين أو بدونه، فحكمه كما يلي:
1 ـ إذا اجتمع مع الأبوين: فلكل واحد من الأبوين السدس، والباقي للإبن.
2 ـ إذا كان معه ـ إضافة إلى الأبوين ـ زوج أو زوجة أيضاً: فلكل واحد من الأبوين السدس، وللزوج الربع، وللزوجة الثمن، ثم يكون الباقي للإبن.
3 ـ إذا اجتمع مع أحد الأبوين، والداً للمتوفى كان أو والدة، فلأحدهما السدس فرضاً، والباقي للابن قرابة.
4 ـ إذا كان معه ـ إضافة إلى أحد الأبوين ـ زوج أو زوجة أيضاً، فالحكم كما في الفقرة (3) بعد إعطاء الزوج الربع، أو الزوجة الثمن.
هذا ولا يختلف حكم هذه المسألة عما لو كان مفروضها إبنان أو أكثر، فحيث لا يكون مع البنين بنات يتوزع البنون ما يفضل من التركة عن نصيب الوالدين كليهما أو أحدهما وعن نصيب أحد الزوجين، بينهم بالسوية.
كما وأنه لا يختلف حكمها عما لو كان مفروضها اجتماع إبن وبنت أو أكثر مع المذكوريـن فيها، إذ إنهـم ـ حينئـذ ـ يتقاسمون ما يبقى عن نصيب الأبوين والزوجين الآنِفِي الذكر بينهم، للذكر مثل حظ الأُنثيين.
مسألة 1031: إذا اجتمعــت البنـت مـع الأبويـن ـ كليهـمـا ـ ومـع أحد الزوجين أو بدونه، فحكمها كما يلي:
1 ـ إذا اجتمع الأبوان مع البنت الواحدة، ابتنى التقسيم على ملاحظة وجود حاجب للأم وعدمه، فإن لم يكن للميت إخوة لهم أهلية الحجب لزم تقسيم المال خمسة سهام، سهم للأب وسهم للأم وثلاثة سهام للبنت.. يأخذونها ـ جميعاً ـ فرضاً ورداً، وإن كان له إخوة أعطيت الأم سدسها بدون رد شيء عليها من الزائد، وأخذ الوالد ربع الباقي والبنت ثلاثة أرباعه.
هذا، وإنما صـارت الحصـص كذلـك فـلأن الباقي ـ وهـو السدس ـ عن سهم الأَبوين، وهو الثلث، وعن سهم البنت، وهو النصف، يُردّ عليهم بنسبته إلى حصة كل واحد منهم، فتكون النتيجة بعد تعديل السهام هي: توزيع المال أخماساً أو أرباعاً بالنحو الذي ذكرناه. وهي قاعدة تجري في كل رد يستوجب توزيعُه تعديلَ السهام، كما سيأتي في أكثر من مورد في هذا المطلب.
2 ـ إذا اجتمع الأبوان والبنت الواحدة وأحد الزوجين:
فإن كان هو الزوج، فللزوج الربع، ولكل واحد من الأبوين السدس، والباقي للبنت، فينقص من فرضها ـ وهو النصف ـ نصف السدس، وذلك على قاعدة: (من له الغنم فعليه الغرم)، وهي تعني: أن من يكون له ما يزيد عن فرضه بالرد عليه عند زيادة التركة عن الفروض، فإنه هو الذي يُنقَـص ـ غالباً ـ من نصيبه عند زيادة الفروض على التركة. وهي قاعدة سوف تستخدم في موارد عدة.
وإن كان هو الزوجة، فإن للزوجة الثمن، وحيث إن التركة ـ هنا ـ سوف تزيد على الفروض، وحيث سيُرَدُّ الزائد على الجميع ما عدا الزوجة، فإن الحكم في هذا الفرع من هذه المسألة يجري بين البنت والأبوين بنحو ما جرى عليه في الفقرة (1) الآنفة الذكر، فيُرى، فإن لم يكن للميت إخوة لهم أهلية الحجب كان الباقي عن الزوجة أخماساً، فيعطى خمس لكل واحدٍ من الأبوين، وثلاثة أخماس للبنت الواحدة، وهو في الجميع على قاعدتي الفرض والرد؛ وإن كان للميت إخوة لهم أهلية الحجب، أخذت الأم سدسها بدون رد، وكان الباقي عن الزوجة والأم بين الأب والبنت أرباعاً بالفرض والرد، فللوالد الربع وللبنت ثلاثة أرباع.
مسألة 1032: إذا اجتمع الأبوان مع بنتين فصاعداً، مع أحد الزوجين أو بدونه، فالحكم كما يلي:
1 ـ إذا اجتمع الأبوان مع بنتيـن فصاعداً، فالتركة بينهم على قدر فروضهم، فللوالدان الثلث مناصفة بينهما، وللبنتان فصاعداً الثلثان يتقاسمنه بالسوية.
2 ـ إذا اجتمع مع الأبوين والبنتين فما زاد أحدُ الزوجين، فإن كان هو الزوج فله الربع، وإن كان هو الزوجة فلها الثمن، ثم لكل واحد من الأبوين فرضه، وهو السدس، والباقي للبنتين أو البنات يتقاسمنه بالسوية، حيث يرد النقص عليهن ـ بخاصة ـ بمقدار ما أخذه أحد الزوجين، ربعاً أو ثمناً، دون أن يشاركهن في النقص كلا الأبوين أو أحدهما عند زيادة التركة على السهام، رغم وراثتهما مثلهن بالفرض وبالقرابة.
مسألة 1033: إذا اجتمع أحد الأبوين ـ بخاصة ـ مع البنت أو الأكثر، ومع أحد الزوجين أو بدونه، فحكمه كما يلي:
1 ـ إذا اجتمع أحد الأبوين مع البنت الواحدة لا غير، كان لأحد الأبوين الربع فرضاً ورداً، وللبنت الواحدة الباقي فرضاً ورداً، أيضاً.
وإذا كان معهما أحد الزوجين، فإن كان هو الزوج كان له الربع، وإن كان هو الزوجة فلها الثمن، ويقسم الباقي أرباعاً: ربع لأحد الأبوين، أباً كان أو أماً، وثلاثة أرباع للبنت الواحدة، وجميعه فرضاً ورداً.
2 ـ إذا اجتمع أحد الأبوين مع البنتين فصاعداً، كان المال بينهم أخماساً، فللوالد الخمس فرضاً ورداً، والباقي للبنتين أو البنات كذلك.. يتقاسمنه بالسوية.
وإذا كان مع البنتين أو البنات ـ إضافة إلى أحد الأبوين ـ أحد الزوجين، فإن كان زوجة فلها الثمن، ويقسم الباقي أخماساً: خمس لأحد الأبوين فرضاً ورداً، وأربعة أخماس للبنتين فما زاد فرضاً ورداً، فيتقاسمنه بالسوية؛ وإن كان زوجاً كان له الربع، ولأحد الأبوين السدس، والباقي للبنتين أو البنات ناقصاً عن نصيبهن، وهو الثلثان.
الفرع الرابع: في إرث أولاد الأولاد
مسألة 1034: أولاد الأولاد وإن نزلوا يقومون مقام الأولاد في مقاسمة الأبوين وحجبهما عن أعلى السهمين إلى أدناهما، ومنع من عداهم من الأقارب، ولا يشترط في توريثهم فقد الأبوين على الأقوى.
مسألة 1035: لا يرث أولاد الأولاد إذا كان للميت ولد، وإن كان أنثى، فإذا ترك بنتاً وإبن إبنٍ كان الميراث للبنت.
مسألة 1036: أولاد الأولاد مترتبون في الإرث، فالأقرب منهم يمنع الأبعد، فإذا كان للميت ولدُ ولدٍ وولدُ ولدِ ولدٍ، كان الميراث لولدِ الولد دون ولدِ ولدِ الولد.
مسألة 1037: يرث أولاد الأولاد نصيب من يتقربون به، فيرث ولد البنت نصيب أمه ـ ذكراً كان أم أنثى ـ وهو النصف، سواء انفرد أو كان مع الأبوين، ويُردُّ عليه وإن كان ذكراً كما يردّ على أمه لو كانت موجودة؛ ويرث ولدُ الإبن نصيبَ أبيه ذكراً كان أم أنثى، فإن انفرد كان له جميع المال، وإن كان معه ذو فرض فله ما فضل عن حصته.
مسألة 1038: لو كان للميت أولاد بنت وأولاد إبن كان لأولاد البنت الثلث نصيب أمهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأولاد الإبن الثلثان نصيب أبيهم يقسم بينهم كذلك.
مسألة 1039: تقدم أن أولاد الأولاد ـ عند فقـد الأولاد ـ يُشاركون أبوي الميت في الميراث، لأن الأبوين مع أولاد الأولاد صنفان من طبقة واحدة، ولا يمنع قربُ الأبوين إلى الميت إرْثَهم منه:
فإذا ترك أبوين وولد إبنٍ، كان لكلٍ من الأبوين السدسُ، ولولد الإبن الباقي.
وإذا ترك أبوين وأولادَ بنتٍ، كان للأبوين السدسان، ولأولاد البنت النصف، ويُردّ السدسُ على الجميع بالنسبة إذا لم يكن للميت إخوة تتوفر فيهم شروط الحجب، فيُقسم مجموع التركة أخماساً: ثلاثةٌ منها لأولاد البنت فرضاً وردّاً، وإثنان منها للأبوين كذلك، وأما مع وجود الإخوة فللأم السدس، والباقي بين الوالد وأولاد البنت أرباعاً: ربع للأب فرضاً ورداً، والباقي لأولاد البنت يتقاسمونه بالسوية فرضاً ورداً أيضاً.
وإذا ترك أحدَ الأبوين مع أولاد بنتٍ، كان لأولاد البنت ثلاثة أرباع التركة فرضاً وردّاً، والربعُ الرابع لأحد الأبوين كذلك.
وإذا ترك زوجاً وأبوين وأولاد بنت، كان للزوج الربعُ، وللأبوين السدسان، ولأولاد البنت سدسان ونصف سدس، فينقص عن سهم البنت ـ وهو النصف ـ نصف سدس، فيَرِدُ النقصُ على أولاد البنت كما يرد على البنت فيما إذا ترك زوجاً وأبوين وبنتاً.
وهكذا الحكم في بقية الصور، فلا يتغير فيه سوى إبدال عنوان الإبن أو البنت بعنوان أولاد الإبن أو البنت في جميع الفروض المحتملة الآنفة الذكر في الفرع الثالث.
الفرع الخامس: في الحبوة
مسألة 1040: (الحَبوة) في اللغة مصدرٌ من: حَبَا، بمعنى أعطى، مصدره: حِباءٌ وحَبْوةٌ. و (الحَبوة) ـ بفتح الحاء وكسرها وضمها ـ: إسم لما يُحتبى به، من ثوب ونحوه، وهي في مصطلح الفقهاء تستخدم بهذا المعنى الثاني، لكنْ يقتصر فيها على أمور معينة من مختصات الميت الوالد، وهي: الثياب التي كان يلبسها الميت، وخاتمه وسلاحه ومصحفه، دون غيرها من مختصاته، كدابة ركوبه، وساعته وكتبه. نعم، يدخل مع السلاح ما يعد من توابعه عرفاً، كالغمد للسيف، ومخازن الذخيرة للبندقية الحربية، وما أشبه ذلك.
والأقوى أن الحبوة ـ بهـذا المعنـى المتقـدم ـ ليست حقاً مفروضاً للولد الذكر الأكبر، ولا هو يأخذها مجاناً زيادة عن حصته، نعم يستحب لسائر الورثة تخصيص الولد الأكبر بالحبوة من بين سائر الأعيان التي تشتمل عليها التركة، على أنها جزء من نصيبه من الميراث لا مجاناً، إلا أن يرضوا بتقديمها له مجاناً.
مسألة 1041: لا يحبى الوارث من مورِّثٍ غيرِ الوالد، كالأم والجد، كما لا يحبى من الورثة غير الولد الأكبر الذكر، فإن كان قد مات في حياة والده لم يُحبَ مَنْ بَعدَهُ من الذكور من أبناء الميت. ويقتصر على الولد المباشر، فلا يستحقها حفيده من ولده الأكبر. ولا يشترط في المَحْبُوِّ الرشدُ، ولا كونه قد انفصل بالولادة حياً، بل يحبى السفيه والحمل الذي لم يولد بعد، فتعزل الحبوة إلى حين ولادته حياً.
مسألة 1042: يدخل في الثياب مختلف أنواع الألبسة التي كان يلبسها المتوفى أو التي كان قد أعدها ليلبسها ولو لم يلبسها، صيفية وشتوية، واحدة ومتعددة، مما يستر العورة كانت أو مما لا يسترها.
وكذا يدخل في الحبوة كل ما كان متعدداً من غير الثياب، كما لو كان عنده أكثر من خاتم، أو أكثر من مصحف، فإنه يستحب تخصيصه بالجميع مما كان يستخدمه المورث أو أعده لاستخدامه الشخصي. بل يدخل في الخاتم ما كان من الذهب رغم حرمة لبسه.
تتمة في طعمة الأجداد
مسألة 1043: لا يرث أجداد الميت مع وجود كلا أبويه أو أحدهما، لكن يستحب للأبوين الوارثين أن يطعم (أي: يعطي) كل واحدٍ منهما شيئاً من نصيبه لأجداد الميت الموجودين عند موت حفيدهم أو سبطهم، سواءً كانوا أجداداً من جهة الأب أو من جهة الأم. ويُقتصر في المقدار على سدس مقدار التركة،لا سدس مقدار حصة كلٍ منهما، وهو يعني اختصاصه بصورة ما لو كان نصيب كل منهما زائداً على السدس. هذا، ولا فرق في ثبوت الاستحباب بين صورة انفراد الأبوين بميراث الميت وصورة مشاركة ولد الميت لهم فيه.
مسألة 1044: إذا تعدد الأجداد تقاسموا الطعمة بينهم بالسوية، ذكوراً وإناثاً، ولأب كانوا أو لأم، وإذا فقد بعضهم انفرد الباقي بها، ولو كان واحداً.
المطلب الثاني: في ميراث الطبقة الثانية
وهم الإخوة والأجداد.
وهي الطبقة الثانية التي لا يرث أفرادها إلا بعد فقد جميع أفراد الطبقة الأولى الذين تقدم ذكرهم. وتشتمل هذه الطبقة على الإخوة والأجداد، أما الإخوة فيتساوى فيها في الاستحقاق الإخوة من الأبوين والإخوة من الأب وحده والإخوة من الأم وحدها، ذكوراً وإناثاً، إضافة إلى أولادهم عند فَقْد جميع الإخوة؛ كما أنه يتساوى فيها في الاستحقاق الأجداد والجدات وإن علوا، لأب كانوا أو لأم. هذا، ولا يحجب أحد النوعين النوع الآخر، بل يرث الإخوةُ والأجدادُ وإن علوا جميعاً إذا اجتمعوا، وكذا أولاد الإخوة والأجداد؛ نعم قد تحجب بعضُ درجات كلِّ نوعٍ درجةً منه، فإذا اجتمع الإخوة حجب الإخوةُ من الأبوين الإخوةَ من الأب وحده، دون الإخوةِ من الأم، ودون أن يحجب الإخوةُ من الأب الإخوة من الأم، وكذا يحجب الإخوةُ أولادَهم مع المزاحمة؛ وإذا اجتمع الجد الأعلى مع الجد الأدنى ورث الأدنى دون الأعلى، وذلك مع المزاحمة كما سيأتي تفصيله، فلا يرث الأعلى إلا بعد فقد الأدنى، مع الأخ وبدونه. إضافة إلى ذلك كله فإن الزوج والزوجة يشاركان هذه الطبقة في الميراث في جميع الأحوال، وجميع ذلك هو ما سوف نفصله فيما يلي في فروعٍ أربعة:
الفرع الأول: في ميراث الإخوة وحدهم
مسألة 1045: يتساوى إخوة الميت في استحقاقهم لميراثه بعد فَقْد الوارث من الطبقة الأولى، رغم اختلاف نصيب كل واحد منهم باختلاف عدده وجنسه في الذكـورة والأنوثـة ودرجـة القرابـة، وذلك مـن دون فـرق ـ فـي أصل استحقاقهم ـ بين ما لو كانوا جميعهم من درجة واحدة، أي: كانوا ممن يتقرب إلى الميت بالأبوين أو بالأب وحده أو بالأم وحدها، وبين ما لو اختلفوا في درجة قرابتهم منه، لا يستثنى من ذلك إلا صورة هي: أنه لا يرث الإخوة لأب مع الإخوة لأبوين، بل يختص بميراثه إخوته لأبويه وإخوته لأمه وحدها إن كانوا. وبناءً على ذلك فإن مسائل هذا الفرع وما سيليه من فروع هذا المطلب ستخلو من فرضية اجتماع الإخوة لأبوين مع الإخوة لأب، لعدم وجود نصيب لإخوة الأب في جدول المواريث عند اجتماعهم مع الإخوة لأبوين.
مسألة 1046: إذا انفرد الأخ أو الأخت أو تعددا، وكانوا جميعاً من الأبوين أو من الأب وحده، فميراثهم ـ مع الزوج أو الزوجة وبدونهما ـ كما يلي:
1 ـ للأخ المنفرد تمام المال بالقرابة. فإن كان معه زوج المتوفَّاة فله النصف فرضاً، وإن كان معه زوجة المتوفَّى فلها الربع فرضاً، وما بقي عنهما يكون للأخ بالقرابة.
2 ـ للأخوين فما زاد تمام المال بالقرابة أيضاً، يتقاسمونه بالسوية، فإن كان معهم زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى، وما بقي فللأخوين بالقرابة وبالسوية.
3 ـ للأخت المنفردة نصف المال بالفرض ونصفه بالقرابة، يُرَدُّ عليها دون أن يشاركها أحد من عَصَبة الميت من الطبقة الثالثة.
فإن كان معها زوج المتوفَّاة كان له النصف بالفرض فيبقى للأخت نصفها المفروض لها، وإن كان لأخيها المتوفَّى زوجة، فلزوجته الربع، وللأخت الباقي: النصف بالفرض والباقي بالقرابة.
4 ـ للأختيـن ـ فمـا زاد ـ تمام التركة، ثلثان بالفرض والباقي بالقرابة يتقاسمنها بالسوية. فإن كان معهن زوجة أخذت الربع، وكان الباقي لهن فرضاً ورداً بالسوية، وإن كان معهن زوج كان له النصف، وكان لهن الباقي ناقصاً عن الثلثين.
5 ـ للأخ والأخت معاً، وكذا للإخوة والأخوات جميعاً، تمام التركة بالقرابة، يتقاسمونها بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإذا كان معهم زوج أو زوجة أعطي نصيبه الأعلى، وتوزع الإخوة والأخوات ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1047: إذا انفرد الأخ أو الأخت أو تعددا، وكانوا من الأم وحدها، فميراثهم ـ مع الزوج أو الزوجة وبدونهما ـ كما يلي:
1 ـ للأخ المنفرد ـ وكذا للأخت المنفردة ـ تمام المال، يرث سدسه بالفرض والباقي يرثه رداً بالقرابة.
2 ـ للإثنين فما زاد من الإخوة، ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين، المالُ كلُّه أيضاً، يرثون ثلثه بالفرض والباقي رداً بالقرابة، ويتقاسمونه بينهم بالسوية حتى في صورة اجتماع الإخوة والأخوات.
هذا، ولو كان مع الوارث في كلا الموردين المتقدمين زوج أو زوجة فإنه لن تضيق التركة بسهام الجميع، بل ويفضل منها فيعطى أحد الزوجين نصيبه الأعلى المفروض له، ويعطى الباقي لإخوته فرضاً ورداً بالقرابة؛ وهو أمر واضح عند أدنى تأمل.
مسألة 1048: إذا اجتمع الإخوة من الأبوين مع الإخوة من الأم، فميراثهم كما يلي:
1 ـ للأخ الواحد أو الأخت الواحدة من الأم السدس، والباقي لمن هو من الأبوين، فإن كان متعدداً تقاسموه بالنحو الذي ذكرناه في ميراثهم، أي: بالسوية مع الاتحاد في الذكورة أو الأنوثة، وللذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة.
2 ـ للإثنين فما زاد من الأم ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين الثلث يتقاسمونه بالسوية، والباقي لمن هو من الأبوين، فإن كان متعدداً توارثوه بالنحو الآنف الذكر في الفقرة (1).
وهنا لا بد من تسجيل ملاحظة، ومفادها ما يلي:
في كل مورد تزيد فيه التركة على الفروض لا يُرَدُّ إلا على المتقرب بالأبوين أو بالأب عند اجتماع أحدهما مع المتقرب بالأم، دون أن يُرَدَّ على المتقرب بالأم شيء؛ فيما يُرَدُّ عليه ما يزيد عن فرضه عند انفراده بميراث الميت كما ذكرناه في المسألة السابقة.
3 ـ إذا كان مع الإخوة من الأبوين والإخوة من الأم أحدُ الزوجين، لزم ـ بحسب القاعدة ـ تقديمُ فَرْضِ من لا يَرِدُ النقص على فرضه أبداً، وهو ـ هنا ـ الزوجان والمتقربُ بالأم، ثم يُرى: فإن وسعت التركة جميع ذوي الفروض فلا إشكال، وإن ضاقت عنها وقع النقص على نصيب المتقرب بالأبوين ـ أو بالأب ـ وحده، ومن موارده: ما لو اجتمع الزوج مع الإثنتين فصاعداً من أخوات الميت لأبويه، ومع واحد أو أكثر مـن إخوتـه المتقربيـن بالأم، فإن الفـروض ـ حينئذ ـ هي: نصف للزوج وسـدس للواحد من الأم وثلثان للأخوات من الأبوين، فيقدم نصيب الزوج ونصيب المتقرب بالأم، ثم ما يبقى يكون للمتقربين بالأبوين مهما قلَّ؛ إضافة إلى موارد أخرى تستخرج عند أدنى تأمل.
مسألة 1049: إذا اجتمع الإخوة للأب وحده مع الإخوة من الأم وحدها ورثوا جميعاً بنفس النحو الذي ذكرناه في ميراث الإخوة من الأبوين مع الإخوة من الأم في المسألة السابقة، بما في ذلك ورود النقص على المتقرب بالأب عند اجتماعهم مع الزوج.
الفرع الثاني: في ميراث أولاد الإخوة
مسألة 1050: لا شك في أن إخوة الميت أقربُ إليه من أولادهم، كما لا شك في أنهم مشمولون للقاعدة المأخوذة من قوله تعالى: ﮋﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁﮊ، وهي القاعدة التي بمقتضاها يجب أن لا يرث ابنُ الأخ إلا بعد فَقْد كلِّ واحـدٍ من إخـوة الميت الذكـور والإنـاث، وإلا كان ميراثـه ـ حينئـذ ـ للموجود من إخوته ولو كان لأمه، دون الموجود من أبناء إخوته ولو كان والدهم أخاً للمتوفـى مـن أبيـه وأمـه؛ وإذن، فـإن أولاد الإخوة ـ بحسب تلك القاعدة ـ يقومون مقام آبائهم وأمهاتهم من إخوة الميت وأخواته عند فقدهم في مشاركتهم للأجداد في ميراث عمهم بمقدار نصيب إخوة الميت على فرض وجودهم. غير أن جريانها في هذه الطبقة الثانية هو أقل في دقته وصرامته من جريانها في الطبقة الأولى، وذلك لأن النسق الذي وزعت به التركة على الورثة من هذه الطبقة لا يجعل الأبعد منهم مزاحماً ـ دائماً ـ للأقرب، سواءً في ميراث الإخوة وأولادهم، أو في ميراث الجد الأعلى مع الجد الأدنى، كما سيأتي في ميراث الجد، ولذا فإنَّ حَجْبَ الأخ لميراث إبن الأخ إنما يتحقّق في كل موردٍ زاحم فيه ابنُ الأخ ذلك الأخَ الآخرَ في نصيبه الذي كان سيأخذه كاملاً بدون ابن أخيه، وذلك كما في المورد الذي لا يكون للميت فيه إلا إبن أخ لأبوين وأخ لأبيه، فإن تركته جميعها ـ من حيث المبدأ ـ سوف تكون لأخيه هذا بالقرابة، فلو فرض أننا أشركنا معه إبن أخيه هذا الذي هو من الأبوين وأقمناه مقام أبيه المتوفى، فإنه سوف يحرم الأخ من الأب من تمام التركة ويحجبه عنها جميعها، لأن المفترض أنه من الأبوين وذاك من الأب؛ وكذا لو فرض اجتماع أخ لأم مع إبن أخ لأبوين أو لأب فإنه ـ أيضاً ـ سوف يزاحم الأَخَ الذي هو من الأم ويَحرِمه من خمسة أسداس التركة، لأن إبن الأخ من الأبويـن ـ أو من الأب ـ إذا جعلناه بمنزلة أبيه فإن حكمه عند اجتماعه مع الأخ من الأم، أنَّ للأخ من الأم السُدُس والباقي للأخ من الأبوين. فإذن: لا يمكن توريث إبن الأخ من الأبوين مثلاً مع الأخ من الأب أو الأم، لأنه يزاحم ذلك الأخ فيحرمه: إما من جميع التركة أو من قدر كبير منها؛ وبما أن الأقربين أولى بالمعروف، وبما أنَّ الأخ أقربُ من إبن أخيه فإنه أولى بميراث أخيه منه في كل مورد زاحمه ابنُ أخيه فيه.
وأما إذا أمكن اجتماع إبن الأخ مع الأخ من دون أن يزاحمه فيما هو له، فإنهما يرثان معاً ـ حينئذ ـ دون أن يحجب الأخ إبن أخيه، ومثاله ما يلي:
إذا اجتمع جد لأم وأخ لأبوين وكان معهما إبن أخ لأم، فإن توريث إبن الأخ للأم ـ في هذه الصورة ـ مع الأخ للأبوين لا يستلزم حرمان الأخ من شيء من حصته المفروضة له، وذلك لأنه كلما اجتمع جد لأم مع أخ لأبوين أو لأب فإن نصيب الأخ هو الثلثان ونصيب الجد هو الثلث، فإذا وَرَّثنا (إبن الأخ للأم) مع هذين فإن حكمه ـ الذي سيأتي ـ هو الاشتراك مع الجد بالثلث الذي له، فيبقى نصيب الأخ للأبوين ـ وهو الثلثان ـ على حاله لا يزاحمه فيه إبن الأخ للأم، فيرث إبن الأخ في هذه الصورة مع الأخ رغم أنه أبعد منه، لعدم مزاحمته له.
وخلاصة ما تقدم هي: إنما يُمنع إبن الأخ من الميراث مع وجود إخوة للميت، في كل مورد زاحَمَ فيه إبنُ الأخِ الأخَ الآخر وأخذ شيئاً من نصيبه، فلا يرث إبن الأخ ـ حينئذ ـ إلا بعد فقد الأخ، وأما مع عدم المزاحمة بذلك المعنى المتقدم فإنهما يرثان معاً ويكون لإبن الأخ نصيبُ أبيه الذي كان سيعطى له على فرض وجوده.
هذا، وإذا لم يكن للمتوفَّى إخوة ولا أولادُ إخوة صلبيون (أي: مباشرون) فالميراث لأولاد أولاد الإخوة، وهكذا مهما نزلوا، وذلك بنفس المقياس الذي ذكرناه آنفاً في أن الأقرب يمنع من يزاحمه ممن هو أبعد منه، وإلا ورث معه.
كذلك ـ ومن جهـة أخـرى ـ فإن أولاد المنتسب بالأبوين يمنعون أولاد المنتسب بالأب.
مسألة 1051: إذا فقدَ الميتُ الإخوةَ بالنحو الذي بيناه في المسألة السابقة قام أولادُهم مقامهم في الإرث، وفي مقاسمة الأجداد، وذلك على قاعدة: (أن كلَّ واحد من الأَولاد يرث نصيب من يتقرب به إلى الميت)، وذلك من خلال النموذج التالي:
1 ـ إذا ترك المتوفَّى أولادَ أخٍ أو أختٍ لأم، فلهم جميع التركة: سدس بالفرض والباقي بالقرابة، يتقاسمون المال بينهم بالسوية ولو اختلفوا في الذكورة والأنوثة.
وإذا ترك أولاد أخ لأب أو لأبوين فلهم جميع التركة بالقرابة يتوارثون المال بالسوية مع اتحادهم في الذكورة والأنوثة وبالتفاضل مع الاختلاف.
2 ـ إذا ترك أولاد أخ وأولاد أخت لأبوين أو لأب، كان المال بين فريقي الأولاد بالتفاضل: سهمان لأولاد الأخ وسهم لأولاد الأخت، يتقاسم كل فريق منهما المال بينهم على قاعدة التفاضل مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة والتساوي مع الاتحاد فيهما، فإن اتحد أولاد هذا الفريق في الذكورة والأنوثة كان نصيبه بينهم بالتساوي، وإن اختلفوا فيهما فللذكر مثل حظ الأنثيين.
3 ـ إذا ترك أولاد أخ لأم وأولاد أخ لأب، فلأولاد الأخ للأم السدس وإن كثروا، يتقاسمونه بينهم بالتساوي ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة، ولأولاد الأخ للأب الباقي وإن قلُّوا، يتقاسمونه بينهم بالتساوي مع الاتحاد في الذكورة والأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف فيهما.
وهكذا ينظر في جميع صور اجتماع الإخوة وحدهم أو مع الأجداد ويُجعلُ بدلَ الإخوة أولادُهم، فيعطى في كل صورة لأولاد الإخوة ما كان يُعطى للإخوة على فرض وجودهم؛ ويُجعلُ المقياسُ في تقسيم نصيب كل فريق من الأولاد فيما بينهم نَفْسَ مقياس تقسيمه بين أصولهم، فإذا كان فريقٌ من الأولاد ينتسب إلى أخ لأم فالمال بينهم بالتساوي ولو مع اختلافهم بالذكورة والأنوثة؛ وإذا كان فريق منهم ينتسب إلى أخ لأبوين أو لأب، فالمال بينهم بالتساوي مع الاتحاد في الذكورة أو الأنوثة وبالتفاضل مع الاختلاف فيهما.
الفرع الثالث: في ميراث الأجداد مع عدم الإخوة
مسألة 1052: إذا لم يكن للميت وارث من الطبقة الثانية سوى الأجداد، فميراثهم كما يلي:
1 ـ للجد وحده، وكذا للجدة وحدها، لأب كان كل منهما أو لأم، المالُ كلُّه بالقرابة.
2 ـ إذا اجتمع الجد والجدة معاً، فإن كانا لأبيه فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كانا لأمه فالمال بينهما بالسوية.
3 ـ إذا اجتمع الأجداد، وكان بعضهم لأب وبعضهم لأم، واحداً كان كل منهما أو أكثر، ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين، فللجد للأب الثلثان يتقاسمونهما ـ مع التعدد واختلاف الجنس ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، وللجد للأم الثلث يتقاسمونه ـ مع التعدد ـ بالسوية ولو مع الاختلاف في الجنس.
وذلك بدون فرق في هذه الموارد الثلاثة بين ما لـو كانـوا ـ جميعاً ـ أجداداً مباشرين أو كانوا جميعاً غير مباشرين، وهو ما يصطلح عليه بــ (الجد الأدنى) أي: المباشر، وبــ (الجد الأعلى) أي: غير المباشر.
مسألة 1053: لا يقتصرُ استحقاق الجـد ـ كما ألمحنـا لذلك أكثـر مـن مـرة ـ على ما لو كان جداً مباشراً للميت، بل يشمل كلَّ جدٍ له مهما علا؛ نعم إذا اجتمع الجد الأدنى مع الجد الأعلى لم يَحْجبْ الأولُ الثاني إلا إذا كان الثاني مزاحماً له وآخذاً لشيءٍ من نصيبه الذي يستحقه كاملاً لولا مزاحمة الجد الأعلى له، وهذه المزاحمة هي التي ذكرنا مرتكزها في الفرع الثاني الآنف الذكر الذي خصصناه لميراث أولاد الإخوة مع الإخوة؛ وحيث إن المزاحمة لا تحصل دائماً بين الجدين الأعلى والأدنى فإن ميراثهما معاً وعدمه مرهون بوجود المزاحمة وعدمها، وهذا نموذج عنها وجوداً وعدماً:
أما مثال المزاحمة فهو: أن يكون للميت جدة واحدة مع والدها؛ وحيث إن للجدة المنفردة تمام التركة بالقرابة.. لأب كانت أو لأم، فإن توريث والدها معها (وهو الجد الأعلى للميت) موجب لأخذ الثلثين منها إن كان كلا الجدة وأبيها جدين لأب، مثلاً. وحيث يزاحمها لا يرث معها شيئاً، وهكذا أمثاله.
وأما مثال عدم المزاحمة فهو: أن يترك الميت إخوة لأم وجَدّاً بعيداً لأم وجَدّاً قريباً لأب، وحيث إن ميراث الأخ للأم والجد للأم هو الثلث يتقاسمانه بالسوية، ونصيب الجد للأب عند اجتماعه مع أخ أو جد لأم أو معهما جميعاً، هو الثلثان، فإن توريث الجد الأعلى لأم من الثلث مع الأخ لأم لا يأخذ من ثلثي الجد الأدنى الذي هو جدٌ لأبٍ شيئاً، وحيث لا يزاحمه الجد الأعلى فإنه يرث معه دون أن يحجب هذا ذاك. وهكذا أمثاله.
مسألة 1054: إذا اجتمع أحد الزوجين مع الأجداد، أعطي الموجود من الزوجين نصيبه الأعلى على كل حال وفي جميع الموارد، ثم يُرى الموجود من الأجداد: فإن كان ذا فرض، ووسعت التركة جميع الفروض فلا إشكال، وإن لم تسع كان النقص في نصيب المتقرب بالأب، وقُدِّم نصيبُ المتقرب بالأم دون أن ينقص منه شيء؛ وإن لم يكن الموجود من الأجداد ذا فرض كان له الباقي بعد نصيب أحد الزوجين. وهكذا تجري هذه القاعدة هنا بنحو ما جرت عليه في كل طبقة.
الفرع الرابع: في ميراث الإخوة والأجداد
إن المبدأ العام الذي يحكم ويحدد ميراث الأجداد عند اجتماعهم مع الإخوة هو اعتبار كل واحد من الأجداد رِدْفاً وعِدْلاً لكل من يشاكله من الإخوة، فالجد ـ وإن علا ـ كالأخ، يقاسمه نصيبه الذي يكون له بالفرض أو بالقرابة، بحيث يَنْزعُ أحدهما صفة الواحد عن الآخر فيكونان كما لو وُجِدَا أخوين من الأصل؛ كذلك فإن الجدة كالأخت، فتقاسم الجدةُ ـ وإن علتْ ـ أُختَ الميت نصيبَها الذي يكـونُ لها بالفـرض أو بالقرابـة، بحيث ـ أيضاً ـ تَنْزع إحداهما عن الأخرى صفة الواحدة، فتكونان كما لو وُجِدَتا أختين من الأصل.
إن هذا المبدأ سوف يتجلى في مسائل كثيرةٍ هي نتاج تشابك وتكاثر صور تلاقي الأجداد مع الإخوة الذين ينطوي كل منهم على درجاتٍ متعددةٍ في مدى قربه من المورِّث وبُعده عنه؛ وذلك أنّ الجميع قد تتحد جهة قرابتهم بالمُتوفَّى من حيث كونها من جهة الأب أو من جهة الأم، وقد تختلف فيكون بعضهم من جهة الأم وبعضهم من جهة الأب، مع ما ينكشف عنه ذلك من صور متعددة، كما وأنه سوف ينظر إليهم ـ أيضاً ـ من جهة الوحدة والتعدد، وأيضاً من جهة الذكورة والأنوثة؛ وفي جميع ذلك صور عديدة محتملة، الأمر الذي لا بدَّ معه من جمْع ما يمكن جمعه منها في طي هذه المسائل:
مسألة 1055: إذا اجتمع الجد والأخ، وكانا كلاهما من قبل الأب، واحداً كان كل منهما ـ أو أحدهما ـ أو متعدداً، فإن اتحدوا في الذكورة أو الأنوثة كان المال بينهم بالسوية، وإن كانوا ذكراناً وإناثاً فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1056: إذا اجتمع الجد والأخ، وكانا كلاهما من جهة الأم، واحداً كان كل منهمـا ـ أو أحدهمـا ـ أو متعدداً، وذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين، فالمال بينهم بالسوية.
مسألة 1057: إذا اجتمع الأجداد والإخوة، وكان في فريق الأجداد من هو لأب ومن هو لأم، وفي فريق الإخوة من هو لأب ومن هو لأم، واحداً كان كل نوع من كل فريق أو متعدداً، فإن المال يتوارثونه كما يلي:
أ ـ ثلث لمن يتقرب إلى الميت بالأم من الأجداد والإخوة يتقاسمونه بالسوية ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين.
ب ـ ثلثان لمن يتقرب إليه منهم بالأب يتقاسمونهمـا بالسوية ـ أيضاً ـ إن اتحدوا في الذكورة أو الأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف فيهما.
مسألة 1058: إذا اجتمع الجد للأب مع الأخ للأم:
فإن كان الأخ واحداً، ذكراً كان أو أنثى، فله السدس، وإن كان متعدداً فله الثلث، يتقاسمونه بالسوية ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين.
وللجد الباقي واحداً كان أو متعدداً، فإن كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً تقاسموه بالسوية، وإن كانوا مختلفين فيهما فللذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1059: إذا اجتمع الجد للأم مع الأخ للأب:
فللجد الثلث، واحداً كان أو متعدداً، ذكراً كان أو أنثى، ومع التعدد يتقاسمونه بالسوية، سواء اتحدوا ذكورة أو أنوثة أو اختلفوا.
وللأخ من الأب الثلثان، واحداً كان أو متعدداً، وذكراً كان أو أنثى، فإذا تعددوا واتحدوا ذكورة أو أنوثة فهو بينهم بالسوية، وإن اختلفوا فهو بينهم بالتفاضل، للذكر مثل حظ الأنثيين.
غير أنه ينبغي الالتفات إلى صورة ما لو كان الموجود مع الجد للأم أخت واحدة لأب، فإن فرض الأخت هنا هو النصف، ولما كان فرض الجد هو الثلث، فإن التركة ستزيد عن الفروض سدساً، وحكم هذا السدس أن يرد على الأخت للأب، وإن كان الأحوط استحباباً أن يرد عليها وعلى الجد بالتراضي.
مسألة 1060: إذا اجتمع الأجداد مع الإخوة، وكان في الأجداد من هو لأب ومن هو لأم، وكان الأخ أو الأكثر لأب:
فللجد للأم الثلث، واحداً كان أو متعدداً، وذكراً كان أو أنثى، ومع التعدد يتقاسمونه بالسوية ولو مع اختلافهم في الذكورة والأنوثة.
وللجد للأب مع الإخوة للأب الثلثان، يتقاسمونهما بالسوية مع اتحادهم بالذكورة أو الأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف.
مسألة 1061: إذا اجتمع الأجداد والإخوة، وكان في الأجداد من هو لأب ومن هو لأم، وكان الأخ أو الأكثر لأم:
فللجد للأم مع الأخ للأم ثلث المال بالسوية ولو مع اختلافهم ذكورة وأنوثة.
وللجـد للأب ـ واحداً كـان أو أكثـر ـ الثلثان، ومع التعدد والاتحاد في الذكورة أو الأنوثة فهو بينهم بالتساوي، ومع الاختلاف فبالتفاضل.
مسألة 1062: إذا اجتمع الأجداد والإخوة، وكان في الإخوة من هو لأب ومن هو لأم، وكان الأجداد للأب: فللأخ للأم السدس إن كان واحداً، والثلث إن كان متعدداً، فيتقاسمونه بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة.
وللجد للأب مع الأخ للأب الباقي، يتقاسمونه بالسوية مع الاتحاد في الذكورة والأنوثة وبالتفاضل مع الاختلاف.
مسألة 1063: إذا اجتمع الأجداد والإخوة، وكان في الإخوة من هو لأب ومن هو لأم، وكان الجد أو أكثر للأم:
فللأجداد للأم مع الإخوة للأم ثلث المال بالسوية مطلقاً.
وللأخ للأب الباقي، يتقاسمونه بالتساوي مع التعدد والاتحاد بالذكورة والأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف.
مسألة 1064: إذا اجتمع أحد الزوجين مع الأجداد والإخوة، ففي كل مورد من الموارد المذكورة في المسائل السابقة من هذا الفرع الثالث يُقدَّم الزوج أو الزوجة ويعطى نصيبه الأعلى، ثم ما يبقى يتقاسمه الأجداد والإخوة بالنحو الذي فصلناه، وفي كل مورد نقصت فيه التركة عن الفروض كان النقص من نصيب المتقرب بالأب دون المتقرب بالأم ودون الزوجين.
المطلب الثالث: في ميراث الطبقة الثالثة
وهم الأعمام والأخوال وأولادهم.
وهؤلاء هم أفراد الطبقة الثالثة، وتشتمل على الأعمام والعمات والأخـوال والخــالات، مهمـا علـوا، ولأب كانـوا أو لأم، كمـا تشتمـل ـ بعد فقدهم ـ على أولادهم المنتسبين إليهم بالأبوين أو بأحدهما، مهما نزلوا، ولكن بشرط أن لا تصل الوسائط في بُعدها إلى حدٍ لا تصدق معه القرابة عرفاً؛ وتفصيل أحكامهم يقع في تمهيد وخمسة فروع:
تمهيد:
مسألة 1065: يعتبر أفراد هذه الطبقة صنفاً واحداً، أي: إن الأعمام والعمات والأخوال والخالات هم فريق واحد، فلا يرث أحدٌ من أبنائهم مع وجود واحد منهم، فإذا اجتمع إبن عمٍ لأبوين مع خالة لأم لم يرث معها إبن العم، بل تنفرد الخالة بالميراث كله. نعم قد ورد النص على استثناء حالة واحدة هي: ما إذا اجتمع إبن عم لأبوين مع عم لأب فإن الميراث في هذه الحالة لإبن العم دون العم، وسيأتي تفصيله. كما أنه يستثنى من ذلك: كلُّ موردٍ اجتمع فيه الأعمام، وكان بعضهم لأبوين وبعضهم لأب، فيقدَّم العم للأبوين على العم للأب، فلا يورَّث العم للأب إلا عند فقد العم للأبوين، وكذا يحجب الخال للأبوين الخال للأب أيضاً.
مسألة 1066: يبتني الاستحقاق بين أفراد هذه الطبقة الأصليين، أو من يقوم مقامهم من أولادهم عند فقدهم جميعاً، على مبدأ الأقربية؛ فالعم أو الخال المباشر يمنع عمَّ الأم وعم الأب وخالهما، كذلك فإن عم الأم أو الأب وخالهما هو أقرب من عم أم الأم أو أب الأب وخالهما، بل إن أولاد العم أو الخال المباشر ـ وإن نزلوا ـ أولى من العم أو الخال غير المباشر، فضلاً عن أولويتهم على أولادهم.
الفرع الأول: في ميراث الأعمام وحدهم والأخوال وحدهم
وتفصيله في عنوانين:
1 ـ في ميراث الأعمام وحدهم:
مسألة 1067: إذا انفرد الأعمام بتركة الميت دون أحد من أخواله، وكانوا متحدين في قرابتهم للميت، فهم جميعاً لأبوين أو لأب أو لأم، فميراثهم كما يلي:
1 ـ للعم المنفرد تمام المال، ذكراً كان أو أنثى، يرثه بالقرابة.
2 ـ للعميـن ـ أو العمتيـن ـ فما زاد المال كله، فإن اتحدوا في الذكورة والأنوثة فالمال بينهم بالسوية، وإن اختلفوا فالأقوى توزيعه بالتفاضل، للذكر مثـل حـظ الأنثييـن، وإن كان الأحـوط استحبابـاً ـ مع التعدد والاختلاف في الذكورة والأنوثة ـ أن يتصالحوا فيما بينهم على ما ينقص من حصة الإناث على فرض التوزيع بالتساوي، ولا سيما إذا كانوا جميعاً متقربين بالميت بالأم.
مسألة 1068: إذا انفرد الأعمام بتركة الميت، وكانوا في قرابتهم للميت مختلفين، فميراثهم كما يلي:
1 ـ كلما اجتمع عم لأبوين وعم لأب لم يرث إلا العم للأبوين، سواءً كانوا وحداناً أو متعددين، وذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين.
2 ـ إذا اجتمع الأعمام لأبوين أو لأب مع الأعمام لأم: فللمتقرب بالأم إذا كان واحداً سدس المال، وإذا كان متعدداً فثلث المال يتقاسمونه بينهم بالسوية مع الاتحاد في الذكورة والأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف فيهما على الأقرب، وإن كان الأحوط استحباباً التصالح بينهم.
وللمتقرب بالأبوين أو بالأب باقي التركة يتقاسمونه مع الإتحاد في الذكورة والأنوثة بالتساوي، ومع الاختلاف بالتفاضل على الأقرب، مع استحباب الاحتياط بالتصالح.
2 ـ ميراث الأخوال وحدهم:
مسألة 1069: إذا انفرد الأخوال بالتركة، وكانوا جميعاً لأبوين أو لأب أو لأم، فميراثهم كما يلي:
1 ـ للخال وحده، وكذا للخالة وحدها، تمام المال بالقرابة.
2 ـ وللخالين فما زاد، أو للخالتيـن فما زاد، تمام المـال بالقرابـة ـ أيضاً ـ يتقاسمونه بالسوية ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين في الذكورة والأنوثة.
مسألة 1070: إذا اجتمع الأخوال والخالات، وكانوا مختلفين في جهة القرب من الميت، فكان بعضهم لأبوين وبعضهم لأب وبعضهم لأم، فميراثهم كما يلي:
أولاً: لا يرث المتقرب من الأخوال بالأب مع المتقرب إليه بالأبوين إلا عند فقده.
ثانياً: إذا كان بعضهم لأبوين أو لأب وبعضهم لأم:
فللمتقرب بالأم إذا كان واحداً سدس المال، وإذا كان متعدداً ثلث المال، يتقاسمونه بالسوية، ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين.
وللمتقرب بالأبوين أو بالأب باقي المال، واحداً كان أو متعدداً، ومع التعدد يتوارثون المال بالسوية، سواءً اتحدوا في الذكورة والأنوثة أو اختلفوا.
وإن كان الأحوط استحباباً في صورة الاختلاف في الذكورة والأنوثة أن يتراضى الإناث مع الذكور في أخذهن ما يزيد عن نصيب الإناث لو اقْتُسِمَ المالُ بالتفاضل، لأبوين أو لأب كانوا أو لأم.
الفرع الثاني: في ميراث الأعمام والأخوال معاً
مسألة 1071: إذا اجتمع الأعمام والأخوال فميراثهم كما يلي:
1 ـ للخال الثلث، واحداً كان أو متعدداً، وذكراً كان أو أنثى، ومع التعدد يتقاسمون الثلث بالسوية، سواءً اتحدوا في تقربهم بالأبوين أو الأب أو الأم، أو كانوا مختلفين، فكان بعضهم لأب أو أبوين وبعضهم لأم، وذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين.
2 ـ للأعمام الثلثان، واحداً كان العم أو متعدداً، وذكراً كان أو أنثى، ومع التعدد والاختلاف في الذكورة والأنوثة يتقاسمون المال بالتفاضل، للذكر مثل حظ الأنثيين، سواء كانوا متحدين في جهة القرب أو مختلفين.
الفرع الثالث: في ميراث أولاد الأعمام والأخوال
مسألة 1072: أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات يقومون مقام آبائهم وأمهاتهم إذا فقد آباؤهم وأمهاتهم، أي: إذا فُقِدَ جميعُ من في الدرجة الأولى، ويأتون بالدرجة الثانية بعد آبائهم وأمهاتهم، ويقدَّمون على عمومة الأب والأم وخؤولتهما؛ فلا يرث ولدُ واحدٍ من هؤلاء الأربعة مع وجود واحد من الأربعة، أي: لا يرث إبن العم مثلاً ولو كان لأبوين مع وجود الخالة ولو كانت لأم، وهكذا؛ نعم، يستثنى من ذلك ما لو وجد ابنُ عمٍ لأبوين مع عم لأب دون أن يكون معه أحد من أفراد درجته غيره، فإن إبن العم يمنع العم ويكون المال كله لابن العم، وذلك في هذا المورد بخاصة، فلو اختلف الأمر فكان معه عم لأم لم يمنعه، وكذا لو كان معه عمة لأب، أو خال لأب أو لأم، بل يُقتصر في المنع على هذا المورد، للنص عليه. كذلك فإنه كما يحجب العمُّ المتقربُ بالأبوين العمَّ المتقربَ بالأب، فإن أولاد الأول يحجبون أولاد الثاني، وكذا الحكم في أولاد العمة، وأيضاً في أولاد الخال والخالة، إذ إن حجب المتقرب بالأبوين للمتقرب بالأب سارٍ في جميع أنواع القرابة، سواء اتحدوا في نوع القرابة أو اختلفوا، وسواءً اتحدوا في الذكورة والأنوثة أو اختلفوا، أي: إن الأخ، كما يحجب الأخ كذلك يحجب الأخت، وكما يحجب العمُّ العمَّ، كذلك يحجب الخالَ، وهكذا.
مسألة 1073: إذا خلت الدرجة الأولى من الوارث بالنحو الذي ذكرناه في المسألة السابقة، ورث كل واحد من أبناء العمومة والخؤولة نصيب من يتقرب به: فلو لم يكن للميت إلا أولاد خال أو أولاد خالة كانت التركة كلها لهم يتقاسمونها بالسوية، ذكوراً أو إناثاً، ومهما كانت درجة قرابة خؤولة أبيهم أو أمهم للمتوفَّى، من حيث كونها لأبوين أو لأب أو لأم.
كما أنه لو اجتمع أولاد الأعمام وأولاد الأخوال: فلأولاد الأخوال الثلث مهما كان عددهم، فيتقاسمونه بالسوية، سواءً كانوا أولاد خال أو خالة، وسواءً كان تَقَرُّبُ الأخوالِ بالأبوين أو بالأب أو بالأم، متحدين في ذلك أو مختلفين، وسواءً كان أولادهم ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين؛ كما أن لأولاد الأعمام الثلثين، فإن كان الأعمام ذكوراً كلهم أو إناثاً كلهم فالثلثان بين أولادهم بالتساوي سواءً اتحد الأولاد في الذكورة والأنوثة أو اختلفوا؛ وإن كان الأعمام بعضهم ذكوراً وبعضهم إناثاً، أي: كان الأولاد بعضهم لعم وبعضهم لعمة: فلأولاد الأعمام سهمان من الثلثين، ولأولاد العمات سهم واحد، وذلك لأن آباءهم كانوا يتوارثون هذين الثلثين بالتفاضل على الأقرب، فتأخذ كل مجموعة من الأولاد حصة من تنتسب به ـ ذكراً كان أو أنثى ـ بالتفاضل، لكنَّ أولاد كل طرف يتوزعونه بينهم بالتساوي.
مسألة 1074: كما لا يرث إبن العم أو غيره من أفراد الدرجة الثانية مع العم أو غيره من أفراد الدرجة الأولى، فكذلك لا يرث إبن إبن العم، أو غيره من أفراد المرتبة الثانية فما بعدها من مراتب أولاد العمومة أو الخؤولة مهما نزلوا، لا يرث مع وجود الابن المباشر للعم أو الخـال أو غيـره مـن أفراد المرتبة الأولى من أبناء الأعمام والأخوال؛ فلو كان للميت أولاد خالة لأم وأولادُ أولاد عم لأبوين انفرد أبناء الخالة بالتركة دون سائر أحفاد العم للأبوين، وهكذا سائر مراتب أولاد العمومة والخؤولة، فإن الأقرب دائماً يمنع الأبعد.
الفرع الرابع: في ميراث الأعمام والأخوال غير المباشرين
مسألة 1075: أعمام الأب أو الأم أو أخوالهما هم درجة ثالثة بعد الأعمام والأخوال المباشرين وبعد أولادهم مهما نزلوا في مراتب الأحفاد والأسباط مع صدق القرابة عرفاً، فلا يرث عم الأب ـ مثلاً ـ مع وجود العم، ولا مع وجود إبن العم عند فقد العم، مهما نزل، فلو اجتمع عمُّ الأب مع إبن إبن خالة الميت لأمه قُدِّم الأخيرُ دون عم الأب، وهكذا يقاس على ذلك سائر الصور المحتملة.
مسألة 1076: إذا انفرد بتركة الميت أعمامُه أو أخوالُه غير المباشرين كانت التركة لهم، لأبوين كانوا أو لأب أو لأم، وذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين، وأعمام أبٍ كانوا أو أعمام أُمٍّ، أو أخوالاً لأحدهما، وحداناً كانوا أو متعددين؛ ويتقاسمون التركة بنفس النحو الذي ذكرناه في ميراث الأعمام والأخوال المباشرين.
مسألة 1077: يقوم أولاد أعمام الأب والأم وأولاد أخوالهما مقام آبائهم وأمهاتهم من عمات الأب والأم وخالاتهما، فيرثون نصيب من يتقربون به منهما، مهما نزلوا في مراتب الأحفاد والأسباط لهؤلاء الأعمام والأخوال غير المباشرين، بشـرط خلـو الدرجة الثالثة ـ وهي درجة الأعمام والأخوال غير المباشرين ـ من جميع أفرادها، بحيث يصير أولادهم هم الدرجة الرابعة التي ترث عند فقد الميت لكل وارث من الدرجات الثلاث السابقة.
وحينئذ يجري عليهم ما جرى في ميراث أولاد الأعمام والأخوال المباشرين، من دون اختلاف بينهم وبينهم مطلقاً.
الفرع الخامس: في ميراث أحد الزوجين مع الأعمام والأخوال
مسألة 1078: في كل مورد يشارك فيه الزوجُ أو الزوجةُ الأعمامَ والأخوالَ بدرجاتهم الأربع ومراتبهم المتعددة يأخذ الزوج أو الزوجة نصيبَه الأعلى، وهو النصف أو الربع، ثم يتوارث الأعمام والأخوال ما يبقى عن أحدهما من التركة، وحيث إنه لا يوجد سهم مفروض لأحدٍ من الأعمام والأخوال فإن جميع ما ذكرناه في فروع هذا المطلب الثالث لكيفية توزيع التركة على الورثة يتم فيما هو الموجود من التركة، فإذا كان الفاضل عن الزوج هو نصف التركة فإن هذا النصف هو تمام الموجود، فيتوزعونه بالنحو المتقدم الذي يتوزع فيه النقص على الجميع، لا على المتقرب بالأب بخاصة، كما هو الشأن عند تعدد السهام المفروضة وزيادتها عن التركة بالنحو الذي تقدم في ميراث الطبقة الأولى والثانية.
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: في ميراث الطبقة الأولى
وهم الأبوان والأبناء وأبناء الأبناء، وتفصيل إرثهم يقع في خمسة فروع:
الفرع الأول: في إرث الأبوين مع عدم الولد
مسألة 1025: للأب المنفرد تمام تركة الميت بالقرابة.
وإذا كان معه زوج، فللزوج نصف التركة بالفرض وللوالد الباقي بالقرابة.
وإذا كان معه زوجة، فللزوجة الربع بالفرض وللوالد الباقي بالقرابة.
وللأم المنفردة تمام التركة أيضاً، ثلث بالفرض والباقي بالقرابة، دون أن يحجبها عن نصيبها هذا وجود إخوة للميت، وذلك لأن حجبهم لها مشروط بوجود الأب، وهو ـ حسب المفروض ـ غير موجود. وإذا كان معها زوج كان للزوج النصف، وكان للأم الباقي، ثلث بالفرض والباقي بالقرابة. وإذا كان معها زوجة كان لها الربع، وللأم الباقي، ثلث بالفرض والزائد عنه بالقرابة.
مسألة 1026: إذا اجتمع الأبوان معاً كان إرثهما كما يلي:
1 ـ إذا لم يكن معهما زوج ولا زوجة: فللأم ثلث التركة بالفرض إذا لم يكن للميت إخوة لهم أهلية الحجب، وإلا فنصيبها السدس بالفرض. ثم يكون الباقي عن نصيب الأم ـ ثلثاً كان أو سدساً ـ للأب بالقرابة.
2 ـ إذا كان معهما أحد الزوجين، فإن كان زوجاً فله النصف، وإن كان زوجة فلها الربع، وللأم الثلث مع عدم الحاجب والسدس مع الحاجب، فرضاً، وللأب الباقي بالقرابة.
مسألة 1027: رغم أن إخوة الميت لا يرثون إذا اجتمعوا مع الأبوين، فإنهم يحجبون الأم عن الثلث ويَحُطُّون نصيبها إلى السدس، إذا توفرت فيهم شروط سبعة:
الأول: وجود الأب حياً حين موت الولد؛ وإذا كان مفقوداً غير معلوم الحياة أو الموت، فهو بحكم الحي مدة التربص المذكورة في باب الطلاق، أو قبل مضي عشر سنين على فقده بدونها.
الثاني: أن لا يقلوا في عددهم عن أخوين، أو أخ وأختين، أو أربع أخوات.
الثالث: أن يكونوا إخوة الميت لأبويه أو لأبيه فقط، فلا يحجب إخوة الميت لأمه.
الرابع: أن يكونوا مولودين، فلا يكفي من كان حملاً منهم.
الخامس والسادس: أن يكونوا مسلمين، وأحراراً غير أرقاء.
السابع: أن يكون من يتحقّق به الحجب غير قاتل للموِّرث، فإذا كان قاتلاً لزم مراعاة الاحتياط في هذا المورد.
الفرع الثاني: في إرث الأولاد مع عدم الأبوين
مسألة 1028: للإبن المنفرد تمام تركة الميت بالقرابة.
وللبنت المنفردة تمام التركة أيضاً، نصفها بالفرض والزائد عنه بالقرابة، فلا ينازعها في ذلك الزائد أحد من الورثة من الطبقات الأخرى.
وللإبنيـن المنفرديـن ـ فمـا زاد ـ تمام التركة بالقرابة، يتقاسمونها بينهم بالسوية.
وللبنتين المنفردتين ـ فما زاد ـ الثلثان بالفرض والزائد عنهن يرد عليهن بالقرابة، ويتقاسمن التركة بينهن بالتساوي.
وإذا اجتمع الإبن والبنت بدون واحد من الأبوين، واحداً كان كل منهما أو أكثر، فإن لهم تمام التركة يتقاسمونها بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1029: إذا كان مع الإبن الواحد أو الأكثر زوج، فللزوج الربع بالفرض والباقي عنه للإبن الواحد بتمامه، أو للأبناء بالسوية، بالقرابة؛ وإذا كان معه زوجة فللزوجة الثمن بالفرض والباقي للإبن الواحد أو للأبناء بالنحو الآنف الذكر.
وإذا كان مع البنت الواحـدة أو الأكثـر زوج، فللـزوج الربـع ـ كذلـك ـ بالفرض، وللبنت الواحدة النصف فرضاً والباقي رداً بالقرابة؛ وكذا حكمه مع البنتين، فإن له الربع فرضاً، وللبنتين فما زاد الثلثين فرضاً والباقي رداً، يتقاسمنه بالسوية. وإذا اجتمع مع البنت الواحدة أو الأكثر زوجة: فللزوجة الثمن، وللبنت أو البنتين فما زاد بنفس النحو المذكور آنفاً.
وإذا اجتمع الزوج مع البنين والبنات فله الربع، وإذا اجتمعوا مع الزوجة فلها الثمن، والباقي عن الربع أو الثمن ـ في الموردين ـ يتقاسمه الأبناء والبنات بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
الفرع الثالث: في إرث الأبوين والأولاد معاً
مسألة 1030: إذا اجتمع الإبن الواحد مع الأبوين كليهما أو أحدهما، ومع أحد الزوجين أو بدونه، فحكمه كما يلي:
1 ـ إذا اجتمع مع الأبوين: فلكل واحد من الأبوين السدس، والباقي للإبن.
2 ـ إذا كان معه ـ إضافة إلى الأبوين ـ زوج أو زوجة أيضاً: فلكل واحد من الأبوين السدس، وللزوج الربع، وللزوجة الثمن، ثم يكون الباقي للإبن.
3 ـ إذا اجتمع مع أحد الأبوين، والداً للمتوفى كان أو والدة، فلأحدهما السدس فرضاً، والباقي للابن قرابة.
4 ـ إذا كان معه ـ إضافة إلى أحد الأبوين ـ زوج أو زوجة أيضاً، فالحكم كما في الفقرة (3) بعد إعطاء الزوج الربع، أو الزوجة الثمن.
هذا ولا يختلف حكم هذه المسألة عما لو كان مفروضها إبنان أو أكثر، فحيث لا يكون مع البنين بنات يتوزع البنون ما يفضل من التركة عن نصيب الوالدين كليهما أو أحدهما وعن نصيب أحد الزوجين، بينهم بالسوية.
كما وأنه لا يختلف حكمها عما لو كان مفروضها اجتماع إبن وبنت أو أكثر مع المذكوريـن فيها، إذ إنهـم ـ حينئـذ ـ يتقاسمون ما يبقى عن نصيب الأبوين والزوجين الآنِفِي الذكر بينهم، للذكر مثل حظ الأُنثيين.
مسألة 1031: إذا اجتمعــت البنـت مـع الأبويـن ـ كليهـمـا ـ ومـع أحد الزوجين أو بدونه، فحكمها كما يلي:
1 ـ إذا اجتمع الأبوان مع البنت الواحدة، ابتنى التقسيم على ملاحظة وجود حاجب للأم وعدمه، فإن لم يكن للميت إخوة لهم أهلية الحجب لزم تقسيم المال خمسة سهام، سهم للأب وسهم للأم وثلاثة سهام للبنت.. يأخذونها ـ جميعاً ـ فرضاً ورداً، وإن كان له إخوة أعطيت الأم سدسها بدون رد شيء عليها من الزائد، وأخذ الوالد ربع الباقي والبنت ثلاثة أرباعه.
هذا، وإنما صـارت الحصـص كذلـك فـلأن الباقي ـ وهـو السدس ـ عن سهم الأَبوين، وهو الثلث، وعن سهم البنت، وهو النصف، يُردّ عليهم بنسبته إلى حصة كل واحد منهم، فتكون النتيجة بعد تعديل السهام هي: توزيع المال أخماساً أو أرباعاً بالنحو الذي ذكرناه. وهي قاعدة تجري في كل رد يستوجب توزيعُه تعديلَ السهام، كما سيأتي في أكثر من مورد في هذا المطلب.
2 ـ إذا اجتمع الأبوان والبنت الواحدة وأحد الزوجين:
فإن كان هو الزوج، فللزوج الربع، ولكل واحد من الأبوين السدس، والباقي للبنت، فينقص من فرضها ـ وهو النصف ـ نصف السدس، وذلك على قاعدة: (من له الغنم فعليه الغرم)، وهي تعني: أن من يكون له ما يزيد عن فرضه بالرد عليه عند زيادة التركة عن الفروض، فإنه هو الذي يُنقَـص ـ غالباً ـ من نصيبه عند زيادة الفروض على التركة. وهي قاعدة سوف تستخدم في موارد عدة.
وإن كان هو الزوجة، فإن للزوجة الثمن، وحيث إن التركة ـ هنا ـ سوف تزيد على الفروض، وحيث سيُرَدُّ الزائد على الجميع ما عدا الزوجة، فإن الحكم في هذا الفرع من هذه المسألة يجري بين البنت والأبوين بنحو ما جرى عليه في الفقرة (1) الآنفة الذكر، فيُرى، فإن لم يكن للميت إخوة لهم أهلية الحجب كان الباقي عن الزوجة أخماساً، فيعطى خمس لكل واحدٍ من الأبوين، وثلاثة أخماس للبنت الواحدة، وهو في الجميع على قاعدتي الفرض والرد؛ وإن كان للميت إخوة لهم أهلية الحجب، أخذت الأم سدسها بدون رد، وكان الباقي عن الزوجة والأم بين الأب والبنت أرباعاً بالفرض والرد، فللوالد الربع وللبنت ثلاثة أرباع.
مسألة 1032: إذا اجتمع الأبوان مع بنتين فصاعداً، مع أحد الزوجين أو بدونه، فالحكم كما يلي:
1 ـ إذا اجتمع الأبوان مع بنتيـن فصاعداً، فالتركة بينهم على قدر فروضهم، فللوالدان الثلث مناصفة بينهما، وللبنتان فصاعداً الثلثان يتقاسمنه بالسوية.
2 ـ إذا اجتمع مع الأبوين والبنتين فما زاد أحدُ الزوجين، فإن كان هو الزوج فله الربع، وإن كان هو الزوجة فلها الثمن، ثم لكل واحد من الأبوين فرضه، وهو السدس، والباقي للبنتين أو البنات يتقاسمنه بالسوية، حيث يرد النقص عليهن ـ بخاصة ـ بمقدار ما أخذه أحد الزوجين، ربعاً أو ثمناً، دون أن يشاركهن في النقص كلا الأبوين أو أحدهما عند زيادة التركة على السهام، رغم وراثتهما مثلهن بالفرض وبالقرابة.
مسألة 1033: إذا اجتمع أحد الأبوين ـ بخاصة ـ مع البنت أو الأكثر، ومع أحد الزوجين أو بدونه، فحكمه كما يلي:
1 ـ إذا اجتمع أحد الأبوين مع البنت الواحدة لا غير، كان لأحد الأبوين الربع فرضاً ورداً، وللبنت الواحدة الباقي فرضاً ورداً، أيضاً.
وإذا كان معهما أحد الزوجين، فإن كان هو الزوج كان له الربع، وإن كان هو الزوجة فلها الثمن، ويقسم الباقي أرباعاً: ربع لأحد الأبوين، أباً كان أو أماً، وثلاثة أرباع للبنت الواحدة، وجميعه فرضاً ورداً.
2 ـ إذا اجتمع أحد الأبوين مع البنتين فصاعداً، كان المال بينهم أخماساً، فللوالد الخمس فرضاً ورداً، والباقي للبنتين أو البنات كذلك.. يتقاسمنه بالسوية.
وإذا كان مع البنتين أو البنات ـ إضافة إلى أحد الأبوين ـ أحد الزوجين، فإن كان زوجة فلها الثمن، ويقسم الباقي أخماساً: خمس لأحد الأبوين فرضاً ورداً، وأربعة أخماس للبنتين فما زاد فرضاً ورداً، فيتقاسمنه بالسوية؛ وإن كان زوجاً كان له الربع، ولأحد الأبوين السدس، والباقي للبنتين أو البنات ناقصاً عن نصيبهن، وهو الثلثان.
الفرع الرابع: في إرث أولاد الأولاد
مسألة 1034: أولاد الأولاد وإن نزلوا يقومون مقام الأولاد في مقاسمة الأبوين وحجبهما عن أعلى السهمين إلى أدناهما، ومنع من عداهم من الأقارب، ولا يشترط في توريثهم فقد الأبوين على الأقوى.
مسألة 1035: لا يرث أولاد الأولاد إذا كان للميت ولد، وإن كان أنثى، فإذا ترك بنتاً وإبن إبنٍ كان الميراث للبنت.
مسألة 1036: أولاد الأولاد مترتبون في الإرث، فالأقرب منهم يمنع الأبعد، فإذا كان للميت ولدُ ولدٍ وولدُ ولدِ ولدٍ، كان الميراث لولدِ الولد دون ولدِ ولدِ الولد.
مسألة 1037: يرث أولاد الأولاد نصيب من يتقربون به، فيرث ولد البنت نصيب أمه ـ ذكراً كان أم أنثى ـ وهو النصف، سواء انفرد أو كان مع الأبوين، ويُردُّ عليه وإن كان ذكراً كما يردّ على أمه لو كانت موجودة؛ ويرث ولدُ الإبن نصيبَ أبيه ذكراً كان أم أنثى، فإن انفرد كان له جميع المال، وإن كان معه ذو فرض فله ما فضل عن حصته.
مسألة 1038: لو كان للميت أولاد بنت وأولاد إبن كان لأولاد البنت الثلث نصيب أمهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأولاد الإبن الثلثان نصيب أبيهم يقسم بينهم كذلك.
مسألة 1039: تقدم أن أولاد الأولاد ـ عند فقـد الأولاد ـ يُشاركون أبوي الميت في الميراث، لأن الأبوين مع أولاد الأولاد صنفان من طبقة واحدة، ولا يمنع قربُ الأبوين إلى الميت إرْثَهم منه:
فإذا ترك أبوين وولد إبنٍ، كان لكلٍ من الأبوين السدسُ، ولولد الإبن الباقي.
وإذا ترك أبوين وأولادَ بنتٍ، كان للأبوين السدسان، ولأولاد البنت النصف، ويُردّ السدسُ على الجميع بالنسبة إذا لم يكن للميت إخوة تتوفر فيهم شروط الحجب، فيُقسم مجموع التركة أخماساً: ثلاثةٌ منها لأولاد البنت فرضاً وردّاً، وإثنان منها للأبوين كذلك، وأما مع وجود الإخوة فللأم السدس، والباقي بين الوالد وأولاد البنت أرباعاً: ربع للأب فرضاً ورداً، والباقي لأولاد البنت يتقاسمونه بالسوية فرضاً ورداً أيضاً.
وإذا ترك أحدَ الأبوين مع أولاد بنتٍ، كان لأولاد البنت ثلاثة أرباع التركة فرضاً وردّاً، والربعُ الرابع لأحد الأبوين كذلك.
وإذا ترك زوجاً وأبوين وأولاد بنت، كان للزوج الربعُ، وللأبوين السدسان، ولأولاد البنت سدسان ونصف سدس، فينقص عن سهم البنت ـ وهو النصف ـ نصف سدس، فيَرِدُ النقصُ على أولاد البنت كما يرد على البنت فيما إذا ترك زوجاً وأبوين وبنتاً.
وهكذا الحكم في بقية الصور، فلا يتغير فيه سوى إبدال عنوان الإبن أو البنت بعنوان أولاد الإبن أو البنت في جميع الفروض المحتملة الآنفة الذكر في الفرع الثالث.
الفرع الخامس: في الحبوة
مسألة 1040: (الحَبوة) في اللغة مصدرٌ من: حَبَا، بمعنى أعطى، مصدره: حِباءٌ وحَبْوةٌ. و (الحَبوة) ـ بفتح الحاء وكسرها وضمها ـ: إسم لما يُحتبى به، من ثوب ونحوه، وهي في مصطلح الفقهاء تستخدم بهذا المعنى الثاني، لكنْ يقتصر فيها على أمور معينة من مختصات الميت الوالد، وهي: الثياب التي كان يلبسها الميت، وخاتمه وسلاحه ومصحفه، دون غيرها من مختصاته، كدابة ركوبه، وساعته وكتبه. نعم، يدخل مع السلاح ما يعد من توابعه عرفاً، كالغمد للسيف، ومخازن الذخيرة للبندقية الحربية، وما أشبه ذلك.
والأقوى أن الحبوة ـ بهـذا المعنـى المتقـدم ـ ليست حقاً مفروضاً للولد الذكر الأكبر، ولا هو يأخذها مجاناً زيادة عن حصته، نعم يستحب لسائر الورثة تخصيص الولد الأكبر بالحبوة من بين سائر الأعيان التي تشتمل عليها التركة، على أنها جزء من نصيبه من الميراث لا مجاناً، إلا أن يرضوا بتقديمها له مجاناً.
مسألة 1041: لا يحبى الوارث من مورِّثٍ غيرِ الوالد، كالأم والجد، كما لا يحبى من الورثة غير الولد الأكبر الذكر، فإن كان قد مات في حياة والده لم يُحبَ مَنْ بَعدَهُ من الذكور من أبناء الميت. ويقتصر على الولد المباشر، فلا يستحقها حفيده من ولده الأكبر. ولا يشترط في المَحْبُوِّ الرشدُ، ولا كونه قد انفصل بالولادة حياً، بل يحبى السفيه والحمل الذي لم يولد بعد، فتعزل الحبوة إلى حين ولادته حياً.
مسألة 1042: يدخل في الثياب مختلف أنواع الألبسة التي كان يلبسها المتوفى أو التي كان قد أعدها ليلبسها ولو لم يلبسها، صيفية وشتوية، واحدة ومتعددة، مما يستر العورة كانت أو مما لا يسترها.
وكذا يدخل في الحبوة كل ما كان متعدداً من غير الثياب، كما لو كان عنده أكثر من خاتم، أو أكثر من مصحف، فإنه يستحب تخصيصه بالجميع مما كان يستخدمه المورث أو أعده لاستخدامه الشخصي. بل يدخل في الخاتم ما كان من الذهب رغم حرمة لبسه.
تتمة في طعمة الأجداد
مسألة 1043: لا يرث أجداد الميت مع وجود كلا أبويه أو أحدهما، لكن يستحب للأبوين الوارثين أن يطعم (أي: يعطي) كل واحدٍ منهما شيئاً من نصيبه لأجداد الميت الموجودين عند موت حفيدهم أو سبطهم، سواءً كانوا أجداداً من جهة الأب أو من جهة الأم. ويُقتصر في المقدار على سدس مقدار التركة،لا سدس مقدار حصة كلٍ منهما، وهو يعني اختصاصه بصورة ما لو كان نصيب كل منهما زائداً على السدس. هذا، ولا فرق في ثبوت الاستحباب بين صورة انفراد الأبوين بميراث الميت وصورة مشاركة ولد الميت لهم فيه.
مسألة 1044: إذا تعدد الأجداد تقاسموا الطعمة بينهم بالسوية، ذكوراً وإناثاً، ولأب كانوا أو لأم، وإذا فقد بعضهم انفرد الباقي بها، ولو كان واحداً.
المطلب الثاني: في ميراث الطبقة الثانية
وهم الإخوة والأجداد.
وهي الطبقة الثانية التي لا يرث أفرادها إلا بعد فقد جميع أفراد الطبقة الأولى الذين تقدم ذكرهم. وتشتمل هذه الطبقة على الإخوة والأجداد، أما الإخوة فيتساوى فيها في الاستحقاق الإخوة من الأبوين والإخوة من الأب وحده والإخوة من الأم وحدها، ذكوراً وإناثاً، إضافة إلى أولادهم عند فَقْد جميع الإخوة؛ كما أنه يتساوى فيها في الاستحقاق الأجداد والجدات وإن علوا، لأب كانوا أو لأم. هذا، ولا يحجب أحد النوعين النوع الآخر، بل يرث الإخوةُ والأجدادُ وإن علوا جميعاً إذا اجتمعوا، وكذا أولاد الإخوة والأجداد؛ نعم قد تحجب بعضُ درجات كلِّ نوعٍ درجةً منه، فإذا اجتمع الإخوة حجب الإخوةُ من الأبوين الإخوةَ من الأب وحده، دون الإخوةِ من الأم، ودون أن يحجب الإخوةُ من الأب الإخوة من الأم، وكذا يحجب الإخوةُ أولادَهم مع المزاحمة؛ وإذا اجتمع الجد الأعلى مع الجد الأدنى ورث الأدنى دون الأعلى، وذلك مع المزاحمة كما سيأتي تفصيله، فلا يرث الأعلى إلا بعد فقد الأدنى، مع الأخ وبدونه. إضافة إلى ذلك كله فإن الزوج والزوجة يشاركان هذه الطبقة في الميراث في جميع الأحوال، وجميع ذلك هو ما سوف نفصله فيما يلي في فروعٍ أربعة:
الفرع الأول: في ميراث الإخوة وحدهم
مسألة 1045: يتساوى إخوة الميت في استحقاقهم لميراثه بعد فَقْد الوارث من الطبقة الأولى، رغم اختلاف نصيب كل واحد منهم باختلاف عدده وجنسه في الذكـورة والأنوثـة ودرجـة القرابـة، وذلك مـن دون فـرق ـ فـي أصل استحقاقهم ـ بين ما لو كانوا جميعهم من درجة واحدة، أي: كانوا ممن يتقرب إلى الميت بالأبوين أو بالأب وحده أو بالأم وحدها، وبين ما لو اختلفوا في درجة قرابتهم منه، لا يستثنى من ذلك إلا صورة هي: أنه لا يرث الإخوة لأب مع الإخوة لأبوين، بل يختص بميراثه إخوته لأبويه وإخوته لأمه وحدها إن كانوا. وبناءً على ذلك فإن مسائل هذا الفرع وما سيليه من فروع هذا المطلب ستخلو من فرضية اجتماع الإخوة لأبوين مع الإخوة لأب، لعدم وجود نصيب لإخوة الأب في جدول المواريث عند اجتماعهم مع الإخوة لأبوين.
مسألة 1046: إذا انفرد الأخ أو الأخت أو تعددا، وكانوا جميعاً من الأبوين أو من الأب وحده، فميراثهم ـ مع الزوج أو الزوجة وبدونهما ـ كما يلي:
1 ـ للأخ المنفرد تمام المال بالقرابة. فإن كان معه زوج المتوفَّاة فله النصف فرضاً، وإن كان معه زوجة المتوفَّى فلها الربع فرضاً، وما بقي عنهما يكون للأخ بالقرابة.
2 ـ للأخوين فما زاد تمام المال بالقرابة أيضاً، يتقاسمونه بالسوية، فإن كان معهم زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى، وما بقي فللأخوين بالقرابة وبالسوية.
3 ـ للأخت المنفردة نصف المال بالفرض ونصفه بالقرابة، يُرَدُّ عليها دون أن يشاركها أحد من عَصَبة الميت من الطبقة الثالثة.
فإن كان معها زوج المتوفَّاة كان له النصف بالفرض فيبقى للأخت نصفها المفروض لها، وإن كان لأخيها المتوفَّى زوجة، فلزوجته الربع، وللأخت الباقي: النصف بالفرض والباقي بالقرابة.
4 ـ للأختيـن ـ فمـا زاد ـ تمام التركة، ثلثان بالفرض والباقي بالقرابة يتقاسمنها بالسوية. فإن كان معهن زوجة أخذت الربع، وكان الباقي لهن فرضاً ورداً بالسوية، وإن كان معهن زوج كان له النصف، وكان لهن الباقي ناقصاً عن الثلثين.
5 ـ للأخ والأخت معاً، وكذا للإخوة والأخوات جميعاً، تمام التركة بالقرابة، يتقاسمونها بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإذا كان معهم زوج أو زوجة أعطي نصيبه الأعلى، وتوزع الإخوة والأخوات ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1047: إذا انفرد الأخ أو الأخت أو تعددا، وكانوا من الأم وحدها، فميراثهم ـ مع الزوج أو الزوجة وبدونهما ـ كما يلي:
1 ـ للأخ المنفرد ـ وكذا للأخت المنفردة ـ تمام المال، يرث سدسه بالفرض والباقي يرثه رداً بالقرابة.
2 ـ للإثنين فما زاد من الإخوة، ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين، المالُ كلُّه أيضاً، يرثون ثلثه بالفرض والباقي رداً بالقرابة، ويتقاسمونه بينهم بالسوية حتى في صورة اجتماع الإخوة والأخوات.
هذا، ولو كان مع الوارث في كلا الموردين المتقدمين زوج أو زوجة فإنه لن تضيق التركة بسهام الجميع، بل ويفضل منها فيعطى أحد الزوجين نصيبه الأعلى المفروض له، ويعطى الباقي لإخوته فرضاً ورداً بالقرابة؛ وهو أمر واضح عند أدنى تأمل.
مسألة 1048: إذا اجتمع الإخوة من الأبوين مع الإخوة من الأم، فميراثهم كما يلي:
1 ـ للأخ الواحد أو الأخت الواحدة من الأم السدس، والباقي لمن هو من الأبوين، فإن كان متعدداً تقاسموه بالنحو الذي ذكرناه في ميراثهم، أي: بالسوية مع الاتحاد في الذكورة أو الأنوثة، وللذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة.
2 ـ للإثنين فما زاد من الأم ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين الثلث يتقاسمونه بالسوية، والباقي لمن هو من الأبوين، فإن كان متعدداً توارثوه بالنحو الآنف الذكر في الفقرة (1).
وهنا لا بد من تسجيل ملاحظة، ومفادها ما يلي:
في كل مورد تزيد فيه التركة على الفروض لا يُرَدُّ إلا على المتقرب بالأبوين أو بالأب عند اجتماع أحدهما مع المتقرب بالأم، دون أن يُرَدَّ على المتقرب بالأم شيء؛ فيما يُرَدُّ عليه ما يزيد عن فرضه عند انفراده بميراث الميت كما ذكرناه في المسألة السابقة.
3 ـ إذا كان مع الإخوة من الأبوين والإخوة من الأم أحدُ الزوجين، لزم ـ بحسب القاعدة ـ تقديمُ فَرْضِ من لا يَرِدُ النقص على فرضه أبداً، وهو ـ هنا ـ الزوجان والمتقربُ بالأم، ثم يُرى: فإن وسعت التركة جميع ذوي الفروض فلا إشكال، وإن ضاقت عنها وقع النقص على نصيب المتقرب بالأبوين ـ أو بالأب ـ وحده، ومن موارده: ما لو اجتمع الزوج مع الإثنتين فصاعداً من أخوات الميت لأبويه، ومع واحد أو أكثر مـن إخوتـه المتقربيـن بالأم، فإن الفـروض ـ حينئذ ـ هي: نصف للزوج وسـدس للواحد من الأم وثلثان للأخوات من الأبوين، فيقدم نصيب الزوج ونصيب المتقرب بالأم، ثم ما يبقى يكون للمتقربين بالأبوين مهما قلَّ؛ إضافة إلى موارد أخرى تستخرج عند أدنى تأمل.
مسألة 1049: إذا اجتمع الإخوة للأب وحده مع الإخوة من الأم وحدها ورثوا جميعاً بنفس النحو الذي ذكرناه في ميراث الإخوة من الأبوين مع الإخوة من الأم في المسألة السابقة، بما في ذلك ورود النقص على المتقرب بالأب عند اجتماعهم مع الزوج.
الفرع الثاني: في ميراث أولاد الإخوة
مسألة 1050: لا شك في أن إخوة الميت أقربُ إليه من أولادهم، كما لا شك في أنهم مشمولون للقاعدة المأخوذة من قوله تعالى: ﮋﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁﮊ، وهي القاعدة التي بمقتضاها يجب أن لا يرث ابنُ الأخ إلا بعد فَقْد كلِّ واحـدٍ من إخـوة الميت الذكـور والإنـاث، وإلا كان ميراثـه ـ حينئـذ ـ للموجود من إخوته ولو كان لأمه، دون الموجود من أبناء إخوته ولو كان والدهم أخاً للمتوفـى مـن أبيـه وأمـه؛ وإذن، فـإن أولاد الإخوة ـ بحسب تلك القاعدة ـ يقومون مقام آبائهم وأمهاتهم من إخوة الميت وأخواته عند فقدهم في مشاركتهم للأجداد في ميراث عمهم بمقدار نصيب إخوة الميت على فرض وجودهم. غير أن جريانها في هذه الطبقة الثانية هو أقل في دقته وصرامته من جريانها في الطبقة الأولى، وذلك لأن النسق الذي وزعت به التركة على الورثة من هذه الطبقة لا يجعل الأبعد منهم مزاحماً ـ دائماً ـ للأقرب، سواءً في ميراث الإخوة وأولادهم، أو في ميراث الجد الأعلى مع الجد الأدنى، كما سيأتي في ميراث الجد، ولذا فإنَّ حَجْبَ الأخ لميراث إبن الأخ إنما يتحقّق في كل موردٍ زاحم فيه ابنُ الأخ ذلك الأخَ الآخرَ في نصيبه الذي كان سيأخذه كاملاً بدون ابن أخيه، وذلك كما في المورد الذي لا يكون للميت فيه إلا إبن أخ لأبوين وأخ لأبيه، فإن تركته جميعها ـ من حيث المبدأ ـ سوف تكون لأخيه هذا بالقرابة، فلو فرض أننا أشركنا معه إبن أخيه هذا الذي هو من الأبوين وأقمناه مقام أبيه المتوفى، فإنه سوف يحرم الأخ من الأب من تمام التركة ويحجبه عنها جميعها، لأن المفترض أنه من الأبوين وذاك من الأب؛ وكذا لو فرض اجتماع أخ لأم مع إبن أخ لأبوين أو لأب فإنه ـ أيضاً ـ سوف يزاحم الأَخَ الذي هو من الأم ويَحرِمه من خمسة أسداس التركة، لأن إبن الأخ من الأبويـن ـ أو من الأب ـ إذا جعلناه بمنزلة أبيه فإن حكمه عند اجتماعه مع الأخ من الأم، أنَّ للأخ من الأم السُدُس والباقي للأخ من الأبوين. فإذن: لا يمكن توريث إبن الأخ من الأبوين مثلاً مع الأخ من الأب أو الأم، لأنه يزاحم ذلك الأخ فيحرمه: إما من جميع التركة أو من قدر كبير منها؛ وبما أن الأقربين أولى بالمعروف، وبما أنَّ الأخ أقربُ من إبن أخيه فإنه أولى بميراث أخيه منه في كل مورد زاحمه ابنُ أخيه فيه.
وأما إذا أمكن اجتماع إبن الأخ مع الأخ من دون أن يزاحمه فيما هو له، فإنهما يرثان معاً ـ حينئذ ـ دون أن يحجب الأخ إبن أخيه، ومثاله ما يلي:
إذا اجتمع جد لأم وأخ لأبوين وكان معهما إبن أخ لأم، فإن توريث إبن الأخ للأم ـ في هذه الصورة ـ مع الأخ للأبوين لا يستلزم حرمان الأخ من شيء من حصته المفروضة له، وذلك لأنه كلما اجتمع جد لأم مع أخ لأبوين أو لأب فإن نصيب الأخ هو الثلثان ونصيب الجد هو الثلث، فإذا وَرَّثنا (إبن الأخ للأم) مع هذين فإن حكمه ـ الذي سيأتي ـ هو الاشتراك مع الجد بالثلث الذي له، فيبقى نصيب الأخ للأبوين ـ وهو الثلثان ـ على حاله لا يزاحمه فيه إبن الأخ للأم، فيرث إبن الأخ في هذه الصورة مع الأخ رغم أنه أبعد منه، لعدم مزاحمته له.
وخلاصة ما تقدم هي: إنما يُمنع إبن الأخ من الميراث مع وجود إخوة للميت، في كل مورد زاحَمَ فيه إبنُ الأخِ الأخَ الآخر وأخذ شيئاً من نصيبه، فلا يرث إبن الأخ ـ حينئذ ـ إلا بعد فقد الأخ، وأما مع عدم المزاحمة بذلك المعنى المتقدم فإنهما يرثان معاً ويكون لإبن الأخ نصيبُ أبيه الذي كان سيعطى له على فرض وجوده.
هذا، وإذا لم يكن للمتوفَّى إخوة ولا أولادُ إخوة صلبيون (أي: مباشرون) فالميراث لأولاد أولاد الإخوة، وهكذا مهما نزلوا، وذلك بنفس المقياس الذي ذكرناه آنفاً في أن الأقرب يمنع من يزاحمه ممن هو أبعد منه، وإلا ورث معه.
كذلك ـ ومن جهـة أخـرى ـ فإن أولاد المنتسب بالأبوين يمنعون أولاد المنتسب بالأب.
مسألة 1051: إذا فقدَ الميتُ الإخوةَ بالنحو الذي بيناه في المسألة السابقة قام أولادُهم مقامهم في الإرث، وفي مقاسمة الأجداد، وذلك على قاعدة: (أن كلَّ واحد من الأَولاد يرث نصيب من يتقرب به إلى الميت)، وذلك من خلال النموذج التالي:
1 ـ إذا ترك المتوفَّى أولادَ أخٍ أو أختٍ لأم، فلهم جميع التركة: سدس بالفرض والباقي بالقرابة، يتقاسمون المال بينهم بالسوية ولو اختلفوا في الذكورة والأنوثة.
وإذا ترك أولاد أخ لأب أو لأبوين فلهم جميع التركة بالقرابة يتوارثون المال بالسوية مع اتحادهم في الذكورة والأنوثة وبالتفاضل مع الاختلاف.
2 ـ إذا ترك أولاد أخ وأولاد أخت لأبوين أو لأب، كان المال بين فريقي الأولاد بالتفاضل: سهمان لأولاد الأخ وسهم لأولاد الأخت، يتقاسم كل فريق منهما المال بينهم على قاعدة التفاضل مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة والتساوي مع الاتحاد فيهما، فإن اتحد أولاد هذا الفريق في الذكورة والأنوثة كان نصيبه بينهم بالتساوي، وإن اختلفوا فيهما فللذكر مثل حظ الأنثيين.
3 ـ إذا ترك أولاد أخ لأم وأولاد أخ لأب، فلأولاد الأخ للأم السدس وإن كثروا، يتقاسمونه بينهم بالتساوي ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة، ولأولاد الأخ للأب الباقي وإن قلُّوا، يتقاسمونه بينهم بالتساوي مع الاتحاد في الذكورة والأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف فيهما.
وهكذا ينظر في جميع صور اجتماع الإخوة وحدهم أو مع الأجداد ويُجعلُ بدلَ الإخوة أولادُهم، فيعطى في كل صورة لأولاد الإخوة ما كان يُعطى للإخوة على فرض وجودهم؛ ويُجعلُ المقياسُ في تقسيم نصيب كل فريق من الأولاد فيما بينهم نَفْسَ مقياس تقسيمه بين أصولهم، فإذا كان فريقٌ من الأولاد ينتسب إلى أخ لأم فالمال بينهم بالتساوي ولو مع اختلافهم بالذكورة والأنوثة؛ وإذا كان فريق منهم ينتسب إلى أخ لأبوين أو لأب، فالمال بينهم بالتساوي مع الاتحاد في الذكورة أو الأنوثة وبالتفاضل مع الاختلاف فيهما.
الفرع الثالث: في ميراث الأجداد مع عدم الإخوة
مسألة 1052: إذا لم يكن للميت وارث من الطبقة الثانية سوى الأجداد، فميراثهم كما يلي:
1 ـ للجد وحده، وكذا للجدة وحدها، لأب كان كل منهما أو لأم، المالُ كلُّه بالقرابة.
2 ـ إذا اجتمع الجد والجدة معاً، فإن كانا لأبيه فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كانا لأمه فالمال بينهما بالسوية.
3 ـ إذا اجتمع الأجداد، وكان بعضهم لأب وبعضهم لأم، واحداً كان كل منهما أو أكثر، ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين، فللجد للأب الثلثان يتقاسمونهما ـ مع التعدد واختلاف الجنس ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، وللجد للأم الثلث يتقاسمونه ـ مع التعدد ـ بالسوية ولو مع الاختلاف في الجنس.
وذلك بدون فرق في هذه الموارد الثلاثة بين ما لـو كانـوا ـ جميعاً ـ أجداداً مباشرين أو كانوا جميعاً غير مباشرين، وهو ما يصطلح عليه بــ (الجد الأدنى) أي: المباشر، وبــ (الجد الأعلى) أي: غير المباشر.
مسألة 1053: لا يقتصرُ استحقاق الجـد ـ كما ألمحنـا لذلك أكثـر مـن مـرة ـ على ما لو كان جداً مباشراً للميت، بل يشمل كلَّ جدٍ له مهما علا؛ نعم إذا اجتمع الجد الأدنى مع الجد الأعلى لم يَحْجبْ الأولُ الثاني إلا إذا كان الثاني مزاحماً له وآخذاً لشيءٍ من نصيبه الذي يستحقه كاملاً لولا مزاحمة الجد الأعلى له، وهذه المزاحمة هي التي ذكرنا مرتكزها في الفرع الثاني الآنف الذكر الذي خصصناه لميراث أولاد الإخوة مع الإخوة؛ وحيث إن المزاحمة لا تحصل دائماً بين الجدين الأعلى والأدنى فإن ميراثهما معاً وعدمه مرهون بوجود المزاحمة وعدمها، وهذا نموذج عنها وجوداً وعدماً:
أما مثال المزاحمة فهو: أن يكون للميت جدة واحدة مع والدها؛ وحيث إن للجدة المنفردة تمام التركة بالقرابة.. لأب كانت أو لأم، فإن توريث والدها معها (وهو الجد الأعلى للميت) موجب لأخذ الثلثين منها إن كان كلا الجدة وأبيها جدين لأب، مثلاً. وحيث يزاحمها لا يرث معها شيئاً، وهكذا أمثاله.
وأما مثال عدم المزاحمة فهو: أن يترك الميت إخوة لأم وجَدّاً بعيداً لأم وجَدّاً قريباً لأب، وحيث إن ميراث الأخ للأم والجد للأم هو الثلث يتقاسمانه بالسوية، ونصيب الجد للأب عند اجتماعه مع أخ أو جد لأم أو معهما جميعاً، هو الثلثان، فإن توريث الجد الأعلى لأم من الثلث مع الأخ لأم لا يأخذ من ثلثي الجد الأدنى الذي هو جدٌ لأبٍ شيئاً، وحيث لا يزاحمه الجد الأعلى فإنه يرث معه دون أن يحجب هذا ذاك. وهكذا أمثاله.
مسألة 1054: إذا اجتمع أحد الزوجين مع الأجداد، أعطي الموجود من الزوجين نصيبه الأعلى على كل حال وفي جميع الموارد، ثم يُرى الموجود من الأجداد: فإن كان ذا فرض، ووسعت التركة جميع الفروض فلا إشكال، وإن لم تسع كان النقص في نصيب المتقرب بالأب، وقُدِّم نصيبُ المتقرب بالأم دون أن ينقص منه شيء؛ وإن لم يكن الموجود من الأجداد ذا فرض كان له الباقي بعد نصيب أحد الزوجين. وهكذا تجري هذه القاعدة هنا بنحو ما جرت عليه في كل طبقة.
الفرع الرابع: في ميراث الإخوة والأجداد
إن المبدأ العام الذي يحكم ويحدد ميراث الأجداد عند اجتماعهم مع الإخوة هو اعتبار كل واحد من الأجداد رِدْفاً وعِدْلاً لكل من يشاكله من الإخوة، فالجد ـ وإن علا ـ كالأخ، يقاسمه نصيبه الذي يكون له بالفرض أو بالقرابة، بحيث يَنْزعُ أحدهما صفة الواحد عن الآخر فيكونان كما لو وُجِدَا أخوين من الأصل؛ كذلك فإن الجدة كالأخت، فتقاسم الجدةُ ـ وإن علتْ ـ أُختَ الميت نصيبَها الذي يكـونُ لها بالفـرض أو بالقرابـة، بحيث ـ أيضاً ـ تَنْزع إحداهما عن الأخرى صفة الواحدة، فتكونان كما لو وُجِدَتا أختين من الأصل.
إن هذا المبدأ سوف يتجلى في مسائل كثيرةٍ هي نتاج تشابك وتكاثر صور تلاقي الأجداد مع الإخوة الذين ينطوي كل منهم على درجاتٍ متعددةٍ في مدى قربه من المورِّث وبُعده عنه؛ وذلك أنّ الجميع قد تتحد جهة قرابتهم بالمُتوفَّى من حيث كونها من جهة الأب أو من جهة الأم، وقد تختلف فيكون بعضهم من جهة الأم وبعضهم من جهة الأب، مع ما ينكشف عنه ذلك من صور متعددة، كما وأنه سوف ينظر إليهم ـ أيضاً ـ من جهة الوحدة والتعدد، وأيضاً من جهة الذكورة والأنوثة؛ وفي جميع ذلك صور عديدة محتملة، الأمر الذي لا بدَّ معه من جمْع ما يمكن جمعه منها في طي هذه المسائل:
مسألة 1055: إذا اجتمع الجد والأخ، وكانا كلاهما من قبل الأب، واحداً كان كل منهما ـ أو أحدهما ـ أو متعدداً، فإن اتحدوا في الذكورة أو الأنوثة كان المال بينهم بالسوية، وإن كانوا ذكراناً وإناثاً فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1056: إذا اجتمع الجد والأخ، وكانا كلاهما من جهة الأم، واحداً كان كل منهمـا ـ أو أحدهمـا ـ أو متعدداً، وذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين، فالمال بينهم بالسوية.
مسألة 1057: إذا اجتمع الأجداد والإخوة، وكان في فريق الأجداد من هو لأب ومن هو لأم، وفي فريق الإخوة من هو لأب ومن هو لأم، واحداً كان كل نوع من كل فريق أو متعدداً، فإن المال يتوارثونه كما يلي:
أ ـ ثلث لمن يتقرب إلى الميت بالأم من الأجداد والإخوة يتقاسمونه بالسوية ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين.
ب ـ ثلثان لمن يتقرب إليه منهم بالأب يتقاسمونهمـا بالسوية ـ أيضاً ـ إن اتحدوا في الذكورة أو الأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف فيهما.
مسألة 1058: إذا اجتمع الجد للأب مع الأخ للأم:
فإن كان الأخ واحداً، ذكراً كان أو أنثى، فله السدس، وإن كان متعدداً فله الثلث، يتقاسمونه بالسوية ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين.
وللجد الباقي واحداً كان أو متعدداً، فإن كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً تقاسموه بالسوية، وإن كانوا مختلفين فيهما فللذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1059: إذا اجتمع الجد للأم مع الأخ للأب:
فللجد الثلث، واحداً كان أو متعدداً، ذكراً كان أو أنثى، ومع التعدد يتقاسمونه بالسوية، سواء اتحدوا ذكورة أو أنوثة أو اختلفوا.
وللأخ من الأب الثلثان، واحداً كان أو متعدداً، وذكراً كان أو أنثى، فإذا تعددوا واتحدوا ذكورة أو أنوثة فهو بينهم بالسوية، وإن اختلفوا فهو بينهم بالتفاضل، للذكر مثل حظ الأنثيين.
غير أنه ينبغي الالتفات إلى صورة ما لو كان الموجود مع الجد للأم أخت واحدة لأب، فإن فرض الأخت هنا هو النصف، ولما كان فرض الجد هو الثلث، فإن التركة ستزيد عن الفروض سدساً، وحكم هذا السدس أن يرد على الأخت للأب، وإن كان الأحوط استحباباً أن يرد عليها وعلى الجد بالتراضي.
مسألة 1060: إذا اجتمع الأجداد مع الإخوة، وكان في الأجداد من هو لأب ومن هو لأم، وكان الأخ أو الأكثر لأب:
فللجد للأم الثلث، واحداً كان أو متعدداً، وذكراً كان أو أنثى، ومع التعدد يتقاسمونه بالسوية ولو مع اختلافهم في الذكورة والأنوثة.
وللجد للأب مع الإخوة للأب الثلثان، يتقاسمونهما بالسوية مع اتحادهم بالذكورة أو الأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف.
مسألة 1061: إذا اجتمع الأجداد والإخوة، وكان في الأجداد من هو لأب ومن هو لأم، وكان الأخ أو الأكثر لأم:
فللجد للأم مع الأخ للأم ثلث المال بالسوية ولو مع اختلافهم ذكورة وأنوثة.
وللجـد للأب ـ واحداً كـان أو أكثـر ـ الثلثان، ومع التعدد والاتحاد في الذكورة أو الأنوثة فهو بينهم بالتساوي، ومع الاختلاف فبالتفاضل.
مسألة 1062: إذا اجتمع الأجداد والإخوة، وكان في الإخوة من هو لأب ومن هو لأم، وكان الأجداد للأب: فللأخ للأم السدس إن كان واحداً، والثلث إن كان متعدداً، فيتقاسمونه بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة.
وللجد للأب مع الأخ للأب الباقي، يتقاسمونه بالسوية مع الاتحاد في الذكورة والأنوثة وبالتفاضل مع الاختلاف.
مسألة 1063: إذا اجتمع الأجداد والإخوة، وكان في الإخوة من هو لأب ومن هو لأم، وكان الجد أو أكثر للأم:
فللأجداد للأم مع الإخوة للأم ثلث المال بالسوية مطلقاً.
وللأخ للأب الباقي، يتقاسمونه بالتساوي مع التعدد والاتحاد بالذكورة والأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف.
مسألة 1064: إذا اجتمع أحد الزوجين مع الأجداد والإخوة، ففي كل مورد من الموارد المذكورة في المسائل السابقة من هذا الفرع الثالث يُقدَّم الزوج أو الزوجة ويعطى نصيبه الأعلى، ثم ما يبقى يتقاسمه الأجداد والإخوة بالنحو الذي فصلناه، وفي كل مورد نقصت فيه التركة عن الفروض كان النقص من نصيب المتقرب بالأب دون المتقرب بالأم ودون الزوجين.
المطلب الثالث: في ميراث الطبقة الثالثة
وهم الأعمام والأخوال وأولادهم.
وهؤلاء هم أفراد الطبقة الثالثة، وتشتمل على الأعمام والعمات والأخـوال والخــالات، مهمـا علـوا، ولأب كانـوا أو لأم، كمـا تشتمـل ـ بعد فقدهم ـ على أولادهم المنتسبين إليهم بالأبوين أو بأحدهما، مهما نزلوا، ولكن بشرط أن لا تصل الوسائط في بُعدها إلى حدٍ لا تصدق معه القرابة عرفاً؛ وتفصيل أحكامهم يقع في تمهيد وخمسة فروع:
تمهيد:
مسألة 1065: يعتبر أفراد هذه الطبقة صنفاً واحداً، أي: إن الأعمام والعمات والأخوال والخالات هم فريق واحد، فلا يرث أحدٌ من أبنائهم مع وجود واحد منهم، فإذا اجتمع إبن عمٍ لأبوين مع خالة لأم لم يرث معها إبن العم، بل تنفرد الخالة بالميراث كله. نعم قد ورد النص على استثناء حالة واحدة هي: ما إذا اجتمع إبن عم لأبوين مع عم لأب فإن الميراث في هذه الحالة لإبن العم دون العم، وسيأتي تفصيله. كما أنه يستثنى من ذلك: كلُّ موردٍ اجتمع فيه الأعمام، وكان بعضهم لأبوين وبعضهم لأب، فيقدَّم العم للأبوين على العم للأب، فلا يورَّث العم للأب إلا عند فقد العم للأبوين، وكذا يحجب الخال للأبوين الخال للأب أيضاً.
مسألة 1066: يبتني الاستحقاق بين أفراد هذه الطبقة الأصليين، أو من يقوم مقامهم من أولادهم عند فقدهم جميعاً، على مبدأ الأقربية؛ فالعم أو الخال المباشر يمنع عمَّ الأم وعم الأب وخالهما، كذلك فإن عم الأم أو الأب وخالهما هو أقرب من عم أم الأم أو أب الأب وخالهما، بل إن أولاد العم أو الخال المباشر ـ وإن نزلوا ـ أولى من العم أو الخال غير المباشر، فضلاً عن أولويتهم على أولادهم.
الفرع الأول: في ميراث الأعمام وحدهم والأخوال وحدهم
وتفصيله في عنوانين:
1 ـ في ميراث الأعمام وحدهم:
مسألة 1067: إذا انفرد الأعمام بتركة الميت دون أحد من أخواله، وكانوا متحدين في قرابتهم للميت، فهم جميعاً لأبوين أو لأب أو لأم، فميراثهم كما يلي:
1 ـ للعم المنفرد تمام المال، ذكراً كان أو أنثى، يرثه بالقرابة.
2 ـ للعميـن ـ أو العمتيـن ـ فما زاد المال كله، فإن اتحدوا في الذكورة والأنوثة فالمال بينهم بالسوية، وإن اختلفوا فالأقوى توزيعه بالتفاضل، للذكر مثـل حـظ الأنثييـن، وإن كان الأحـوط استحبابـاً ـ مع التعدد والاختلاف في الذكورة والأنوثة ـ أن يتصالحوا فيما بينهم على ما ينقص من حصة الإناث على فرض التوزيع بالتساوي، ولا سيما إذا كانوا جميعاً متقربين بالميت بالأم.
مسألة 1068: إذا انفرد الأعمام بتركة الميت، وكانوا في قرابتهم للميت مختلفين، فميراثهم كما يلي:
1 ـ كلما اجتمع عم لأبوين وعم لأب لم يرث إلا العم للأبوين، سواءً كانوا وحداناً أو متعددين، وذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين.
2 ـ إذا اجتمع الأعمام لأبوين أو لأب مع الأعمام لأم: فللمتقرب بالأم إذا كان واحداً سدس المال، وإذا كان متعدداً فثلث المال يتقاسمونه بينهم بالسوية مع الاتحاد في الذكورة والأنوثة، وبالتفاضل مع الاختلاف فيهما على الأقرب، وإن كان الأحوط استحباباً التصالح بينهم.
وللمتقرب بالأبوين أو بالأب باقي التركة يتقاسمونه مع الإتحاد في الذكورة والأنوثة بالتساوي، ومع الاختلاف بالتفاضل على الأقرب، مع استحباب الاحتياط بالتصالح.
2 ـ ميراث الأخوال وحدهم:
مسألة 1069: إذا انفرد الأخوال بالتركة، وكانوا جميعاً لأبوين أو لأب أو لأم، فميراثهم كما يلي:
1 ـ للخال وحده، وكذا للخالة وحدها، تمام المال بالقرابة.
2 ـ وللخالين فما زاد، أو للخالتيـن فما زاد، تمام المـال بالقرابـة ـ أيضاً ـ يتقاسمونه بالسوية ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين في الذكورة والأنوثة.
مسألة 1070: إذا اجتمع الأخوال والخالات، وكانوا مختلفين في جهة القرب من الميت، فكان بعضهم لأبوين وبعضهم لأب وبعضهم لأم، فميراثهم كما يلي:
أولاً: لا يرث المتقرب من الأخوال بالأب مع المتقرب إليه بالأبوين إلا عند فقده.
ثانياً: إذا كان بعضهم لأبوين أو لأب وبعضهم لأم:
فللمتقرب بالأم إذا كان واحداً سدس المال، وإذا كان متعدداً ثلث المال، يتقاسمونه بالسوية، ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين.
وللمتقرب بالأبوين أو بالأب باقي المال، واحداً كان أو متعدداً، ومع التعدد يتوارثون المال بالسوية، سواءً اتحدوا في الذكورة والأنوثة أو اختلفوا.
وإن كان الأحوط استحباباً في صورة الاختلاف في الذكورة والأنوثة أن يتراضى الإناث مع الذكور في أخذهن ما يزيد عن نصيب الإناث لو اقْتُسِمَ المالُ بالتفاضل، لأبوين أو لأب كانوا أو لأم.
الفرع الثاني: في ميراث الأعمام والأخوال معاً
مسألة 1071: إذا اجتمع الأعمام والأخوال فميراثهم كما يلي:
1 ـ للخال الثلث، واحداً كان أو متعدداً، وذكراً كان أو أنثى، ومع التعدد يتقاسمون الثلث بالسوية، سواءً اتحدوا في تقربهم بالأبوين أو الأب أو الأم، أو كانوا مختلفين، فكان بعضهم لأب أو أبوين وبعضهم لأم، وذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين.
2 ـ للأعمام الثلثان، واحداً كان العم أو متعدداً، وذكراً كان أو أنثى، ومع التعدد والاختلاف في الذكورة والأنوثة يتقاسمون المال بالتفاضل، للذكر مثل حظ الأنثيين، سواء كانوا متحدين في جهة القرب أو مختلفين.
الفرع الثالث: في ميراث أولاد الأعمام والأخوال
مسألة 1072: أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات يقومون مقام آبائهم وأمهاتهم إذا فقد آباؤهم وأمهاتهم، أي: إذا فُقِدَ جميعُ من في الدرجة الأولى، ويأتون بالدرجة الثانية بعد آبائهم وأمهاتهم، ويقدَّمون على عمومة الأب والأم وخؤولتهما؛ فلا يرث ولدُ واحدٍ من هؤلاء الأربعة مع وجود واحد من الأربعة، أي: لا يرث إبن العم مثلاً ولو كان لأبوين مع وجود الخالة ولو كانت لأم، وهكذا؛ نعم، يستثنى من ذلك ما لو وجد ابنُ عمٍ لأبوين مع عم لأب دون أن يكون معه أحد من أفراد درجته غيره، فإن إبن العم يمنع العم ويكون المال كله لابن العم، وذلك في هذا المورد بخاصة، فلو اختلف الأمر فكان معه عم لأم لم يمنعه، وكذا لو كان معه عمة لأب، أو خال لأب أو لأم، بل يُقتصر في المنع على هذا المورد، للنص عليه. كذلك فإنه كما يحجب العمُّ المتقربُ بالأبوين العمَّ المتقربَ بالأب، فإن أولاد الأول يحجبون أولاد الثاني، وكذا الحكم في أولاد العمة، وأيضاً في أولاد الخال والخالة، إذ إن حجب المتقرب بالأبوين للمتقرب بالأب سارٍ في جميع أنواع القرابة، سواء اتحدوا في نوع القرابة أو اختلفوا، وسواءً اتحدوا في الذكورة والأنوثة أو اختلفوا، أي: إن الأخ، كما يحجب الأخ كذلك يحجب الأخت، وكما يحجب العمُّ العمَّ، كذلك يحجب الخالَ، وهكذا.
مسألة 1073: إذا خلت الدرجة الأولى من الوارث بالنحو الذي ذكرناه في المسألة السابقة، ورث كل واحد من أبناء العمومة والخؤولة نصيب من يتقرب به: فلو لم يكن للميت إلا أولاد خال أو أولاد خالة كانت التركة كلها لهم يتقاسمونها بالسوية، ذكوراً أو إناثاً، ومهما كانت درجة قرابة خؤولة أبيهم أو أمهم للمتوفَّى، من حيث كونها لأبوين أو لأب أو لأم.
كما أنه لو اجتمع أولاد الأعمام وأولاد الأخوال: فلأولاد الأخوال الثلث مهما كان عددهم، فيتقاسمونه بالسوية، سواءً كانوا أولاد خال أو خالة، وسواءً كان تَقَرُّبُ الأخوالِ بالأبوين أو بالأب أو بالأم، متحدين في ذلك أو مختلفين، وسواءً كان أولادهم ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين؛ كما أن لأولاد الأعمام الثلثين، فإن كان الأعمام ذكوراً كلهم أو إناثاً كلهم فالثلثان بين أولادهم بالتساوي سواءً اتحد الأولاد في الذكورة والأنوثة أو اختلفوا؛ وإن كان الأعمام بعضهم ذكوراً وبعضهم إناثاً، أي: كان الأولاد بعضهم لعم وبعضهم لعمة: فلأولاد الأعمام سهمان من الثلثين، ولأولاد العمات سهم واحد، وذلك لأن آباءهم كانوا يتوارثون هذين الثلثين بالتفاضل على الأقرب، فتأخذ كل مجموعة من الأولاد حصة من تنتسب به ـ ذكراً كان أو أنثى ـ بالتفاضل، لكنَّ أولاد كل طرف يتوزعونه بينهم بالتساوي.
مسألة 1074: كما لا يرث إبن العم أو غيره من أفراد الدرجة الثانية مع العم أو غيره من أفراد الدرجة الأولى، فكذلك لا يرث إبن إبن العم، أو غيره من أفراد المرتبة الثانية فما بعدها من مراتب أولاد العمومة أو الخؤولة مهما نزلوا، لا يرث مع وجود الابن المباشر للعم أو الخـال أو غيـره مـن أفراد المرتبة الأولى من أبناء الأعمام والأخوال؛ فلو كان للميت أولاد خالة لأم وأولادُ أولاد عم لأبوين انفرد أبناء الخالة بالتركة دون سائر أحفاد العم للأبوين، وهكذا سائر مراتب أولاد العمومة والخؤولة، فإن الأقرب دائماً يمنع الأبعد.
الفرع الرابع: في ميراث الأعمام والأخوال غير المباشرين
مسألة 1075: أعمام الأب أو الأم أو أخوالهما هم درجة ثالثة بعد الأعمام والأخوال المباشرين وبعد أولادهم مهما نزلوا في مراتب الأحفاد والأسباط مع صدق القرابة عرفاً، فلا يرث عم الأب ـ مثلاً ـ مع وجود العم، ولا مع وجود إبن العم عند فقد العم، مهما نزل، فلو اجتمع عمُّ الأب مع إبن إبن خالة الميت لأمه قُدِّم الأخيرُ دون عم الأب، وهكذا يقاس على ذلك سائر الصور المحتملة.
مسألة 1076: إذا انفرد بتركة الميت أعمامُه أو أخوالُه غير المباشرين كانت التركة لهم، لأبوين كانوا أو لأب أو لأم، وذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين، وأعمام أبٍ كانوا أو أعمام أُمٍّ، أو أخوالاً لأحدهما، وحداناً كانوا أو متعددين؛ ويتقاسمون التركة بنفس النحو الذي ذكرناه في ميراث الأعمام والأخوال المباشرين.
مسألة 1077: يقوم أولاد أعمام الأب والأم وأولاد أخوالهما مقام آبائهم وأمهاتهم من عمات الأب والأم وخالاتهما، فيرثون نصيب من يتقربون به منهما، مهما نزلوا في مراتب الأحفاد والأسباط لهؤلاء الأعمام والأخوال غير المباشرين، بشـرط خلـو الدرجة الثالثة ـ وهي درجة الأعمام والأخوال غير المباشرين ـ من جميع أفرادها، بحيث يصير أولادهم هم الدرجة الرابعة التي ترث عند فقد الميت لكل وارث من الدرجات الثلاث السابقة.
وحينئذ يجري عليهم ما جرى في ميراث أولاد الأعمام والأخوال المباشرين، من دون اختلاف بينهم وبينهم مطلقاً.
الفرع الخامس: في ميراث أحد الزوجين مع الأعمام والأخوال
مسألة 1078: في كل مورد يشارك فيه الزوجُ أو الزوجةُ الأعمامَ والأخوالَ بدرجاتهم الأربع ومراتبهم المتعددة يأخذ الزوج أو الزوجة نصيبَه الأعلى، وهو النصف أو الربع، ثم يتوارث الأعمام والأخوال ما يبقى عن أحدهما من التركة، وحيث إنه لا يوجد سهم مفروض لأحدٍ من الأعمام والأخوال فإن جميع ما ذكرناه في فروع هذا المطلب الثالث لكيفية توزيع التركة على الورثة يتم فيما هو الموجود من التركة، فإذا كان الفاضل عن الزوج هو نصف التركة فإن هذا النصف هو تمام الموجود، فيتوزعونه بالنحو المتقدم الذي يتوزع فيه النقص على الجميع، لا على المتقرب بالأب بخاصة، كما هو الشأن عند تعدد السهام المفروضة وزيادتها عن التركة بالنحو الذي تقدم في ميراث الطبقة الأولى والثانية.
ص
685
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية