المبحث الثاني: في الشركة العقدية

ومرادنا بها ـ كما سبق بيانه ـ: (اتفاق اثنين أو أكثر على أن يشارك كل واحد منهما الآخر بمقدار ـ أو بشيء ـ معلوم من أموالهما)؛ ولا بد فيها من العقد المشتمل على الإيجاب والقبول، وكما يتحقّق العقد بكل لفظ يدل عليه، كقولهما: (اشتركنا) أو قول أحدهما: (شاركتك) وقبول الآخر، فإنه يتحقّق بالمعاطاة أيضاً. كذلك فإنه يعتبر في المتعاقدين فيها كل ما يعتبر في أمثالها من العقود المالية، من العقل والاختيار والقصد وعدم الحجر عليهما لسفه أو فلس، إضافة إلى لزوم إذن الولي إذا كان العاقد غير بالغ. هذا ولا يعتبر فيها وجود هدف تجاري منها، بل تصح الشركة العقدية مجردة عن كل هدف سوى الرغبة المتبادلة من كل منهما في أن يكون الآخر شريكه، وإن كان الهدف الغالب منها هو الإتجار برأس المال المشترك وتحملهما معاً ربحه وخسارته.
وعلى هذا الأساس فإننا ـ في هذا المبحث ـ سوف نستعرض أحكامها من جهتين، أولاً: من جهة أصل التعاقد، ومجرداً عن الإتفاق على المتاجرة به، وثانياً: من جهة الاتّفاق على المتاجرة به ـ كما هو الغالب ـ زيادة على أصل التشارك بالمال الخاص بكل منهما؛ فهنا مطلبان:
المطلب الأول: في أحكام الشركة العقدية المجردة
وفيه مسائل:
مسألة 5: يعتبر في تحقّق الشركة العقدية أن يكون المال المتشارك فيه مملوكاً وموجوداً في متناول يد المالك ولو بعد حين، فلا يمنع منها ما لو كان المال ديناً أو مرهوناً أو مستأجراً أو عارية أو ما أشبه ذلك مما لا ينافي ملكية الشريك لماله. وذلك في قبال الإتفاق على التشارك في مال لم يوجد بعد، وهذا الإتفاق هو نوع من التراضي لا تتحقّق به الشركة شرعاً، ويتصور على نحوين:
النحو الأول: ما يسمى ـ في مصطلح الفقهاء ـ (شركة الوجوه)، وهي: (أن يتفق اثنان ـ أو أكثر ـ على أن يشتري كل منهما سلعة نسيئة، ثم يبيع كل منهما ما اشتراه مستقلاً عن الآخر، على أن يكون ربحها بينهما وخسارتها عليهما).
النحو الثاني: ما يسمى بـ (شركـة المفاوضـة)، وهي: (أن يتفـق اثنـان ـ أو أكثر ـ على أن يكون ما يحصل لكل منهما من ربح من أي سبب كان شركة بينهما، سواءً في ذلك ما يحصل من إجارة كل واحد منهما نفسَه أو مالَه مستقلاً عن الآخر، أو من ربح تجارة يسعى بها أو زراعة يستنبتها، أو ما يكسبه من هبة توهب له أو ميراث يغنمه أو حيازة أو غير ذلك؛ وعلى أن يكون ما يرد على كل واحد منهما من خسارة، عليهما، سواء نتج من ضمان تلف أو جناية أو تجارة أو غير ذلك).
فإنْ تعاقدا على أحد هذين النحوين لم يصح، وكان لكل منهما ربحه وعليه خسارته دون أن يشاركه الآخر فيهما، وليس ذلك إلا لأن المال الذي يراد التشارك فيه لم يدخل ـ بعد ـ في ملك مالكه.
مسألة 6: إذا رغب جماعة بأن يتشاركوا بواحد من النحوين المذكورين في المسألة السابقة أمكنهم ذلك بأكثر من طريقة مشروعة:
الأولى: أن يتشارط اثنان ـ أو أكثر ـ في ضمن عقد لازم على أنه إنْ ربح أحدهما اعطى صاحبه نصف ربحه وإن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته ـ وهذا هو مضمون شركة المفاوضة ـ، فيجب على كل منهما الوفاء للآخر بإعطائه نصف ما يربح وضمان نصف ما يخسر.
الثانية: أن يوكل أحدهما الآخر بأن يشاركه فيما يشتريه، بأن يشتري لهما وفي ذمتهما، فإذا اشترى شيئاً كذلك يكون لهما، ويكون الربح والخسارة ـ أيضاً ـ بينهما؛ وهذا هو مضمون شركة الوجوه.
الثالثة: أن يتصالح الأطراف على مضمون شركة الوجوه أو شركة المفاوضة، فيصح الصلح ويلزمهم مضمونه بالنحو الذي تصالحوا عليه.
مسألة 7: الشركة العقدية المجردة لازمة لا تنحل إلا بالقسمة، مثلها في ذلك مثل كل شركة حصلت من سبب آخرٍ قهري أو اختياري؛ إذ رغم عدم اختلاط الأموال أحياناً في الشركة العقدية، فإن ذلك التعاقد قد جعل كل مال داخل في الشركة مملوكاً على نحو الإشاعة بين أطراف الشركة رغم بقائه عند صاحبه، وحينئذ لن تتمايز الحصص إلا بقسمتها بينهم قهراً أو بالتراضي.
المطلب الثاني: في أحكام الشركة العقدية الاستثمارية
وفيه مسائل:
مسألة 8: قد يرغب المكلف بعقد شركة مع غيره بهدف الاسترباح بماله بالمتاجرة فيه وتقاسم الأرباح والخسائر، وهو ما سوف نصطلح عليه بـ (الشركة العقدية الاستثمارية)؛ وهي على نحوين:
الأول: أن يكون الأطراف قبل التعاقد شركاء بأحد أسباب الشركة السالفة الذكر، عقدية كانت أو غير عقدية، وقهرية كانت أو اختيارية، فيتراضون على استثمار المال المشترك بينهم بالمتاجرة فيه، أو باستنمائه، أو بغيرهما من وجوه الاسترباح، على أن يكون الربح بينهم والخسارة عليهم بكيفية معينة؛ ويتميز هذا النحو من الشركة بأن التعاقد فيه إنما هو على نفس الاستثمار بعد أن كان المال مشتركاً من قبل، وليس على التشارك من أجل الاستثمار كما هو النحو الثاني؛ وهذا التراضي هو نحو من التعاقد، فتلحقه جميع أحكام العقد، وبخاصة من حيث أهلية المتعاقدين ولزوم العقد وموجبات الفسخ، وذلك خلافاً للمشهور من أن التراضي في هذا النحو من استثمار الأموال المشتركة قائم على مجرد (الإذن) لا على التعاقد.
الثاني: أن يتراضى أكثر من شخص على التشارك من أجل الاستثمار، فيتعاقد شخصان أو أكثر على أن يكون مال كل منهما المعين شركة بينهما للإتجار والتكسب به بكيفية خاصة وشروط معينة؛ بحيث يتحقّق التشارك في المال بعد أن لم يكن، ويتحقّق منهما ـ أيضاً ـ الالتزام بالإتجار به بعدئذ؛ وهذا هو النحو الذي تجري عليه الشركات ذات الأنظمة الخاصة المتعارفة في زماننا، كالشركات التجارية المساهمة أو المحدودة، والجمعيات التعاونية الاستثمارية وغيرها من أنواع الشركة المرتكزة على هذا النحو من التعاقد.
فإذا تم العقد بينهم بأحد النحوين المذكورين وجب العمل من جميع الأطـراف طبـق ما أخـذ في العقـد سعـة وضيقـاً؛ كمـا أنـه يقع لازمـاً ـ في كلا النحوين ـ فلا ينفسخ إلا بالتقايل، أو بفسخ من له خيار الفسخ ولو من جهة تخلف بعض الشروط التي جُعلت في ضمن العقد، أو بانتهاء أمد الشركة إن كانت مؤقتة؛ فتنحل بواحد من هذه الأسباب الثلاثة صيغة الاستثمار والاسترباح ويبطل العمل بها، أما المال نفسه فيبقى مشتركاً بينهم على نحو الإشاعة لا تنحل شركته إلا بالتقاسم.
مسألة 9: إطلاق الشركة الاستثمارية ـ من حيث مقدار حصة كل من الشركاء ـ يقتضي أن يكون لكل واحد منهم من الربح وعليه من الخسارة بنسبة ماله إلى مجموع رأس مال الشركة، سواءً تساووا في العمل أو اختلفوا فيه أو لم يعمل أحدهم أصلاً. لكن، يجوز أن يشترط بعض الشركاء زيادة في الربح عن مقدار حصته منه مع بقاء حصته من الخسارة على حالها، أو مع اشتراط نقصان حصته من الخسارة عن نسبة ماله، وذلك في قبال عمل يقوم به دون غيره، أو لكون عمله فيه أكثر أو أهم من عمل غيره، أو في قبال منفعة بَذَلَها، كمنفعة محل تجاري أو سيارة نقل أو نحوهما، فإذا رضي الشركاء بالشرط وجب الوفاء له به. وأما أن يشترط ذلك دون منفعة يبذلها أو عمل يقوم به، أو دون أن يكون عمله أهم أو أكثر من عمل غيره، فهو شرط غير سائغ، فضلاً عما لو اشترط تمام الربح أو شُرط عليه تمام الخسارة.
وحيث يفرض للعامل زيادةٌ على حصته من الربح فهو إنما يستحقها بنفس الإشتراط، دون ضرورة لتصحيح أخذ الزيادة بأنها: إذا كانت في قبال العمل فهي مندرجة في المضاربة وتجري عليها أحكامها إن كانت حصة مشاعة، ومندرجة في الإجارة إن كانت مقداراً من المال؛ وأنها إذا كانت في قبال منفعة بَذَلَها أحد الشركاء، كمنفعة محل تجاري أو سيارة، فهي مندرجة في الإجارة تارة، وفي كونها معاملة مستقلة تارة أخرى. إن تصحيح أخذ الزيادة بهذا النحو أو بغيره مما ذهب إليه بعض الفقهاء لا ضرورة له.
مسألة 10: يستثنى من حكم عدم جواز التفاضل في الربح بدون مقابل، وهو المذكور في المسألة السابقة، ما لو كان الاستثمار بطريقة المضاربة، فإنه يجوز التفاضل في الربح بين المتشاركين في رأس المال دون أن يقابله عمل أو بذل منفعة من قِبَل مَنْ كانت له الزيادة. (أنظر المسألة: 60).
ومرادنا بها ـ كما سبق بيانه ـ: (اتفاق اثنين أو أكثر على أن يشارك كل واحد منهما الآخر بمقدار ـ أو بشيء ـ معلوم من أموالهما)؛ ولا بد فيها من العقد المشتمل على الإيجاب والقبول، وكما يتحقّق العقد بكل لفظ يدل عليه، كقولهما: (اشتركنا) أو قول أحدهما: (شاركتك) وقبول الآخر، فإنه يتحقّق بالمعاطاة أيضاً. كذلك فإنه يعتبر في المتعاقدين فيها كل ما يعتبر في أمثالها من العقود المالية، من العقل والاختيار والقصد وعدم الحجر عليهما لسفه أو فلس، إضافة إلى لزوم إذن الولي إذا كان العاقد غير بالغ. هذا ولا يعتبر فيها وجود هدف تجاري منها، بل تصح الشركة العقدية مجردة عن كل هدف سوى الرغبة المتبادلة من كل منهما في أن يكون الآخر شريكه، وإن كان الهدف الغالب منها هو الإتجار برأس المال المشترك وتحملهما معاً ربحه وخسارته.
وعلى هذا الأساس فإننا ـ في هذا المبحث ـ سوف نستعرض أحكامها من جهتين، أولاً: من جهة أصل التعاقد، ومجرداً عن الإتفاق على المتاجرة به، وثانياً: من جهة الاتّفاق على المتاجرة به ـ كما هو الغالب ـ زيادة على أصل التشارك بالمال الخاص بكل منهما؛ فهنا مطلبان:
المطلب الأول: في أحكام الشركة العقدية المجردة
وفيه مسائل:
مسألة 5: يعتبر في تحقّق الشركة العقدية أن يكون المال المتشارك فيه مملوكاً وموجوداً في متناول يد المالك ولو بعد حين، فلا يمنع منها ما لو كان المال ديناً أو مرهوناً أو مستأجراً أو عارية أو ما أشبه ذلك مما لا ينافي ملكية الشريك لماله. وذلك في قبال الإتفاق على التشارك في مال لم يوجد بعد، وهذا الإتفاق هو نوع من التراضي لا تتحقّق به الشركة شرعاً، ويتصور على نحوين:
النحو الأول: ما يسمى ـ في مصطلح الفقهاء ـ (شركة الوجوه)، وهي: (أن يتفق اثنان ـ أو أكثر ـ على أن يشتري كل منهما سلعة نسيئة، ثم يبيع كل منهما ما اشتراه مستقلاً عن الآخر، على أن يكون ربحها بينهما وخسارتها عليهما).
النحو الثاني: ما يسمى بـ (شركـة المفاوضـة)، وهي: (أن يتفـق اثنـان ـ أو أكثر ـ على أن يكون ما يحصل لكل منهما من ربح من أي سبب كان شركة بينهما، سواءً في ذلك ما يحصل من إجارة كل واحد منهما نفسَه أو مالَه مستقلاً عن الآخر، أو من ربح تجارة يسعى بها أو زراعة يستنبتها، أو ما يكسبه من هبة توهب له أو ميراث يغنمه أو حيازة أو غير ذلك؛ وعلى أن يكون ما يرد على كل واحد منهما من خسارة، عليهما، سواء نتج من ضمان تلف أو جناية أو تجارة أو غير ذلك).
فإنْ تعاقدا على أحد هذين النحوين لم يصح، وكان لكل منهما ربحه وعليه خسارته دون أن يشاركه الآخر فيهما، وليس ذلك إلا لأن المال الذي يراد التشارك فيه لم يدخل ـ بعد ـ في ملك مالكه.
مسألة 6: إذا رغب جماعة بأن يتشاركوا بواحد من النحوين المذكورين في المسألة السابقة أمكنهم ذلك بأكثر من طريقة مشروعة:
الأولى: أن يتشارط اثنان ـ أو أكثر ـ في ضمن عقد لازم على أنه إنْ ربح أحدهما اعطى صاحبه نصف ربحه وإن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته ـ وهذا هو مضمون شركة المفاوضة ـ، فيجب على كل منهما الوفاء للآخر بإعطائه نصف ما يربح وضمان نصف ما يخسر.
الثانية: أن يوكل أحدهما الآخر بأن يشاركه فيما يشتريه، بأن يشتري لهما وفي ذمتهما، فإذا اشترى شيئاً كذلك يكون لهما، ويكون الربح والخسارة ـ أيضاً ـ بينهما؛ وهذا هو مضمون شركة الوجوه.
الثالثة: أن يتصالح الأطراف على مضمون شركة الوجوه أو شركة المفاوضة، فيصح الصلح ويلزمهم مضمونه بالنحو الذي تصالحوا عليه.
مسألة 7: الشركة العقدية المجردة لازمة لا تنحل إلا بالقسمة، مثلها في ذلك مثل كل شركة حصلت من سبب آخرٍ قهري أو اختياري؛ إذ رغم عدم اختلاط الأموال أحياناً في الشركة العقدية، فإن ذلك التعاقد قد جعل كل مال داخل في الشركة مملوكاً على نحو الإشاعة بين أطراف الشركة رغم بقائه عند صاحبه، وحينئذ لن تتمايز الحصص إلا بقسمتها بينهم قهراً أو بالتراضي.
المطلب الثاني: في أحكام الشركة العقدية الاستثمارية
وفيه مسائل:
مسألة 8: قد يرغب المكلف بعقد شركة مع غيره بهدف الاسترباح بماله بالمتاجرة فيه وتقاسم الأرباح والخسائر، وهو ما سوف نصطلح عليه بـ (الشركة العقدية الاستثمارية)؛ وهي على نحوين:
الأول: أن يكون الأطراف قبل التعاقد شركاء بأحد أسباب الشركة السالفة الذكر، عقدية كانت أو غير عقدية، وقهرية كانت أو اختيارية، فيتراضون على استثمار المال المشترك بينهم بالمتاجرة فيه، أو باستنمائه، أو بغيرهما من وجوه الاسترباح، على أن يكون الربح بينهم والخسارة عليهم بكيفية معينة؛ ويتميز هذا النحو من الشركة بأن التعاقد فيه إنما هو على نفس الاستثمار بعد أن كان المال مشتركاً من قبل، وليس على التشارك من أجل الاستثمار كما هو النحو الثاني؛ وهذا التراضي هو نحو من التعاقد، فتلحقه جميع أحكام العقد، وبخاصة من حيث أهلية المتعاقدين ولزوم العقد وموجبات الفسخ، وذلك خلافاً للمشهور من أن التراضي في هذا النحو من استثمار الأموال المشتركة قائم على مجرد (الإذن) لا على التعاقد.
الثاني: أن يتراضى أكثر من شخص على التشارك من أجل الاستثمار، فيتعاقد شخصان أو أكثر على أن يكون مال كل منهما المعين شركة بينهما للإتجار والتكسب به بكيفية خاصة وشروط معينة؛ بحيث يتحقّق التشارك في المال بعد أن لم يكن، ويتحقّق منهما ـ أيضاً ـ الالتزام بالإتجار به بعدئذ؛ وهذا هو النحو الذي تجري عليه الشركات ذات الأنظمة الخاصة المتعارفة في زماننا، كالشركات التجارية المساهمة أو المحدودة، والجمعيات التعاونية الاستثمارية وغيرها من أنواع الشركة المرتكزة على هذا النحو من التعاقد.
فإذا تم العقد بينهم بأحد النحوين المذكورين وجب العمل من جميع الأطـراف طبـق ما أخـذ في العقـد سعـة وضيقـاً؛ كمـا أنـه يقع لازمـاً ـ في كلا النحوين ـ فلا ينفسخ إلا بالتقايل، أو بفسخ من له خيار الفسخ ولو من جهة تخلف بعض الشروط التي جُعلت في ضمن العقد، أو بانتهاء أمد الشركة إن كانت مؤقتة؛ فتنحل بواحد من هذه الأسباب الثلاثة صيغة الاستثمار والاسترباح ويبطل العمل بها، أما المال نفسه فيبقى مشتركاً بينهم على نحو الإشاعة لا تنحل شركته إلا بالتقاسم.
مسألة 9: إطلاق الشركة الاستثمارية ـ من حيث مقدار حصة كل من الشركاء ـ يقتضي أن يكون لكل واحد منهم من الربح وعليه من الخسارة بنسبة ماله إلى مجموع رأس مال الشركة، سواءً تساووا في العمل أو اختلفوا فيه أو لم يعمل أحدهم أصلاً. لكن، يجوز أن يشترط بعض الشركاء زيادة في الربح عن مقدار حصته منه مع بقاء حصته من الخسارة على حالها، أو مع اشتراط نقصان حصته من الخسارة عن نسبة ماله، وذلك في قبال عمل يقوم به دون غيره، أو لكون عمله فيه أكثر أو أهم من عمل غيره، أو في قبال منفعة بَذَلَها، كمنفعة محل تجاري أو سيارة نقل أو نحوهما، فإذا رضي الشركاء بالشرط وجب الوفاء له به. وأما أن يشترط ذلك دون منفعة يبذلها أو عمل يقوم به، أو دون أن يكون عمله أهم أو أكثر من عمل غيره، فهو شرط غير سائغ، فضلاً عما لو اشترط تمام الربح أو شُرط عليه تمام الخسارة.
وحيث يفرض للعامل زيادةٌ على حصته من الربح فهو إنما يستحقها بنفس الإشتراط، دون ضرورة لتصحيح أخذ الزيادة بأنها: إذا كانت في قبال العمل فهي مندرجة في المضاربة وتجري عليها أحكامها إن كانت حصة مشاعة، ومندرجة في الإجارة إن كانت مقداراً من المال؛ وأنها إذا كانت في قبال منفعة بَذَلَها أحد الشركاء، كمنفعة محل تجاري أو سيارة، فهي مندرجة في الإجارة تارة، وفي كونها معاملة مستقلة تارة أخرى. إن تصحيح أخذ الزيادة بهذا النحو أو بغيره مما ذهب إليه بعض الفقهاء لا ضرورة له.
مسألة 10: يستثنى من حكم عدم جواز التفاضل في الربح بدون مقابل، وهو المذكور في المسألة السابقة، ما لو كان الاستثمار بطريقة المضاربة، فإنه يجوز التفاضل في الربح بين المتشاركين في رأس المال دون أن يقابله عمل أو بذل منفعة من قِبَل مَنْ كانت له الزيادة. (أنظر المسألة: 60).
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية