مسألة 980: لا تختلف المباراة عن الخلع في جميع ما تقدم من الشروط والأحكام سوى في أمرين:
الأول: يعتبر في المباراة كراهة كلٍ من الزوجين للآخر، بخلاف الخلع، فإن الكراهة فيه تكون من الزوجة دون الزوج كما تقدم.
الثاني: أن لا تزيد الفدية فيها عن المهر، بل يجب أن تكون مساوية له أو أنقص منه، بخلاف الخلع الذي تجوز فيه الزيادة عن المهر.
مسألة 981: لا يختلف حكم صيغة المباراة عن حكم صيغة الخلع التي قلنا فيها: «إنها لا تختلف عن صيغة الطلاق في شيء مما ذكرناه فيها»، سوى في أن لها لفظاً خاصاً يحسن منه استخدامه، إذ رغم أنه يصح إيقاعها بكل لفظ يدل عليها، بما في ذلك لفظ الخلع والطلاق، فإن الأفضل والأحوط استحباباً أن يقول ـ بصيغة الغائب ـ: «بَارَأْتُ زوجتي على ألف دينار فهي طالق»، أو يقول ـ بصيغة المخاطب ـ: «بَارَأْتُكِ على ألف دينار فَأنتِ طالق».
مسألة 982: طلاق المباراة بائن كالخلع إلا أن ترجع الزوجة بالفدية بنحو رجوعها بها في الخلع، فإذا رجعت بها صار الطلاق رجعياً وجاز للرجل مراجعتها ما دامت في العدة.
خاتمة في الظهار:
(الظِهار) أو ـ (المظاهرة) ـ مأخوذ في اللغة من (ظاهر) امرأته، أو ظاهر من امرأته، بمعنى أنه قال لها: «أنت علي كظهر أمي»، من (الظَهْر) بمعنى: العضو من الجسد الذي هو خلاف البطن، وقد كان بهذا المعنى طلاقاً في الجاهلية، فإذا أراد العربي طلاق زوجته أنشأ طلاقها بصيغة يجعلها فيه كظهر أمه، قاصداً به مفارقتها ومظهراً قصده هذا بتشبيه تحريمها على نفسه بتحريم ظهر أمه عليه. ولما جاء الإسلام حرَّم طريقة المفارقة هذه وشرَّع لآثارها، وصار الظهار واحداً من موضوعات الفقه الإسلامي؛ ورغم حرمته فإن بعض الناس قد يستخدمه مع زوجته فيُحرِّمها على نفسه بهذه الصيغة وما يشبهها، وإن كانوا ـ غالباً ـ لا يستخدمونه بالنحو الموافق لما جعله له الشرع من ضوابط، الأمر الذي يستدعي بيان أحكامه ليتضح حد الحرام والحلال فيه عند الإبتلاء به. والظهار في مصطلح الفقهاء هو: (قصد الزوج مفارقة زوجته، وإبراز قصده بصيغة يشبهها فيه بظهر أمه في حرمتها عليه، وذلك بكيفية وشروط خاصة).
وفيما يلي تفصيل أحكامه في مسائل:
مسألة 983: يتحقّق الظهار بتشبيه الزوج لزوجته بأنها كظهـر أمه ـ أو غير أمه من محارمه النَّسبيات ـ قاصداً به تحريمها على نفسه من حيث الاستمتاع بها بالجماع وغيره، وذلك بأي لفظ يدل عليه وبكل لغة يتخاطب بها أهل البلد الذي وقع فيها الظهار، فلا يتحقّق بتشبيهها بغير الظهر من أمه أو من سائر محارمه النسبيات، كالبطن واليد والرجل وغيرها من أعضاء جسدهن، ولا بتشبيهها بظهر واحدة من محارمه بالرضاع أو المصاهرة؛ كما وأنه لا يتحقّق إلا إذا صدر من الرجل في حق المرأة، ولم يكن الغرض منه إيذاءَها والإضرار بها بترك الاستمتاع، وكان أمام شاهدين عادلين؛ فلو صدر من المرأة في حق الرجل، بأن قالت له: «أنت عليّ كظهر أبي» أو أراد به الرجلُ الإضرارَ بالمرأة، أو صدر منه دون حضور شاهدين عادلين، كان ذلك لغواً.
مسألة 984: كما يتحقّق الظهار إذا أطلق الصيغة ولم يعلقه على شيء، فإنه يتحقّق ـ أيضاً ـ إذا كان معلقاً، حتى لو كان التعليق على الوطىء أو على مجيء زمان معين، فإذا قال لها: «أنت علي كظهر أمي» بنحو مطلق، أو قال لها: «أنت عليّ كظهر أمي إن قدم زيد من السفر»، أو: «أنت عليّ كظهر أمي إن قاربتك» أو: «...إن جاء يوم الجمعة»، صح الظهار في الجميع وترتبت عليه آثاره.
نعم لا يصح تعليقه على فعل شيء بقصد زجر نفسه عنه، كأن يقول: «إن كلمتك فأنت عليّ كظهر أمي»، أو على ترك شيء بقصد بعث نفسه إليه، كأن يقول: «إن تركت الصلاة فأنت عليّ كظهر أمي»، على ما هو شأن اليمين، بل يقع لغواً لا أثر له.
وأما إذا قيد الظهار بزمن معين، كأن قال: «أنت عليّ كظهر أمي إلى شهر» أو: «... إلى سنة»، بطل القيد وصح الظهار بدونه.
مسألة 985: يعتبر في المظاهِر ما يعتبر في المطلِّق، ويعتبر في الزوجة المظاهَر منها أن تكون زوجة دائمة ومدخولاً بها، كما يعتبر فيها ما يعتبر في المطلَّقة المدخول بها، من الخلو من الحيض والنفاس، ومن كونها في طهرٍ غير طهر المواقعة، وذلك بالنحو الذي ذكرناه في مباحث الطلاق، في المسألة (899) وما بعدها، فإن كانت غير مدخول بها، أو كانت مدخولاً بها لكنها كانت زوجة مؤقتة، لم يصح ظهارها.
مسألة 986: إذا تحقّق الظهار بشروطه المتقدمة لم يقع به الفراق بين الزوجين، وكان الزوج آثماً به، ولزمه القيام بحق زوجته من النفقة والإمتاع بالنحو الذي هو واجب عليه، وحيث لا بد له من مواقعتها ـ إن لم يطلقها بعدما ظاهرها ـ فإنَّ ذلك على نحوين:
الأول: أن يكون الظهار مطلقاً غير معلق على شيء، فإذا أراد العود عن الظهار ومواقعة زوجته جاز له ذلك، ولكن بعد أن يتم أداء كفارة الظهار، فإن أدَّى الكفارة جاز له وِصَالُها؛ وأما إذا واقعها قبل التكفير فإنه يأثم بذلك وتلزمه كفارة على فعله هذا بخاصة، ثم يجب عليه ترك مواقعتها حتى يكفر مرة ثانية لإرادة عوده عن الظهار، وذلك على الأحوط وجوباً؛ بل إنه لو تكررت منه المواقعة قبل التكفير لزمه التكفير على الأحوط وجوباً للمواقعة الثانية دون الثالثة فما بعدها.
الثاني: أن يكون الظهار معلقاً على شيء معين، فإذا حصل المعلق عليه أثَّر الظهار أَثرَه وحَرُمَ عليه مواقعة زوجته منذئذٍ، فيجري عليه ما جرى في النحو الأول الآنف الذكر من لزوم التكفير حين إرادته العود عن الظهار ومواقعة زوجته، فإذا أتم التكفير جازت مواقعتها حينئذ. هذا إذا كان المعلقُ عليه أمراً آخرَ غيرَ الوطىء، أما إذا كان قد علَّقه على مواقعتها، بأن قال: «أنت عليّ كظهر أمي إن قاربتك»، فهو ما دام لم يقاربها لا يتحقّق الظهار المنوط بالوطىء، فإذا قاربها كان فِعلُه هذا مُحَلَّلاً وخارجاً عن تأثير الظهار وليس عليه كفارة بسببه، إذ به يكون قد حصل المعلَّق عليه فيُوثر الظهارُ أثرَه للمستقبل، فإذا أراد العودَ عنه لزمه التكفير ولم يجز له مواقعتها مرة ثانية إلا بعد التكفير، وهكذا يجري عليه ما جرى في غيره من الاحتياط بتكرر الكفارة عند تكرر المواقعة بالنحو الذي ذكرناه آنفاً.
هذا بالنسبة للوطىء، أما سائر الاستمتاعات غير الوطىء فلا تحرم بالظهار على الزوج.
مسألة 987: لا ينحل الظهار ولا يسقط حكمه إذا طلقها بعد الظهار طلاقاً رجعياً ثم راجعها أثناء العـدة، فـلا يحـل لـه وصالهـا ـ حينئـذ ـ إلا بعد التكفير، بخلاف ما لو عقد عليها بعد انقضاء عدتها الرجعية أو أثناء عدتها من الطلاق البائن، فإنه يسقط الظهار وتحل مواقعتها بدون تكفير، وهكذا حكم كل مورد يكون فيه الفراق بين الزوجين بائناً أو رجعياً كالإرتداد وغيره.
مسألة 988: كفارة الظهار مرتبة، وهي: عتق رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، وذلك بالتفصيل الذي تقدم في باب الكفارات، فإن عجز عن الإطعام كفاه الاستغفار وحل له وطؤها إلى أن يتمكن من التكفير بإحدى الخصال الثلاث المتقدمة.
هذا، وإذا تكرر منه الظهار أكثر من مرة في مجالس متعددة لزمته الكفارة عن كل ظهار إلا إذا كان من قصده التأكيد للظهار الأول فلا تتعدد الكفارة، كما لا تتعدد الكفارة إذا أوقع الظهار عدة مرات في مجلس واحد لأن الظاهر من التكرار في المجلس الواحد هو التأكيد، لا التأسيس لظهار جديد.
مسألة 989: إذا صبرت الزوجة المظاهَر منها على ترك المواقعة فلا إشكال، وإن لم تصبر عليه جاز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيخيِّره بين العودة عن الظهار بالتكفير وبين طلاقها، فإن اختار أحدهما تحقّق المطلوب، وإلا أنظره الحاكم ثلاثة أشهر من حين المرافعة، فإن انقضت ولم يختر أحد الأمرين حَبَسهُ وضيَّق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما دونَ أن يجبره على أحدهما، فإن بقي على امتناعه طلقها الحاكم الشرعي حينئذ.
إلفات:
ينبغي إلفات النظر إلى أن الظهار بالنحو الذي بيناه لا يكاد يصدر من أحدٍ من المؤمنين، وإن صدر من المؤمن كلام يريد به تحريم زوجته على نفسه، مثل: «أنت حرام عليّ»، أو: «أنت كأختي فلا أقاربك» أو ما أشبه ذلك فإنها ـ في الحقيقة ـ ألفاظ تقال غالباً على غضب ودون أن تستكمل شروط الظهار التي بيّناها آنفاً، إذ تقال تلك الألفاظ بقصد الإضرار بالزوجة، وحيث لا تكون الزوجة مستكملة للشروط المعتبرة فيها، من كونها طاهرة من الحيض والنفاس وفي طهر لم يواقعها فيه، كما أنها لا تقال أمام شاهدين عادلين؛ لذا فإن مثل هذا الكلام في مثل هذه الحالة يعتبر لغواً لا أثر له ولا إثم عليه، حتى لو قال لها: «أنت عليّ كظهر أمي».
ملحق حول اللعان:
(اللِّعان) ـ في اللغة ـ مأخوذ من (لاعَنَ) من أفعال المشاركة، وأصله: (لَعَنَ) بمعنى: سبّ وشتم. وفي مصطلح الفقهاء هو: (تحالف الزوجين، أمام الحاكم الشرعي، بكيفية خاصة تتضمن لعن الكاذب، بهدف إثبات الزنى على الزوجة من قبل الزوج ورد هذه التهمة من قبل الزوجة)، وربما ينتج عنه نفي الولد المتولد من ذلك الزنى بحسب اعتقاد الزوج، فإن لم يقذفها بالزنى، ونفى كون الولد الذي تحمله ولداً له، لم يقبل منه هذا النفي في كل مورد يمكن إلحاقه به، فإن لم يمكن إلحاقه به فإنه ينتفي عنه تلقائياً بدون لعان.(أنظر المسألة: 804). ونظراً لترتب الحرمة الأبدية عليه بين الزوجين فإننا ذكرناه هنا تبعاً لما درج عليه الفقهاء، لكنْ على أنه ملحق، وذلك إشارة منَّا إلى أن موضعه ليس هنا بل إنه أقرب ما يكون في موضوعه إلى مباحث الزنى من باب الحدود؛ وكيف كان الأمر فإننا نفصِّله في مسائل على النحو التالي:
مسألة 990: لا يجوز للزوج أن يتهم زوجته بالزنى ويصرح بذلك ويقذفها به لمجرد الشك أو الظن المعتمد على بعض القرائن غير المفيدة للقطع، بل ولا على الشياع، ولا على إخبار من يثق بصدقه من الأشخاص؛ فإذا رأت عينه وجزم بحدوث الزنى بمشاهدة نفس الجماع جاز له التصريح بقذفها، لكنها إذا لم تعترف بالزنى، ولم يكن معه بيِّنة تشهد به، استحق حدَّ القذف إذا طلبت زوجته إيقاعه عليه، وحينئذ لا يَدفعُ عنه الحد إلا أن يشهد هو أربع مرات بزناها ويلعنَ نفسَه ـ في المرة الخامسة ـ إن كان كاذباً، فيثبت عليها الزنى وتستحق الحدَّ بهذه الشهادة التي تقوم مقام البيِّنة من الزوج بحق زوجته بخاصة، فإذا أصرت الزوجة على كذبه في شهادته، لزمها ـ لدرء الحد عنها ـ أن تشهد أربع شهادات أنه من الكاذبين، وأن تجعل ـ في المـرة الخامسـة ـ غضب الله تعالى عليها إن كان من الصادقين؛ وهذا هو اللعان الذي سنبين كيفيته لاحقاً.
مسألة 991: يعتبر في ثبوت اللعان أمور نذكرها كما يلي:
أولاً: يعتبر في ثبوت اللعان أن يكون الزوج القاذف بالغاً عاقلاً، فلا يعتد بقذف غير البالغ وإن كان مميزاً، ولا بقذف المجنون ولو كان أدوارياً إذا كان حين القذف في نوبة الجنون.
وكذا يعتبر فيه أن لا يكون معه بيِّنة يثبت بها الزنى، فإن كان معه بينة لزمته إقامتها ولا لعان. ويعتبر فيه ـ أيضاً ـ ادعاء المشاهدة، فلو لم يدع المشاهدة مع إمكانها منه، أو كانت غير ممكنة في حقه، كالأعمى، فقذفها بدون بيِّنة استحق الحد.
ثانياً: يعتبر في الزوجة المقذوفة أن تكون بالغة عاقلة سالمة من الصمم والخرس، وأن تكون زوجة مدخولاً بها، ولو كان متمتعاً بها على الأحوط وجوباً، وأن تكون غير مشهورة بالزنى. فإن قذف غير البالغة أو غير العاقلة أو غير المدخول بها، دون أن تكون له بيِّنة استحق حد القذف ولا لعان، وكذا ما لو قذف المرأة الأجنبية؛ وإذا قذف زوجته الخرساء حرمت عليه مؤبداً بدون لعان، وكذا الصمَّاء على الأحوط وجوباً؛ وإذا قذف زوجته المشهورة بالزنى فلا حد عليه كي يدفعه باللعان إذا كانت متجاهرة بالزنى، وإلا عزره الحاكم على قذفه إذا لم يدفعه عن نفسه بالبينة.
مسألة 992: لا يقع اللعان إلا أمام الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله، وصيغة الملاعنة وكيفيتها كما يلي:
1 ـ أن يبدأ الرجل فيقول: «أَشْهَدُ بالله أني من الصادقين في ما قلت في زوجتي فلانة»، أو: «... في هذه المرأة» أو نحو ذلك من الألفاظ التي تفيد تعيينها وتمييزها عن غيرها، فيكرر ذلك أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: «إن لعنة الله عليَّ إن كنتُ من الكاذبين».
2 ـ ثم تليه المرأة فتقول: «أشهد بالله أنه لمن الكاذبين في ما رماني به»، تكرره أربع مرات، ثم تقول في الخامسة: «إن غضب الله عليَّ إن كان من الصادقين».
هذا، ورغم أنه يجوز أن تقال تلك الصيغة بغير العربية من اللغات المتداولة في بلد الملاعنة، فإنه يجب الاقتصار على نفس الصيغة إذا قالها باللغة العربية سوى في فقرة: «ما رماني به»، وفي فقرة: «زوجتي فلانة»، فإنه يجوز استبدالهما بكل ما يفيد معناهما وإن كان الأحوط استحباباً أن يقول الصيغة بتمامها بالعربية مع القدرة عليها. كما يجب أن يعين المرأة المقذوفة، وأن يأتي كل منهما بالشهادة الخاصة به بعد طلب الحاكم ذلك منه، فلو بادر قبل أن يأمره الحاكم به لم يُكتف بها. وأن تتقدم الشهادة على اللعن عند الرجل، وعلى الغضب عند المرأة. وأن يبدأ الرجل بشهادته قبل المرأة. وأن يكون كل منهما واقفاً ـ مع القدرة ـ حين إدلائه بالشهادات الخمس المطلوبة منه، دون حاجة لقيام الآخر.
كما يستحب أن يجلس الحاكم في مواجهة المتلاعنين مستدبر القبلة ليكونا مستقبلين لها. وأن يقف الرجل أمام الحاكم على يمينه، والمرأة كذلك على يساره. وأن يَعِظَهُما قبل اللعن والغضب. وأن يحضر من يستمع اللعان من الناس.
مسألة 993: إذا وقع اللعان الجامع للشروط ترتب عليه ما يلي:
أولاً: انفساخ عقد النكاح بينهما بمجرد وقوع الملاعنة دون حاجة إلى إنشاء صيغة معينة، ولزم الزوجَ أداءُ ما لَهَا في ذمته من مهر متأخر إذا كان مؤجلاً إلى أقرب الأجلين، أي: إلى حين مفارقتها بموت أو طلاق أو شبهه.
ثانياً: حدوث البينونة الدائمة بينهما، فلا تحلُّ له بعد ذلك بمراجعةٍ ولا بعقد جديد أبداً حتى لو تزوجت من غيره وطلقها زوجها الثاني.
ثالثاً: يسقط عن الزوج حد القذف، ويسقط عن الزوجة حد الزنى، وهو ما سبق ذكره في مستهل هذا المبحث.
مسألة 994: إذا كان الزوج كاذباً أو مشتبهاً في دعواه، فتراجع عن اتهامها بالزنى وكذَّب نفسه، فإن كان تراجعه بعد اللعان، لم تَزُلْ الحرمة الأبدية، ولم يُحَدَّ حد القذف، وإن كان أثناءه بطل اللعان واستحق حدَّ القذف.
كما أنه لا أثر لتصديق المرأة دعوى الرجل واعترافِها بالزنى أربع مرات بعد الملاعنة، فلا تزولُ الحرمةُ الأبدية ولا تُحَدُّ حد الزنى.
مسألة 980: لا تختلف المباراة عن الخلع في جميع ما تقدم من الشروط والأحكام سوى في أمرين:
الأول: يعتبر في المباراة كراهة كلٍ من الزوجين للآخر، بخلاف الخلع، فإن الكراهة فيه تكون من الزوجة دون الزوج كما تقدم.
الثاني: أن لا تزيد الفدية فيها عن المهر، بل يجب أن تكون مساوية له أو أنقص منه، بخلاف الخلع الذي تجوز فيه الزيادة عن المهر.
مسألة 981: لا يختلف حكم صيغة المباراة عن حكم صيغة الخلع التي قلنا فيها: «إنها لا تختلف عن صيغة الطلاق في شيء مما ذكرناه فيها»، سوى في أن لها لفظاً خاصاً يحسن منه استخدامه، إذ رغم أنه يصح إيقاعها بكل لفظ يدل عليها، بما في ذلك لفظ الخلع والطلاق، فإن الأفضل والأحوط استحباباً أن يقول ـ بصيغة الغائب ـ: «بَارَأْتُ زوجتي على ألف دينار فهي طالق»، أو يقول ـ بصيغة المخاطب ـ: «بَارَأْتُكِ على ألف دينار فَأنتِ طالق».
مسألة 982: طلاق المباراة بائن كالخلع إلا أن ترجع الزوجة بالفدية بنحو رجوعها بها في الخلع، فإذا رجعت بها صار الطلاق رجعياً وجاز للرجل مراجعتها ما دامت في العدة.
خاتمة في الظهار:
(الظِهار) أو ـ (المظاهرة) ـ مأخوذ في اللغة من (ظاهر) امرأته، أو ظاهر من امرأته، بمعنى أنه قال لها: «أنت علي كظهر أمي»، من (الظَهْر) بمعنى: العضو من الجسد الذي هو خلاف البطن، وقد كان بهذا المعنى طلاقاً في الجاهلية، فإذا أراد العربي طلاق زوجته أنشأ طلاقها بصيغة يجعلها فيه كظهر أمه، قاصداً به مفارقتها ومظهراً قصده هذا بتشبيه تحريمها على نفسه بتحريم ظهر أمه عليه. ولما جاء الإسلام حرَّم طريقة المفارقة هذه وشرَّع لآثارها، وصار الظهار واحداً من موضوعات الفقه الإسلامي؛ ورغم حرمته فإن بعض الناس قد يستخدمه مع زوجته فيُحرِّمها على نفسه بهذه الصيغة وما يشبهها، وإن كانوا ـ غالباً ـ لا يستخدمونه بالنحو الموافق لما جعله له الشرع من ضوابط، الأمر الذي يستدعي بيان أحكامه ليتضح حد الحرام والحلال فيه عند الإبتلاء به. والظهار في مصطلح الفقهاء هو: (قصد الزوج مفارقة زوجته، وإبراز قصده بصيغة يشبهها فيه بظهر أمه في حرمتها عليه، وذلك بكيفية وشروط خاصة).
وفيما يلي تفصيل أحكامه في مسائل:
مسألة 983: يتحقّق الظهار بتشبيه الزوج لزوجته بأنها كظهـر أمه ـ أو غير أمه من محارمه النَّسبيات ـ قاصداً به تحريمها على نفسه من حيث الاستمتاع بها بالجماع وغيره، وذلك بأي لفظ يدل عليه وبكل لغة يتخاطب بها أهل البلد الذي وقع فيها الظهار، فلا يتحقّق بتشبيهها بغير الظهر من أمه أو من سائر محارمه النسبيات، كالبطن واليد والرجل وغيرها من أعضاء جسدهن، ولا بتشبيهها بظهر واحدة من محارمه بالرضاع أو المصاهرة؛ كما وأنه لا يتحقّق إلا إذا صدر من الرجل في حق المرأة، ولم يكن الغرض منه إيذاءَها والإضرار بها بترك الاستمتاع، وكان أمام شاهدين عادلين؛ فلو صدر من المرأة في حق الرجل، بأن قالت له: «أنت عليّ كظهر أبي» أو أراد به الرجلُ الإضرارَ بالمرأة، أو صدر منه دون حضور شاهدين عادلين، كان ذلك لغواً.
مسألة 984: كما يتحقّق الظهار إذا أطلق الصيغة ولم يعلقه على شيء، فإنه يتحقّق ـ أيضاً ـ إذا كان معلقاً، حتى لو كان التعليق على الوطىء أو على مجيء زمان معين، فإذا قال لها: «أنت علي كظهر أمي» بنحو مطلق، أو قال لها: «أنت عليّ كظهر أمي إن قدم زيد من السفر»، أو: «أنت عليّ كظهر أمي إن قاربتك» أو: «...إن جاء يوم الجمعة»، صح الظهار في الجميع وترتبت عليه آثاره.
نعم لا يصح تعليقه على فعل شيء بقصد زجر نفسه عنه، كأن يقول: «إن كلمتك فأنت عليّ كظهر أمي»، أو على ترك شيء بقصد بعث نفسه إليه، كأن يقول: «إن تركت الصلاة فأنت عليّ كظهر أمي»، على ما هو شأن اليمين، بل يقع لغواً لا أثر له.
وأما إذا قيد الظهار بزمن معين، كأن قال: «أنت عليّ كظهر أمي إلى شهر» أو: «... إلى سنة»، بطل القيد وصح الظهار بدونه.
مسألة 985: يعتبر في المظاهِر ما يعتبر في المطلِّق، ويعتبر في الزوجة المظاهَر منها أن تكون زوجة دائمة ومدخولاً بها، كما يعتبر فيها ما يعتبر في المطلَّقة المدخول بها، من الخلو من الحيض والنفاس، ومن كونها في طهرٍ غير طهر المواقعة، وذلك بالنحو الذي ذكرناه في مباحث الطلاق، في المسألة (899) وما بعدها، فإن كانت غير مدخول بها، أو كانت مدخولاً بها لكنها كانت زوجة مؤقتة، لم يصح ظهارها.
مسألة 986: إذا تحقّق الظهار بشروطه المتقدمة لم يقع به الفراق بين الزوجين، وكان الزوج آثماً به، ولزمه القيام بحق زوجته من النفقة والإمتاع بالنحو الذي هو واجب عليه، وحيث لا بد له من مواقعتها ـ إن لم يطلقها بعدما ظاهرها ـ فإنَّ ذلك على نحوين:
الأول: أن يكون الظهار مطلقاً غير معلق على شيء، فإذا أراد العود عن الظهار ومواقعة زوجته جاز له ذلك، ولكن بعد أن يتم أداء كفارة الظهار، فإن أدَّى الكفارة جاز له وِصَالُها؛ وأما إذا واقعها قبل التكفير فإنه يأثم بذلك وتلزمه كفارة على فعله هذا بخاصة، ثم يجب عليه ترك مواقعتها حتى يكفر مرة ثانية لإرادة عوده عن الظهار، وذلك على الأحوط وجوباً؛ بل إنه لو تكررت منه المواقعة قبل التكفير لزمه التكفير على الأحوط وجوباً للمواقعة الثانية دون الثالثة فما بعدها.
الثاني: أن يكون الظهار معلقاً على شيء معين، فإذا حصل المعلق عليه أثَّر الظهار أَثرَه وحَرُمَ عليه مواقعة زوجته منذئذٍ، فيجري عليه ما جرى في النحو الأول الآنف الذكر من لزوم التكفير حين إرادته العود عن الظهار ومواقعة زوجته، فإذا أتم التكفير جازت مواقعتها حينئذ. هذا إذا كان المعلقُ عليه أمراً آخرَ غيرَ الوطىء، أما إذا كان قد علَّقه على مواقعتها، بأن قال: «أنت عليّ كظهر أمي إن قاربتك»، فهو ما دام لم يقاربها لا يتحقّق الظهار المنوط بالوطىء، فإذا قاربها كان فِعلُه هذا مُحَلَّلاً وخارجاً عن تأثير الظهار وليس عليه كفارة بسببه، إذ به يكون قد حصل المعلَّق عليه فيُوثر الظهارُ أثرَه للمستقبل، فإذا أراد العودَ عنه لزمه التكفير ولم يجز له مواقعتها مرة ثانية إلا بعد التكفير، وهكذا يجري عليه ما جرى في غيره من الاحتياط بتكرر الكفارة عند تكرر المواقعة بالنحو الذي ذكرناه آنفاً.
هذا بالنسبة للوطىء، أما سائر الاستمتاعات غير الوطىء فلا تحرم بالظهار على الزوج.
مسألة 987: لا ينحل الظهار ولا يسقط حكمه إذا طلقها بعد الظهار طلاقاً رجعياً ثم راجعها أثناء العـدة، فـلا يحـل لـه وصالهـا ـ حينئـذ ـ إلا بعد التكفير، بخلاف ما لو عقد عليها بعد انقضاء عدتها الرجعية أو أثناء عدتها من الطلاق البائن، فإنه يسقط الظهار وتحل مواقعتها بدون تكفير، وهكذا حكم كل مورد يكون فيه الفراق بين الزوجين بائناً أو رجعياً كالإرتداد وغيره.
مسألة 988: كفارة الظهار مرتبة، وهي: عتق رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، وذلك بالتفصيل الذي تقدم في باب الكفارات، فإن عجز عن الإطعام كفاه الاستغفار وحل له وطؤها إلى أن يتمكن من التكفير بإحدى الخصال الثلاث المتقدمة.
هذا، وإذا تكرر منه الظهار أكثر من مرة في مجالس متعددة لزمته الكفارة عن كل ظهار إلا إذا كان من قصده التأكيد للظهار الأول فلا تتعدد الكفارة، كما لا تتعدد الكفارة إذا أوقع الظهار عدة مرات في مجلس واحد لأن الظاهر من التكرار في المجلس الواحد هو التأكيد، لا التأسيس لظهار جديد.
مسألة 989: إذا صبرت الزوجة المظاهَر منها على ترك المواقعة فلا إشكال، وإن لم تصبر عليه جاز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيخيِّره بين العودة عن الظهار بالتكفير وبين طلاقها، فإن اختار أحدهما تحقّق المطلوب، وإلا أنظره الحاكم ثلاثة أشهر من حين المرافعة، فإن انقضت ولم يختر أحد الأمرين حَبَسهُ وضيَّق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما دونَ أن يجبره على أحدهما، فإن بقي على امتناعه طلقها الحاكم الشرعي حينئذ.
إلفات:
ينبغي إلفات النظر إلى أن الظهار بالنحو الذي بيناه لا يكاد يصدر من أحدٍ من المؤمنين، وإن صدر من المؤمن كلام يريد به تحريم زوجته على نفسه، مثل: «أنت حرام عليّ»، أو: «أنت كأختي فلا أقاربك» أو ما أشبه ذلك فإنها ـ في الحقيقة ـ ألفاظ تقال غالباً على غضب ودون أن تستكمل شروط الظهار التي بيّناها آنفاً، إذ تقال تلك الألفاظ بقصد الإضرار بالزوجة، وحيث لا تكون الزوجة مستكملة للشروط المعتبرة فيها، من كونها طاهرة من الحيض والنفاس وفي طهر لم يواقعها فيه، كما أنها لا تقال أمام شاهدين عادلين؛ لذا فإن مثل هذا الكلام في مثل هذه الحالة يعتبر لغواً لا أثر له ولا إثم عليه، حتى لو قال لها: «أنت عليّ كظهر أمي».
ملحق حول اللعان:
(اللِّعان) ـ في اللغة ـ مأخوذ من (لاعَنَ) من أفعال المشاركة، وأصله: (لَعَنَ) بمعنى: سبّ وشتم. وفي مصطلح الفقهاء هو: (تحالف الزوجين، أمام الحاكم الشرعي، بكيفية خاصة تتضمن لعن الكاذب، بهدف إثبات الزنى على الزوجة من قبل الزوج ورد هذه التهمة من قبل الزوجة)، وربما ينتج عنه نفي الولد المتولد من ذلك الزنى بحسب اعتقاد الزوج، فإن لم يقذفها بالزنى، ونفى كون الولد الذي تحمله ولداً له، لم يقبل منه هذا النفي في كل مورد يمكن إلحاقه به، فإن لم يمكن إلحاقه به فإنه ينتفي عنه تلقائياً بدون لعان.(أنظر المسألة: 804). ونظراً لترتب الحرمة الأبدية عليه بين الزوجين فإننا ذكرناه هنا تبعاً لما درج عليه الفقهاء، لكنْ على أنه ملحق، وذلك إشارة منَّا إلى أن موضعه ليس هنا بل إنه أقرب ما يكون في موضوعه إلى مباحث الزنى من باب الحدود؛ وكيف كان الأمر فإننا نفصِّله في مسائل على النحو التالي:
مسألة 990: لا يجوز للزوج أن يتهم زوجته بالزنى ويصرح بذلك ويقذفها به لمجرد الشك أو الظن المعتمد على بعض القرائن غير المفيدة للقطع، بل ولا على الشياع، ولا على إخبار من يثق بصدقه من الأشخاص؛ فإذا رأت عينه وجزم بحدوث الزنى بمشاهدة نفس الجماع جاز له التصريح بقذفها، لكنها إذا لم تعترف بالزنى، ولم يكن معه بيِّنة تشهد به، استحق حدَّ القذف إذا طلبت زوجته إيقاعه عليه، وحينئذ لا يَدفعُ عنه الحد إلا أن يشهد هو أربع مرات بزناها ويلعنَ نفسَه ـ في المرة الخامسة ـ إن كان كاذباً، فيثبت عليها الزنى وتستحق الحدَّ بهذه الشهادة التي تقوم مقام البيِّنة من الزوج بحق زوجته بخاصة، فإذا أصرت الزوجة على كذبه في شهادته، لزمها ـ لدرء الحد عنها ـ أن تشهد أربع شهادات أنه من الكاذبين، وأن تجعل ـ في المـرة الخامسـة ـ غضب الله تعالى عليها إن كان من الصادقين؛ وهذا هو اللعان الذي سنبين كيفيته لاحقاً.
مسألة 991: يعتبر في ثبوت اللعان أمور نذكرها كما يلي:
أولاً: يعتبر في ثبوت اللعان أن يكون الزوج القاذف بالغاً عاقلاً، فلا يعتد بقذف غير البالغ وإن كان مميزاً، ولا بقذف المجنون ولو كان أدوارياً إذا كان حين القذف في نوبة الجنون.
وكذا يعتبر فيه أن لا يكون معه بيِّنة يثبت بها الزنى، فإن كان معه بينة لزمته إقامتها ولا لعان. ويعتبر فيه ـ أيضاً ـ ادعاء المشاهدة، فلو لم يدع المشاهدة مع إمكانها منه، أو كانت غير ممكنة في حقه، كالأعمى، فقذفها بدون بيِّنة استحق الحد.
ثانياً: يعتبر في الزوجة المقذوفة أن تكون بالغة عاقلة سالمة من الصمم والخرس، وأن تكون زوجة مدخولاً بها، ولو كان متمتعاً بها على الأحوط وجوباً، وأن تكون غير مشهورة بالزنى. فإن قذف غير البالغة أو غير العاقلة أو غير المدخول بها، دون أن تكون له بيِّنة استحق حد القذف ولا لعان، وكذا ما لو قذف المرأة الأجنبية؛ وإذا قذف زوجته الخرساء حرمت عليه مؤبداً بدون لعان، وكذا الصمَّاء على الأحوط وجوباً؛ وإذا قذف زوجته المشهورة بالزنى فلا حد عليه كي يدفعه باللعان إذا كانت متجاهرة بالزنى، وإلا عزره الحاكم على قذفه إذا لم يدفعه عن نفسه بالبينة.
مسألة 992: لا يقع اللعان إلا أمام الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله، وصيغة الملاعنة وكيفيتها كما يلي:
1 ـ أن يبدأ الرجل فيقول: «أَشْهَدُ بالله أني من الصادقين في ما قلت في زوجتي فلانة»، أو: «... في هذه المرأة» أو نحو ذلك من الألفاظ التي تفيد تعيينها وتمييزها عن غيرها، فيكرر ذلك أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: «إن لعنة الله عليَّ إن كنتُ من الكاذبين».
2 ـ ثم تليه المرأة فتقول: «أشهد بالله أنه لمن الكاذبين في ما رماني به»، تكرره أربع مرات، ثم تقول في الخامسة: «إن غضب الله عليَّ إن كان من الصادقين».
هذا، ورغم أنه يجوز أن تقال تلك الصيغة بغير العربية من اللغات المتداولة في بلد الملاعنة، فإنه يجب الاقتصار على نفس الصيغة إذا قالها باللغة العربية سوى في فقرة: «ما رماني به»، وفي فقرة: «زوجتي فلانة»، فإنه يجوز استبدالهما بكل ما يفيد معناهما وإن كان الأحوط استحباباً أن يقول الصيغة بتمامها بالعربية مع القدرة عليها. كما يجب أن يعين المرأة المقذوفة، وأن يأتي كل منهما بالشهادة الخاصة به بعد طلب الحاكم ذلك منه، فلو بادر قبل أن يأمره الحاكم به لم يُكتف بها. وأن تتقدم الشهادة على اللعن عند الرجل، وعلى الغضب عند المرأة. وأن يبدأ الرجل بشهادته قبل المرأة. وأن يكون كل منهما واقفاً ـ مع القدرة ـ حين إدلائه بالشهادات الخمس المطلوبة منه، دون حاجة لقيام الآخر.
كما يستحب أن يجلس الحاكم في مواجهة المتلاعنين مستدبر القبلة ليكونا مستقبلين لها. وأن يقف الرجل أمام الحاكم على يمينه، والمرأة كذلك على يساره. وأن يَعِظَهُما قبل اللعن والغضب. وأن يحضر من يستمع اللعان من الناس.
مسألة 993: إذا وقع اللعان الجامع للشروط ترتب عليه ما يلي:
أولاً: انفساخ عقد النكاح بينهما بمجرد وقوع الملاعنة دون حاجة إلى إنشاء صيغة معينة، ولزم الزوجَ أداءُ ما لَهَا في ذمته من مهر متأخر إذا كان مؤجلاً إلى أقرب الأجلين، أي: إلى حين مفارقتها بموت أو طلاق أو شبهه.
ثانياً: حدوث البينونة الدائمة بينهما، فلا تحلُّ له بعد ذلك بمراجعةٍ ولا بعقد جديد أبداً حتى لو تزوجت من غيره وطلقها زوجها الثاني.
ثالثاً: يسقط عن الزوج حد القذف، ويسقط عن الزوجة حد الزنى، وهو ما سبق ذكره في مستهل هذا المبحث.
مسألة 994: إذا كان الزوج كاذباً أو مشتبهاً في دعواه، فتراجع عن اتهامها بالزنى وكذَّب نفسه، فإن كان تراجعه بعد اللعان، لم تَزُلْ الحرمة الأبدية، ولم يُحَدَّ حد القذف، وإن كان أثناءه بطل اللعان واستحق حدَّ القذف.
كما أنه لا أثر لتصديق المرأة دعوى الرجل واعترافِها بالزنى أربع مرات بعد الملاعنة، فلا تزولُ الحرمةُ الأبدية ولا تُحَدُّ حد الزنى.