المبحث الثالث: في من يحرم التزوج منه لغير القرابة

وفيه مطلبان:
المطلب الأول: في من يحرم بعقد أو جماع غير شرعيين
ونريد به من يحرم على الآخر إما: بسبب قيام علاقة جنسية فعلية بينه وبين طرف آخر متلبس بعنوان يمنع من قيام تلك العلاقة معه أساساً، كالزنى ببعض المحارم وذات البعل والمعتدة، وكاللواط. أو بسبب فعل ما يعتبر مقدمة للعلاقة الجنسية معه، كالعقد على ذات البعل أو المعتدة، والعقد حالة الإحرام للحج، وهو ما نفصّل أحكامه على النحو التالي:
أولاً: حكم العقد على ذات البعل أو الزنى بها
مسألة 604: (ذات البعل) مصطلح فقهي توصف به المرأة التي تقترن برجل بعقد زواج صحيح، سواءً كانا صغيرين ـ حين العقد ـ أو كبيرين، وسواءً كان زواجها دائماً أو منقطعاً، وسواءً المدخول بها وغير المدخول بها؛ وكلما كانت المرأة كذلك فإنه يحرم على كل رجل آخر أن يظهر لها رغبته في التزوج بها تصريحاً أو تلميحاً، أو يعقد عليها، أو يزني بها، بل يسري ـ من هذه الجهة ـ أثر كونها ذات بعل إلى فترة عدة طلاقها الرجعي رغم طلاقها منه، بل والبائن أحياناً، كما سوف يتبيّن معنا في الفرع التالي.
مسألة 605: كما تُحتَرم (بُعولة) الزوج المسلم وتترتب عليها الآثار المذكورة في المسألة السابقة، كذلك تحترم بعولة الزوج الكافر وتَعْتَصِمُ زوجتُه به وتلحقها نفس الآثار المذكورة لذات البعل إذا كان زواجهما موافقاً لشريعة ما يعتقدانه من عقائد الكفر، ولو كانت هي الإلحاد أو الوثنية، وكان بحيث يعتبر زواجاً مقبولاً في عرف مجتمعهم وشريعته، لا سفاحاً مرذولاً. وكذا حكم التزوج بالمطلَّقة أثناء عدتها إذا كان لها في شريعتهم عِدَّة، وإلا لم يجب على المسلم مراعاة ذلك.
مسألة 606: لا تترتب آثار الزواج بين الكافريْن الذين تزوجا بطريقة (الزواج المدني) المعمول به في العديد من البلدان غير الإسلامية إذا لم يكن مقبولاً في الشريعة التي يعتقدانها، وثنية كانت أو سماوية، فلو تزوج بوذيان أو مسيحيان زواجاً مدنياً لم يعتبرا زوجين ـ عندنا ـ إلا إذا كان زواجهما صحيحاً في الديانة البوذية أو المسيحية، نعم إذا خرجا من دينهما وصارا لا ينتميان إلى دين، وكان ذلك الزواج المدني جزءاً من شريعة عِلْمَانِيَّة وَضْعِيَّة مستحدثة يرجعان إليها في زواجهما وطلاقهما وسائر معاملاتهما، حُكمَ بصحة ذلك الزواج واعتصما به. أما إذا تزوج المسلم زواجاً مدنيـاً فإنـه لا بـد ـ أيضـاً ـ من عرض عناصر ذلك الزواج على الشروط المعتبرة في شرعنا، فإن كان موافقاً لها صح وإلا بطل.
مسألة 607: يحرم العقد على ذات البعل ما دامت في عصمة زوجها مع علم العاقد بحالها، فإذا عقد عليها أثم وبطل العقد وحرم عليه التزوج منها مؤبداً إذا فارقها زوجها، حتى لو لم يكن ذلك العاقد قد دخل بها؛ وأما إذا عقد عليها جاهلاً بحرمة العقد على ذات البعل، وهو ما يصطلح عليه بـ (الجهل بالحكم)، أو جاهلاً بكونها ذات بعل، وهو ما يصطلح عليه بـ (الجهل بالموضوع)، لم يأثم، وبطل عقده عليها على كل حال، ولم تحرم عليه مؤبداً ولو مع الدخول بها. هذا، ولا أثر في ثبوت الحرمة الأبدية وعدمها لكون ذات البعل عالمة بحرمة العقد عليها أو جاهلة، بل المعول في ذلك على علم العاقد وجهله، ويظهر ذلك في صورة ما لو كان العاقد جاهلاً وهي عالمة، فإنه لا يحرم عليها مؤبداً رغم أنها تكون آثمة وزانية. ثم إنه لا فرق في ثبوت هذا الحكم بين كون ذات البعل صغيرة أو كبيرة، مسلمة أو كتابية، مدخولاً بها من قِبَل زوجها أو غير مدخول بها، متعة كان زواجها من الأول أو دواماً، ومتعة كان عقد الثاني عليها أو دواماً.
مسألة 608: يكفي في جواز العقد على المرأة عدم العلم بكونها ذات بعل، ولو شك لم يجب عليه الفحص عن حالها، وإذا علم بأنها كانت متزوجة، فأخبرته بأنها صارت خلية، صدّقها ما لم تكن متهمة بعدم الاستقامة، وإلا فالأحوط وجوباً ترك التزوج منها حتى يتبين له صدقها.
وإذا ادّعت المرأة أنها خلية فتزوجها، ثم ادّعت أنها كانت ذات بعل حين زواجها منه، لم تسمع دعواها الثانية، نعم لو أقامت البيّنة على ذلك فُرِّق بينهما، ويكفي في ذلك أن تشهد البيّنة بأنها كانت ذات بعل حين زواجها من الرجل الثاني ولو من غير تعيين زوج معين.
مسألة 609: إذا زنى الرجل بذات البعل، فالأقوى عدم ثبوت الحرمة الأبدية بينها وبين الزاني مطلقاً، خلافاً لما ذهب إليه المشهور، فيجوز للزاني التزوج منها بعد طلاقها وانقضاء عدتها من زوجها، وإن كان الأحوط استحباباً للزاني ترك التزوج منها، وبخاصة إذا كانت مطاوعة له. هذا ولا تحرم الزوجة بزناها على زوجها حتى لو كانت مطاوعة للزاني، كما لا يسقط مهرها بالزنى ولو طلقها زوجها من أجل ذلك، ولا سيما وأنه لا يجب عليه طلاقها مع توبتها، بل ومع عدم توبتها، وإن كان طلاقها هو الأولى حينئذ.
ثانياً: حكم العقد على المعتدة أو الزنى بها
مسألة 610: لا يختلف حكم العقد على المعتدة في زمان عدتها عن حكم العقد على ذات البعل في زمان زوجيتها، سوى في أمر واحد هو أنه قد سبق منا القول: (إنَّ علم ذات البعل بالحكم وجهلها به لا أثر له من جهتها في ثبوت الحرمة الأبدية وعدمها، بل المعول في ذلك فيها على علم العاقد وعدمه)، وهو بخلاف العقد على ذات العدة، فإن لعلمِ كلٍّ منهما وجهلِه دخالةً في الحرمة الأبدية وعدمها من جانب كل منهما بانفراده، بحيث لو فرض علم المرأة المعتدة بحرمة العقد عليها وجهل الرجل بذلك، تثبت الحرمة المؤبدة من جانبها، فضلاً عن الإثم.
مسألة 611: لا فرق في ثبوت الحرمة الأبدية عند العقد على المعتدة، مع علمهما بالحكم أو الموضوع أو علم أحدهما بهما، وكذا في عدم ثبوت الحرمة الأبدية بالعقد عليها مع الدخول إذا كانا جاهلين بالحكم أو الموضوع، لا فرق في ذلك بين ذات العدة الرجعية وذات العدة البائنة ومن هي في عدة الوفاة.
مسألة 612: يكفي في جواز العقد على المرأة عدم العلم بكونها في عدة رجل آخر، وإذا شك لم يجب عليه الفحص عن حالها، وتصدق المرأة إذا أخبرت بإنقضاء عدتها إلا أن تكون متهمة في صدقها، وكان قد سبق منه العلم بكونها في العدة، فالأحوط وجوباً له ـ حينئذٍ ـ ترك التزوج منها حتى يتيقن بإنقضاء عدتها.
مسألة 613: إن ما ذكرناه من حرمة العقد على ذات العدة هو مختص بغير زوجها الذي تعتد منه، أما زوجها الذي ما تزال في عدته فإنه يجوز له أن يعقد عليها أثناء عدتها من الطلاق البائن دون حاجة لانقضاء عدتها، ومن ذلك ما لو كانت متمتعاً بها فانقضى الأجل أو وهبها المدة، فإن له أن يعقد عليها أثناء عدتها منه؛ أما إذا كانت في عدةٍ رجعية، فحيث إنها بحكم الزوجة فإنه لا يحتاج في إرجاعها إليه إلى عقد جديد، بل يكفي معاملتها معاملة الزوجة في استمتاعه بها، أو التلفظ بما يفيد إرجاعها، كي ينتفي طلاقها ويزول، فإن عقد عليها ـ والحال هذه ـ كان العقد لاغياً لا أثر له سوى أنه كافٍ في إظهار رغبته بالرجوع إليها.
مسألة 614: لا يختلف حكم الزنى بذات العدة عن حكم الزنى بذات البعل في شيء مما تقدم، لكن استحباب الاحتياط بترك الزاني التزوج منها مختص هنا بذات العدة الرجعية، فإن كانت في العدة البائنة أو في عدة الوفاة لم تحرم بالزنى بها مطلقاً ولم يكن عليه بأس أن يتزوج بها بعد انقضاء عدتها.
مسألة 615: لا يجوز العقد على المرأة المفقود زوجها في الفترة الفاصلة بين حدوث الوفاة فعلاً وبين وصول خبر الوفاة إليها لتشرع بالعدة منذئذٍ، فإن عقد عليها ـ جاهلاً أو عالماً ـ فتبينت وفاته حين العقد، بطل العقد، ولم تحرم عليه مؤبداً إذا كان قد دخل بها، ولو مع علمه بالحكم والموضوع، وإن كان الأحوط استحباباً ترك التزوج منها في هذه الحالة.
هذا إذا عقد عليها، أما إذا زنى بها في هذه الفترة فكذلك لا تحرم عليه مؤبداً لما ذكرناه، في المسألة السابقة من اختصاص الإشكال بالزنى بذات العدة الرجعية واستحباب الاحتياط بترك التزوج منها، أما في مقامنا هذا فلا ضرورة للاحتياط حتى مع علمه ـ حيـن الزنى ـ بوفاة المفقود وكون زوجته في عدة وفاته، فضلاً عما لو كان في حالة شك وانكشف وقوع الزنى أثناء عدة الوفاة.
فائدة: في حكم التصريح بالخطبة لذات البعل وللمعتدة
مسألة 616: لا يجوز للرجل دعوة الـمـرأة المتزوجـة بغيره ـ أو المعتدة من طلاقه الرجعي ـ إلى التزوج به تصريحاً أو تلميحاً إذا كانت على حالٍ لا تُؤمنُ معه من التمرد والنشوز على زوجها، بل ينبغي ترك ذلك حتى مع الأمن عليها من ذلك، فإن دعا ذات البعل للتزوج منه فطلبت الطلاق فطلقها زوجها، أو دعا ذات العدة الرجعية فعزفت عن الرجوع إلى زوجها حتى انقضت عدتها، لم يحرم على الداعي أن يتزوج منهما رغم كونه هو السبب في تنكرهما لزوجيهما أحياناً.
هذا، ويجـوز للرجـل التعريض ـ بل التصريـح ـ لمن هي في عدة الوفاة برغبته بالتزوج منها بالألفاظ المحتشمة المهذبة، وكذا لذات العدة من الطلاق البائن، سواءً كان الداعي زوجَها السابقَ أو غيره من الراغبين فيها.
ثالثاً: حكم الزنى ببعض المحارم أو بغيرهم
مسألة 617: إذا زنى بعمته أو بخالته ـ قبلاً أو دبراً ـ قبل العقد على بنتها حرمت عليه بنتها على الأحوط وجوباً، وإذا زنى بإحداهما بعد العقد على بنتها لم تحرم بنتها على زوجها الزاني، سواء كان قد دخل بالبنت أو لم يدخل بها؛ وكذا لا تحرم البنت على من وطأ عمته أو خالته شبهة قبل العقد على بنتها، أو فعل ما يحرم عليه فعله مما هو دون الزنى، كأن قبَّلها أو لمسها أو نظر إليها بشهوة.
مسألة 618: إذا شك مَنْ زنى بعمته أو خالته في كون زناه سابقاً على العقد على بنتها لتكون حراماً عليه أو أنه كان لاحقاً له، بنى على كونه بعد العقد، ولم يرتب عليه أثراً.
مسألة 619: إذا زنى بامرأةٍ ـ خليةً كانت حين زنـى بها أو ذات بعل ـ لـم يحرم عليه التزوج من بنتها فيما بعد، وإن كان الأحوط استحباباً ترك ذلك.
كذلك فإن تلك المرأة المزنيَّ بها لا تحرم على أبيه وإن علا، ولا على ولده وإن نزل، وإن كان الأحوط استحباباً لهما ترك التزوج منها.
أما تزوّج الزاني نفسه بها إذا كانت خلية من عصمة زوج آخر حين زنى بها فلا بأس به إن كانت قد تابت من زناها ذلك ولم تكن مشهورة بالزنى، وإلا فالأحوط وجوباً ترك التزوج بها حتى تتوب من زناها معه أو من حرفة البغاء إن كانت مشهورة؛ فيما لا بأس لغير الزاني من التزوج بغير المشهورة قبل توبتها، بل وبالمشهورة بالزنى إذا تابت، وإلا احتاط وجوباً بترك التزوج منها أيضاً. إضافة إلى ذلك فإن الأحوط وجوباً لمن يريد التزوج بالزانية أن لا يعقد عليها حتى يأتيها الحيض إن لم تكن حاملاً، وهو ما يصطلح عليه بـ(الاستبراء)، سواءً كان هو الزاني أو غيره، فإن كانت حاملاً جاز التزوج منها قبل أن تضع حملها ولو لغير الزاني.
رابعاً: في أثر فاحشة اللواط
مسألة 620: إذا لاط البالغ بالصبي غير البالغ، وتحقّق منه الدخول فيه ولو ببعض العضو، حـرم مؤبـداً ـ من بـاب الاحتيـاط الوجوبـي ـ على اللائط أن يتزوج بأم الصبي وإن علت، وببنته وإن نزلت، وبأخته، دون غيرهن من محارمه كبنتي أخيه وأخته، فيما لا تحرم أم اللائط ولا بنته ولا أخته على الصبي الملوط به.
هذا إذا كان اللواط سابقاً على العقد عليهن، وكان اللائط بالغاً والملوط به صبياً غير بالغ، أما إذا كان اللواط لاحقاً على العقد عليهن، أو كان الملوط به بالغاً أيضاً، أو كانا بالعكس، أي: كان اللائط صبياً والملوط به بالغاً، فلا يحرم بسببه على اللائط واحدة من المذكورات.
مسألة 621: لا تثبت الحرمة الأبدية إلا مع الجزم بتحقّق الدخول، فلو شك أو ظن به لم يكن له أثر، وجاز له التزوج من المذكورات.
المطلب الثاني: في من يحرم بغير العقد أو الجماع غير الشرعيين
ونريد به من يكون سبب حرمة التزوج منه أمراً آخر غير العقد عليه أو جماعه بغير وجه شرعي، كالتزوج ممن هو في حال الإحرام، أو من الزوجة الخامسة أو من المطلقة تسعاً، وتفصيله كما يلي:
أولاً: أثر الإحرام للحج أو العمرة
مسألة 622: يحـرم على الرجل ـ بل وكـذا علـى المـرأة ـ أن يعقد نكاحه الدائم أو المنقطع حال إحرامه للحج أو العمرة ولو لم تكن المرأة محرمة، سواءً كان المباشر للعقد هو نفس المحرم أو وكيله، محرماً كان الوكيل أو محلاً، قبل الإحرام وَكَّلهُ أو بعده، واجباً كان الحج أو العمرة أو مندوباً، عن نفسه كان الحج أو نيابة عن غيره؛ فإن أجرى العقد ـ وحالتـه هـذه ـ بطل العقد في جميع الحالات حتى مع جهل المحرم بالحكم، إضافة إلى الإثم وحرمة الطرف الآخر حرمة أبدية في صورة العلم بالحكم ولو مع عدم الدخول؛ نعم إذا انكشف بطلان العقد لفقد بعض الأركان أَثِمَ ولم تحرم عليه مؤبداً حينئذٍ.
مسألة 623: لا بأس على المحرم من مراجعة زوجته المطلقة رجعياً حال إحرامهما أو إحرام أحدهما، كما لا بأس بتوكيل المحل أو المحرم ليعقد له بعد إحلال المحرم منهم من إحرامه.
ثانياً: في عدد الزوجات
مسألة 624: لا يصح للمكلف أن يجمع في وقت واحد بين أكثر من أربع نساء في زواج دائم، فإنْ عَقَد مَنْ عندَه أربعُ نساءٍ على امرأة خامسة، بطل العقد ولم يأثم ولم تحرم عليه مؤبداً؛ فيما يصح له في زواج المتعة أن يجمع بين أكثر من أربع نساء فوق زوجاته الأربع الدائمات أو بدونهن.
مسألة 625: إذا طلق إحدى زوجاته الأربع رجعياً، لم يجز له العقد على غيرها حتى تنقضي عدتها وتخرج من عصمته؛ وإن طلقها بائناً جاز له ذلك.
ثالثاً: في التزوج من المطلقة ثلاثاً أو تسعاً:
مسألة 626: إذا طلق الرجل زوجته ثلاث طلْقات، وكان قد تخلل بينهما رجعتان، حرم عليه التزوج منها بعد الطلاق الثالث إلا إذا تزوجت من غيره مع الدخول بها وفارقها بطلاق أو نحوه وانقضت عدتها منه.
ثم إذا تزوجها بعد تلك الطلْقات الثلاث وأعاد الكرة فطلقها ثلاث طلْقات أخريات، فتزوجها غيره ثم عاد فتزوجها من بعده، فأعاد الكرة ثالثة حتى بلغت الطلْقات تسعاً، حرمت عليه مؤبداً بعد ذلك.
ولهذه المسألة تفاصيل أخرى نذكرها في باب الطلاق إن شاء الله تعالى. (أنظر المسألة: 927).
خاتمة في ما يستحب من الصفات في الزوجين:
مسألة 627: ذكر الفقهاء أنه يستحب اختيار المرأة الودودة العفيفة الكريمة الأصل؛ وكريمة الأصل هي: التي لا تكون من زنى ولا من أبوين قد مسهما ـ أو مس أحدهما ـ كفرٌ أو فسق، ولا هما ممن تنالهما الألسن بالغمز والمعايب. وأن تكون ممن يرجى أن تعين زوجها على الصلاح، وأن تكون مطيعة وموافقة له في أموره غير عصية ولا متمردة. وأن تكون قد تَربَّتْ تربية كريمة وعزيزة وخالية من القهر والإذلال. وأن تكون بكراً. وأن تكون ولوداً، وذلك حيث يمكن الاطّلاع على حالها من هذه الجهة لكونها قد ولدت من زوج سابق. غير أنه قد تطرأ بعض العناوين الثانوية أو الظروف الخاصة التي تجعلنا نتجاوز بعض هذه الصفات المستحبة إلى غيرها رغبة فيما استجد من إيجابيات في الصفات الأخرى، لأنه ليست هناك إيجابيات أو سلبيات مطلقة للصفات، فيرجع الأمر إلى ما يطرأ من مرجحات خلال حياة الإنسان تنفعه في دينه ودنياه.
مسألة 628: يكره الاقتصار في اختيار المرأة على الجمال والثروة، ويكره تزوج الحمقاء، والمجنونة، والعجوز، والزانية، وأخت أخيه، ومن كانت ضرة لأمه مع غير أبيه، ومن كانت قابلته، وكذا بنتها. (أنظر في المراد بــ «أخت الأخ» المسألة: 582).
مسألة 629: ورد في اختيار الرجل أنه يكره تزوج الفاسق، والأعرابي، وهو: من لم يتفقه في الدين، والمخنَّث، وشارب الخمر، وسيء الخلق. إضافة إلى أنه يحسن بالمرأة اختيار الرجل الذي يستجمع معظم صفات الفضل مما سبق ذكر بعضه في صفات الزوجة، وهي الصفات التي لا بد منها لقيام حياة زوجية صالحة تسعد فيها المرأة. هذا، ولا يضر بالإيمـان أن تحـرص المـرأةُ ـ أو أهلُهـا ـ على تزوُّج الرجل القادر على الإنفاق عليها بالنحو المقبول، لأن كفاءة الزوج من هذه الناحية شرط لقيام الأسرة واستمرارها، وهو شرط ضرورة لا شرط كمال؛ نعم يحسن بها أن لا تطلب الأغنى إن تقدم لها الغني المؤمن، وبخاصة إذا لم يكن الأول مؤمناً.

وفيه مطلبان:
المطلب الأول: في من يحرم بعقد أو جماع غير شرعيين
ونريد به من يحرم على الآخر إما: بسبب قيام علاقة جنسية فعلية بينه وبين طرف آخر متلبس بعنوان يمنع من قيام تلك العلاقة معه أساساً، كالزنى ببعض المحارم وذات البعل والمعتدة، وكاللواط. أو بسبب فعل ما يعتبر مقدمة للعلاقة الجنسية معه، كالعقد على ذات البعل أو المعتدة، والعقد حالة الإحرام للحج، وهو ما نفصّل أحكامه على النحو التالي:
أولاً: حكم العقد على ذات البعل أو الزنى بها
مسألة 604: (ذات البعل) مصطلح فقهي توصف به المرأة التي تقترن برجل بعقد زواج صحيح، سواءً كانا صغيرين ـ حين العقد ـ أو كبيرين، وسواءً كان زواجها دائماً أو منقطعاً، وسواءً المدخول بها وغير المدخول بها؛ وكلما كانت المرأة كذلك فإنه يحرم على كل رجل آخر أن يظهر لها رغبته في التزوج بها تصريحاً أو تلميحاً، أو يعقد عليها، أو يزني بها، بل يسري ـ من هذه الجهة ـ أثر كونها ذات بعل إلى فترة عدة طلاقها الرجعي رغم طلاقها منه، بل والبائن أحياناً، كما سوف يتبيّن معنا في الفرع التالي.
مسألة 605: كما تُحتَرم (بُعولة) الزوج المسلم وتترتب عليها الآثار المذكورة في المسألة السابقة، كذلك تحترم بعولة الزوج الكافر وتَعْتَصِمُ زوجتُه به وتلحقها نفس الآثار المذكورة لذات البعل إذا كان زواجهما موافقاً لشريعة ما يعتقدانه من عقائد الكفر، ولو كانت هي الإلحاد أو الوثنية، وكان بحيث يعتبر زواجاً مقبولاً في عرف مجتمعهم وشريعته، لا سفاحاً مرذولاً. وكذا حكم التزوج بالمطلَّقة أثناء عدتها إذا كان لها في شريعتهم عِدَّة، وإلا لم يجب على المسلم مراعاة ذلك.
مسألة 606: لا تترتب آثار الزواج بين الكافريْن الذين تزوجا بطريقة (الزواج المدني) المعمول به في العديد من البلدان غير الإسلامية إذا لم يكن مقبولاً في الشريعة التي يعتقدانها، وثنية كانت أو سماوية، فلو تزوج بوذيان أو مسيحيان زواجاً مدنياً لم يعتبرا زوجين ـ عندنا ـ إلا إذا كان زواجهما صحيحاً في الديانة البوذية أو المسيحية، نعم إذا خرجا من دينهما وصارا لا ينتميان إلى دين، وكان ذلك الزواج المدني جزءاً من شريعة عِلْمَانِيَّة وَضْعِيَّة مستحدثة يرجعان إليها في زواجهما وطلاقهما وسائر معاملاتهما، حُكمَ بصحة ذلك الزواج واعتصما به. أما إذا تزوج المسلم زواجاً مدنيـاً فإنـه لا بـد ـ أيضـاً ـ من عرض عناصر ذلك الزواج على الشروط المعتبرة في شرعنا، فإن كان موافقاً لها صح وإلا بطل.
مسألة 607: يحرم العقد على ذات البعل ما دامت في عصمة زوجها مع علم العاقد بحالها، فإذا عقد عليها أثم وبطل العقد وحرم عليه التزوج منها مؤبداً إذا فارقها زوجها، حتى لو لم يكن ذلك العاقد قد دخل بها؛ وأما إذا عقد عليها جاهلاً بحرمة العقد على ذات البعل، وهو ما يصطلح عليه بـ (الجهل بالحكم)، أو جاهلاً بكونها ذات بعل، وهو ما يصطلح عليه بـ (الجهل بالموضوع)، لم يأثم، وبطل عقده عليها على كل حال، ولم تحرم عليه مؤبداً ولو مع الدخول بها. هذا، ولا أثر في ثبوت الحرمة الأبدية وعدمها لكون ذات البعل عالمة بحرمة العقد عليها أو جاهلة، بل المعول في ذلك على علم العاقد وجهله، ويظهر ذلك في صورة ما لو كان العاقد جاهلاً وهي عالمة، فإنه لا يحرم عليها مؤبداً رغم أنها تكون آثمة وزانية. ثم إنه لا فرق في ثبوت هذا الحكم بين كون ذات البعل صغيرة أو كبيرة، مسلمة أو كتابية، مدخولاً بها من قِبَل زوجها أو غير مدخول بها، متعة كان زواجها من الأول أو دواماً، ومتعة كان عقد الثاني عليها أو دواماً.
مسألة 608: يكفي في جواز العقد على المرأة عدم العلم بكونها ذات بعل، ولو شك لم يجب عليه الفحص عن حالها، وإذا علم بأنها كانت متزوجة، فأخبرته بأنها صارت خلية، صدّقها ما لم تكن متهمة بعدم الاستقامة، وإلا فالأحوط وجوباً ترك التزوج منها حتى يتبين له صدقها.
وإذا ادّعت المرأة أنها خلية فتزوجها، ثم ادّعت أنها كانت ذات بعل حين زواجها منه، لم تسمع دعواها الثانية، نعم لو أقامت البيّنة على ذلك فُرِّق بينهما، ويكفي في ذلك أن تشهد البيّنة بأنها كانت ذات بعل حين زواجها من الرجل الثاني ولو من غير تعيين زوج معين.
مسألة 609: إذا زنى الرجل بذات البعل، فالأقوى عدم ثبوت الحرمة الأبدية بينها وبين الزاني مطلقاً، خلافاً لما ذهب إليه المشهور، فيجوز للزاني التزوج منها بعد طلاقها وانقضاء عدتها من زوجها، وإن كان الأحوط استحباباً للزاني ترك التزوج منها، وبخاصة إذا كانت مطاوعة له. هذا ولا تحرم الزوجة بزناها على زوجها حتى لو كانت مطاوعة للزاني، كما لا يسقط مهرها بالزنى ولو طلقها زوجها من أجل ذلك، ولا سيما وأنه لا يجب عليه طلاقها مع توبتها، بل ومع عدم توبتها، وإن كان طلاقها هو الأولى حينئذ.
ثانياً: حكم العقد على المعتدة أو الزنى بها
مسألة 610: لا يختلف حكم العقد على المعتدة في زمان عدتها عن حكم العقد على ذات البعل في زمان زوجيتها، سوى في أمر واحد هو أنه قد سبق منا القول: (إنَّ علم ذات البعل بالحكم وجهلها به لا أثر له من جهتها في ثبوت الحرمة الأبدية وعدمها، بل المعول في ذلك فيها على علم العاقد وعدمه)، وهو بخلاف العقد على ذات العدة، فإن لعلمِ كلٍّ منهما وجهلِه دخالةً في الحرمة الأبدية وعدمها من جانب كل منهما بانفراده، بحيث لو فرض علم المرأة المعتدة بحرمة العقد عليها وجهل الرجل بذلك، تثبت الحرمة المؤبدة من جانبها، فضلاً عن الإثم.
مسألة 611: لا فرق في ثبوت الحرمة الأبدية عند العقد على المعتدة، مع علمهما بالحكم أو الموضوع أو علم أحدهما بهما، وكذا في عدم ثبوت الحرمة الأبدية بالعقد عليها مع الدخول إذا كانا جاهلين بالحكم أو الموضوع، لا فرق في ذلك بين ذات العدة الرجعية وذات العدة البائنة ومن هي في عدة الوفاة.
مسألة 612: يكفي في جواز العقد على المرأة عدم العلم بكونها في عدة رجل آخر، وإذا شك لم يجب عليه الفحص عن حالها، وتصدق المرأة إذا أخبرت بإنقضاء عدتها إلا أن تكون متهمة في صدقها، وكان قد سبق منه العلم بكونها في العدة، فالأحوط وجوباً له ـ حينئذٍ ـ ترك التزوج منها حتى يتيقن بإنقضاء عدتها.
مسألة 613: إن ما ذكرناه من حرمة العقد على ذات العدة هو مختص بغير زوجها الذي تعتد منه، أما زوجها الذي ما تزال في عدته فإنه يجوز له أن يعقد عليها أثناء عدتها من الطلاق البائن دون حاجة لانقضاء عدتها، ومن ذلك ما لو كانت متمتعاً بها فانقضى الأجل أو وهبها المدة، فإن له أن يعقد عليها أثناء عدتها منه؛ أما إذا كانت في عدةٍ رجعية، فحيث إنها بحكم الزوجة فإنه لا يحتاج في إرجاعها إليه إلى عقد جديد، بل يكفي معاملتها معاملة الزوجة في استمتاعه بها، أو التلفظ بما يفيد إرجاعها، كي ينتفي طلاقها ويزول، فإن عقد عليها ـ والحال هذه ـ كان العقد لاغياً لا أثر له سوى أنه كافٍ في إظهار رغبته بالرجوع إليها.
مسألة 614: لا يختلف حكم الزنى بذات العدة عن حكم الزنى بذات البعل في شيء مما تقدم، لكن استحباب الاحتياط بترك الزاني التزوج منها مختص هنا بذات العدة الرجعية، فإن كانت في العدة البائنة أو في عدة الوفاة لم تحرم بالزنى بها مطلقاً ولم يكن عليه بأس أن يتزوج بها بعد انقضاء عدتها.
مسألة 615: لا يجوز العقد على المرأة المفقود زوجها في الفترة الفاصلة بين حدوث الوفاة فعلاً وبين وصول خبر الوفاة إليها لتشرع بالعدة منذئذٍ، فإن عقد عليها ـ جاهلاً أو عالماً ـ فتبينت وفاته حين العقد، بطل العقد، ولم تحرم عليه مؤبداً إذا كان قد دخل بها، ولو مع علمه بالحكم والموضوع، وإن كان الأحوط استحباباً ترك التزوج منها في هذه الحالة.
هذا إذا عقد عليها، أما إذا زنى بها في هذه الفترة فكذلك لا تحرم عليه مؤبداً لما ذكرناه، في المسألة السابقة من اختصاص الإشكال بالزنى بذات العدة الرجعية واستحباب الاحتياط بترك التزوج منها، أما في مقامنا هذا فلا ضرورة للاحتياط حتى مع علمه ـ حيـن الزنى ـ بوفاة المفقود وكون زوجته في عدة وفاته، فضلاً عما لو كان في حالة شك وانكشف وقوع الزنى أثناء عدة الوفاة.
فائدة: في حكم التصريح بالخطبة لذات البعل وللمعتدة
مسألة 616: لا يجوز للرجل دعوة الـمـرأة المتزوجـة بغيره ـ أو المعتدة من طلاقه الرجعي ـ إلى التزوج به تصريحاً أو تلميحاً إذا كانت على حالٍ لا تُؤمنُ معه من التمرد والنشوز على زوجها، بل ينبغي ترك ذلك حتى مع الأمن عليها من ذلك، فإن دعا ذات البعل للتزوج منه فطلبت الطلاق فطلقها زوجها، أو دعا ذات العدة الرجعية فعزفت عن الرجوع إلى زوجها حتى انقضت عدتها، لم يحرم على الداعي أن يتزوج منهما رغم كونه هو السبب في تنكرهما لزوجيهما أحياناً.
هذا، ويجـوز للرجـل التعريض ـ بل التصريـح ـ لمن هي في عدة الوفاة برغبته بالتزوج منها بالألفاظ المحتشمة المهذبة، وكذا لذات العدة من الطلاق البائن، سواءً كان الداعي زوجَها السابقَ أو غيره من الراغبين فيها.
ثالثاً: حكم الزنى ببعض المحارم أو بغيرهم
مسألة 617: إذا زنى بعمته أو بخالته ـ قبلاً أو دبراً ـ قبل العقد على بنتها حرمت عليه بنتها على الأحوط وجوباً، وإذا زنى بإحداهما بعد العقد على بنتها لم تحرم بنتها على زوجها الزاني، سواء كان قد دخل بالبنت أو لم يدخل بها؛ وكذا لا تحرم البنت على من وطأ عمته أو خالته شبهة قبل العقد على بنتها، أو فعل ما يحرم عليه فعله مما هو دون الزنى، كأن قبَّلها أو لمسها أو نظر إليها بشهوة.
مسألة 618: إذا شك مَنْ زنى بعمته أو خالته في كون زناه سابقاً على العقد على بنتها لتكون حراماً عليه أو أنه كان لاحقاً له، بنى على كونه بعد العقد، ولم يرتب عليه أثراً.
مسألة 619: إذا زنى بامرأةٍ ـ خليةً كانت حين زنـى بها أو ذات بعل ـ لـم يحرم عليه التزوج من بنتها فيما بعد، وإن كان الأحوط استحباباً ترك ذلك.
كذلك فإن تلك المرأة المزنيَّ بها لا تحرم على أبيه وإن علا، ولا على ولده وإن نزل، وإن كان الأحوط استحباباً لهما ترك التزوج منها.
أما تزوّج الزاني نفسه بها إذا كانت خلية من عصمة زوج آخر حين زنى بها فلا بأس به إن كانت قد تابت من زناها ذلك ولم تكن مشهورة بالزنى، وإلا فالأحوط وجوباً ترك التزوج بها حتى تتوب من زناها معه أو من حرفة البغاء إن كانت مشهورة؛ فيما لا بأس لغير الزاني من التزوج بغير المشهورة قبل توبتها، بل وبالمشهورة بالزنى إذا تابت، وإلا احتاط وجوباً بترك التزوج منها أيضاً. إضافة إلى ذلك فإن الأحوط وجوباً لمن يريد التزوج بالزانية أن لا يعقد عليها حتى يأتيها الحيض إن لم تكن حاملاً، وهو ما يصطلح عليه بـ(الاستبراء)، سواءً كان هو الزاني أو غيره، فإن كانت حاملاً جاز التزوج منها قبل أن تضع حملها ولو لغير الزاني.
رابعاً: في أثر فاحشة اللواط
مسألة 620: إذا لاط البالغ بالصبي غير البالغ، وتحقّق منه الدخول فيه ولو ببعض العضو، حـرم مؤبـداً ـ من بـاب الاحتيـاط الوجوبـي ـ على اللائط أن يتزوج بأم الصبي وإن علت، وببنته وإن نزلت، وبأخته، دون غيرهن من محارمه كبنتي أخيه وأخته، فيما لا تحرم أم اللائط ولا بنته ولا أخته على الصبي الملوط به.
هذا إذا كان اللواط سابقاً على العقد عليهن، وكان اللائط بالغاً والملوط به صبياً غير بالغ، أما إذا كان اللواط لاحقاً على العقد عليهن، أو كان الملوط به بالغاً أيضاً، أو كانا بالعكس، أي: كان اللائط صبياً والملوط به بالغاً، فلا يحرم بسببه على اللائط واحدة من المذكورات.
مسألة 621: لا تثبت الحرمة الأبدية إلا مع الجزم بتحقّق الدخول، فلو شك أو ظن به لم يكن له أثر، وجاز له التزوج من المذكورات.
المطلب الثاني: في من يحرم بغير العقد أو الجماع غير الشرعيين
ونريد به من يكون سبب حرمة التزوج منه أمراً آخر غير العقد عليه أو جماعه بغير وجه شرعي، كالتزوج ممن هو في حال الإحرام، أو من الزوجة الخامسة أو من المطلقة تسعاً، وتفصيله كما يلي:
أولاً: أثر الإحرام للحج أو العمرة
مسألة 622: يحـرم على الرجل ـ بل وكـذا علـى المـرأة ـ أن يعقد نكاحه الدائم أو المنقطع حال إحرامه للحج أو العمرة ولو لم تكن المرأة محرمة، سواءً كان المباشر للعقد هو نفس المحرم أو وكيله، محرماً كان الوكيل أو محلاً، قبل الإحرام وَكَّلهُ أو بعده، واجباً كان الحج أو العمرة أو مندوباً، عن نفسه كان الحج أو نيابة عن غيره؛ فإن أجرى العقد ـ وحالتـه هـذه ـ بطل العقد في جميع الحالات حتى مع جهل المحرم بالحكم، إضافة إلى الإثم وحرمة الطرف الآخر حرمة أبدية في صورة العلم بالحكم ولو مع عدم الدخول؛ نعم إذا انكشف بطلان العقد لفقد بعض الأركان أَثِمَ ولم تحرم عليه مؤبداً حينئذٍ.
مسألة 623: لا بأس على المحرم من مراجعة زوجته المطلقة رجعياً حال إحرامهما أو إحرام أحدهما، كما لا بأس بتوكيل المحل أو المحرم ليعقد له بعد إحلال المحرم منهم من إحرامه.
ثانياً: في عدد الزوجات
مسألة 624: لا يصح للمكلف أن يجمع في وقت واحد بين أكثر من أربع نساء في زواج دائم، فإنْ عَقَد مَنْ عندَه أربعُ نساءٍ على امرأة خامسة، بطل العقد ولم يأثم ولم تحرم عليه مؤبداً؛ فيما يصح له في زواج المتعة أن يجمع بين أكثر من أربع نساء فوق زوجاته الأربع الدائمات أو بدونهن.
مسألة 625: إذا طلق إحدى زوجاته الأربع رجعياً، لم يجز له العقد على غيرها حتى تنقضي عدتها وتخرج من عصمته؛ وإن طلقها بائناً جاز له ذلك.
ثالثاً: في التزوج من المطلقة ثلاثاً أو تسعاً:
مسألة 626: إذا طلق الرجل زوجته ثلاث طلْقات، وكان قد تخلل بينهما رجعتان، حرم عليه التزوج منها بعد الطلاق الثالث إلا إذا تزوجت من غيره مع الدخول بها وفارقها بطلاق أو نحوه وانقضت عدتها منه.
ثم إذا تزوجها بعد تلك الطلْقات الثلاث وأعاد الكرة فطلقها ثلاث طلْقات أخريات، فتزوجها غيره ثم عاد فتزوجها من بعده، فأعاد الكرة ثالثة حتى بلغت الطلْقات تسعاً، حرمت عليه مؤبداً بعد ذلك.
ولهذه المسألة تفاصيل أخرى نذكرها في باب الطلاق إن شاء الله تعالى. (أنظر المسألة: 927).
خاتمة في ما يستحب من الصفات في الزوجين:
مسألة 627: ذكر الفقهاء أنه يستحب اختيار المرأة الودودة العفيفة الكريمة الأصل؛ وكريمة الأصل هي: التي لا تكون من زنى ولا من أبوين قد مسهما ـ أو مس أحدهما ـ كفرٌ أو فسق، ولا هما ممن تنالهما الألسن بالغمز والمعايب. وأن تكون ممن يرجى أن تعين زوجها على الصلاح، وأن تكون مطيعة وموافقة له في أموره غير عصية ولا متمردة. وأن تكون قد تَربَّتْ تربية كريمة وعزيزة وخالية من القهر والإذلال. وأن تكون بكراً. وأن تكون ولوداً، وذلك حيث يمكن الاطّلاع على حالها من هذه الجهة لكونها قد ولدت من زوج سابق. غير أنه قد تطرأ بعض العناوين الثانوية أو الظروف الخاصة التي تجعلنا نتجاوز بعض هذه الصفات المستحبة إلى غيرها رغبة فيما استجد من إيجابيات في الصفات الأخرى، لأنه ليست هناك إيجابيات أو سلبيات مطلقة للصفات، فيرجع الأمر إلى ما يطرأ من مرجحات خلال حياة الإنسان تنفعه في دينه ودنياه.
مسألة 628: يكره الاقتصار في اختيار المرأة على الجمال والثروة، ويكره تزوج الحمقاء، والمجنونة، والعجوز، والزانية، وأخت أخيه، ومن كانت ضرة لأمه مع غير أبيه، ومن كانت قابلته، وكذا بنتها. (أنظر في المراد بــ «أخت الأخ» المسألة: 582).
مسألة 629: ورد في اختيار الرجل أنه يكره تزوج الفاسق، والأعرابي، وهو: من لم يتفقه في الدين، والمخنَّث، وشارب الخمر، وسيء الخلق. إضافة إلى أنه يحسن بالمرأة اختيار الرجل الذي يستجمع معظم صفات الفضل مما سبق ذكر بعضه في صفات الزوجة، وهي الصفات التي لا بد منها لقيام حياة زوجية صالحة تسعد فيها المرأة. هذا، ولا يضر بالإيمـان أن تحـرص المـرأةُ ـ أو أهلُهـا ـ على تزوُّج الرجل القادر على الإنفاق عليها بالنحو المقبول، لأن كفاءة الزوج من هذه الناحية شرط لقيام الأسرة واستمرارها، وهو شرط ضرورة لا شرط كمال؛ نعم يحسن بها أن لا تطلب الأغنى إن تقدم لها الغني المؤمن، وبخاصة إذا لم يكن الأول مؤمناً.

ص
445
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية